في الوقت الذي تتوقع فيه التنبؤات المناخية موسما آخر شحيح المطر في العراق، أكدت وزارة الموارد المائية مؤخرا، أن العام الجاري 2022، هو من أقسى سنوات الجفاف في العراق على مدى نحو قرن وتحديدا منذ العام 1930، محذرة من أن الخطة الزراعية الشتوية ستكون في وضع بالغ الحراجة حال استمرار غياب الأمطار.
ويحذر خبراء من أن تضرر موسم الزراعة الشتوية، سينعكس تعقيدا أكثر لأزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمنتجات الزراعية في الأسواق العراقية، والتي باتت تثقل كاهل المستهلكين، وبما يهدد الأمن الغذائي للبلاد ككل.
وما يزيد من خطورة الوضع في ظل ما تعانيه البلاد من جفاف وشحة مائية واتساع لنطاقات التصحر وتراجع المساحات الزراعية والخضراء، هو أن العراق وفق تصنيفات منظمة الأمم المتحدة، هو خامس أكثر بلدان العالم تضررا بظواهر التغير المناخي .
يقول الخبير المناخي والبيئي العراقي أيمن هيثم قدوري، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”: “سكان العراق ولغاية عام 1977 كانوا بنسبة 70 إلى 80 بالمئة من العاملين بالقطاع الزراعي، وكان العراق أشبه بالسلة الغذائية في المنطقة العربية، حيث وصلت المساحات الزراعية لقرابة 30 بالمئة من مساحة البلاد، ولأعوام ليست بالبعيدة وتحديدا قبل 2003، كانت معظم مكونات المائدة العراقية من المنتجات المحلية، باستثناء نحو 6 بالمئة فقط من المحاصيل الزراعية المستوردة”.
ويضيف: “آثار العجز المائي بمعظم مناطق العراق باتت واضحة، بسبب موسم الجفاف الطويل الممتد على مدار عامين ماضيين وعام ثالث نعيش شهوره الأخيرة، حيث تخلل هذه السنوات العجاف انقطاع بهطول الأمطار في ثلثي مساحة العراق باستثناء شمال وشمال شرق البلاد”.
ماذا عن خطط المجابهة؟
قال قدوري: “اتجهت الجهات الحكومية المعنية عبر وزارتي الزراعة والموارد المائية في شهر سبتمبر المنصرم، لوضع خطة للموسم الزراعي الشتوي، أبرز ما جاء فيها هو توجيه المزارعين بعدم زراعة المحاصيل التي تحتاج كميات مياه كبيرة مثل الأرز، والاعتماد على الساقط المطري لتأمين احتياجات الموسم الزراعي القادم من المياه.
وأضاف: الخطة ستفشل في حال كان الشتاء القادم شتاء فقيرا مطريا، وهو الاحتمال الأكثر واقعية بظل تسارع وتائر التغير المناخي المتطرف، والتنبؤات التي تشير لشتاء ذو برد قارس مع انقطاع هطول الأمطار لأكثر من 60 بالمئة من مساحة العراق، ما سيدفع قاطني المناطق الزراعية لترك مزارعهم واللجوء لمراكز المدن بحثا عن لقمة العيش”.
وأردف: “الأجدر إقرار سلسلة من الاجراءات لمواجهة الأزمة أبرزها، دعم القطاع الزراعي بتوفير وسائل ري حديثة، ودعم دور الباحث الزراعي في توفير بيئة ملائمة تواكب التغيرات البيئية والمناخية الطارئة، وشق القنوات الفرعية وإعادة المياه المحملة بالمواد الكيمياوية والأسمدة إلى المجاري الرئيسية، وربما التوجه لتجريم هذه الممارسات كونها تسبب هدرا لكميات كبيرة.
وأضاف: “علاوة على توزيع فرق تفتيش وزارة الموارد المائية بمحافظات العراق كافة، واعطائها صلاحيات تمكنها من ردع المتسببين بهدر مياه الخزين الجوفي من خلال حفر الآبار غير المرخصة، وغلقها لتجهيز الخزانات الجوفية لاستقبال جزء من مياه السيول القادمة من دول الجوار خلال الشتاء القادم، والتي من شأنها تجديد طبقة المياه وتحسين مواصفاتها من خلال عملية التغذية السطحية للخزان”.
أزمات مترابطة
ويختم الخبير البيئي والمناخي: “الأزمات العراقية مترابطة الأمنية منها والاقتصادية والزراعية والمائية، وهكذا هي تتداخل مع الوضع السياسي المضطرب ما تسبب في غياب التخطيط على كافة المستويات”.
وكانت وزارتا الزراعة والموارد المائية في العراق، قد قررتا في شهر أكتوبر من العام الماضي، تخفيض المساحة المقررة للزراعة في الموسم الشتوي بنسبة 50 في المئة قياسا بالعام 2020، وذلك بسبب قلة الإيرادات المائية.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.