أصدرت اللجنة الدولية مؤخرًا التعليقات المُحدَّثة للجنة الدولية على اتفاقية جنيف الثالثة بشأن أسري الحرب عام 1949، مقدمة تحديثًا وتفسيرًا معاصرًا لتدابير الحماية الفعلية الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية الثالثة ، وهذه التعليقات هي آراء اللجنة الدولية وكذلك
مجموعة تضم 50 خبيرًا من خارج اللجنة الدولية، من الجامعيين والممارسين الذين استعرضوا كل التعليقات بصفتهم الشخصية ، حول أحكام اتفاقيات جنيف الثالثة بشأن معاملة أسري الحرب و المعتقلين التي صدرت في العام 1949، ومنذ إقرار هذه الاتفاقية، ونظرًا للأهمية البالغة لأحكامها، انبرت مجموعة من الخبراء القانونيين التابعين للجنة الدولية للصليب الأحمر، الذين شاركوا في صياغة تلك الاتفاقيات وفي المفاوضات التي جرت بشأنها، في كتابة تعليق تفصيلي على كل مادة من مواد الإتفاقية .
وكانت النتيجة هي صدور تعليقات على الاتفاقيات الأربع فيما بين عامي 1952 و1960. وعلى مر السنين، صارت هذه التعليقات مرجعًا رئيسيًّا لتطبيق اتفاقيات جنيف وتفسيرها ، ولكن، وكما تقول اللجنة الدولية، فإنه ومع مرور الوقت وتزايد التحديات على صعيد النزاعات المسلحة وكذلك معضلات حماية أسري الحرب في هذه النزاعات، ظهرت الحاجة إلى تحديث هذه التعليقات من أجل توثيق وتحليل وتفسير التطورات المعاصرة في العمليات القتالية
وكان التعليق الأول على اتفاقية جنيف الثالثة قد صدر في نهاية الخمسينيات ، ويقول خبراء إنه من الطبيعي أن العقود الستة الماضية شهدت الكثير من التطورات في مجال القانون وفي طريقة فهم كيف تُخاض النزاعات المسلحة، وأشكال الحماية اللازمة للأفراد ؛ ولذلك ومنذ العام 2018، شرعت اللجنة الدولية في مباشرة مشروع طموح لتحديث التعليقات التي صدرت في الخمسينيات والستينيات ، حيث صدر في العام الماضي التعليق المحدَّث على اتفاقية جنيف الثالثة.
وتحمي اتفاقية جنيف الثالثة أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأشخاص من فئات محددة ممن يقعون في قبضة العدو في زمن النزاعات المسلحة. وتشدد الاتفاقية بصرامة على أنه لا يجوز معاقبة أسرى الحرب لمجرد مشاركتهم في الأعمال العدائية؛ واحتجازهم ليس عقوبة بل إجراء يُتوخى به الحيلولة دون مشاركتهم في مزيد من الأعمال العدائية .
والاتفاقية تحدد بوضوح عددًا من مبادئ الحماية الأساسية الملزمة التي تنطبق على جميع أسرى الحرب، كوجوب معاملة أسرى الحرب في جميع الأوقات معاملة إنسانية، مع احترام شخوصهم وصون شرفهم، ومعاملتهم على قدم المساواة دون تمييز. وهذه المبادئ تكملها بتفصيل – غير مسبوق وقت صدور الاتفاقية – أحكامٌ تنظم معاملة أسرى الحرب، وتشمل أحكامًا متعلقة ببدء الأسر، وتقديم الاحتياجات الأساسية للسجناء، ونقل السجناء، واستخدام عمل السجناء، وفرض إجراءات تأديبية أو قضائية، والإفراج النهائي عن السجناء وإعادتهم إلى أوطانهم.
لقد تطلَّب تحديث التعليقات على كل مادة من مواد اتفاقية جنيف الثالثة البالغ عددها 143 النظرَ في مجموعة عريضة من المسائل التاريخية والقانونية والعسكرية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، و تضمن تطوير التعليق المحدَّث على اتفاقية جنيف الثالثة جهدًا تعاونيًّا، بإسهامات من محامين تابعين للجنة الدولية للصليب الأحمر ومن خارجها، ومتخصصين ذوي خبرة في موضوعات بعينها بمن في ذلك الأفراد العسكريون وموظفو الحماية المتخصصون في الاحتجاز، والأكاديميون .
وتمثل التعليقات المحدَّثة أداة توجيهية للممارسين الذين عليهم تطبيق اتفاقية جنيف الثالثة وتفسيرها، من الدول عمومًا والدبلوماسيين، وأعضاء القوات المسلحة، وأيضًا واضعي السياسات والأشخاص المعنيين بتحسين فهمهم للقانون الدولي الإنساني ، وتعد التعليقات أداة مفيدة جدًّا تساعد القادة العسكريين، وعناصر الجيش على أن يفهموا بدقة ما ينبغي فعله لاحترام القانون الدولي الإنساني والالتزام به ، وتستهدف اللجنة الدولية نشر هذه التعليقات على أوسع نطاق بين صفوف المقاتلين بهدف تقليل التفسير الخاطئ للاتفاقيات، ومن ثم ضمان حماية أكبر للفئات التي يحميها القانون الدولي الإنساني ، ومنها أسري الحرب .
في ذات السياق ، يُثَمن الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام ، أحد الخبراء المشتركين في إعداد وصياغة هذه التعليقات المشار إليها جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جينيف ، ومكتب اللجنة الإقليمي في القاهرة علي ذلك الجهد الضخم الذي قامت به اللجنة من أجل توفير الحماية القانونية الواجبة لأحد المجموعات الأكثر عُرضة للمخاطر أثناء النزاعات المسلحة وهي أسري الحرب .
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.