الحلقة 56 : حاكم هذه الحقبة

0

قبل أن يتسنى له الصراخ حتى، فقد عزام وعيه من قوة الضربة.
أرعب هذا المشهد جميع الموجودين الحانة.
الزبائن والندل الذين راقبوا عن بعد أصيبوا بالذهول جميعًا.
الجميلة ذات الشعر الطويل على وجه الخصوص غمرتها الدهشة مما رأت للتو،
ولم تستطع إلا أن تحدق في فارس بعينين متسعتين.
قوي!
قوي –
جدا !
مشاهدة القتال الذي حدث قبل قليل كانت كفشاهدة مقطع من فيلم سينمائي.
لم تظن أبدًا أن شخصا رائغا كهذا قد يكون موجودًا في الحقيقة، وأنه سوف
يتقدم لخطبتها.
كما يقال، البطل الحقيقي لا يتفاخر، ومن يتفاخر ليس ببطل حقيقي.

 

فهمت الجميلة ذات الشعر الطويل أخيرًا لماذا ارتدى الشاب الواقف أمامها
ملابس أقل من عادية. لأنه هكذا بالضبط يتصرف من ينتمي إلى النخبة حقا.
أيضا، من عندة مثل هذه المهارات فلن يحتاج المال أبدًا.
سمعت من قبل أن من يعمل حارسًا شخصيًا عند أحد من كبار الحيتان في
أردنار العظمى قد يكسب عشرة ملايين سنويًا. حتى لو اختار فارس ألا يكون
حارشا شخصيا، فمثله يستطيع أن يعمل لصالح القوات الخاصة ويحصل على
ميزات كبيرة جدا؟
ربما هو حقا أحد حراس كبار الحيتان ويكسب عشرة ملايين سنويا .
لذلك استطاع البقاء هادئا عندما سمعني أذكر شرط أن يكون الراتب السنوي
نصف مليون.
لذلك اكتفى بالابتسام عندما طلبت سيارة فارهة.
إذا مهاراته هي من يدعمه.
عندما وصلت إلى هذا الاستنتاج، احمرت الجميلة ذات الشعر الطويل من
الإثارة. تجاهلت الكدمة على وجهها، وطاردت فارس.
“أرجوك لا تذهب! إن رضيت بي کزوجة لك، فأنا مستعدة لسحب الشروط التي
ذكرتها سابقا”.
“أه أرجوك لا تذهب”.
“أريدك أن تصبح زوجي”.
نادت ذات الشعر الطويل ،فارس، إلا أن النادل في الحانة ذكرها أنه رجل متزوج.
“وإن كان متزوجا؟ أنا أرضى أن أكون عشيقته. إنه ماهر جدا، لذلك فمن
المرجح أنه يكسب الكثير من المال -“.
بملامح متعجرفة على وجهها واصلت المرأة ذات الشعر الطويل الصراخ وراء
فارس لكنه تجاهلها واختفى سريعا في ظلمة الليل امتلأت المرأة بالحسرة. لو
لم يكن لسانها سليطا إلى هذه الدرجة لو أنها عاملته بطريقة أفضل قليلا.
وصل صوت كاميليا المنزعج من الطرف الآخر للهاتف : “ماذا؟”.
” لا زلت تنسكع حول محطة الحافلات؟”.
” يا إلهي ! ماذا فعلت طيلة هذا الوقت؟ هل تحتاج إلى أن آتي لأقلك؟”.
رفض فارس عرضها وطلب منها أن ترسل موقعها إلى هاتفه وسوف يأتي
بنفسه.
سرعان ما وصل فارس إلى العنوان نزلت كاميليا لاستقباله.
سألت كاميليا بغضب: أين” كرتونة الحليب التي جلبتها لجدتي؟”.
لم يكن لدى فارس خيار سوى أن يبتسم مازحًا ويشرح كيف تعرض للسرقة في
طريقه إلى منزلها. والسرقة، كما شرح كانت أيضا السبب في تأخره.
لم أعد أعرف ماذا يجب أن أقول لك!.
“كيف لرجل ناضج مثلك أن يتعرض للسرقة؟”.
انزعجت كاميليا وقالت: “لماذا تزوجتك أصلا؟”.
رأت أن زوجها مجرد ضعيف الشخصية.
رئ فارس بهمس: “ربما تزوجتني لجمالي”.
التفتت
ورمقته بنظراتها: “ماذا قلت؟”.
“لا شيء، قلت “أنا آسف”. علم فارس أنه مخطئ فاعترف بذنبه واعتذر.
لم تستمر كاميليا في لومه أكثر من ذلك وأخذته للطابق الغلوي: “هذا يكفي.
سوف نشتري الحليب لاحقا. دعنا نذهب لمقابلة أخوالي وخالاتي”.
في الشقة، لا زالت زوجة الخال تُحضر العشاء في تلك اللحظة، جلس تامر على
الأريكة وتحذث مع رجل أربعيني شاهدا برنامجا تلفزيونيا وهما يتبادلان
الأحاديث.
الرجل الأربعيني هو هاني حديد، أحد أخوال كاميليا.
عندما وقعت غينا هاني حديد على ابنة أخته بدأ يحثها على مرافقة تامر.
“كاميليا، أين كنت ؟ تعالي بسرعة واجلسي مع تامر”.
تامر رجل مشغول جذا اضطر لأخذ إجازة من العمل ليقلك”.
عبس هاني عندما رأى فارس واقفا خلف ابنة أخته: “مم، لماذا أحضرته معلي؟”.
لأن هاني أكبر سنا تعين على فارس أن يقدم التحية باحترام: “مرحبا خالي؟
كيف حالك؟ جنت مع كاميليا لزيارتك أنت وخالتي”.
“همف”.
تأفف هاني ببرود وتجاهل فارس ثم التفت لينظر إلى ابنة أخته.
“كاميليا، لماذا لا تزالين واقفة مكانك؟ تعالي واجلسي مع تامر”.
لم تجرؤ كاميليا على عصيان أوامر هاني حديد. “حسناً”.
لطالما خافت من خالها منذ أن كانت طفلة. لذلك، نادرًا ما عصت كاميليا أوامر
هائي
هذا هو سبب طلب هاجر من كاميليا زيارة العزيزية بمناسبة عيد ميلاد جدتها.
أرادت أن يُقنع هاني ابنتها بالطلاق من فارس.
بعد
. أن جلست كاميليا بجوار تامر، نظر هاني إلى فارس وقال بجدية، “تعال
معمر
ألقى فارس نظرة على زوجته قبل أن يتبع هاني إلى الغرفة أخرى.
لم يجلس هاني. وقف أمام الشرفة ونظر إلى خارج النافذة، ويداه خلف ظهره.
ثم سأل فارس “ما رأيك في كاميليا؟”.
تحدث فارس بهدوء ولامبالاة وهو يقف خلف هاني: “إنها امرأة ممتازة
وتستحق كل ما هو أفضل في هذا العالم”.
عندما
سمع هاني هذا، انفجر ضاحكا . “تظر حقا أنها تستحق أفضل ما في هذا
العالم؟ حسنا، دعني أسألك ماذا ترى عندما تنظر خارج النافذة؟”.
ألقى فارس نظرة خارج النافذة. رأى أمامة منظر العزيزية الخلاب ليلا. صمت
طويلا قبل أن يرد أرى ناطحات سحاب تخترق السماء، أرى صخب وثراء
العزيزية، الأضواء والفرح في المدينة وهوس الناس بالبذخ”.
استمع هاني إلى إجابة فارس واندلع ضاحكا مرة أخرى. “نعم، العزيزية هي
أغنى مدينة في مقاطعة المقطم بأسرها. في كل مرة أنظر فيها إلى المدينة ليلا،
لا أستطيع إلا أن أشعر بالتفاهة والذئب لم أتمكن من جعل زوجتي وابنتي
تتربعان على قمة العزيزية”.
استمع فارس بصمت ولم يقل ولا كلمة.
واصل هاني التساؤل هل تظن أن كاميليا تستحق كل الأشياء الجيدة التي قد
تمنحها العزيزية؟”.
“طبعا”.
التفت هاني ونظر إلى فارس: وهل أنت قادر على تقديم تلك الأشياء لها؟”.
عبس فارس وقال: “ما الذي تحاول قوله، خالي؟”.
ضحك هاني قائلا، “أوه، لا شيء، سوى أنني أظن أنك لست جديزا بكاميليا.
زواجكما كان مجرد مسرحية منذ البداية. أظن أنه آن الأوان للنهي هذه
المسرحية”.
سأل فارس: “أي نوع من الرجال تظن أنه يستحق كاميليا؟ هل هو شخص مثل
تامر؟”.
“أوه، ألا تظن ذلك أيضا؟”.
والد تامر يدير مجموعة باندا، وعائلته تمتلك ثروة لا يمكن تصورها. أطول
مبنى في العزيزية بنتة عائلته بالإضافة إلى ذلك، تامر شاب بمستقبل واعد. لم
يتخرج من جامعة مشهورة وحسب، بل هو أيضًا رئيس شركته وأحد صناع
القرار فيها”.
“إن تزوجته كاميليا فلن تضمن لها مكانا في هذه المدينة الغنية وحسب، بل
ستصبح أيضًا عضوًا في المجتمع الراقي. سوف تتربع هي وتامر على قمة
العزيزية وسوف تصبح امرأة يحسدها الجميع”.
امتلأت كلماته الثقيلة بالسخرية من فارس وازدرائه: “هذه أشياء يستطيع تامر
منحها إياها بسهولة. أما أنت فلن تستطيع ذلك ولو أفنيت عمرك في المحاولة”.
عندما انتهى من الكلام، عاد هاني للوقوف ويداه خلف ظهره.
” هكذا إذا؟ لكن هل تعلم؟ الأمور التي ذكرتها للتو لا تعني شيئا في نظري لو
شئت، فأنا أستطيع أن أمنح العزيزية كلها لكاميليا، وليس جزءا منها فقط”.
انفجر هاني من فوره: “يا لك من متعجرف أنت مجرد صهر منزل. كيف
ستمنحها أي شيء؟ بالكلام فقط؟”.
“أنت أحمق تمامًا”.
تأفف هاني ببرود واندفع مغادرا الغرفة.
بقي فارس وحده في المكان وقف بجانب النافذة ونظر إلى بريق وسحر
المدينة.
ريما في عينيك، العزيزية مدينة غنية، وأن تصبح عضوا في المجتمع الراقي هو
هدف جدير بالسعي إليه.
لكن هل تعلم؟ في نظري العزيزية كلها، بل حتى المقطم بأسرها لا تعني شيئا.
امرأتي تستحق أن تمسك العالم بأسره في يديها.
ذلك لأني فارس السماوي شداد، حاكم هذه الحقبة!


متابعة حلقات الرواية

الانتقام عدالة قاسية ولو بعد حين


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً