خدمة مميزة يقدمها الاتحاد لأعضائه:
صمم موقعك باحترافية وابدأ رحلتك الرقمية اليوم

اضغط على الصورة للتفاصيل
إعلان
v>

 الجزاء من جنس العمل

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

من يستقرأ التاريخ والاحداث يجد أن هناك قواعد للكون وسنن لا تتغير ولاتتبدل منها قاعدة أن الجزاء من جنس العمل ..وأنه كما تدين تدان ..فمن خان …يخان بنفس الطريقة ، ومن باع….وطنه ونفسه ومبادئه …يباع بأبخس الأثمان، ومن قتل ظلما ..يقتل قصاصا،..ومن يأكل اموال اليتامى ظلما …ينتقم الله منه ومن ذريته ،.. ومن يتتبع عورات الناس ..يتتبع الله عورته، ويفضحه ولو فى جوف بيته ،..ومن يزنى يزنى بعرضه….. وهكذا…

كل أعمالك دين عليك …ولا بد ان تدفع ثمن هذا الدين….فى الدنيا قبل الآخرة…

لماذا …لأن الله هو الحق .. وهو العدل وهو الحى القيوم .. المطلع على اعمال العباد. خلقهم ويعلم مايصلحهم ولايحب الظلم ولا الظالمين ..ويقول ويقسم لدعوة المظلوم والله لانصرنك ولو بعد حين ..فهو .يجازى كل انسان من جنس عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر: (جَزَاءً وِفَاقاً) (النبأ)…

أي جزيناهم جزاء موافق أعمالهم.

فلا تغرنك ألامانى أو يطغيك مالك او منصبك او قوتك ..معتقدا انك مخلد وان بيدك مقاليد ألامور فتبطش وتظلم وتعدى وترتكب الفواحش والمنكرات … .وتنسى ان هناك اله قادر ومطلع وشاهد عليك ..امره بين الكاف والنون يبدل الاحوال فى طرفة عين وهو سبحانه لا ينزل الفجار. ابدا منازل الأبرار ….

والايات التى تدل على هذة القاعدة كثيرة. منها ..قوله تعالى ﷻ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً ) (النساء) اذا جاء وقت الحساب يجد الظالم نفسه وحيدا وتنفك عنه من كان يظن انهم سينصروه فلايجد نصيرا …ويقول تعالى ﷻ{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا }..اى انه لابد أن توفى كل نفس بما كسبت ..وتحصد كل نفس ما زرعت.. ولقد سأل الإمام علي رضي الله عنه هل أسأت لأحد يوما يا أمير المؤمنين ؟.

قال أنا لم أسيء و لم أحسن لأحد قط بحياتي .قيل و كيف ذلك يا أمير المؤمنين…قال ألم تسمعو ا قوله تعالى ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها )

فأنت لاتحسن للآخرين بإحسانك ولا تسيء للآخرين باسائتك، أنت تحسن وتسيء لنفسك، لأن الدائرة في الدنيا ستدور عليك بما قدمت ، وفي الآخرة ستجد كل ما عملت من إحسان او إساءة في صحائف أعمالك …

يقول صلى الله عليه وسلم : ” احفظ الله يحفظك.” “اعمل ما شئت فإنك مجزي به”ويقول ايضا ” اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ” .

العاقل هو الذى يعى تلك السنن الكونية ولا يصطدم بها …والانسان المغرور ..يعاند هذه السنن ويصطدم مع الارادة الالهية …ولو أن الوصي على مال اليتيم الذى يأكل أمواله بالباطل استحضر قول الله تعالى :(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (النساء:9) .لاتقى الله في مال اليتامى ولحافظ عليهم وعلى أموالهم حتى يحفظ الله ذريته من بعده (جَزَاءً وِفَاقاً).

واستشعر مسؤوليتك عن أعمالك

فانك محاسبٌ عليها في الدنيا قبل الآخرة، ومعظم الناس تنسى بعد وفاتها ..والبعض قد يذكر لكن المهم هل ، ستُذكر بالخير أم ستُذكر بالشر ..يقول تعالى﴿واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين﴾ فإما أن يكون لك لسان صدقٍ في الآخرين،إن كان الفعل خيراً وإما أن يكون لسان ذم إذا كان الفعل شريراً..

ولاتكن ممن نسوا الله فى أوامره ، ونواهيه ونسوا الحساب فأنساهم أنفسهم يقول تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم)

ولا تخدع الناس .فإن خدعت خُدعت شئت أم أبيت في الدنيا قبل الآخرة، يقول﴿ يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.﴾ ”

واياك والظلم، من ظَلَمَ ظُلم: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وكن عادلا حتى لو كان صاحب الحق عدواً لك، يقول تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ﴾ …..

فالأيّام دُوَل، والجزاء من جنس العمل، وكما تكن للنّاس يَكِن الله لك، احذر أن تعثّر سائرا، أو تكيد ناجحًا، أو تشوّه ناصعا، أو تفزع آمنا، أو تظلمَ مستضعفا لا يقدرُ على الاقتصاص منك.. فإن الله حَكمٌ عَدل، تكفّل لمن بُغيَ عليه لينصرنه، وعدلُ الله في الظالم مهيبٌ مروّع. يقول ابن القيم رحمه الله : الجزاء مماثلا للعمل من جنسه في الخير والشر،.فمن ستر مسلما ستره الله ، ومن خذل مسلما خذله الله ، ومن ضار مسلما ضار الله به،.ومن يسر على معسر يسر الله عليه،…ومن نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..

الجزاء من جنس العمل…ولو بعد حين ،فالدنيا ستدور ، والمشاهد ستعاد ، والادوار ستتبدل ! وكما تدين تُدان ولو طال الزمان ..

وكل سَاقِي سَيُسقىٰ بِما سَقىٰ ،

وهذه حكمة الله وعدله لأنه يمهلُ ولا يُهمل .. ولا يَظلِم ربُك أحدًا . قال الله ﷻ :﴿ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾

وإذا أراد الله أمراً هيأ له أسبابه

فإذا تولى الله أمرك هيأ لك كل أسباب السعادة وأنت لاتشعر ..!!

وإذا أراد الله شيئاً تعطلت قـوانـيـن الـطبيعة حينئذ، البحـر لا يـغرق، والـنـار لا تحـرق ،والجبل لايعصم، والحوت لا يهضم، والعذراء تلد، والعصا تنقلب إلى حية..ومن يتحدى الله في ظلم خلقه لن يجد الله معه في وقت محنه….

كما تُدينُ تُدان.. وكما تُعين تُعان، وكما تَرحم تُرحم، وكما تَزرع تحصُد ومنْ سرّهُ زمنٌ ساءتْهُ أزمان، فلا تجرح أحداً ثمّ تتغابى كأنّكَ لم تفعل شيئاً، ولا تُخطئ خطأً فادحاً في حقّ أحد ثمّ تُكمل حياتكك التافهة بلا هدف.

ربّما لن يحاسبكَ أحد فى وقت خطأك .. لكن تذكّر. أنّ الدنيا ستَصفعكَ دون احترام ولو بعد حين، ولن يفوت الأون! يقول تعالى

(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار..)

كما تدين تدان” .. ليس فقط في الانتقام ..بل ستدان حين تجبر خاطراً .. أو تزيل هماً .. أو تسعد شخصاً.. سيأتي اليوم الذي يدان لك فيه جميلك ..فما تزرعهُ اليوم تحصدهُ غداً..

وما ترميه على الناس يعود إليك مثله…فلا تقذفهم بالطوب. وتنتظر أن يقذفوك بالورد…

إن زرعت شوكاً لن تحصدإلاالجراح والألم، وإن زرعت خيراً ستجني منه أطيب الثمر……

اللهم اهدنا وأصلحنا.اللهم اجعلنا ممن طاب ذكرهم، وحسنت سيرتهم، واستمر اجرهم، في حياتهم وبعد رحيلهم.

 

بقلم .. ا.د / ابراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل الحلقية ووكيل كلية الزراعة السابق بجامعة المنوفية


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً