كُن عزيز النفس … فإن الأمور تجري بمقادير

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

العزة هى أغلى ما يملك الإنسان. فهى تعبر عن الكرامة وعدم الرضا بالتقليل من شأن النفس، والانسان عزيز النفس هو الذى يحافظ على نفسه، ويكون لديه احساس داخلى يمنعه من أن يقهر او يغلب قوى الارادة… عالى القدر ،لاينافق ، ولا يفرض نفسه على احد، يضبط كل حركة فى حياته بميزان الشرع الحنيف.. ويحترم القيم والمبادئ والمثل العليا..والعادات والتقاليد

ويصون نفسه عن القيام بالأفعال السيئة ومن ذُلِّ الطمع والشهوات والعزة ترتفع بصاحبها عن مواضع المهانة . فلايعرض نفسه الى من يخذله، ولايطلب شيئا ممن لايقدره، وأعلى درجات العزة والشموخ ان تكون عزيزا بالله وفى معيته ومطبقا لتعاليمه..قال تعالى:( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) وقال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)..

ولسمو العزة كان من أوصاف الله تعالى وأسمائه [الْعَزِيزُ] وتكرر مايقارب تسعين مرة فى القرآن. لأهمية ان تطلب العزة عن طريقه فهو الغالب القوي الذي لا يغلبه شيء وهوالمعز الذي يهب العزة لمن رضى الله عنه من عباده.

لكن المهم ان ننبه ان عزة النفس ليست لساناً ساخراً أوطبعاً متكبراً، او إنسانا معقّدا، أوغليظ او قاس أو حسّاس ،او إنسان مغرور…

بل عزة النفس هى أن تبتعد عن كل ما يقلل من قيمتك. و أنّك تقدّر نفسك وان ترتقى بها وان لا ترضَ بالهوان والذل ..ولذا يقال ( لا تسقني ماء الحياة بـذلة، بل اسقنـي بالعزّ كـأس الحنظل.)

وعش يا إبن آدم ..عزيزاً أو مت وأنت كريم. فأنت لست كغيرك من الخلق! فلقد كرمك خالقك بنعم كثيره وسخر لك الكون وما فيه، وكرمك على غيرك من المخلوقات.

وقد حملك أمانة عظيمة هى اجل النعم ومناط التكليف فأ كرمك بنعمة العَقـل ،لتعقل الامور،

فكن عزيز النفس كالخيل يحزن ولا يبوح يُخذل ولا ينكسر ، وتيقن انه لو اجتمع الانس والجن علي ان يضروك بش لن يضروك الا بشي قد كتبه الله عليك ولو اجتمع الانس والجن على ان ينفعوك بشئ لن ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك،،فقد رفعت الاقلام وجفت الصحف..

ولايمكن ان تكون عزيز النفس الا اذا تخليت عن الطمع عن مافى ايدى الناس ، والانبطاح من اجل منفعة دنيوية زائلة،،بل عليك ان ترضى بما قسمه الله لك دائما

فما كان مقدرًا لك سيأتيك ولو كان بين جبلين و ما لم يكن مقدرًا لك لن يأتيك ولو كان بين شفتيك وما كان مقسوماً لك سيأتيك رغم ضعفك وما لم يكن لك لن تناله بقوّتك…ولو هربتَ من رزقك كما تهرب من أجلك. لتبعك رزقك كما يتبعك أجلك،،ولن يصيبك إلا ماكتب الله لك ولو اجتمعت الأمة على غير ذلك ..ولن يفوتك شيء كتبه الله لك أو عليك من سعادة أو رزق أو فرح أو حزن أو موت أو ابتلاء ..فالامر محسوم منذ الازل.

واطلبوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بمقادير اللّه.وإن قضاءها بيد الله

فالبعض يتذلل للبشر ويتملق ويسقط من وقاره بهدف اصابة شيء من الدنيا ولو اكتفى بالطلب المجرد بعد التوكل على الله ثم عاد من حيث أتى لكان خيرا له ، والافضل ان تطلب من الكريم الذى بيده مقاليد الأمور متوكلا على الله ..مستبشرا بعطاء رب كريم وان تحسن الظن بخالقك .. فأقدار الله مكتوبة قبل أن نخلق جميعاً و لا يردها شيء.

 

كن عزيزا وعش حياتك قريرًا، مطمئنًا، موقنًا واثقًا بأن لا أحد يستطيع أن يغلق باباً. فتحه الله لك ..و لو تدبرت عطاءات الله لك ستجد ان كلها تنصب في صالحك وكل الخير في تدابير الله …

واعلم ان عزّة النفس هي الشيء الوحيد الذي إن خسره الإنسان لن يقوى بعدها على تحدي أي شيء، ولا حتّى نفسه،

ولا تُهين نفسك بأفعَالك..أو بقربك ممن يبعدك عن طاعة ربك ،ويصدك عن الخير فإن من البشر من إذا ابتعدتَ عنه تسلم وإذا اقتربتَ منه تندم .

ولا تمشي بأقدامك في طريق الذل ابد.. وكُن عزيزاً غائباً، ولا تكن حاضراً بلا قيمة…ولا تكن كالذي قالوا فيه ..اذا حضر لا يعد واذا غاب لا يفتقد !..

وكن متزنا فى اقوالك وافعالك فالانسان المتزن إذا غاب افتقد غيابه ، وإذا حضر استؤنس بحضوره ، يصمت بحكمة ، ويتكلم بمعرفة ، إذا صمت فلصمته معنى ، وإذا تكلم فلكلامه مغزى ، غيابه مفقود ، وحضوره ثابت معدود

اذا وجد فى اى مكان او محفل يكون لوجوده معنى وقيمة وأثر. يتذكره الناس به…ويشار اليه

واحترم ذاتك وعز نفسك …قبل ان تطلب من الناس ان يحترموك ، ليحترمك الآخرون ، وعامل الناس بمثل ماتحب أن يعاملوك .

وإحفظ كرامتك ولا تكن ثقيلاً على أحد؛. ولا متطفلا …او متنطعا.. ولا تهتم بمن لا يهتم بك، او تفكر بمن لم يشغل تفكيره لحظة فيك او برضاك ، وانسحب فورا عن

من لايقدر لك قدرك، او يكون سببا فى أذى نفسك ،فالانسحاب من العلاقات المؤذية. ليسَ فشلاً،والابتعاد عن الاماكن التي لا تَهبك قيمة ليس هروباً، بل هى دليل على عزة النفس و حفاظا على الصحة النفسية لك.. وسلاما لصدرك من الحقد والكره ..

واياك ان تحافظ على علاقة لا تجبر لك كسراً، ولا تهديك فرحاً ولا تحميك من حزن.

فالعلاقات قد تعوض لكن صحتك لا يعوضها شيء، فأحياناً اختيار الإنفصال عن شيء ما بحد ذاته يكون فيه الراحة والطمانينة والخلاص من الكثير من المشاعر السلبية والسيّئة.

وعندما تتخطى مرحلةً صعبة من حياتك، أكمل الحياة كناجٍ ومنتصر وافرح وليس كضحية وتعيش فى الهم والحزن ..

وأكرم نفسك بالبعد عن كل من يُشعرك أنك أقل من غيرك، ومن يقلل من جهدك ونجاحك، من لا يرى فيك إلا سيئاتك، ولا تظلم نفسك بمن لا يستحقك،

كن دائماً عزيزا النفس فخوراً بصفاتك، وامشي على قدمكَ المكسورة ولا تترك أثر يدك على كتف أحد.واعتدل في كل شيء إلا في عزّه نفسك ، إطغى ولا تبالي .”

قواعد تساهم فى عزة النفس

——————————-

– نحن لا نطرق الأبواب التي أُغلقت في وجوهنا ولا نطلب لمن استدار أن يلتفت،ولا نفرض على أحد وجودنا،ولا نتحدث بأريحية مع من لا يهتم بنا..

-نحن بسطاء، نؤمن بالعفوية والتداخل لكننا أعزاء في نفوسنا مدركين لمكانتنا….ليكن شعارك عندما لا تجد لي وقتاً لا أجدُ لك مكاناً.

– إذا لم تجد الأحترام فى قلب من تحب او تعامل إرحل وابتعد فورا .وكل باب يُغلق. فى وجهك برغبة صاحبه لا تطرقهُ أبداً .

– انتقى اصدقاءك فإختر قلباً ، وليس وجهاً .اختر من يعينك على الطاعة لا من يبعدك عنها … واهتم بالافعال لأنها هي التى تؤكد صدق المحبة أما الكلام فالجميع فلاسفة .

– و قبل أن تتعلق بأحد كن مستعداً لغيابه حتى لاتصدم ..وكن جميلاً مع الكل ، فهناك لحظة وادع ليس لها وقت .

-كي لا تسقط لا تسند ظهرك على أحد من البشر بل ارتكن الى رب البشر…فهو القوى الذى لايغلب وهو الركن الرشيد .. ومايجبرك العقل و المنطق علي تركه لا تعود اليه بالعاطفة .

– إترك مُرّ أفعالهم للزمن فكل ساقي سَيُسقى بما سقى..وكن أرقي من أن تجمع ذنوباً مصدرها الحديث عن الناس .

وأفضل إنتقام ممن قاموا بأذيتك هو أن تكون سعيداً ، فليس هناك مايثير جنونهم أكثر من رؤيتك سعيد تستمتع بحياتك…

ومن اقوال الامام علي بن أبي طالب رضى الله عنه : إذا فقدت المال لم تفقد شيء، وإذا فقدت الصحة فقدت بعض الشيء ، وإذا فقدت الأخلاق فقدت كل شيء.

ويقول ايضا خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَة أَن مُتِمٌّ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ وَأَنَّ عِشْتُم حُنُوًّا إلَيْكُم.

وختاما..

العزة كلها فى فى معية الله وطاعته فيمن عليك بتوفيقه وعنايته وحفظه ونصره ..

اللهم ان نسألك ياعزيز ..ان تعز الاسلام والمسلمين ..وتعز مصر واهلها.. وتحفظ شعبها وتعز اهل فلسطين وغزة من اليهود الغاصبين ومن عاونهم يارب العالمين . وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين ورسل الله اجمعين

 

بقلم .. ا.د / إبراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية السابق


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading