حصريًا: من مكان واحد.. العالم هذا المساء
بقلم لواء دكتور/سامى دنيا

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية – وهي لسان حال السياسة الخارجية في واشنطن – تقريرًا خطيرًا توقّعت فيه أن تشنّ إسرائيل هجومًا جديدًا على إيران قبل نهاية عام 2025. الأخطر من ذلك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجّه خطابًا مباشرًا للشعب الإيراني، متعهّدًا بتقديم المياه عبر تكنولوجيا إعادة التدوير في حال إسقاط النظام هناك، وحاثًا الشعب على الثورة من أجل مستقبل أفضل.
ولمن يتابع المشهد جيدًا، فإن هذا المخطط نفسه كاد يُنفَّذ في مصر لولا تدخل القيادة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. فمشروع سد النهضة – الذي دعمته قوى خارجية – كان يستهدف تعطيش مصر كما يحدث اليوم في إيران. غير أنّ المشروعات المائية العملاقة التي نفّذتها الدولة المصرية أفشلت ذلك المخطط، وإلا لكان نتنياهو يخاطب المصريين اليوم قائلاً: “إذا أردتم شربة ماء، فاطلبوها من إسرائيل!”
القوقاز وأمريكا
في المقابل، يتصاعد التوتر في منطقة القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا، حيث ظهرت الولايات المتحدة بشكل مريب تحت ستار “السلام”. تصريحات علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، كشفت المستور: أمريكا تريد السيطرة على الممر القوقازي لتغيير الجغرافيا وتفتيت المنطقة، مؤكّدًا أن “جنوب القوقاز لن يكون مقبرة إلا لمرتزقة أمريكا”، في إشارة مباشرة إلى تحركات إدارة ترامب في المنطقة.
الولايات المتحدة
اللافت أيضًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدّد بنشر الحرس الوطني في شوارع العاصمة واشنطن لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة، وهو ما يعكس حقيقة أن الجيوش – حتى في الدول الكبرى – هي الحارس الفعلي للأنظمة والدساتير، وأن الحكم الحقيقي في أمريكا لا يخرج عن قبضة البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية.
روسيا
في روسيا، كان المشهد مشحونًا على وقع تحضيرات وزير الخارجية سيرغي لافروف لقمة مرتقبة في ألاسكا بين ترامب وبوتين. وصول لافروف وهو يرتدي قميصًا يحمل شعار الاتحاد السوفيتي السابق كان رسالة قوية بأن روسيا اليوم تطرح نفسها كامتداد لتلك القوة العظمى، لا مجرد وريث لها. وزاد الغموض حين بثّت “إذاعة يوم القيامة” الروسية رسائل مشفّرة غامضة، اعتبرها البعض جزءًا من نظام الاتصالات النووي الروسي المعروف بـ”اليد المميتة”، ما يعكس حساسية اللحظة وارتباطها بمصير العالم.
ألمانيا
وفي ألمانيا، يشهد مرفق السكك الحديدية انهيارًا تامًا؛ القطارات تتأخر بالساعات، الرحلات تُلغى، والموظفون بلا رواتب، فيما تتكبّد الهيئة خسائر بالمليارات. الحكومة الألمانية لم تجد بُدًا من عزل رئيس الهيئة ريتشارد لوتس بعد عشر سنوات من التدهور. وهنا يظهر المفارقة حين تتطلع ألمانيا إلى الاستفادة من تجربة مصر في تطوير سككها الحديدية بقيادة الوزير كامل الوزير، في مشهد عكسي كان يصعب تصديقه قبل سنوات.
الهند وأمريكا – حرب الحليب
أزمة جديدة تلوح في الأفق بين واشنطن ونيودلهي بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 50% على منتجات الألبان الهندية. هذه الرسوم تهدد حياة أكثر من 80 مليون مزارع هندي يعتمدون على إنتاج الحليب، حيث تعد الهند المنتج الأكبر في العالم بما يعادل ربع الإنتاج العالمي. رد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي كان واضحًا: “لن نساوم أبدًا على حقوق المزارعين ومربي الألبان”. فهل يكون البقر بالفعل شرارة حرب اقتصادية جديدة بين الهند وأمريكا؟
مصر – أرض الواقع لا الأوهام
بعيدًا عن أوهام “البقرة الحمراء” و”النبوءات التوراتية”، مصر تتحرك بجدية على الأرض. فقد وقّعت بالأمس عقدًا استثماريًا مع شركة صينية بقيمة مليار دولار لإنشاء أكبر مصنع لإطارات السيارات في المنطقة داخل محور قناة السويس، بطاقة إنتاجية تصل إلى عشرة ملايين إطار سنويًا. مشروع يضع مصر على خريطة الصناعة العالمية ويجعل ميناء العريش أحد أهم الموانئ الإقليمية المستقبلية.
كما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الأوغندي موسيفيني، في زيارة تحمل أبعادًا استراتيجية تتعلق بقضية مياه النيل. الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي وُقّعت مع أوغندا تعيد لمصر دورها القيادي في إفريقيا، حيث يُرتقب مشروع ضخم يربط دول حوض النيل الحبيسة بالبحر المتوسط عبر نهر النيل، لتتحول مصر إلى الميناء الرئيسي لتصدير ثروات إفريقيا إلى العالم.
خلاصة القول
في حين ينشغل العالم بالأزمات المفتعلة، والصراعات على الممرات، وأوهام النبوءات، تتحرك مصر بهدوء وثبات في طريق البناء والتنمية، لتصبح مركزًا صناعيًا وتجاريًا عالميًا، ولتعيد أمجاد دورها القيادي في إفريقيا والمنطقة.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.