الفن وسنينه .. ذكرى ميلاد زهرة السينما المصرية نجلاء فتحي .. الجمال الذي خطف الأنظار .. ورحلة المرض الذي غيّر الأقدار
عصام التيجي يكتب:
استمدت ملامحها من الأصولِ الشركسية ، فوهبها اللهُ تعالى جمالاً آخاذاً يخطفُ الأنظار ، حَمَلت بين طياتِه وجهاً ملائكياً ، يأخُذُكَ إلى عوالمِ الحواديتِ الأسطورية ، وأحلامِ الباحثينَ عن سندريلا الحكاياتِ الشعبية .
في ابتسامتِها فرحةُ العاشقين ، ومن عينيها تشعُ شمسٌ لا تغيب ، أما قمرُها فيبحثُ عنه الحالمونَ في ليالي الشتاءِ القارس والصيفِ اللهيب .
ورغم ذلك عانت النقيضين في حياتِها وخاصةً طفولتِها ، فكما عاشت زهرةُ السينما المصريةِ رمزاً للأنوثةِ والرومانسيةِ الحالمة ، كانت ترى في نفسِها عدم تمتعها بجمالِ الصوتِ والساقين ، فبدونهما لا تكتملُ الأنوثةُ الحقيقيةُ للمرأة ، ولكن خفة ظلِها ، وخصرها النحيل وجمال ملامحها الفاتنة التي خطفت الأنظار ، حطمت الكثير من المقاييس الأخري التي بها يكتملُ الجمال .
هي عروس السينما المصرية وزهرتها ، الفنانة الجميلة ” نجلاء فتحي ” التي يوافق اليوم الحادي والعشرينَ من شهرِ ديسمبر ذكرى ميلادِها في عام 1951 م .
فاطمة الزهراء .. وحكاية أجمل الأسماء .
——————————————
أسماها والدها ” فاطمة الزهراء ” على اسم بنت سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” السيدة فاطمة الزهراء ” رضي اللهُ عنها وأرضاه ، وهو أجمل الأسماء ، حيث وافق ميلادها في يومِ الاحتفالِ بالمولدِ النبويِ الشريف .
بين الفيوم وأحد أحياء مصر الجديدة الراقية عاشت ” فاطمة الزهراء حسين أحمد فتحي ” طفولتها ، حيت ولدت بمحافظةِ الفيوم ، ثم انتقلت أسرتها للعيش في القاهرة ، وعندما انفصل والدها عن والدتها عادت الي الفيوم في سنِ الحادية عشرة مع أبيها ، لكنها ما لبثت أن عادت لتعيش مع والدتها في مصر الجديدة .
العندليب الأسمر .. وبداية المشوار لعروس السينما المصرية .
——————————————
بدأت النجمةُ المصريةُ نجلاء فتحي مسيرتها الفنية عام 1966 م وهي في سن الخامسة عشرة من عمرها عندما شاهدها الكاتب والمنتج السينمائي “عدلي المولد” على شاطئ الإسكندرية ورأى فيها وجهاً سينمائياً يصلح للتمثيل وعرض عليها دوراً في فيلم ” الأصدقاء الثلاثة ” كوجهٍ جديد أمام نجوم السينما حينها أحمد رمزي وحسن يوسف ومحمد عوض ونبيلة عبيد وماجدة الخطيب ونجوى فؤاد ومن إخرج أحمد ضياء الدين .
وبعد استشارتها للعندليب الأسمر ” عبد الحليم حافظ ” الذي كان صديقاً مقرباً للأسرة منذ فترةٍ كبيرة ، شجعها على قبول الدور ، بل هو الذي أطلق عليها اسم ” نجلاء ” كاسمٍ فني اشتهرت به في عالم السينما بدلا من اسمها الحقيقي فاطمة الزهراء .
وكنوعٍ من المغامرةِ الفنيةِ اختارها المنتج الكبير رمسيس نجيب لكي تقدم دورَ البطولةِ في فيلم ” أفراح ” الذي تم عرضه عام 1968م مع الفنان حسن يوسف وكانت وقتها لا تتجاوز السابعة عشرة من عمرها .
نجلاء فتحي ومحمود ياسين .. الثنائي الأشهر فى الرومانسية السينمائية .
——————————————
ثم توالت أعمالها الفنية وتألقت مع النجم الراحل محمود ياسين وكونت معه ثنائياً رائعاً في كثير من الأعمال ، كانت البداية مع فيلم ” أختي ” وهو أول لقاء يجمعهما عام 1971 م من إخراج هنري بركات ، ثم قدما معا ما يقرب من 25 عملاً سينمائياً منهم ” اذكريني ، حب وكبرياء ، بدور ، الوفاء العظيم ، لا يا من كنت حبيبي ، الشريدة ، مدافن مفروشة للإيجار ، دمي ودموعي وابتساماتي ، رحلة النسيان وغيرها من الأفلام الرومانسية والبطولية التي شكلت علامة في تاريخ الفن السابع المصري .
كانت نجلاء فتحي من الفنانات المحظوظات اللاتي عاصرن أهم جيلين في تاريخ السينما المصرية ووقفت أمام النجوم الذهبية في فترات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، منهم الفنان الكبير فريد شوقي ورشدي أباظة وأحمد رمزي وحسن يوسف ثم الجيل الثاني وعلى رأسهم الفنان محمود ياسين وحسين فهمي وفاروق الفيشاوي وأحمد زكي وغيرهم من نجوم الشاشة الفضية .
نجلاء فتحي وعادل إمام.. وحرب الشائعات .
—————————————-
وترددت بعض الشائعات أن الفنانة نجلاء فتحي رفضت التمثيل أمام النجم الكبير عادل أمام بحجةِ أنه موضة سينمائية وستنتهي سريعا ، خاصة بعد رفضها المشاركة في بطولة فيلم ” عصابة حمادة وتوتو ” الذي عُرِضَ عليها أولاً قبل الفنانة لبلبة ، لكنها نفت هذه الشائعة في حوار صحفي ، وأكدت أنها كانت رافضة لفكرة وسيناريو الفيلم باعتبارها مكررة ولم تجد نفسها في الشخصية ، أما الفنان عادل أمام فأشارت إلى أنها تكن له كل الإحترام والتقدير ، وقالت إننا تشاركنا سوياً التمثيل في المسلسل الإذاعي ” أرجوك لا تفهمني بسرعة” من بطولة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ .
بطل من الجنوب .. يسدل الستار على حياة نجلاء فتحي السينمائية
—————————————–
أما آخر أعمالها الفنية في السينما فقد شاركت بطولة فيلم ” بطل من الجنوب ” .. عزيز عيني .. وهو فيلم تشويقي درامي ، إنتاج مصري لبناني مشترك من بطولة الفنان القدير الراحل أحمد خليل ، وكارمن لبس وجوزيف بونصار ، ومن إخراج محمد صلاح أبو سيف والذي تم عرضه في عام 2000 .
شهر زاد واليمامة في الدراما التليفزيونية والإذاعية .
————————————–
لم يكن للفنانة الكبيرة نجلاء فتحي حظ وافر مع الأعمال الدرامية التليفزيونية ، فأشهر أدوارها على الشاشة الصغيرة ” فوازير ألف ليلة وليلة ” مع النجم الكبير حسين فهمي من إخراج عبد العزيز السكري .
كما قدمت مسلسل ” زي القمر ” أمام الفنان سعيد صالح والفنان أحمد راتب ، من تأليف الكاتبة كوثر هيكل وإخراج أحمد يحيى ، وهو من بين آخر الأعمال التي قامت بها عام 2000 .
أما في مجال الإنتاج الإذاعي قدمت نجلاء فتحي عدداً من الأعمال والمسلسلات الإذاعية أهمها ” سماح والبنات الملاح ، لست شيطاناً ولا ملاكاً ، من أطلق هذه الرصاصة ، الدنيا على جناح يمانة ، عفريت الهانم ، أرجوك لا تفهمني بسرعة .
نجلاء فتحي .. موعد مع المرض والقدر .
—————————————-
بين الرومانسية والأعمال البطولية ، وأفلام الأكشن والدراما الاجتماعية ، استطاعت نجلاء فتحي أن تتربع على عرش السينما المصرية ، لتصبح أيقونةَ الحبِ والجمال ، وفتاة الأحلام لكل من يبحث عن الرقةِ والدلال .
ولكن لم تمض حياة زهرة السينما هادئةً مستقرةً ، فقد أصيبت في عام 2014 بمرضِ الصدفية المستعطية النادر ، وهو من الأمراض الجلدية المزمنة ، والنوع الأشرس من أنواع الصدفية التي تطول فترة علاجها .
في بداية الأمر سافرت للعلاج عدة مرات إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل .
وقد حاول الإعلامي الكبير الراحل حمدي قنديل زوج الفنانة نجلاء فتحي الكشف عن حقيقة المرض النادر الذي أصاب زوجته ، وتفاصيله ، وكيفية علاجه ، وهل يجدي الحقن البيولوجي الذي أجازته الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في علاجها .
وهنا أعلن قنديل أن نجلاء فتحي هي أول من سيتم حقنه بهذا العلاج في أوروبا ، وستحصل على أربع حقن في أول شهر من شهور العلاج ، وهو ما سيجبرها على البقاء في سويسرا لمدةٍ تتراوحُ بين شهر وستة أسابيع قبل أن تعود إلي مصر مرةً أخرى .
وفي عام 2016 وخلال مداخلةٍ تليفونيةٍ أعلنت الفنانة الجميلة نجلاء فتحي أنها تعافت من المرض ، لكن مع الالتزام بحقنة شهرية لضمان عدم عودته مرةً أخرى .
حمدي قنديل .. والحكاية الغريبة
——————————————
نجلاء فتحي واحدة من الفنانات اللاتي تزوجن أكثر من مرة ، لاختلاف الظروف ، وعدم التوافق بينها وبين أزواجها .
ففي عمر الثامنة عشرة كانت زيجتها الأولى من طالب الهندسة وقتها أحمد عبد القدوس نجل الكاتب الراحل إحسان عبد القدوس ، الذي أحبته كثيراً ، ونظراً لصغر سنها وعدم موافقة أهل الطرفين ، تزوجا سراً ، إلا أن تلك الزيجة لم تستمر لأكثر من عام ، وحدث الطلاق ولم تنجب منه أطفالاً .
الزيجة الثانية في حياة زهرة السينما المصرية كانت من المهندس والممثل ” سيف أبو النجا ” ، الذي ظهر في السينما لأول مرة من خلال تجسيد دور الشاب ” مصطفى ” الابن الأكبر للفنانة فاتن حمامة في فيلم ” إمبراطورية ميم ” وهو شقيق الفنان خالد أبو النجا .
وجاء التعارف بينهما من خلال صداقتِه لشقيقها الأكبر .
وقد رُزِقت منه ابنتها الوحيدة ” ياسمين ” ، وبعد أربعِ سنواتٍ من الزواج وقع الطلاق بشكل ودي ، نتيجة خلافات عادية مثل التي تحدث بين أي زوحين ، لكنها وصلت إلى طريقٍ مسدود .
في بداية الثمانينيات تزوجت نجلاء فتحي من أميرٍ سعودي لمدة ثلاث سنوات ونصف ، ولم تتحدث عنه إلا نادراً ، وقد أحاط الجدل بتلك الزيحة التي حجبتها عن الفن بشكل كبير بعد أن اشترط عليها الاشتراك بفيلمٍ واحدٍ في العام ، وعاشت معه في باريس ثم تعود لتقديم أعمالها الفنية في مصر ، ولكنها لم تتحمل العيش بهذه الطريقة ، ما اضطرها للانفصال عنه والعودة بشكل نهائي إلى مصر لمواصلة أعمالها السينمائية .
” حمدي قنديل ” الزوج الرابع والأشهر في حياة جميلة السينما المصرية ، وذلك بعد قصةِ حبٍ بينهما لها حكاية غريبة ، روى تفاصيلها الإعلامي الكبير والكاتب الصحفي حمدي قنديل ، حيث قابلها أولَ مرةٍ خلال حوارٍ صحفي أجراه معها في منزل شقيقتها بالدقي ، وكان أول انطباع عنها أنها شخصية ذكية ومرحة .
وقال قنديل .. علمت أنها ذهبت مع ابنتها ياسمين إلى العجمي لتقضي أسبوعين ، وكانت صديقة لزوجة صديقي رجل الأعمال ممدوح موسى والذي كان يقضي شهور الصيف في فيلته هناك ، وحجزت أنا الآخر غرفة في فندق بالإسكندرية ، وواظبنا على اللقاء كل يوم ، واكتشفت أنها المرأة التي أتطلع للارتباط بها ، وفوجئت بعد ذلك بمكالمة هاتفية منها قالت لي فيها أنا هتجوزك النهاردة ، وأصبحت أردد دون أن استوعب الأمر وأقول ” عظيم عظيم ” ، فسألتني عن بطاقتي الشخصية ثم قالت لي سوف أنتظرك في المنزل الساعة الخامسة بعد الظهر ومعك جواز السفر ، ” ولا هنرجع في كلامنا ؟ ” قلت موافق أكيد .
وتم الزواج عام 1992 م واستمر لمدة 26 عاماً إلى أن وافته المنية عام 2018 بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 82 عاماً .
هناك من يولدُ في الحياةِ لِنفسِه ، وهناك من يأتي إليها لغيرهِ ، كي يمتع جمهوره ويضحي من أجلِ عشاقهِ .
ونجمتُنا أَبدَعَ اللهُ في صنعِها وأعطت لجماهيرِها حَياتَها وقدمت له فناً راقياً طيلةَ عمرِها ، وعندما غابت راحت قلوبُ محبِيها تبحثُ عن أسبابِ غيابِها ، لتجدها وحيدةً مع مرضِها .
أبداً لم تكن وحيدةً ، بل وَقَفَ بجانِبِها حب عمرِها ، وبعد رحيلهِ ورغم كبرِ سنِها ، مازالت قلوبُ الكثيرِ تترقبُ أخبَارهَا .
فهل تعود عروسُ السينما المصرية إلى جمهورِها ؟ أم سنظلُ نعيش على أطلالِ مجدِها ونستنشقُ عبيرَ جمالِها ؟
سيدتي الجميلة ، متعكِ اللهُ بالصحة والعافية ، ومنحكِ سعادةً ملء السماء والأرض ، فأنتِ أيقونة الحب والجمال في السينما خلال أزهى عصورها .
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.