الحلقة 49 : عقد قيم

0

ذهلت يارا وصعب عليها تصديق كلام ابنة عمها.
“كيف حصل هذا؟ لم تمض سوى عدة ساعات فقط منذ آخر اجتماع لعائلتنا”.
“كيف حصلت على موافقة القرض بهذه السرعة؟”.
“والسيدة نحاس هي من وافقت على القرض بنفسها؟ لكن كيف يمكن ذلك؟”.
بقية أفراد آل كارم ضعقوا من الدهشة أيضا حتى الآن يصعب عليهم تقبل
الحقيقة الماثلة أمامهم.
نظرت كاميليا إلى تعابير الحيرة على وجوههم فتنهدت وقالت: “قد أكون كاذبة
وقد يكون العقد مزوزا، لكن ماذا عن الخمسين مليونا في حساب الشركة؟ هل
أستطيع تلفيق ذلك أيضا؟”.
امتلأت عيناها بالسخرية وهي تسائل أقاربها.
لم يستطع أحد منهم الإجابة على سؤالها.
في النهاية، الحقيقة هي تمامًا كما قالت كاميليا. لقد خؤلت خمسون مليونا إلى

حساب الشركة فعلا. لذلك، فالعقد غير مزور.
إلا أن يارا استمرت في تكذيب ابنة عمها ابتسمت بیرود وقالت: “كاميليا، لا
تغتزي بنفسك كثيرا. لعله زوجي هو من اتصل ببنك الاستثمار، وضمن لنا
القرض. لقد حالفتك الصدفة وحسب”.
“نعم نعم نعم هذا ممكن جدا.
” في عائلتنا، فقط سامي لديه مثل هذه القدرة والنفوذ. زوجك مجرد صهر
كما تعلمين حوت الأموال
منزل، فما الذي يدفع السيدة نحاس للقائك
الأول في مدينة نصر؟”.
وهي
رأى باقي أفراد عائلة كارم أن تفسير يارا معقول، فبدأوا يعبرون عن توافقهم
معها واحدا تلو الآخر.
كادت كاميليا أن تصاب بسكتة قلبية عندما سمعت كذبة ابنة عمها.
فارس هو الذي استخدم علاقته مع نوارة للحصول على الموافقة على القرض،
لكن الآن، وبلا ذرة حياء، تنسب يارا الفضل لزوجها في ذلك.
إلا أن كاميليا ليست غبية ردت عليها فوزا: “أها؟” بما أنك تظنن أن هذا بتدبير
من سامي، فلماذا لا تتصلين به الآن؟ اسأليه عن الأمر وسوف تظهر الحقيقة”.
“حسنا، سوف أسأله. لكن بمجرد أن يتبين أنه هو من فعل ذلك، أتساءل كيف
سوف تنتهي هذه المسرحية؟”. دون أن تعطي ابنة عمها فرصة للرد، اتصلت يارا
برقم سامي من هاتفها وفعلت مكبر الصوت.
بمجرد أن فتحت المكالمة، أصبحت يارا المستأسدة كالقطة الأليفة: “عزيزي
معك يارا”.
هذا النوع من التمثيل أزعج كاميليا أكثر.
هفف، دعينا نرى كيف سوف تستمرين بهذا التمثيل.
لم يعلم سامي أنه في مكالمة جماعية، لذلك لم يضبط كلامه: “ما الأمر يارا؟
هل اشتقت إلي مرة أخرى؟ الليلة الماضية.. “..
احمرت يارا وقاطعت زوجها على عجل. “حسنا، توقف عن هذا الهراء. أنت في
مكالمة جماعية جذي والآخرون يستمعون. دعنا نتحدث عن العمل”.
“حبيبي دعني أسألك هل اتصلت ببنك الاستثمار وأقنعت السيدة نحاس
بمنحنا القرض؟”.
تجمد سامي آل شداد من الدهشة: “أي” سيدة نحاس؟ وأي قرض؟”.
انقبض قلب يارا: “المديرة العامة لبنك الاستثمار. المليارديرة الأغنى في
مدينتنا، السيدة نوارة نحاس”.
“واو هي؟ إنها من نخبة النخبة في مدينة نصر. لا سبيل لي إلى معرفتها، أليس
كذلك؟”.
سألت يارا بعناد: ” ماذا عن والدك ووالدتك ؟ هل يعرفونها؟ هل طلبت منهم
المساعدة؟”.
رغم أن سامي يحب الثرثرة إلا أنه لم يجرؤ على ادعاء وجود معرفة بينه وبين
نوارة: “إنه لأمر مؤسف، لكن حتى والدي لا يعرفونها، نوارة من النخب الكبار.
إنها تعيش في مستوى مختلف تماما عن ذلك الذي نعيش فيه. فقط شخص
مثل السيد حامد سليمان يستطيع الاقتراب منها”.
نعم نوارة قوية لهذه الدرجة.
“حسنا، سوف أنهي المكالمة”.
عندما أنهت يارا المكالمة، كان وجهها قد تحول إلى لون أخضر مرضي لم يبق
لفرورها أثر، ولم تجرؤ على إضافة كلمة أخرى.
تنهدت كاميليا وسألت: “يارا، ماذا الآن؟ هل لديك شيء آخر لإضافته؟”.
عندها فقط، انفجر المعلم كارم ضاحكا.
“أحسنت”.
“كاميليا، لقد قمت بعمل جيد. لم تخيبي ظني .
“كمكافأة لك، ابتداء من هذا الشهر، سوف تتقاضين ثلاثة أضعاف راتبك”.
ماذا؟
ثلاثة أضعاف !
عندما سمع باقي أفراد عائلة كارم ،ذلك تغيرت ملامح وجوههم من
الحسد.
أجابت كاميليا بابتسامة: “شكرًا جدي”. أخيرًا، للمرة الأولى منذ سنوات عديدة،
سمعت إشادة من جدها.
شعرت يارا بسوء شديد لكها لم تستطع إلا أن تتذمر بصوت منخفض: “ههه
لست سوى تافهة مفتزة. وإن حصلت على ثلاثة أضعاف الراتب؟ سوف تبقين
فقيرة ولا تقارنين بثروة زوجي”.
بعد ذلك، صدح صوت كاميليا في القاعة مرة أخرى.
“أوه قبل أن أنسى جدي، لا زالت لدي مسألة أخرى لمناقشتها معك. لم أتفاوض
فقط على عقد القرض مع السيدة نحاس ترغب السيدة نحاس، نيابة عن
مجموعة الاستثمار بتأمين مستلزمات لوجستية بقيمة خمسين مليون عن
طريقنا. لكن لأنها صفقة ضخمة لم أقبلها بمفردي جلبت العقد معي إلى هنا.
أرجو أن تطلع عليه يا جذي. وإن رأيت أنه لا مشكلة فيه، فبإمكاني ترتيب
موعد مع السيدة نحاس لتوقيع العقد”.
في اللحظة التي انتهت فيها من كلامها ساد صمت مطبق في قاعة الاجتماع.
ساد الصمت لدرجة أنه يمكن سماع صوت دبوس إن سقط على الأرض.
مرة أخرى، تسمر أفراد عائلة كارم مكانهم عاجزين عن استيعاب ما سمعوا.
ارتجف رئيس شركة كارم إخوان للشؤون اللوجستية، سمير
کاميليا كما لو أنها شبح
مما
سمع، ونظر إلى
“ما…ماذا قلت؟”.
رجاء كرري ما قلتيه للتو؟”.
“كم….كم قيمة الطلبية؟”.
ارتعش وجه المعلم كارم لا إراديا وهو يحدق في حفيدته “كاميليا، هل … لعلك
أضفت صفرًا آخر بالخطأ؟”.
ماذا تعني طلبية بقيمة خمسين مليون لشركة كارم إخوان للشؤون اللوجستية؟
طيلة العام الماضي، مجموع جميع الطلبات التي تلقتها شركة كارم إخوان
للشؤون اللوجستية لم تتجاوز قيمتها عدة ملايين فقط.
وفي الآونة الأخيرة، أصبح مجال الشؤون اللوجستية تنافسيا للغاية. شركة
صغيرة مثل كارم إخوان للشؤون اللوجستية يجب أن تضغط نفسها كثيرا
لتأمين طلبية لا تتجاوز قيمتها مليون واحد الطلبيات التي تبلغ قيمتها أكثر من
عشرة ملايين تعتبر عقدًا فيما للغاية!
لكن كاميليا أخبرتهم للتو بأن عقد الطلبية الخاص بها بقيمة خمسين مليون.
” اللعنة”.
تنهد أفراد عائلة كارم بأريحية: “حتى لو بعنا شركة كارم إخوان للشؤون
اللوجستية فإنها لا تساوي هذا المبلغ، أليس كذلك؟”.
أما بالنسبة ليارا، فلم تصدق ابنة عمها مطلقا. “كاميليا ، أنت تتمادين في مزحتك
كنيزا”.
إلا أن كاميليا تجاهلتها وسلمت العقد للمعلم كارم.
ظل الرجل العجوز يرتجف وهو يقلب الوثائق في النهاية، اضطر إلى طلب
مساعدة ابنه الأكبر للتحقق من صحة العقد.
” لا مشكلة في
العقد”.
“يبدو الختم أصليا”.
حتى الآن، لا يزال سمير يظن أن الأمر كله مجرد شيء رائع جدا لدرجة أنه لا
يصدق. “هل يعقل أن يكون هذا حقيقيا؟”.
في النهاية، بعد أن قضوا نصف ساعة في دراسة العقد، تأكد كل من سمير
ووالده من صحة الوثائق واندلع المعلم كارم في ضحك مرة أخرى.
“هاهاها”.
“كاميليا، أحسنت عمل رائع حقا !”.
“شكرًا لك لأنك حصلت على هذا العقد لعائلتنا”.
ابتداء من الآن كاميليا سوف تئولين منصب مديرة المشروع. سوف تحصلين
على سيارة من الشركة وسوف تكونين مسؤولة تماما عن جميع المفاوضات مع
مجموعة الاستثمار”.
احرصي على عدم ارتكاب أي خطأ وابذلي قصارى جهدك لتوقيع العقد”.
“مصير شركة كارم إخوان للشؤون اللوجستية ونموها بشكل أكبر يعتمد عليك
الآن”.
ترددت ضحكة المعلم كارم السعيدة في أرجاء القاعة.
في تلك اللحظة، شعرت كاميليا بأن سعادتها جاءت بشكل مفاجئ جذا. ارتسمت
ابتسامة على وجهها وامتلأت عيناها بالسعادة “شكرًا جدي شكرًا لك على
إعطائي هذه الفرصة لإثبات نفسي. أعدك أني لن أخيب ظنك”.
بعد أن حصلت على مكافأة جهودها شعرت كاميليا بأن كل شيء على ما يرام
في هذا العالم.
في نظرها، امتلأت السماء السوداء المظلمة فجأة بالعديد من الألوان الجميلة.
في هذه الأثناء، توقدت يارا بالغيرة والحقد تحولت عيناها إلى الأحمر
وانقبضت راحتا يديها.
تنهذ أفراد عائلة كارم داخليا عندما فكروا كيف انقلب حظ كاميليا هكذا فجأة.
طيلة هذه السنوات كانت دائما الضعيفة في عائلتهم، لذلك كان ارتفاع مكانتها
بينهم مفاجأة غير متوقعة.
“فارس شكرًا لك”. ارتسمت ابتسامة سعيدة ومذهلة على وجه كاميليا وهي
تتجول في الشارع المضاء بضوء القمر مع زوجها.
في هذه الأثناء، أخذ فارس ينظر إلى سماء الليلي ويداه خلف ظهره. “لا تكفي
الكلمات للتعبير عن الامتنان، أتوقع شيئا عمليا”.
وغذته كاميليا بسعادة: “حسنا، ماذا تريد؟ أعلمني به وسوف أعطيه لك”.
“حسنا، أنت قلتها. في هذه الليلة دعينا نعمل معا نحو تكاثر البشرية”.
كاميليا: “….. “.
“اغرب عن وجهي”.


متابعة حلقات الرواية

الانتقام عدالة قاسية ولو بعد حين


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً