تم تأسيس تجمع “بريكس” رسمياً عام 2009 ويضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وانضمت جنوب افريقيا للتجمع عام 2010 ويسعى التجمع لإثبات بصمته الجيوسياسية بما يتناسب مع النطاق الاقتصادي الجماعي لدوله، إذ يمثل أعضاء التجمع أكثر من 42% من سكان العالم وأكثر من 24% من الناتج المحلي الإجمالي العالم.
ويستهدف تجمع “بريكس” الدفاع عن مصالح دول العالم النامي والنهوض باقتصاد الجنوب العالمي، وتشييد هيكل دولي أكثر شمولاً وتمثيلاً وعدلاً وكلها أهداف ايجابية جذبت العديد من الدول للانضمام للبريكس وأيضا رغبة بعض الدول فى اعادة التوازن العالمى الذى يميل بشدة للمصالح الغربية .
وتأتى اجتماعات قمة “بريكس” فى جوهانسبرج بدولة جنوب افريقيا خلال الفترة من 22 الى 24 أغسطس الجارى فى وقت حرج عالميا اذ مازال الصراع الروسي الغربى على أرض اوكرانيا مشتعلا والتوترات بين الولايات المتحدة والصين تزداد حول تايوان، وأيضا صراع الكبار على كنوز وموارد افريقيا والوضع فى النيجر والسودان الذى يزداد اشتعالا يوما بعد يوم .
وقد دعت جنوب افريقيا 69 من قادة العالم لحضور فعاليات القمة، مما يدل على اهتمام البريكس بتعزيز نفوذه.
ونعرض لأهم القضايا التى تناقشها القمة و تشمل توسيع عضوية التجمع والتعاون النقدي والأمن الغذائي وتقليص هيمنة الدولار على المدفوعات الدولية التي طرحت للمناقشة في القمم السابقة ، والتبادل التجاري بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء الذى ارتفع إلى 422 مليار دولار آخر 5 سنوات ، كالتالى:-
أولا : توسيع دائرة العضوية فى البريكس:-
يأتي توسيع عضوية “بريكس” ضمن بنود القمة حيث يوجد توجه للتوسع وحالياً 23 دولة تسعى إلى الانضمام إليه، بما فيها مصر وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية وتتحفظ كل من الهند والبرازيل على التوسع دون معايير وقواعد يتم الاتفاق عليها، فى حين تدفع كل من الصين وروسيا وجنوب افريقيا للتوسع وقد توافق القمة على انضمام عدد من الدول للبريكس منها مصر.
ثانيا : مشروع العملة المشتركة:-
سيناقش تجمع البريكس فكرة تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية، وهي الفكرة التي طرحت للمناقشة في القمم السابقة وتشمل المقترحات زيادة استخدام العملات الوطنية في التبادل التجارى وإنشاء نظام سداد مشترك للدول الاعضاء ، فيما يُرجَّح أن توصى القمة بتشكيل لجنة فنية لدراسة مقترح إطلاق عملة مشتركة ، و على الجانب الاخر لاتخطط قمة البريكس لاستخدام عملتها المرتقبة بديلاً للدولار (العملة الاحتياطية العالمية) حالياً، ولكن يُنظر إلى هدف إنشاء عملة مشتركة للبريكس بغطاء ذهبي على أنه هدف متوسط وطويل الأجل. وبالفعل بدأ العديد من أعضاء “بريكس” في تسوية مبادلات تجارية ثنائية بالعملات المحلية.
ثالثا :بنك التنمية الجديد:-
زادت المبادلات التجارية بين أعضاء “بريكس” إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وسيكون بنك التنمية الجديد أداة لإبرام مثل هذه المبادلات التجارية، وتشير التوقعات أن ثلث عمليات الإقراض التى سيقوم بها البنك ستكون بالعملات المحلية بحلول عام 2026.
وقد أُنشئ بنك التنمية الجديد عام 2015 ليكون منافسا لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وليكون بمثابة ثقل موازن لتأثير الدول المتقدمة في الهيكل الاقتصادي عالمياً، وانضمت مصر فى وقت سابق للبنك وهناك العديد من الدول في الشرق الأوسط وآسيا بلغ عددها 12 دولة مهتمة بالمساهمة في رأسمال بنك التنمية الجديد.
رابعا : الصراع الروسي الاوكرانى :-
الصراع الروسي الاوكرانى الذى بدأ فى 24 فبراير 2022 سيكون على جدول الأعمال حيث سبق أن صوّتت البرازيل فقط لصالح قرار للأمم المتحدة الذى يدعو إلى إنهاء الصراع ويطالب روسيا بالانسحاب، بينما امتنعت الصين والهند وجنوب أفريقيا عن التصويت، وهناك مبادرة افريقية لاحلال السلام وكان الرئيس المصرى أول من دعا للسلام فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ فى نوفمبر 2022 ، حيث تعانى معظم اقتصادات العالم من الاثار السلبية للصراع وربما تتقدم القمة بمبادرة للسلام لانهاء الصراع.
خامسا : قضية الأمن الغذائي:-
تسببت أسعار الغذاء المرتفعة فى ضرر فقراء العالم وخاصة افريقيا ، وسيكون الأمن الغذائي على جدول أعمال القمة خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الهند وروسيا والتي فاقمت الوضع الغذائى ، حيث وضعت الهند -التي تمثل 40% من تجارة الأرز في العالم- قيود على صادرات الارز لحماية سوقها المحلي باستثناء صادرات الارز البسمتى فى حين انسحبت روسيا من مبادرة البحر الاسود التي تضمن المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية بسبب عدم تنفيذ الغرب لكامل بنود الاتفاقية والتى تتضمن تسهيل صادرات الحبوب والاسمدة الروسية.
سادسا:الوضع فى افريقيا:-
فى ظل التنافس المتزايد بين الدول الكبرى على موارد وثروات افريقيا وعودة جماعات الارهاب والمرتزقة لافريقيا وخاصة فى النيجر والسودان فمن المنتظر ادراج هذا البند على جدول أعمال القمة بغرض تعظيم استفادة الأفارقة من ثرواتهم وبدء تنمية حقيقية فى افريقيا والعمل على احترام ثقافة الشعوب الافريقية بعيدا عن الدعاوى الغربية التى قد تتناقض مع ثقافة افريقيا ، والعمل على وقف الصراعات والحروب بالوكالة فى افريقيا لمنحها فرصة لاحداث تنمية اقتصادية مستدامة .
هذا، وتحرص مصر منذ الخمسينات من القرن الماضى على اتباع سياسة عدم الانحياز لاى معسكر شرقى أو غربي الا بما يحقق مصالحها ، وأن انضمام مصر للبريكس سوف يساعد على زيادة تجارتها الخارجية وجذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية وأيضا يساعد على تخفيف الضغط على العملات الحرة باستخدام العملات الوطنية فى تسوية المبادلات التجارية وتغطية وارداتها بسلع متوسط أسعارها أقل من السلع الواردة من الدول الغربية.
بقلم .. الوزير المفوض والمفكر الاقتصادى/ د. منجى على بدر عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.