قال السفير “ويلمر أومار بارينتوس” سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية لدى مصر خلال الاحتفال الذي نظمته السفارة اليوم في الذكرى العاشرة على رحيل الزعيم هوجو شافيز، إننا نجتمع في هذا التاريخ لإحياء الذكرى العاشرة للرحيل الجسدي، ورحلة الخلود، للقائد الأبدي هوجو شافيز فرياس، وعقب مرورهذه السنوات العشر، نرى أن قيادته وإرثه لا يزالان ساريان، وأكثر وضوحا من أي وقت مضى، كمنارة لا غنى عنها لأوقات المقاومة والنضال الدائم التي ميزت رحلة الشعب الفنزويلي في الدفاع عن ثورتنا البوليفارية؛ ما زال شافيز يسكن في قلوب غالبية السكان الفنزويليين، ولا يزال تمرده وجرأته وأفعاله السياسية حاضرة في المجتمع الفنزويلي، وفي جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وفي كل ركن من أركان الكوكب حيث يُحارب الاضطهاد، والإقصاء وعدم المساواة والظلم الناجم عن النظام الرأسمالي والإمبريالية والاستعمار الجديد.
نعم أيها الرفاق الأعزاء، بعد مرور10 سنوات على رحيله الجسدي، لا يزال القائد شافيزهنا بيننا، يقظًا مع رفاقه، ويوجهنا في جميع المعارك، يعيش شافيز وسيحيا دائما كشخصية غيرت إلى الأبد تاريخ فنزويلا وقارة أمريكا اللاتينية والكاريبي وزعزعت أسس النظام الدولي الذي تأسس في العصر الذي نشأ بعد نهاية الحرب الباردة.
منذ ظهوره على الساحة العامة، كزعيم لأوقات التمرد التي ميزت تاريخ فنزويلا المعاصر منذ عام 1989، في تلك العملية الوطنية، البوليفارية بالكامل، كان هوجو شافيز هو حامل راية تلك المهمة الرائعة التي تم تنفيذها لإنقاذ الكرامة الوطنية. كرامة شعب بأكمله مهمش تاريخيًا؛ برؤيته وقناعته وعمله، حقق هوجو شافيز مهمته التاريخية في قيادة أوقات الصحوة، والبحث عن مصير أفضل، وأوقات بناء آمال جديدة، ولا يزال المرجع الرئيسي لفنزويلا الثورية المستقلة والحرة صاحبة السيادة.
كان السهل الفنزويلي، وتحديدًا مدينة سابانيتاس بولاية باريناس، مسقط رأس القائد هوجو رافائيل شافيز فرياس، نجل معلمين ريفيين، والذي نشأ في أسرة متواضعة في بيئة طبيعية نموذجية للحياة الريفية، فيما بعد كانت له مسيرة عسكرية متميزة، والتي ، نظرا لكونه جزء وقائد لجيل الرابع من فبراير، كان عليه التضحية من أجل تعزيز مشروع تاريخي من المطالب الاجتماعية،مشروع شعبي لاتحاد مدني عسكري، يمكن العثور على أصوله في مقاومة شعوبنا الأصلية ضد الاستعمار والغزو وفي سيف التحريرالذي حمله أبطال الاستقلال برئاسة والد الأمة المحرر سيمون بوليفار.
مع الانتصار الانتخابي للقائد شافيز في عام 1998 وبداية الثورة البوليفارية في عام 1999، هذا الطفل القروي، هذا الرجل العسكري البوليفاري من أعماق قلبه، عزز قيادته السياسية والشعبية المهيبة مع تأثير لا يمكن إنكاره على إعادة تأسيس الجمهورية الفنزويلية، وعلى صحوة أمريكا اللاتينية وفي إحياء الأمل للشعوب المنسية في العالم. ركز عمله الحكومي على الإنسان، وعلى الرغم من الهجمات الداخلية والخارجية الدائمة في فنزويلا، كان من الممكن تحقيق العدالة والمساواة والرخاء وازدهار الحياة الاجتماعية والتمتع بحياة بها أقصى قدر من السعادة الاجتماعية.
يمكننا قضاء ساعات وأيام وشهور وسنوات في الحديث عن قيادته الممتازة وإدارة حكومته وكل إرثه الذي لا يمحى؛ لكن بالنظر إلى الحقبة الجديدة التي تمر بها أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، هذه المرحلة الهامة الجديدة التي تتعلق بعودة ظهور الحكومات التقدمية في حياة وطننا العظيم في أمريكا اللاتينية، أرى أنه من المناسب أن أسلط الضوء في الاحتفال بهذه الذكرى على التزام القائد هوجو شافيز بتعزيز التكامل في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكونه قائد بوليفاري في الفكر والعمل، دافع وعمل بلا كلل من أجل الاتحاد الحقيقي لشعوبنا كضرورة تاريخية واستراتيجية.
دعونا نتذكر أن صعود هوجو شافيز إلى السلطة كان نقطة التحول التي أطلقت الموجة الأولى من التقدمية التي اجتاحت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. كان الزعيم الفنزويلي في طليعة الحركات القومية والشعبية التي من شأنها تعزيز القيادات الإقليمية الأخرى، وتحويل المشهد السياسي لأمريكا اللاتينية في ذلك الوقت. ونحن شهود على مشهد بانورامي مماثل في هذه الأوقات من النهضة الإقليمية التقدمية، حيث كانت الثورة البوليفارية ضمانة للاستمرارية، ومعقلًا أساسيًا، بسبب مقاومتها ودعمها الشعبي الهائل، وهو نتاج الإرث الذي تركه لنا هوجو شافيز.
إن خلق مساحات تكامل متعددة الأطراف على أساس التكامل والتضامن والعدالة الاجتماعية كان أحد الأعمال البارزة للقائد شافيز على الساحة الدولية. تحت قيادته، أسهمت فنزويلا بشكل كبير في إنشاء (التحالف البوليفاري لشعوب أمريكا- معاهدة تجارة الشعوب)، وتأسيس اتحاد دول أمريكا الجنوبية ومجتمع أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وتأسيس محطة تليفزيون تيليسور، وتشكيل تحالف بتروكاريبي، وإنشاء بنك الجنوب، وإطلاق العملة الافتراضية “السوكرى” للتبادل التجاري فيما بين دول أمريكا الجنوبية، وغير ذلك.
في هذه النقطة، أود أن أؤكد أن الرئيس نيكولاس مادورو موروس، خلفًا لقيادة القائد شافيز، قد صدق على إرادة جمهورية فنزويلا البوليفارية في اتحاد الوطن العظيم، أمريكا ومنطقة البحر الكاريبي، فيما يتعلق بالتنوع، واحترام الخصائص المحددة للنماذج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل بلد، واحترام البرنامج السياسي لكل قيادة، وكل حكومة، وتنفيذ فكرة التسامح والاندماج، مما يقودنا إلى اتحاد حقيقي في التنوع السياسي، والأيديولوجي والثقافي؛ والحفاظ على رؤية واضحة لمستقبل بلادنا، وبالتالي إرساء أسس الوحدة الحقيقية لشعوبنا.
بالنسبة لشافيز، فقد تجاوزاتحاد الشعوب حدود أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث بذل جهودًا كبيرة بقيادته الحكيمة لتحقيق الوحدة بين شعوب الجنوب. قبل أيام قليلة، احتفلنا بالذكرى السنوية العاشرة لرسالته الشهيرة التي ألقاها أمام القمة الثالثة لرؤساء دول وحكومات أمريكا الجنوبية وأفريقيا، التي عقدت في مالابو، بغينيا الاستوائية، والتي أكد فيها التزامه الثابت تجاه قضية اتحاد شعوبنا، كقارات تمتلك روابط أكثر من الأخوة، توحدها روابط تاريخية غير قابلة للتجزئة، ومقدر لها السير معًا نحو خلاصها المطلق والكامل، لأننا نفس الشعب وعلينا تعزيز وتعميق التعاون فيما بين دول الجنوب.
كما عمل هوجو شافيز بلا كلل لتعزيز مساحة الحوار الثنائي الإقليمي بين دول أمريكا الجنوبية والدول العربية لإنشاء مسارات جديدة للتواصل بين المنطقتين وتطوير مشاريع مشتركة لربط الحضارتين المترابطتين، والاستفادة من توافق وجهات نظرنا وأصولنا و العمل معًا لمواجهة التحديات العالمية الملحة، في سياق يلعب فيه الحوار والتعاون فيما بين بلدان الجنوب دورًا لا غنى عنه.
من الواضح أنه، في هذه العلاقة الخاصة مع العالم العربي، يحتل الدفاع عن القضية الفلسطينية مكانًا متميزًا نظرا للمواقف التي قام بها هوجو شافيز أثناء إدارته للحكومة، لأنه كان دائمًا يدعم دون أية قيود حق فلسطين في إقامة دولة حرة وقابلة للحياة وقادرة على البقاء. دولة ذات سيادة، لأن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الاحترام الكامل للقانون الدولي وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي تنتهكها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل متكرر.
لا يزال هذا الدعم الفنزويلي للقضية الفلسطينية قائمًا، وهذا ما أكده وزير الخارجية إيفان خيل بينتو لنظيره المصري، سامح شكري، خلال محادثة هاتفية أجريت مؤخرا، حيث أعاد الطرفان التأكيد على اتفاق فنزويلا ومصر الكامل على “الدعم الدائم لـ”القضية الفلسطينية”، بالإضافة إلى الاتفاق على ضرورة المضي قدمًا نحو تعزيز الحوار السياسي للارتقاء بكل مجالات العمل المشترك بما يعود بالنفع المتبادل على شعوبنا.
كما يمكن ملاحظة، أننا من فنزويلا، نواصل السير على الطريق الذي رسمه القائد هوجو شافيز، واليوم عندما نحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لرحيله نحو الخلود، نتوجه اليه بتلك التحية الخاصة، مؤكدين على وعينا التاريخي بالتحديات التي نواجهها و التحديات القادمة، ومدركين أن قوتنا الروحية لمواصلة مقاومتنا المنتصرة للتغلب على جميع الاعتداءات والهجمات تستند إلى قيادته الأبدية التي لا تقهر.
إلى النصردائمًا !
سوف نعيش وننتصر!
يحيا هوجو شافيز!
يحيا جمال عبد الناصر!
شكرا جزيلا!
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.