في عام 1977م أعلن الرئيس المصري” السادات” أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب بين العرب وإسرائيل، وعلي الرغم من ذلك التصريح لم يكن مفوضًا من الدول العربية الأخرى باتخاذ هذا القرار، وفي خطابه التاريخي أمام (الكنيست الإسرائيلي) نفى أن يسعى إلى سلام منفرد بين مصر وإسرائيل، لكن هذا ما حدث في اتفاقية “كامب ديفيد” التي وقعها مع رئيس الوزراء مناحيم بيجين في 17/9/1978؛ هو سلام منفرد، وأن ما جري في فندق ميناهاوس في الإسماعيلية بدعوة الإتحاد السوفييتي، ومنظمة التحرير بقيادة “ياسر عرفات”، والوفد الأمريكي للمفاوضات كانت مسرحية !!
هل كذب “السادات” حين قال إنه لم يشاور أحدًا من “إخوانه” قادة “لدول العربية” فقد زار كلًا من: السعودية وسوريا ولقي في الدولتين رفضًا حازمًا للفكرة قبل الذهاب إلي القدس حتي قيل إن “حافظ الأسد” كان يريد وضع السادات تحت الإقامة الجبرية في دمشق، ومنعه من السفر للقاهرة، أو تخليه عن الفكرة؛ هل السادات كانت لديه رؤية وقارئًا جيدًا لتوازن القوى بين العرب وإسرائيل، وأدرك أن خروج مصر من “الصراع” سيجعل من المستحيل أن يستطيع العرب الآخرون محاربة إسرائيل ؟!، هل صدق مؤسس الدولة العبرانية (بن جوريون) حين سُئل عام 1955 عن الخطر والتهديد لإسرائيل، وقال لا بد من خروج أولًا: مصر من الصراع العربي الإسرائيلي حتي تستقر، وهذا ما تحقق، هل رفض عبد الناصر اقتراح بعودة سيناء بدون حرب، شرط خروج مصر من الصراع مع إسرائيل ورفض ؟!، والمضحك المبكي في الأمر أن الذين رفضوه، عادوا يتفاوضون مع إسرائيل دون “شروط مسبقة”، وعندما أعلنوا “جبهة الصمود والتصدي” أخفقوا في تعويض غياب مصر؛ لأنهم لم يكونوا مهيئين لحمل هذه المسئولية، ولم يعملوا بجد لتقوية تلك الجبهة !!
لماذا تم تغيير الخطة (جرانييت 1) إلي(جرانييت 2)، من حرب تحرير إلي حرب تحريك ؟!، ما زالت الأسرار مدفونة، وننتظر 3 سنوات قادمة حتي يمر نصف قرن، حتي يتم الإفراج عن الوثائق الرسمية !!
هل صحيح أن المدلك للعلاج الطبيعي في داخل القصر الجمهوري للسادات (علي العطيفي) الذي تم القبض عليه بالخيانة العظمي، وأن مسئولًا مصريًا كبيرًا أبلغ إسرائيل بموعد الحرب وخطتها، كما جاء في تصريح لضابط في جهاز الموساد من قبل، وأكد منذ أيام عن كشف هذه الشخصية ؟!!
مَنْ هذا الجاسوس الذي لم يكن (أشرف مروان)، وكان هذا عميلًا مزدوجًا ؟!؛ اللواء الليثي ناصف هل كان عميلًا، وقُتل في لندن بنفس طريقة أشرف مروان في نفس المدينة ؟!، هل صحيح أن إسرائيل تلقت تحذيرًا من أعلى المستويات، لكنها ظنت أن الأمر خدعة ؟!؛ كما حدث من قبل، وتم استدعاء الاحتياط !!، لماذا لم يتم التنسيق مع الأردن في فتح جبهة مع إسرائيل ؟!، لماذا أصر السادات علي طرد الخبراء السوفييت قبل الحرب ؟!، ما الدور الحقيقي للسيد (هنري كيسنجر) في الحرب والسلم ؟!، وهل نجح في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ؟!، ولماذا غاب دور وزير الحربية المشير أحمد إسماعيل ؟!، وهل كان ضعيف الشخصية أمام السادات في اتخاذ قرارات مصيرية، أثناء سير المعركة ؟!، لماذا أوقف السادات الهجوم مختلفًا مع رئيس الأركان (سعد الدين الشاذلي) ؟!، ولم يستمع إلي رؤية سعد الشاذلي في تطوير الهجوم في الأيام الأولي للحرب، والوصول إلي المضايق، لطبيعة الأرض المرتفعة من هضاب، وعدم الموافقة عن وقف أطلاق النار، وفك الاشتباك الأول والثاني الذي ترتب عليه فتح الجبهة السورية، أمام الضغط الإسرائيلي !!
الفريق الشاذلي كان يطالب تطويل مدة المعركة لنزف القوة الإسرائيلية من الحصار البحري والجوي؛ بسبب المعركة هل كان السادات يريدها حرب “تحريك” لا حرب “تحرير” ؟!، وما حكاية “ثغرة الدفرسوار” التي قال عنها السادات حينها إنها “شوية دبابات وحنطلع نصيدها” ؟!، هل كانت نتيجة تدخله في سير المعركة، وإصدار الأوامر بعيدًا عن رئيس الأركان، وفي غياب دور وزير الحربية ؟!، لماذا تدفقت القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة، وإذ بنا نجد الجيش المصري الثالث محاصرًا ومهددًا بالفناء جوعًا ؟!، هل السادات هو المسئول عن ذلك كما جاء في شهادة الفريق الشاذلي ومذكراته عن الحرب ؟!، مازلنا حتى الآن لا نفهم ما حدث، ربما بعد عامين حين تكمل عامها الخمسين يتم الإفراج عن الوثائق، ونقرأ دراسات جدية مفصلة عن أسرار هذه الحرب، وربما إذا توافر قدر من الحرية والديموقراطية يسمح للباحثين بالتخلي عن الخوف المزمن !!
ما يحدث الآن من عمليات إرهابية في المنطقة (ج) من رأس رفح إلي طابا بطول 100 كم هي نتيجة لمعاهدة كامب ديفيد التي تركت منطقة رخوية بعيدة عن التواجد الأمني المصري المحدود عبر سنوات، بسبب القيود المبرمة في الاتفاقية، ورغم ما يطلق من أن مصر البلد العربي الاول الذي فتح المجال للعرب بالتطبيع والسفر، ترك قضية شائكة لحوالي 30 /ألف شاب تم إسقاط الجنسية عنهم، بسبب زواجهم من إسرائيليات معظمهم من عرب 48/ يحملون الجنسية الإسرائيلية، ولم يستطعوا استرداد الجنسية المصرية حتي الآن، إن الجيل الثاني من أبناء هؤلاء سوف يشكل مشكلة في المستقبل القريب !!
وأخيرًا من قتل السادات ؟!، ولماذا لم يُحاكم اللواء نبوي إسماعيل وزير الداخلية بعد وصول خطاب من مصدر أمنى بعملية اغتيال في العرض العسكري ؟!، ولماذا لم يُطلب من السادات الإنصراف من العرض ؟!، وهذا باعتراف الوزير في برنامج “الحقيقة”، الذي كان يقدمه سابقًا الإعلامي وائل الإبراشي؛ ولماذا لم يتم اتخاذ قرار بإلغاء العرض العسكري بعد زيارة السادات إلي مدينة المنصورة، واكتشاف محاولة اغتياله، هناك علامات استفهام كثيرة ؟!! ننتظر أن يُكشف عنها !!!
لكن هذا كله لا ينفي أن ما تحقق في أكتوبر كان شيئًا عظيمًا، فهل بالإمكان استعادة تلك الروح؛ روح أكتوبر ؟!؛ جاهد العرب حق الجهاد “بأموالهم وأنفسهم”، فهل نتوقع مثل هذا يومًا، ووصول العرب إلى ذروة من التضامن لم تتحقق من قبل ولا من بعد !!!
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.