بعد ان قرأت بعض الآراء التى تمدح فى فيلم كيرة والجن، وكلمنى عنه صديقى كابتن طيار يوسف، فوجئت بأنه أرسل لى نسخة الفيلم لمشاهدته، فلاحظت أن الفيلم يعيبه من الناحية الفنية أن الصوت ردئ، والإضاءة سيئة، والتصوير سيئ، وتحملت وتابعت الفيلم حتى النهاية مع مشهد عبد الناصر ، وهو يعلن خروج آخر جندى إنجليزى بعد البشاعات التى قدمها الفيلم عما فعله الإنجليز بشعبنا.
فظهر عبد الناصر فى صورة البطل الذى أنقذ مصر من الإنجليز وأيضًا من الملك فاروق، مما جعلنى أشك أن الفيلم موجه كالعادة، وأن أحد أفراد عائلة عبد الناصر الملياردات هو المنتج المخفى للفيلم، ولأنه لا أحد يختلف على رفض الوصاية والاحتلال من أى دولة، لكن يمكن أن نفعل ذلك وتصل الرسالة بالصدق والحياد، وعدم تقديم أنفسنا بأننا ملائكة بدون أخطاء، وإلا فليجاوبنى من يخالفنى الرأى: لماذا نحن على هذا الحال المتدنى اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا وأخلاقيًا وسلوكيًا واجتماعيًا بعد أكثر من 60 عامًا من خروج الانجليز ؟!
وهو ما قاله الرئيس السيسى فى حواراته بطريقة مباشرة وغير مباشرة أنه يسابق الزمن لتعويض التدمير الذى حدث لمصر خلال السبعين عامًا الماضية، وأيضًا نسأل أنفسنا: لماذا كان الجنيه فى وقت الملك فاروق مع وجود الإنجليز يساوى 5 دولارات، وكانت مصر تمتلك أكبر احتياطى ذهب بالعالم، كما كانت مصر تقدم المعونات للسعودية ودول الخليج، وكانت أكبر دولة بالعالم وقتها إنجلترا تقترض من مصر، وكانت مصر مع فاروق قبل عبد الناصر تشمل السودان وسيناء وغزة، والذى فقدتهم مصر فى عهد عبد الناصر الذى لم يكسب أى حرب دخلها ؟!!
كما أن شعبنا يجب أن يعرف أن مجانية التعليم أول من فعلها هو فاروق، لذا تعلم الفقراء فى عهده، مثل الرئيس محمد نجيب الذى كان والده فلاحًا، والرئيس عبد الناصر الذى كان والده ساعى بريد، والرئيس السادات الذى كان والده كاتبًا بمستشفى، والرئيس مبارك الذى كان والده حاجب محكمة، والذى سيصبح أولادهم بعد ذلك ملياديرات، وأغنى مئات المرات من أحمد ابن فاروق، كما أنه كان للمصرى فى عهد فاروق أن يحصل على تأشيرة أى دولة بكل سهولة، كما أن فاروق هو أول من قام بتوزيع الأراضى على صغار الفلاحين، كما أن الحياة الحزبية وتعدد الأحزاب والحياة البرلمانية كانت فى أفضل مراحلها وإزدهارها بمصر وقت الملك فاروق.
فى حين ألغى عبد الناصر الأحزاب، وقمع الحريات والحياة البرلمانية، وكنت أتمنى أن يكون الفيلم مجردًا فيقدم لنا قتل 20 أو مئة قتلوا فى المظاهرات فى عهد فاروق وهو أمر بالفعل بشع، ويقدم لنا ايضًا قتل الآلاف فى مظاهرات أو ثورات أيام عبد الناصر والسادات ومبارك فى ثورة 25 يناير، ويجب أن يعلم الجميع أن كل الضباط الأحرار كانوا إخوان، ما عدا اثنين “خالد محيى الدين” و”يوسف صديق” فقط، حتى عبد الناصر لم ينقلب على الإخوان إلا بعد أن أطلقوا عليه النار بالمنشية، وطالبوه بالمشاركة بالحكم، وهو ما يتصادم مع عبد الناصر الديكتاتور فجمعهم فى السجون، كما جمع الجماعات الشيوعية المسالمة؛ لأنها طالبت بمشاركة الشعب فى الحكم !!!
أيضًا كنت اتمنى أرى فيلمًا يتكلم عن مشاكلنا الحاضرة والمستقبلية؛ لأن سرد الماضى بالتجميل نوع من التضليل، لأن الأفلام العربية والغربية التى تعمل على اظهار بطولة وتمجيد أحادى وطنى للأسف هى تكذب على شعوبها، فَصِدقُ الرِّوَايَةَ سَبَبٌ فِى تَصدِيقِهَا وَبَقَائِهَا، لَكِنَّ التَّغفِيلَ يَنطَلِى عَلَى الْمُغَفِّلِين فَقَط، لَكَ اللَّهُ يَا بَلْدِى، وَعَلَى فِكْرَةِ أَنَا لَسْتُ حَفِيدًا لِأَحَدِ الْبَاشِوَاتِ، لَكِنْ أَعتَقِدُ أَنَّنى قَارِئٌ مُحَايِدٌ لِلتارِيخِ.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.