بلاشك ان القرارات والاختيارات الصحيحة لها مردود ايجابي وارتياح نفسى على كل من تنعكس عليه القرارات واثار طيبة على المستوى الاجتماعى او المؤسسى وعلى المستوى الدينى والاخلاقى .فهو اجتهاد يثاب عليه الانسان مرتين إذا أصاب ..
اما اذا كان الاختيارات والقرارات خاطئة فستنعكس سلبيا على المتضرر منها وبعض القرارات تكون لها عواقب كارثية لايمكن تحملها او تجاوزها ..وذلك حسب اهمية القرار ومن يتخذ القرار ..
بداية من تأثيرها المدمر للعلاقات الانسانية .او تكوين الصداقات او على العمل .او العلاقات الاسرية كالزواج او الطلاق او حتى على مستوى الدول … الخ..،
وقائمة القرارات والاختيارات لاتنتهى كل يوم ..وبالتالى كى تكون القرارات صحيحة والاختيارات صائبة يجب ان تتحصن الاختيارات بعدة ضوابط حاكمة ..لعل اهمها ..
١- البعد عن الهوى والشخصنة والتحلى بالموضوعية والمصلحة العامة..فإذا تدخلت الاهواء والمصالح الشخصية اصبح القرار والاختيار منحازا تبعا للهوى والمصلحة ..
٢- التحلى بالصبر ..وألآناه يرفع من نسب النجاح .. اما العجلة والتسرع ..يزيد من نسب الخطأ
٣- المعلومات الصحيحة تؤدى الى احكام صحيحة والمعلومات الخاطئة تؤدى الى نتائج خاطئة ..
٤- الدراسة الجيدة للاثار الايجابية والسلبية بكافة انواعها المترتبة على قرارك واختياراتك سواء فى حالة النجاح او الفشل ..وحساب النتائج ..ومن الذى سيتحملها يجعلك تراجع نفسك كثيرا قبل اتخاذ اى قرار..
ثانيا – الاستشارة…. لاهل الخبرة
من باب فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون ..ويضاف اليها استشارة. أهل التخصص او المؤسسات المعنية ..وكل ماكان القرار والاختيار راجع إلى نظام مؤسسى كلما كان افضل ….فالقرارات والاختيارات الغير مدروسة كارثية
٦-الاستخارة ..من خلال صلاة الاستخارة ..وهو اللجوء لطلب المعونة من الله ومن باب التعلق بحبل الله المتين ..
وصلاة الاستخارة مطلوبة ، فى كل امر من شؤون الحياة ،ولا يمنع ذلك من استشارة ذوي الرأي السديد؛ واهل الصلاح.والذكر .
الاستشارة تعطيك خبرات الخلق بالماضي…يقول الله تعالى: {وشاورهم في الأمر} ، ويقول تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} …والاستخارة تعطيك توفيق الخالق بالمستقبل
ولذلك اشتهر قولهم: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار. فالمؤمن يستخير الخالق ويستشير المخلوق.ويجمع بين الاستشارة والاستخارة.
.ولو كانت الاستخارة وحدها تكفي لما قال تعالى للنبيﷺ:”وشاورهم في الأمر”
فبعد الدراسة والاستشارة و الاستخارة تأتى مرحلة اتخاذ القرار ..فإذا عزمت فتوكل على الله..
وبعض الناس تستكبر على المشاورة مع ان فيها استئناس بالرأى ..واضفاء روح المشاركة والتعاون والتقدير لمن تشاوره
و تطييب لقلوب الأصحاب،خاصة لمن يملك الخبرة والمهارة، واستظهار رأي قد يخفى عليك ،
فلاتحرم نفسك من المعونة ..اما لك فى رسول الله قدوة ..فقد كان يقول اشيروا على ايها الناس..
راجع (غزوة بدر ، وغزوة احد ،وغزوة الاحزاب ،وصلح الحديبية) ..
والاستشارة تكسبنا خبرات الآخرين ونصائحهم القيّمة وتجنبنا الوقوع في الأخطاء التي وقعوا فيها كما تفتح آفاقًا جديدة في التفكير قد لا تكون خطرت على بالنا
أما الاستخارة فهي سؤال العبد ربه التوفيق والسداد والخيرة فيما يقدم عليه وهي دليل توكله على الله وحسن ظنه به وثقته في حسن اختياره..
فالانسان مهما أعمل العقل واجتهد، فعلم الله وحكمته فوق كل اعتبار…ولذلك ورد الحث على الاستخارة في كل الأمور صغيرها وكبيرها ليطمئن القلب بأنه سلك أقوم طريق وسلم أمره لأحكم حكيم… ومن توكل على الله فهو حسبه ونعم الوكيل.
فالاستشارة والاستخارة نعمتان عظيمتان لا يستغني عنهما عاقل
فكم من قرارات حاسمة واختيارات مصيرية نقدم عليها بدون الاستعاداد لها ونحن نحتاج فيها إلى التوفيق فى الاختيار..
٧- احفظ كرامتك ..واختار مايرضى الله ويحقق الصالح العام لانك مسؤول ومؤتمن … امام الله عن كل اختياراتك وقرارتك
فاعتز بنفسك فلا يوجد من يستحق ان تغضب ربك او تهين نفسك او تحيد عن قرارك او اختيارك الصيحيح من اجله …
وحتما قرارتك واختياراتك لن يرضى عنها الجميع وسيحاربها اصحاب المصالح او من يختلف معك فى الرأى ..
فعلى المؤمن ان يؤدى الامانة بشموخ وعزة النفس ..
وعزة النفس لا تعني لساناً ساخراً وطبعاً متكبراً، بل تعنى صيانة النفس وحفظ كرامتها والابتعاد عن كل ما يقلل من قيمتك ولايعرف قدرك …
فلا يعرف قيمة الفضل الا اهل الفضل .. ولايعرف قيمة الرجال الا من تربى فى بيوت الرجال ..ولايعرف قيمة القرارات الصائبة إلا اهل الخبرة والحكمة
والانسان عزيز النفس”، هو ذاك الشخص القوي الصلب، الذي ادى ماعليه..ولايبغى الا وجه الله الكريم ..
ومن علامات الانسان عزيز النفس
هو الذى يترفع عن الدنايا وسفاسف الامور
و هو ذاك الشخص الشامخ مثل “النخل العالي”، إذا سقط تمره ما أصاب النخل شيئاً بل يظل شامخاً، هو ذاك الشخص الذي يرى نفسه فوق سماء العز، إذا اطلع على من هم دونه لا ينظر لهم بعين الشفقة بل بعين الرحمة والحب، يسير حسب قناعاته في الحياة لا خلف عواطفه.
كُن عزيزاً بنفسِك ولا تجعل نفسك مثيراً للشفقةِ ..تركضُ وراءَ من يهربُ منك ،فمن كانَ لك عابراً كُن لهُ عابراً…ولاتجامل على حساب دينك و كرامتك والامانة التى كلفت بها..ولاتتنازل للدنيا من اجل موقف..او شخص او مصلحة..
عزيز النفس يعرف قدره جيدا ويدرك أنه مسؤول عن كافة أفعاله في تجنب الأفعال السيئة ويتمسك بكل ما يرفع من شأنه ويحترم ذاته ولا يجعل نفسه محل سخرية من الأخرين فهو يعلم حدوده جيدا ولا يتخطاها وفي نفس الوقت لا يسمح لأي أحد بأن يتجاوزها كما أنه يعتمد علي نفسه ولا يحمل الآخرين أعبائه
وعندما يكون الخيار بين هواك والدنيا ام كرامتك والامانة
لاتفكر كثيراََ إختر كرامتك وامانتك لان فيها عزة نفسك
ولاتنخدع بمعسول الكلام او مكر اللئام و لا تبصم لأحد بأصابعك العشرة على ثقتك به ، اترك أصبعاً واحداً على الأقل فقد تحتاج أن تعضه ندماً على ثقة لم تكن يوماً بمحلها
فاللهم ارزقنا العلم والصبر والحلم والتواضع وعزة النفس و علمنا حسن الاستشارة، ووفقنا لصواب الاستخارة ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، واهدنا لما تحبه وترضاه وسدد على طريق الحق والفلاح خطانا..
بقلم .. ا.د / ابراهيم درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.