تعتبر تكنولوجيا الملاحة الفضائية أو ما يُعرف بـ GPS (نظام تحديد المواقع العالمي) جزءًا حيويًا من حياة البشرية الحديثة، حيث يعتمد الكثيرون على الأقمار الصناعية للملاحة في عديد من النشاطات اليومية. ومع ذلك، تظل هذه التقنية عرضة للاختراق أو التعطيل والانتحال من قِبل الأطراف المعادية أو المتنافسة، مما يثير مخاوف بشأن ما يعرف بـ “حروب الـ GPS”.
في سياق التوترات الدولية والنزاعات، يمكن أن تستخدم الدول الأقمار الصناعية الملاحية كأداة استراتيجية للتأثير والضغط على الخصم. تُعد حروب الـ GPS من بين السيناريوهات الأكثر خطورة، حيث يُمكن للتعطيل المتعمد لهذه الأنظمة أن يؤدي إلى تعطيل جزئي أو كامل لأوجه حياة المجتمعات.
يعتمد الكثيرون على GPS في حياتهم اليومية، سواء في الملاحة بالسيارة أو التنقل بالطائرات أو استخدام التطبيقات المعتمدة على الموقع في الهواتف الذكية. في حالة تعطيل أو تشويش هذه التقنية، يمكن أن يتأثر الأفراد بشكل كبير في قدرتهم على الوصول إلى المواقع المحددة بدقة، مما يؤثر على نمط حياتهم ويزيد من حدة الاضطراب.
إلى جانب التأثير الشخصي، يمكن أن تكون حروب الـ GPS ذات تأثير اقتصادي كبير. يتوقف عديد من القطاعات الحيوية على GPS لأغراض مثل الملاحة البحرية والجوية، والتوزيع والشحن، والبنية التحتية والأمن السيبراني. ومن ثم فإن تعطيل هذه الخدمات قد يؤدي إلى توقف العمليات ويتسبب في خسائر مالية هائلة، مما يجعل تصاعد حروب الـ GPS مصدر قلق اقتصادي وأمني.
حرب نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)
وفي هذا السياق، تناول تحقيق نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، تداعيات الطفرة في التلاعب بإشارات الملاحة، أو ما وصفه التحقيق بـ “حرب نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الحديثة” التي أحدثت دمارًا في الهواتف الذكية والطائرات والسفن المدنية في ثلاث قارات.
كان ما يسمى بالتشويش والانتحال عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) حكرًا على الجيوش إلى حد كبير على مدى العقدين الماضيين، حيث تم استخدامه للدفاع عن المواقع الحساسة ضد هجمات الطائرات بدون طيار أو الصواريخ أو إخفاء أنشطتها الخاصة.
لكن التدخل المنهجي من قِبَل القوات المسلحة ــ وخاصة في أعقاب (الحرب في أوكرانيا) والهجوم الإسرائيلي ضد حماس في غزة ــ كان سبباً في خلق مشاكل واسعة النطاق للسكان المدنيين أيضاً، حيث أصبحت آثار الإشارات التالفة واسعة النطاق.
- عاش ما يقرب من 40 مليون شخص في مناطق بها إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) غير الموثوقة لمدة نصف الأشهر الستة الماضية على الأقل، وفقًا لتحليل صحيفة فايننشال تايمز للبيانات الصادرة عن خدمة التتبع Flightradar24
- يشمل ذلك العاصمة التركية أنقرة، حيث تتمركز قواتها المسلحة، وامتدادات من ساحل البحر الأسود، وشبه جزيرة سيناء المصرية، والعديد من أكبر المدن العراقية، وحدود ميانمار التي مزقتها الحرب.
- كما أثر التدخل القوي – الذي تسبب في حدوث مشكلات لمدة ربع تلك المدة على الأقل – على المناطق التي يبلغ عدد سكانها مجتمعة 110 ملايين نسمة، بما في ذلك المدن التي بها منشآت عسكرية مثل سان بطرسبرج في روسيا، ولاهور في باكستان، وبيروت في لبنان.
ونقلت الصحيفة عن توماس ويثينجتون من مؤسسة روسي البحثية الدفاعية ومقرها لندن:
- “تميل الطائرات بدون طيار والأسلحة الموجهة إلى الاعتماد على أنظمة سواتل الملاحة العالمية GNSS (القمر الصناعي الملاحي).
- إن إطلاق إشارة تشويش يحد من قدرتهم على التنقل بشكل صحيح.
تهديدات متزايدة
ويعد نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) جزءًا من GNSS، وهو المصطلح الشامل لجميع أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية العالمية.
وأنظمة سواتل الملاحة العالمية (GNSS)، هي التي تقوم بإعطاء معلومات عن المواقع الجغرافية على النطاق العالمي. وتسمح هذه الأنظمة للمستقبلات الالكترونية بتحديد احداثيات الموقع؛ الطول، العرض والارتفاع في حدود بضعة أمتار مستخدمة إشارات زمنية المرسلة على طول خط الرؤية عن طريق راديو من الأقمار الصناعية.
- حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان قد ألقى باللوم على روسيا في انقطاعات النظام العالمي لسواتل الملاحة في أجزاء كبيرة من أوروبا، بما في ذلك تلك التي أثرت على رحلة تقل وزير الدفاع البريطاني.
- كما أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى زيادة التلاعب بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في المنطقة.
- يترد أن بعض زعماء العالم، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يستخدمون أجهزة التشويش المحمولة للحماية أثناء السفر.
- لكن الإشارات الزائفة المستخدمة في التشويش – والتي تعمل من خلال إرباك أجهزة الاستقبال ببيانات صاخبة – لا تميز بين الأجهزة العسكرية والمدنية.
وحذر مسؤولون في حكومة البلطيق الشهر الماضي من كارثة جوية تلوح في الأفق بعد أن أجبر فشل نظام الملاحة العالمي لسواتل الملاحة رحلتين من شركة Finnair على العودة في الجو.
النظم الاحتياطية البديلة
وتحتوي جميع الطائرات تقريبًا على أنظمة تحديد المواقع البديلة، بما في ذلك الملاحة بالقصور الذاتي (وسيلة مساعدة للملاحة تستخدم الحاسوب وأجهزة استشعار الحركة وأجهزة استشعار الدوران من أجل الحساب بشكل مستمر، عبر تقدير الموضع والاتجاه والسرعة لكائن متحرك بدون الحاجة إلى الاعتماد على مراجع خارجية) باستخدام أجهزة استشعار الحركة.
لكن -بحسب تحقيق الصحيفة- فإن التحول إلى النسخ الاحتياطية يزيد من خطر الخطأ. مستدلاً بأن إحدى الطائرات كادت أن تنحرف عن المجال الجوي الإيراني العام الماضي، بينما كادت رحلة أمريكية في عام 2019 أن تصطدم بجبل بعد تعطلها، وفقًا لتقرير وكالة ناسا. أبلغت يوروكونترول، هيئة تنظيم الحركة الجوية في الاتحاد الأوروبي، عن زيادة بنسبة 2000 في المائة في حوادث التداخل بين عامي 2018 و2021.
ونقل التحقيق عن الخبير في تدخلات النظم العالمية لسواتل الملاحة بجامعة تكساس في أوستن، تود همفريز، قوله: “هذا وضع خطير.. يمكن أن يصبح الطيارون في حيرة من أمرهم بشأن موقعهم، وينتهي بهم الأمر إلى الاضطرار إلى الاتصال بمركز التحكم في الطائرة والسؤال عن الاتجاهات خطوة بخطوة”.
اضطرابات الشرق الأوسط
- تفيد التقارير بأن مثل عمليات الهبوط الآلي هذه تكاد تكون روتينية في مطار بن غوريون في تل أبيب.
- اعترف الجيش الإسرائيلي بحجب إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في إسرائيل كإجراء دفاعي في أعقاب هجمات حركة حماس في 7 أكتوبر وإطلاق الصواريخ الإيرانية الشهر الماضي.
- يشكو سكان إسرائيل والأردن ولبنان من أن التدخل جعل من المستحيل استخدام سيارات الأجرة أو التطبيقات (المرتبطة بالـ GPS).
- منظمة أطباء بلا حدود قالت أيضاً إن مشاكل الاتصال المستمرة أعاقت جهود الإغاثة في غزة.
طرق تنفيذ التشويش
في هذا السياق، يقول أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن:
- الـ GPS نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية يوفر معلومات عن الموقع والوقت بأي مكان، تم تطويره من قبل وزارة الدفاع الأميركية خلال الحرب الباردة ليصبح متاحًا للاستخدام المدني في فترة الثمانينات.
- نظام تحديد المواقع يتكون من أقمار صناعية تدور حول الأرض وترسل إشارات لأجهزة الاستقبال على الأرض، كما أنه يستخدم بكثير من تطبيقات وأنظمة الملاحة والسيارات والهواتف الذكية وتحديد المواقع والاتجاهات وتوقيت أجهزة الكمبيوتر والشبكات وأجهزة التتبع، وغيرها من الاستخدامات المختلفة.
- مع أية هجمة تحدث في الشرق الأوسط -أو في أي مكان- تتردد أنباء عن حدوث تشويش بمطارات المنطقة، مثلما حدث أثناء المناوشات بين إيران وإسرائيل الشهر الماضي على سبيل المثال، حيث تم تشويش الملاحة الجوية بالبلدان العربية التي يتمركز موقعها بين إيران وإسرائيل.
وأوضح أن عملية التشويش تتم عبر طرق متنوعة، منها:
- عبر أجهزة تشويش تصدر إشارات راديو قوية على نفس الترددات التي يستخدمها الجي بي إس، مما يؤدي لإغراق إشارات الأقمار الصناعية بإشارات تفوق طاقتها ما يؤدي للتشويش.
- توريد إشارات جي بي إس مزيفة تخدع أجهزة الاستقبال (أو فيما يعرف بالاحتيال).
- يمكن استخدام الحواجز المادية كالأشجار والمباني لحجب إشارات الأقمار الصناعية.
ويوضح أن عمليات التشويش الأخيرة كانت تتم من خلال أجهزة تشويش قد تكون موجودة في سفن عبر البحر أو بمطارات أو بمناطق بعيدة بالصحراء يتم إرسال التشويش منها وبث هذه الموجات عالية التردد حتى يتم التشويش.
تأثيرات سلبية وخسائر
ويشير الناطور إلى أن التشويش له أثر سلبي كبير على عديد من القطاعات، واستعرض بعض تلك التأثيرات، على النحو التالي:
- تعطيل أنظمة الملاحة والسيارات والهواتف والطائرات وتحديد المواقع بدقة..يقود ذلك لخسائر واسعة، بما في ذلك خسارة كبيرة تتكبدها شركات الطيران والمطارات، حيث يتم إلغاء عديد من الرحلات، بينما الطائرات تفقد القدرة على التحليق وفقًا للمسار المحدد لها، وهو ما يؤدي لخسائر كبيرة تقدر بمليارات الدولارات.
- انقطاع خدمات الطوارئ بما في ذلك الإسعاف (الإغاثة الطبية) والمطافئ للجهات التي تحتاج إلى مساعدة.
- تعطيل البنية التحتية الحيوية مثل شبكة الكهرباء والاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي للتشغيل، فالتشويش يؤدي لانقطاع الكهرباء والاتصالات لأنه يغير من التوقيتات التي تكون مبرمجة على حسب نظم معينة.
- التشويش يوجه تهديدًا كبيرًا لعديد من التطبيقات والسلامة العامة، خاصة حينما يتعلق بأمور الحرب والطيران المدني وأمور الملاحة الجوية.
- التشويش من شأنه أن يؤثر على ناقلات النفط ويجعل هناك صعوبة واستحالة لتتبعها، نظرًا لصعوبة تحديد المواقع بدقة، لذا سيكون من الصعب تطبيق عقوبات والتحقق من تطبيق العقوبات المفروضة على بعض الجهات، إضافة إلى زيادة مخاطر الحوادث لتلك الناقلات، ما يؤدي لارتفاع أسعار النفط وتقلبات بأسعاره واضطرابات بحركته.
- تعطيل سلاسل التوريد، خاصة وأن التجارة الدولية تعتمد على شحن البضائع عبر البحار، وهذا التشويش يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وخطوط التجارة البحرية بالبواخر، وتأخير تسليم البضائع ما يعرض الشركات لتطبيق البنود الجزائية عليها، فضلا عن زيادة كلفة الشحن وايجارات الحاويات وتكاليف التأمين، لأن شركات التأمين ستستغل هذه الفرصة لتزيد من تكاليف التأمين على ناقلات النفط التي تعمل بالمناطق المعرضة إلى خطر تشويش الإشارات الجي بي إس.
أنظمة بديلة
ويؤكد أخصائي التطوير التكنولوجيا أن هناك جهودًا للتخفيف من آثار التشويش، عبر تطوير تقنيات أكثر مقاومة له، ومن الممكن أن تكون بديلًا حال التشويش على الجي بي إس، لافتًا إلى أن هناك أنظمة أخرى بديلة تستخدم في الملاحة، وهي:
- نظام غلوناس: وهو نظام ملاحة بالأقمار الصناعية تابع إلى روسيا، يوفر تغطية عالمية مشابهة لنظام الجي بي إس، ومعروف بقدرته على العمل في البيئات الصعبة وكل التضاريس، وهو مستخدم بشكل أساسي من قبل الجيش الروسي ومدنيين بروسيا ودول أخرى، وهو نظام يتم تطويره كل فترة ليصبح أكثر سهولة، وهو شبه مجاني للمنظمات المدنية والحكومية، وبعض المطارات تستخدمه كبديل للجي بي إس.
- نظام بيدو: هو تابع للصين، ويعد ثالث أكبر نظام ملاحة بالأقمار الصناعية، قيد التشغيل ويوفر تغطية شاملة لمنطقة آسيا والمحيط الهادىء، ومن المتوقع أن يتم التوسع العالمي للنظام بحلول عام 2025.
- نظام غاليليو: هو نظام ملاحة تابع للاتحاد الأوروبي يهدف إلى توفير بديل مستقل لنظام الجي بي إس، ويوفر تغطية لمعظم أوروبا ومعروف بدقته العالية وإمكانياته المتقدمة.
- أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي، INS: يعتمد هذا النظام على الحسابات لتحديد المواقع والاتجاهات، والذي لا يتطلب إرشادات خارجية مثل الأقمار الصناعية، وهو نظام بدائي لكنه يتمتع بالقدرة على العمل بأي مكان.
- أنظمة تحديد المواقع الأرضية التي تعتمد على شبكات مثل أبراج الإرسال الأرضية لتحديد المواقع، وتوفر تغطية محدودة مقارنة بأنظمة الأقمار الصناعية الأخرى، وتستخدم غالبا كمكملات لأنظمة الجي بي إس أو بمناطق تغطيتها ضعيفة للأقمار الصناعية.
- أنظمة الملاحة الفلكية: وهي تقنيات تقليدية تستخدم النجوم والكواكب لتحديد المواقع لا تتطلب أي معدات إلكترونية حديثة وتعتمد على مهارات المستخدم، وهي تستخدم بشكل أساسي لأغراض بحرية والرحلات البرية.
الانتحال أكثر خطورة من التشويش
وبالعودة لتحقيق الصحيفة البريطانية، فإنه يشير إلى أنه في الأشهر الأخيرة كانت هناك زيادة في شكل أكثر تطورا من تدخل نظام الملاحة العالمي (GNSS) – ما يسمى بالانتحال، وهو شكل أساسي تستخدمه أحيانًا السفن التي تنقل بضائع غير مشروعة، من خلال إرسال إشارة موقع زائفة. ويشيع استخدام هذا التكتيك للتحايل على العقوبات أو القيود التنظيمية الأخرى، مثل حقوق الصيد.
ولكن يبدو أن المخادعين – الذين قد يكونون موجودين على الأرض أو حتى على متن السفن الحربية – يفسدون بشكل عشوائي إشارات GNSS للسفن والطائرات القريبة من خلال بث مواقع مزيفة.
- يعتبر الانتحال أيضًا أكثر خطورة من التشويش، إذ يمكن للإشارات الكاذبة أن تخدع أنظمة الكشف المضمنة في عديد من أجهزة استقبال GPS.
- في شهر أبريل، تأثر ما يصل إلى 30 ألف طائرة بالانتحال، وفقًا لتحليل بيانات OpenSky بواسطة SkAi Data Services
- وقالت منظمة الطيران المدني الدولي في فبراير، إنه في عدة حالات، فقدت أطقم السفن جميع قدراتها الملاحية.
وبينما يعتمد الشحن بشكل أقل على تحديد المواقع GNSS لكن الخبراء يحذرون من أن الزيادة في عمليات المحاكاة في المضائق المحيطة بالبحر الأسود على وجه الخصوص – والتي من المؤكد أنها مرتبطة بالنشاط العسكري الروسي – تشكل خطر الاصطدامات وحتى تسرب النفط، بحسب تحقيق الصحيفة، الذي نقل عن بريدجيت دياكون، المحللة في شركة لويدز ليست لمعلومات الشحن، والتي رصدت لأول مرة النشاط غير المعتاد الذي يؤثر على سفن الشحن وناقلات النفط في البحر الأسود في أكتوبر، وصف ذلك بـ “الكارثة”.
وقال الأمين العام لاتحاد الملاحة البحرية IALA، فرانسيس زكريا، إن الملاحين المدربين يمكنهم التعامل بسهولة مع المشكلة، لكنه أثار مخاوف من أن الطاقم الأقل مهارة قد يعتمد بشكل كبير على الأنظمة الآلية.
ألغاز حرب GNSS
أحد ألغاز حرب GNSS الحديثة هو سبب ظهور السفن والطائرات المخادعة بشكل شائع في المطارات. ويتكهن بعض المحللين بأن هذه الظاهرة قد تنبع من محاولات دفع الطائرات بدون طيار إلى التوقف عند اكتشافها في المجال الجوي المحمي للمطار؛ قد يتم اكتشاف الطائرات والسفن المتأثرة عن طريق الخطأ بواسطة إشارات البث على نطاق واسع.
ويتفق معظم الخبراء على أنه من غير المرجح أن يكون المدنيون هم الهدف المباشر للنشاط – على الرغم من أن الدكتورة ميلاني جارسون، التي تبحث في الحرب السيبرانية في كلية لندن الجامعية، قالت إن بعض الحالات يمكن أن تمثل “استعراض العضلات” من جانب روسيا.
- بدأت الحكومات في اتخاذ موقف أكثر صرامة، بل وحتى إلقاء اللوم علناً على الجناة المزعومين.
- هدد لبنان بشكوى إسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن التدخل في النظام العالمي لسواتل الملاحة في مارس.
- في حين قال وزير خارجية إستونيا لصحيفة “فاينانشيال تايمز” إن بعض الحوادث كانت جزءًا من “هجوم هجين” من روسيا.
- ووصف اللورد ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، التقارير التي تفيد بأن طائرة وزير الدفاع جرانت شابس تعرضت لتشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بالقرب من جيب كالينينجراد الروسي بأنها “مزعجة للغاية”، مضيفًا أنه “أمر غير مسؤول للغاية بالنسبة لروسيا أن تفعل ذلك”.
- فيما لا يوجد دليل على أن طائرة شابس كانت مستهدفة على وجه التحديد، لكن المنطقة تعتبر نقطة ساخنة للتدخل.
وقد لا يكون المسؤولون قادرين على فعل المزيد، وفقاً لإليزابيث براو، الباحثة في مركز أبحاث الشؤون الدولية الأمريكي أتلانتيك كاونسيل.
ويجري العمل حاليًا لإيجاد بدائل لنظام GNSS، الذي يعتبر ضعيفًا بطبيعته لأن إشاراته موجودة على نطاقات تردد مشتركة وتعمل بقوى منخفضة. وهي تشمل نظام eLoran، وهو نظام ملاحة راديوي أرضي. وأصبحت تراخيص استخدام هذه التكنولوجيا في المملكة المتحدة متاحة منذ أكتوبر، ولكن تم إصدار ترخيص واحد فقط، وفقًا لموقع Ofcom الإلكتروني. وتشمل المقترحات الأخرى تحديد المواقع على أساس الحالات الشاذة في المجال المغناطيسي للأرض.
البنوك والسكك الحديدية
وفي سياق، متصل، يشير التحقيق إلى أنه:
- في حين أن التدخل في مجال الطيران يحتل العناوين الرئيسية في الوقت الحالي، فإن تكنولوجيا الشبكات العالمية لسواتل الملاحة منتشرة في كل مكان في المجتمع المدني.
- تعتمد البنوك والسكك الحديدية وخدمات الطوارئ على النظام لتحديد التوقيت بالإضافة إلى بيانات تحديد المواقع.
- قال ويثينجتون من شركة روسي: “علينا جميعًا أن ندرك جيدًا مدى اعتمادنا على نظام الملاحة العالمي لسواتل الملاحة (GNSS) في حياتنا اليومية”.
الصراعات الدولية
من جانبه، يرجع مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية بمصر، لواء طيار دكتور هشام الحلبي، في حديث خاص لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، ظاهرة عمليات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) مؤخرًا إلى تزايد الصراعات في العالم، موضحًا أن:
- بعض الدول تمتلك منظومات ملاحة عالمية منها على سبيل المثال الولايات المتحدة الأميركية التي تتحكم في منظومة الجي بي إس وروسيا أيضًا بمنظومتها، والتي تستفيد منها بطبيعة الحال الطائرات المدنية والسفن وقطاعات مدنية أخرى على اختلاف أنواعها خاصة السفن والطائرات والسيارات.
- منظومة الجي بي إس تدخل أيضًا في توجيه بعض الأسلحة وخاصة الطائرات دون طيار، حيث يتم استخدام تلك المنظومة المفتوحة في توجيه تلك الطائرات.
- حينما تحدث حروب وصراعات تقوم الدول بإيقاف الخدمة في منطقة معينة، مثلما حدث على سبيل المثال حينما وجهت مؤخرًا إيران ضربة لإسرائيل وقامت الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك المنظومة بوقفها في المنطقة نظرًا للتهديد الذي كانت معرضة له حليفتها تل أبيب.
- في ظل الصراعات الموجودة كل دولة تستخدم إمكاناتها لحماية نفسها أو حماية حلفائها، دون النظر إلى خسائر الآخرين.
ويؤكد أن التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ومن ثم فقدان الخدمة أثناء الطيران أو الإبحار، بمثابة تحٍد يواجهه الطيارين والبحارة وفقد إمكانية معرفة الموقع بدقة، إضافة لإمكانية الوصول للمكان المستهدف ما قد يسبب وقوع حوادث.
ويفيد بأن التشويش يكون عادة من جانب دول تمتلك المنظومة مثل أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي، موضحًا أن ذلك يحتاج إلى تقنيات عالية جدا لا تمتلكها سوى تلك الدول. كما يلفتإلى أن تلك العملية تتم من خلال إرسال إشارات من القمر الصناعي تستقبلها الأجهزة، وللتشويش على الإشارات تحتاج إلى أجهزة معينة وتقنيات فنية عالية جدا.
ويقول الحلبي إن من ضمن أوجه الحرب الإلكترونية هناك إجراءات وإجراءات مضادة منها التشويش أو منع التشويش، ومن ضمن الإجراءات المضادة إمكانية ظهور الطائرة في مكان مختلف عن مكانها الفعلي الموجودة فيه، فبالتالي إذا كانت هذه الطائرة بصدد توجيه صاروخ لمكان رصدته ستتجه إلى مكان آخر (كنوع من المناورة)، أي ظهور الطائرة في مكان آخر غير الموجودة فيه.
ويشدد على ضرورة أن تعتمد الطائرات والسفن التجارية بعض الطرق البديلة لتحديد الموقع واستكمال الرحلة من خلال منظومات بديلة أو استخدام طرق حسابية (في إشارة لأنظمة الملاحة بالقصور الذاتي) لتحديد الموقع (..).
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.