الأزهر ليس للبيع والهوية الدينية لا تُدار من قصور السياسة ولا تُختطف من بوابات الترفيه
فضيلة الإمام الأكبر يُسقط عرض الـ5 مليارات في نصف ساعة: لا قناة بمنطق الوصاية، ولا خطاب ديني بإدارة مستوردة... مصر تحمي الأزهر، والأزهر يحمي الأمة

الأزهر يرفض عرض تركي آل الشيخ: كرامة الأزهر ليست للبيع والدولة المصرية تستجيب وتخصص مليار جنيه لإطلاق قناة الأزهر بهُوية مصرية مستقلة
في مشهدٍ نادر يجمع بين الكرامة الوطنية والحكمة المؤسسية، أثبت الأزهر الشريف – بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب – أنه ليس مجرد مؤسسة دينية، بل حصن منيع للهوية الإسلامية، وضمير للأمة يرفض الوصاية مهما تلونت أو تباهت بالعطاء المالي.
عرض سخي… بشروط صادمة
بناءً على طلب رسمي مُقدَّم من المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الضيف الزائر في مقر المشيخة، في لقاء دام نصف ساعة فقط.
وخلال الجلسة، عرض آل الشيخ استعداد بلاده تقديم خمسة مليارات جنيه مصري لإطلاق قناة الأزهر في أقرب وقت – خلال شهر – لكن المفاجأة جاءت في الشرط المُلزم: أن تتولى هيئة الترفيه السعودية
الإشراف الكامل والإدارة المباشرة للقناة
ذلك الشرط، وإن جاء ملفوفًا في غلاف “الدعم”، فإنه – وفق تعبير مصادر قريبة من دوائر الأزهر – مسّ بجوهر استقلالية المؤسسة الدينية الأعرق في العالم الإسلامي، وحوّل العرض من “مبادرة شراكة” إلى محاولة تحكّم ناعمة في الرسالة الأزهريّة.
كرامة تُلجِم الإغراء
في لحظة من لحظات الوقار والصمت البليغ، أنهى الإمام الأكبر اللقاء قبل موعده المفترض، موجّهًا شكره للضيف على مبادرته، لكن بإشارات واضحة تؤكد رفض الأزهر التام لتسليع هُويته أو تحويل منبره الإعلامي إلى أداة دعائية لأي جهة، حتى وإن كانت دولة شقيقة.
خرج تركي آل الشيخ من اللقاء وهو يجر أذيال الخيبة، بعد أن فوجئ بموقف حاسم لا يُساوِم ولا يُهادن.
استجابة مصرية في وقت قياسي
في اليوم التالي، أبلغ فضيلة الإمام الأكبر الجهات السيادية في الدولة بما دار في اللقاء، وأوضح بجلاء أن عرض آل الشيخ لا يمكن قبوله، لا على المستوى الأخلاقي ولا على المستوى الاستراتيجي.
ولم تمر 48 ساعة حتى تلقى الأزهر موافقة رسمية من الدولة المصرية على تخصيص مليار جنيه مصري لإطلاق قناة الأزهر في فترة لا تتجاوز الشهرين، على أن تكون بإدارة مصرية خالصة، ومن عرق المصريين ودافعي الضرائب، وليس بأموال خارجية مشروطة.
نحو منبر أزهري نقيّ.. وخطاب إعلامي مستنير
الأزهر الشريف لم يكتفِ برفض العرض، بل تحرّك سريعًا إلى مرحلة التنفيذ الجاد:
تم تشكيل مجلس أمناء القناة من كبار المتخصصين في الإعلام، القانون، والتربية.
تم اختيار عالمين من الأزهر الشريف لتمثيله في المجلس:
أ.د. يسري جعفر – أستاذ ورئيس قسم العقيدة في كلية أصول الدين.
أ.د. محمد عبد العزيز – الأستاذ بجامعة الأزهر.
وقد تم تكليف لجنة متخصصة لإنهاء الإجراءات الإدارية والقانونية:
* تسجيل أوراق الاعتماد.
* حجز تردد القناة والقمر الصناعي بمدينة الإنتاج الإعلامي بـ 6 أكتوبر.
* وضع خطة انطلاق القناة في احتفال رسمي كبير يُعلَن فيه عن ميلاد منبر إعلامي نقي، يحمل راية الأزهر في زمن تتكاثر فيه الأصوات المُشوِّشة باسم الدين.
قراءة في الموقف: رفض الهيمنة الناعمة
ما حدث ليس مجرد “رفض تمويل”، بل تجسيد حي لفكرة السيادة المعنوية والفكرية.
فالأزهر لم يرفض المال – بل رفض الشروط، ورفض فقدان حقه في أن يكون لسان الأمة الإسلامية دون وصاية.
إن محاولة هيئة الترفيه السعودية – وهي جهة لا تمتّ للعلم الشرعي أو الخطاب الديني بصلة – أن تُشرف على قناة تمثل الأزهر، لم تكن إلا تغليفًا فنيًّا لهيمنة ناعمة كان يمكن أن تغيّر وجه الأزهر إعلاميًا.
وقد جاء موقف الإمام الأكبر ليضع الخطوط الحمراء بوضوح:
الأزهر ملك الأمة.. لا يباع ولا يُدار من خارج مصر.
شكر واجب
شكرًا لمصر الدولة، التي لم تتأخر في حماية الأزهر ودعمه من مواردها، مؤكدة أن استقلاله ليس شعارًا بل سياسة.
شكرًا لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، الذي وقف كالطود، لا تهزّه العروض ولا يُغريه المال.
وشكرًا للأمة الإسلامية التي تستحق أن ترى قناة الأزهر وهي تنطلق، تحمل رسالة النور والاعتدال، من مصر إلى العالم.
قريبًا.. قناة الأزهر
قناة الأزهر قادمة، لكنها ليست مشروعًا إعلاميًا فحسب، بل إعلان ولاء للهوية، واستقلال للقرار، وتأكيد أن الدين لا يُدار تحت شعارات الترفيه.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.