لا ريب أن السميائيات Semiotics قد ساهمت بنصيب كبير في تجديد الوعي النقدي وذلك عبر إعادة النظر في طريقة تناول قضايا المعنى Mining. وقد عملت وفق مقترحات جديدة على نقل القراءة النقدية من ما هو انطباعي وانفعالي وعَرَضي زائل والكلام الإنشائي الذي يقف عند حدود الوصف المباشر للوقائع النصية، إلى التحليل المؤسس معرفيا وجماليا.
سننهج في هذا المقال التحليل السميائي المتعارف عليه الذي يركز على العلامات الأيقونية والتشكيلية من خلال تطبيقها على شعار وزارة الثقافة والفنون والآثار بمملكة أتلانتس الجديدة (أرض الحكمة) وذلك باعتماد تحليل يحدد المكونات المباشرة. أو ما يسمى بمستوى التعيين، والغوص بعد ذلك في غمار التأويل لمعرفة الخلفيات الكامنة والمتوارية وراء تحديد هذا الشعار بالضبط.
من خلال الملاحظة المباشرة للشعار نجده يضم علامات أيقونية تتمشل على أسدين يحميان شعارا يضم داخله تاجا وحمامة تحمل غصنا وغصن أخضر. ودائرة وسط الشعار تضم داخلها مستطيلات بألوان مختلفة على شكل مبيان في إطار تصاعدي وريشة، وأيضا اسم الوزارة باللغة الإنجليزية أسفل الشعار باعتبارها علامة لسانية تحدد انتماء الشعار. أما المستوى التشكيلي فيبرز من خلال الألوان المسيطرة على الشعار والتي تتمثل في اللون الأبيض والأزرق والأخضر والرمادي والأسود.
بالمرور لمرحلة الإيحاء سنقف عند تأويل مختلف العلامات في هذا الشعار. بدءاً من الشعار الذي يحميه الأسدين ويضم اسم المملكة وهذا قد يحيل على قوة ومتانة المملكة وعزتها ما دامت الأسود تحوم حولها. والتاج يدل على المملكة التي يرأسها ملك. فالتاج علامة تدل على الملك والمملكة.
أما الغصن الأخضر والحمامة البيضاء التي تحمل غصنا فهي دلالة تحيل على السلام والخصوبة والأمن والتعايش. ومنه نؤول كون هذا الشعار له علاقة بمملكة عتيدة وقوية وراقية ومتينة يسود فيها التعايش والسلم والسلام بين كل الأجناس والأديان والإثنيات (الأعراق)…
أما الدائرة فلها دلالة على الامتداد والاستمرار واللانهاية، والمحتوى الداخلي للدائرة الذي يشكل أشكال، وكل شكل ينبني على الآخر بشكل تصاعدي، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على التصاعد والتطور والبناء والتآزر.
تآزر الكل من أجل بناء هذا الصرح الراقي صرح وزارة الثقافة والفنون والآثار، وقد نذهب بعيدا بالتأويل لحندد معنى جديد يحيل على كون كل العاملين في الوزارة من أصغر رتبة وإلى أعلى رتبة يتعاونون ويتآزرون من أجل خدمة المملكة وأيضا خدمة الإبداع والفن والثقافة وكل ما يرقى ويسمو بالإنسان
ولعل هذا ما تدل عليه الريشة، التعاون والخدمة المشتركة للإبداع والثقافة والإشعاع لأن الريشة إيحاء للإبداع والفن. أما الألوان فنجد اللون الأبيض الذي يدل على السلام والأمن، واللون الأخضر الذي يدل على الخصوبة والتعايش والسلم. واللون الأزرق الذي يدل على المحبة والأحمر الذي يدل على الإصرار والرغبة القوية…إلخ.
فالخوض في هذا الغمار جعلنا نفهم المعنى العميق لهذا الشعار ومعانيه الغائرة والدقيقة. وجعلنا أيضا ندرك أن هذا التصميم لم يوضع عبثا بل هو شعار له رسالة ومعاني يبرزها بمجرد رؤيته للوهنة الأولى من طرف المتلقي.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.