أبو الغيط فى افتتاح أعمال المؤتمر الدولي لأمن المعلومات والأمن السيبراني: إننا نحتاج إلى بناء قدرات جديدة مناسبة لتعزيز خط الدفاع التكنولوجي

كتب: أيمن وصفى

0

اُفتتح المؤتمر الدولي الثالث لأمن المعلومات والأمن السيبراني، وقد ألقى “أحمـد أبـو الغيـط” الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة رحب فيها بكل من: المهندس “محمد بن عمر” الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الإتصال والمعلومات، و”أسامة كمال” رئيس مجلس إدارة شركة Mercury Communications.

وقال “أبو الغيط”: يسعدني أن أشارككم اليوم افتتاح أعمال المؤتمر الدولي لأمن المعلومات والأمن السيبراني في نسخته الثالثة، التي تُقام تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية، وقال: واسمحوا لي بداية أن أتقدم بخالص الشكر إلى المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، وشركة Mercury Communications على تعاونهما الناجح لإقامة هذا المنتدى الذي يجمع المختصين من الدول والمنظمات والقطاع الخاص؛ لمناقشة آخر الاتجاهات الحديثة في تكنولوجيا أمن المعلومات والأمن السيبراني.

وأوضح “أبو الغيط” بأنه: لا شك أن العالم الرقمي صار عالماً موازياً مكتمل الأركان لا يقل، من حيث كثافة الأنشطة أو تعدد وتعقيد المجالات التي يشملها، عن العالم الحقيقي؛ إن لم يكن يزيد ويتجاوز هذا العالم في أحيان كثيرة، فالتجارة والبحث العلمي والتسلية والتواصل الاجتماعي والخدمات الحكومية وغير ذلك الكثير جداً من الأنشطة، تمر عبر العالم الرقمي ومنصاته المتعددة، وقد لمسنا جميعاً كيف أدت جائحة كوفيد-19 إلى زيادة هائلة ومطردة في حجم التواجد على العالم الرقمي واستخدامات تطبيقاته المختلفة.

وقال: وبقدر ما حملت التكنولوجيا الرقمية من إيجابيات ومكاسب عدة في مجالات التجارة والتعليم والخدمات الحكومية المختلفة، بقدر ما انطوت على مخاطر جديدة وغير متوقعة، إذ كشفت عن نقاط ضعف في منظومات الأمن، للشركات والحكومات والأفراد العاديين على حد سواء، وصار الأمن السيبراني ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي للدول، وأمن المجتمعات والأفراد والكيانات الاقتصادية.

وأوضح: لقد صارت الحروب السيبرانية واقعاً قائماً، وسلاحاً يُستخدم من قبل الدول، وكذلك من جانب الفاعلين من غير الدول من الجماعات ذات الأنشطة الهدامة والإجرامية؛ وهو سلاح بالغ الفاعلية بسبب اعتماد الكثير من أنظمة الحياة الحديثة على التكنولوجيا والشبكات الرقمية، بما يجعلها عُرضة للهجمات القاتلة، أو لمن يُمارسون جرائم الابتزاز وما يُسمى بـ “برامج الفدية” أو Ransomware.

وأشار بأنه: بهذا المفهوم فقد صار الأمن السيبراني مفهوماً يتجاوز بكثير قضايا حماية الرسائل والمعاملات المالية والإدارية الإلكترونية، بل يضم أيضاً أمن البيانات وتخزينها؛ فالكثير جداً يُمكن استخلاصه من البيانات المتاحة عبر تحليل سلوك الفرد والمحتوى الذي يستهلكه عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهناك جهات فاعلة في عالم الإنترنت تستخدم البيانات لرفع أرباحها، وأخرى تستخدمها لتنفيذ سياسات ناعمة لتمييع القيم والمبادئ الأساسية للمجتمعات، من خلال حملات تضليل مُحْكَمَة لتزييف الحقائق والمساس بالصحة العقلية للشباب، طلباً للأرباح الهائلة.

وشدد “أبو الغيط” على أن: الدروس المستقاة من استخدام الشباب لمنصات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أحداث 2011 الخطيرة، كشفت عن الأثر الهائل لانتشار المعلومات المغلوطة والدعوات إلى العنف والكراهية، وخطابات التشكيك في نزاهة الأشخاص والمؤسسات الوطنية؛ إن هذه الأخطار الجديدة من المرجح أن ترتفع في ظل انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتطورها الفائق الذي سيتيح للتنظيمات الإجرامية والإرهابية قدرات ومهارات خارقة لتنفيذ الهجمات السيبرانية وحملات المعلومات المغلوطة والمُضللة.

وقال: وفي ظل هذا كله، هناك سؤال ملحٌّ نطرحه جميعاً منذ فترة، وهو كيف نحمي مجتمعاتنا من خطر يتجاوز حدود الدولة ؟!، خطر يصعب فيه تحديد هوية المجرم وطبيعة الجرم ومداه، في ضوء ما يوفره عالم الجرائم السيبرانية من إمكانيات كبيرة للإنكار وإخفاء هوية المهاجم ؟!

وأكد على: أننا نحتاج إلى بناء قدرات جديدة مناسبة لتعزيز خط الدفاع التكنولوجي، وفق مقاربات مبتكرة يتم تحديثها باستمرار لتتواءم وطبيعة المخاطر المستجدة.

وقال: إنكم أهل الاختصاص، وتدركون جميعاً أنه لا يمكن فصل الأمن السيبراني عن باقي مجالات الأمن التقليدية؛ فالجرائم السيبرانية تستهدف كل القطاعات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتسعى للتأثير على جميع فئات المجتمع خاصة الشباب، وترتبط أيضاً ارتباطاً وثيقاً بمجالات الجريمة الأخرى كالإبتزاز، وطلب الفدية، وجرائم الدارك ويب والمخدرات وغيرها، لكن شرائح واسعة من المجتمع العربي لا تدرك بالقدر الكافي خطورة تلك الجرائم، ولا تملك المعلومات والمهارات اللازمة لحماية حياتها الشخصية وبياناتها، وتتعامل مع هذا التهديد الخطير بقدر من الإستهانة الناتجة عن غياب المعرفة، وأدعو من هذا المقام إلى إطلاق حملات توعية لتنبيه المواطن العربي، والمؤسسات العربية المختلفة، بأهمية حماية البيانات من مخاطر الجريمة السيبرانية.

وقال: على صعيد العمل العربي المشترك، وإدراكاً منا لأهمية هذه التحديات، فقد طرحنا هذا الموضوع المهم على أجندة القمة العربية الرابعة ببيروت في عام 2019، ضمن ملف “التحول الرقمي العربي”، حيث أصدرت القمة قراراً بتكليف الجامعة العربية بوضع رؤية مشتركة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وقد حظي هذا الملف باهتمام خاص من الجامعة العربية ومنظماتها المتخصصة؛ إذ ركزت لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، وهي لجنة تضم كل المنظمات والاتحادات العربية؛ حيث ركزت أشغالها خلال الفترة الماضية على وضع رؤية عربية وإطلاق مسار تعاون في موضوع الأمن السيبراني، حيث كَلّفتُ شخصياً آنذاك المنظمة العربية لتكنولوجيات الإتصال والمعلومات بتولي الموضوع، وقد حققت مشكورةً إنجازات ملموسة، حيث أعدت الرؤية العربية للأمن السيبراني التي حظيت بشرف إطلاقها في شهر أكتوبر 2021 بتونس، كما أقامت بالتعاون مع عدد من الشركات عدداً من الفعاليات منها هذا المنتدى المهم.

وقال “أبو الغيط”: وأُذكّر في هذا الصدد أن هذا المنتدى سيشهد إطلاق الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني التي أعدتها المنظمة، وأقرها مجلس الوزراء العرب للإتصالات والمعلومات في اجتماعه الأخير بأبو ظبي؛ هذا بالإضافة إلى العديد من الأنشطة التي أقامتها المنظمات والاتحادات العربية، والتي لا يسعني المجال هنا للإشارة إليها.

وأشار: في ذات السياق أيضاً، ومن أجل تدعيم المنظومة العربية بجهاز متخصص لحوكمة الأمن السيبراني، فقد وافقت القمة العربية الأخيرة على المبادرة السعودية لإنشاء مجلس وزاري عربي للأمن السيبراني تدعمه أمانة فنية دائمة مقرها الرياض، وآمل أن نشهد إطلاقه في أقرب الآجال الممكنة حتى يضطلع بالمهام المنوطة به، وأعتبر أن هذا المجلس سيكون إضافة استثنائية للمنظومة العربية لتعزيز الأمن السيبراني، عبر دعم التنسيق بين الحكومات العربية في هذا المجال، وتوفير الإمكانيات لتبادل الخبرات والتجارب والممارسات المختلفة.

واختتم “أبو الغيط” كلمته بتجديد الشكر وتمنيه للمؤتمر كل التوفيق والسداد.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً