كل يوم نسمع ونرى عواصف من الاتهامات المتبادلة وتدنى لغة الحوار بين الناس حتى طلبة العلم واحيانا المثقفين بل والغالبية من العلماء ..وأصبحت سمة عامة تميز هذا العصر.. ووسائل التواصل الاجتماعى ساهمت فى انتشارها.
وعند اختلاف الرأى ..والهوى ..يطلق سهام الحقد والكره عليه .والتشنيع والتبديع
بل قد يخرجه الايمان، كأنه ليس من أهل الملة وهذا سيؤدى إلى تدمير نسيج المجتمع ..ويهدم النمازج والقدوة ..فلاتكريم لااحد ولا توقير لعالم ..
والعلماء والرموز أصبحت تحت السهام الملعونة ..لا لشىء الا للاختلاف فى الرأى أو لوجهات النظر ..
مع أنه غالبا أن معظم الاختلافات لا تمس الأصول .
ولو فرضنا أن ثمة فهما مختلفا حتى للأصول، فإن أساس الاختلاف هو الحوار بالتي هي أحسن حتى مع من ليسوا من أهل القبلة، فكيف بين المسلمين أنفسهم؟ والعلماء والرموز منهم . فهل هذا هو اخلاق الاسلام وتعاليمه ..
وللاسف استخدم البعض وسائل التواصل منصة لتعميق الاختلاف وأداة من أدوات السب والقذف والتكفير من بعض مريدى المشايخ أو من المشايخ أنفسهم أو أصحاب الايدولوجيات المختلفة داخل الشريعة الواحدة …
مما أدى إلى تمزق الأمة وجعل بأسها بينها شديد .
. وسقطت هيبة العلماء وفقد الاحترام واختفى ادب الحوار .
وتم تحويل الاختلاف فى الرأى إلى خلاف ..وحرب ضروس .وسباب وتكفير .لامنجى منها لأحد ..حتى لصحابة رسول الله بل والكتب الصحاح.
لدرجة أن البعض عندما تقول له أن ذلك العالم متخصص ويحمل أعلى الشهادات ..فإذا كان لايعجبه أو يتخذ منهجا مختلفا عنه يقوم بتسفيهه ووصفه باقبح الصفات . وأقلها أنه من شيوخ السلطان
ويقول إن ربك رب قلوب .. وهل كان فى عصر الصحابة شهادات …وينسى أو يتناسى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان هو المعلم الاول للصحابة وهو الجامعة الاولى ..ومع كثرة الصحابة بالالاف ..فلم نعرف سيرتهم جميعا .. إنما وصل إلينا من كان له أثر. ودور ..وأسس النبى صلى الله عليه وسلم للتخصص .. فهذا يصلح للقرآن كابى بن كعب .. أو عبد الله بن مسعود وهذا يصلح أن يكون معلما. وذاك يصلح للحرب وهذا يصلح للحكم ..وهكذا ..
وكل العلوم سابقا ..كانت بلا جامعات كالطب والتجارة والزراعة. والهندسة …ومع تقدم البشرية ظهر التخصص وتاسست وتطورت العلوم ..
فلماذا العلوم الشرعية ..يتحدث فيها بدون ضابط ولا رابط ..من مدعى المعرفة ..
ومما نريد أن نلفت الإنتباه إليه أن هناك فرق بين الاختلاف والخلاف ..
فالاختلاف تعريفه كما ذكر العلماء
بأن يأخذ كل واحد طريقا (قولا أو فعلا) غير طريق الآخر من غير تنازع ولا شقاق، أو بتعبير معاصر: اختلاف الوسائل ووحدة الغايات.
وهو غير الخلاف الذي هو أعمّ من الضدية، حيث الوسائل والغايات كلاهما مختلفة،
فالاختلاف محمود والخلاف شرّ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، ولذا يقول أهل العلم “هذا اختلاف لا خلاف”،
ومعلوم للجميع أن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في بعض المسائل الفقهية مثل: هل رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- الله تعالى ليلة الإسراء والمعراج؟
ولم يكن هناك سعي لحمل الأمة على رأي واحد، فهذا مناف للفطرة والسعة وطبيعة أفهام الناس، وقد رفض الإمام مالك جعل “الموطأ” كتاب الأمة.
وللاختلاف المشروع شرطان اثنان هما: (موضوع الاجتهاد ..والقائم بالأجتهاد) وموضع الاجتهاد أي كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي الثبوت والدلالة .
،اما من يقوم بالاجتهاد لابد أن يكون أهل الاجتهاد علما ودينا وصلاحا، فلا يؤخذ العلم إلا من أهل التقوى وحسن العبادة.
ومما نريد أن نؤكد عليه أننا ندعو إلى الأدب عموما وأدب الحوار خصوصا
والإنسان المؤدب هو من بجمع خصال الخير وما اجمل أن يتلازم الأدب مع العلم لأن العلم بلا أدب كالنار بلا حطب، والأدب بلا علم كالروح بلا جسد، ..وفى النهاية لايوجد أحد معصوم الا النبى صلى الله عليه وسلم
رزقنا الله وإياكم العلم والأدب ..
بقلم .. ا.د / ابراهيم درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.