الحلقة 47 : امرأة يحسدها العالم كله
كانت متعبة.
كانت حقا فتقبة.
لسنوات عديدة قدمت التضحيات في سبيل ال كارم وشركة كارم إخوان
للشؤون اللوجستية.
تولت دائما الأعمال التي يتهرب منها الآخرون.
ولطالما ألقي عليها اللوم عندما يُخطئ الآخرون.
لسنوات عديدة كانت أكثر موظفة مجتهدة في الشركة ونفذت مهامها على
أكمل وجه. كل ما أرادت الحصول عليه هو الثناء من جدها والقبول من عائلتها.
أرادت أن ثري عائلتها نتائج عملها الشاق وتجعلهم يتأشفون على أفعالهم.
لكن في النهاية، على ماذا حصلت؟
بعد سنوات من العبودية لصالح الشركة، كان جزاؤها أن تعامل معاملة الحمقى.
وأن تتحول إلى كيس ملاكمة يلكمه الجميع جزاء طبيعتها المتسامحة.
رغم كل ما بذلته من جهد، ظلت المنبوذة في عائلة آل كارم.
في اجتماعات العائلة لطالما تقضدتها يارا وعائلتها. يمكن لأي أحمق أن يلاحظ
ذلك. لكن لم يتصدى ولا واحد من أقاربها للدفاع عنها.
لم تستطع كاميليا فهم السبب وراء عدائهم.
هل يُعقل أن يكون السبب لأن زوجها عديم الفائدة؟
هل يمكن أن يكون السبب لأن فارس هو صهر منزل بدون خلفية عائلية جيدة؟
أم لأن فارس لا سلطة لديه أو ثروة؟
شعرت بالظلم واحمرت عيناها.
فيما مضى كانت كاميليا عنيدة كلما انتقدتها يارا ترد عليها. وظلت مع الشركة
رغم جهود يارا لطردها.
أما الآن، فقد نال منها الإرهاق.
قررت الانسحاب من
المنافسة مع يارا.
“سوف تغادرين؟”.
“ما الذي يضطرك للمغادرة؟”.
تحولت ملامح فارس إلى البرود: إن غادرت الآن، فأنت فقط تتماشين مع
أهواءهم وتسهلين الأمور عليهم”.
من بين الخيارات التي أخذها فارس بعين الاعتبار السماح لزوجته بمغادرة آل
کارم وأن تصبح مستقلة.
لكن كاميليا هي : زوجة فارس شداد لن يسمح لآل كارم بأن يتخلصوا منها
متبوعة بالشخرية والإهانة. عندما تغادر سوف تغادر معزّزة مكرمة.
“ماذا أستطيع أن أفعل غير ذلك؟”.
“سوف يتعين علي أن أغادر في النهاية. بعد ثلاثة أيام، سوف يطردونني عندما
أعجز تأمين قرض من البنك”.
التصنيف الائتماني لشركة كارم إخوان للشؤون اللوجستية منخفض جدًا. لا
يمكن أن يقرضنا البنك أية أموال”.
هزت كاميليا رأسها. لم ترغب في ترك العائلة في مثل هذه الحالة المؤسفة، لكن
لم يبق خيار آخر.
مهمة التفاوض على القرض مسعى عقيم.
“من قال هذا؟”.
بابتسامة باردة على وجهه التقط فارس الهاتف واتصل برقم المعلم كارم.
“جدي، طلبت مني كاميليا أن أخبرك بهذا لا تحتاج إلى ثلاثة أيام. سوف
تحضر لك عقد القرض هذه الليلة. كل الذين سخروا منها عليهم أن ينتظروها
في منزل العائلة”.
ماذا؟
فارس، هل أنت مجنون؟ ما الذي تتحدث عنه؟”.
شخب لون كاميليا عند سماع كلماته وهرعت لتخطف الهاتف من يده. لكن بعد
فوات الأوان. لقد انتهت المكالمة.
“كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا الهراء؟”.
“إطلاق وعد فارغ مثل هذا لن يزيدني إلا إحراجاً”.
امتلأت عينا كاميليا بالغضب وهي تصرخ في وجه زوجها.
إلا فارس لم يبزر تصرفه وقادها إلى الطابق السفلي.
“كاميليا تقي
“سوف أتدبر كل الأمور”.
كانت كلمات فارس واثقة ولها وقع قوي.
لم يظل الأمر حتى غادر فارس وكاميليا المنزل وزكبا سيارة أجرة.
بعد نصف ساعة.
وقف الزوجان خارج بنك الاستثمار.
“فارس، توقف. لقد انتهت ساعات العمل لن يوافق أحد على مقابلتنا”.
ثم إن بنك الاستثمار مؤسسة راقية لا يتعاملون بالقروض دون مئة مليون،
ويتعاملون فقط مع أفضل خمسمائة شركة في العالم”.
“إن دخلنا، فلن تجلب لأنفسنا . سوی
الإحراج”.
” فلنعد. أسوأ ما قد يحصل هو أن تضحك عائلتي علي. لقد اعتدت على ذلك”.
خارج بنك الاستثمار، استمرت كاميليا في سحب فارس؛ تُحاول إقناعه
بالمغادرة محاولة الحصول على قرض من البنك محاولة يائسة. وعلى أية حال،
لقد اعتادت على سخرية عائلتها.
إلا فارس ظل هادئًا. “كاميليا لا تقلقي. فقط انتظري هنا”.
عندما رأت كاميليا أن زوجها عازم على الاستمرار في التصنع غضبت وتحدثت
معة: “أنتظرُ ماذا؟ البنك مغلق حتى لو عاملوك معاملة الأشخاص فائقي
الأهمية، فلا يوجد أحد لاستقبالك. مع من ستتفاوض؟ فلنعد إلى المنزل. توقف
عن مضايقتي أنا أصلا في مزاج سيء .
رئ فارس بابتسامة، ” من قال لك إن البنك مغلق؟ انظري، إنه مفتوح الآن.
في الحال بعد أن قال فارس ذلك، أضاء زواق البنك المظلم.
بعد وقت قصير من تشغيل الأضواء، ظهر عدد من موظفي البنك فجأة أمامهم
وانحنوا سيدي، يرجى الانتظار في الطابق العلوي. سوف تكون السيدة نحاس
هنا قريبا”.
أجاب فارس بكلمة نعم ،واحدة وتبع الموظفين إلى الطابق العلوي.
إلا أن كاميليا تسمرت مكانها، ونظرت إلى أبواب البنك كما لو أنها قد رأت شبحًا
للتو.
ماذا … ماذا …
هل فتحوا أبوابهم حقا؟
هل يمكن أن تكون هذه صدفة؟
واصلت كاميليا التحديق عاجزة عنا التصديق.
بعد عدة دقائق، عاد فارس
ادخلي. السيدة نحاس في انتظارك. لقد انتهينا من التحدث. الآن ما عليك إلا
أن توقعي العقد”.
ماذا؟
“هل حقاء”.
بهذه السرعة؟”.
حدقت كاميليا في زوجها بذهول : “فارس، هل تكذب علي؟”.
هل يمكن التفاوض على عقد قرض بقيمة عشرات الملايين في مثل هذا الوقت
قصير؟
ماذا
عن
التأكد من الأهلية؟ ماذا عن التصنيف الائتماني؟
وتقرير الأداء؟
هدرت كاميليا غاضبة: “فارس، أنت معتوه. لا بد أنك تكذب علي”.
هز فارس كنفيه وابتسم بمرح. سواء كانت كذبة أم لا، عليك فقط أن تدخلي
لتعرفي”.
غرفة استقبال الضيوف فائقي الأهمية.
جلست نوارة في الغرفة؛ بدت أنيقة ونبيلة في بدلتها النسائية الرسمية
القصيرة.
“هذا عقد اقتراض بقيمة عشرين مليون. فقط وقعي هنا وسوف نحول لكِ
الأموال غذا”.
“إضافة إلى هذا، أود أن أعرض عليك أيضا عقد تأمين مستلزمات. أريد من
شركة كارم إخوان للشؤون اللوجستية أن تكون مسؤولة عن توريد البضائع لنا.
أعلم أنك لا تستطيعين اتخاذ هذا القرار بنفسك، لذلك لماذا لا تعودين بهذا إلى
شركتك ثم تقررين؟ إن لم يكن لديكم مشكلة في ذلك فسوف نعقد اجتماعا بعد
ثلاثة أيام في مقهى نصف القمر الواقع في المنطقة الغربية. سوف أكون
بانتظارك”.
“صدقيني، عائلتك لن ترفض هذا العقد”.
” أتطلع شوقا للعمل معك!”.
طيلة الاجتماع، لم تنطق كاميليا بكلمة واحدة.
وذلك لأنها تجمدت مكانها عندما علمت من هي نوارة نحاس.
نوارة نحاس هي المديرة العامة لبنك الاستثمار وأكبر حيتان الأموال في مدينة
نصر. لم تستطع كاميليا استيعاب أن شخصية مثل هذه تستقبلها شخصيا
وتتحدث معها في أمور الأعمال!
لم يستغرق الاجتماع وقتا طويلا. تطرقت نوارة إلى الموضوع مباشرة. ثم
أخذت تنظر إلى كاميليا بفضول وهي تجلس على الأريكة.
بعد وقت طويل من التأمل هزّت نوارة رأسها وابتسمت.
“لأكون صريحة معك، سيدة كارم، ينتابني الفضول؛ ما الشيء الذي يُميزك
وكيف استطعت أن تجذبي رجلًا مثله؟”.
استغربت كاميليا لم تعرف عمن تتحدث نوارة. “ها؟”.
ابتسمت نوارة ابتسامة خفيفة: ” لا شيء. أنا فقط أهنئك. سيدة كارم، أنت مثاز
حسد جميع نساء العالم، بمن فيهم أنا”.
لم تزد كلمات نوارة كاميليا إلا تشويشا.
ظلت كاميليا مشؤشة، حتى بعد أن غادرت البنك.
“أوه، هل أنت على معرفة بالسيدة نحاس؟”.
أوماً فارس: “نعم نحن على معرفة أسديث لها خدمة فيما مضى، ولذلك هي
ترد إلي الجميل اليوم”.
ازداد فضول كاميليا: “أمم؟ كيف التقيتما؟”. ظلت كاميليا أنه لا يمكن لمثل
فارس ونقارة أن يلتقيا لأنهما ينتميان إلى عوالم مختلفة.
إلا أن فارس التف حول السؤال بدلا من الإجابة. “حسنا، سوف نتحدث بهذا
الخصوص في وقت آخر علينا الآن أن نعود إلى منزل العائلة. ألا تريدين رؤية
ملامح وجوههم وأنت تظهرين لهم عقد القرض؟”.
“اتحرق شوقا لذلك”.
متابعة حلقات الرواية
الانتقام عدالة قاسية ولو بعد حين
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.