إجتماعياتدين

فرنسا: حظر الحجاب في الرياضة انتهاك لحقوق الإنسان وتمييز ضد النساء والفتيات المسلمات

قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على المشرّعين الفرنسيين رفض مشروع قانون تمييزي يحظر ارتداء الملابس والرموز “الدينية ظاهريًّا” خلال المسابقات في جميع الألعاب الرياضية الفرنسية، وذلك قبل مناقشته في مجلس الشيوخ والتصويت عليه هذا الأسبوع.

من شأن هذا الحظر أن يطبق على المسابقات التي تنظمها الاتحادات الرياضية، وهيئاتها اللامركزية، والبطولات الاحترافية والاتحادات التابعة لها، وكذلك حمامات السباحة. وستتم مناقشة الحظر اليوم وغدًا قبل التصويت المتوقع عليه.

“بعد مرور ستة أشهر على الألعاب الأولمبية في باريس، تضاعف السلطات الفرنسية من مساعيها لفرض الحظر التمييزي للحجاب، بل وتحاول توسيع نطاقه ليشمل جميع الألعاب الرياضية”.

وقالت آنا بلوس، الباحثة المعنية بالعدالة في قضايا النوع الاجتماعي في أوروبا في منظمة العفو الدولية: “خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس، أثار حظر فرنسا على اللاعبات الرياضيات الفرنسيات اللواتي يرتدين الحجاب ويمنعهن من المنافسة غضبًا دوليًا. وبعد مرور ستة أشهر فقط، تضاعف السلطات الفرنسية من مساعيها لفرض الحظر التمييزي للحجاب، بل وتحاول توسيع نطاقه ليشمل جميع الألعاب الرياضية”.

“تحت ستار تطبيق مفهوم ’العلمانية‘، تستهدف هذه القوانين في الواقع حقوق النساء والفتيات المسلمات وتؤثر عليها بشكل غير متناسب، نظرًا إلى أنهن سيُستبعَدن من المنافسة في جميع الألعاب الرياضية إذا ارتدين الحجاب أو أي ملابس دينية أخرى”.

غالبًا ما تستخدم كلمة “العلمانية” -التي تم تضمينها نظريًا في الدستور الفرنسي لحماية الحرية الدينية للجميع- كذريعة للحد من وصول النساء المسلمات إلى الأماكن العامة في فرنسا. وعلى مدى عدة سنوات، سنّت السلطات الفرنسية قوانين وسياسات لتنظيم ملابس النساء والفتيات المسلمات بطرق تمييزية. وحذت الاتحادات الرياضية حذوها، ففرضت حظرًا على الحجاب في العديد من الألعاب الرياضية.

في الفترة التي سبقت دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، نشرت منظمة العفو الدولية خلاصات تقريرها التي بيّنت التأثير الضار لحظر الحجاب في الرياضة على النساء والفتيات في فرنسا، وكشفت كيف يتعارض الحظر مع قواعد اللباس التي تتبعها الهيئات الرياضية الدولية. واطَّلع التقرير على القواعد الرياضية في 38 بلدًا أوروبيًا، ووجد أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي لديها قواعد منصوص عليها بشأن حظر ارتداء غطاء الرأس الديني في الألعاب الرياضية. ووجد التقرير أن منع النساء والفتيات المسلمات من المشاركة الكاملة والحرة في الألعاب الرياضية، سواء للترفيه والمتعة أو كمهنة، يمكن أن يُلحق بحياتهن تأثيرات مدمرة، بما في ذلك على صحتهن العقلية والجسدية.

في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أدان خبراء الأمم المتحدة هذا الحظر ووصفوه بأنه “غير متناسب وتمييزي” ودعوا إلى إلغائه. ولكن بدلًا من معالجة هذه المخاوف الملحة، تحاول السلطات الفرنسية الآن تشديد قيودها على مشاركة النساء المسلمات في الرياضة من خلال مشروع القانون هذا.

بالإضافة إلى حظر الملابس ذات الطابع الديني، من شأن مشروع القانون أن يحظر إقامة الصلوات في أي مرافق أو ملاعب رياضية، وأن يفرض شرطًا على المعلمين الرياضيين بالخضوع “لتحقيقات إدارية… قبل إصدار البطاقة الاحترافية للمعلم الرياضي”.

وقالت عالمة الاجتماع والباحثة وإحدى مؤسِسات جمعية باسكت بور توت (Basket Pour Toutes)، د. هيفاء التليلي، لمنظمة العفو الدولية: “ما من بيانات موضوعية لتبرير القرارات التي تقيد بشدة حريات حاملات البطاقات الاحترافية المسلمات اللواتي يقررن ارتداء أغطية الرأس الرياضية. لذلك، من غير الصحيح وغير المبرر التأكيد على أن القواعد التي تستثني اللاعبات الرياضيات من النساء والفتيات المسلمات هي فعلًا ضرورية ومناسبة ومتناسبة لضمان الأداء الأمثل في الخدمة العامة”.

ووصفت إلينا با، لاعبة كرة السلة وواحدة من مؤسسات جمعية باسكت بور توت كيف أن حظر الحجاب يضع النساء المسلمات أمام خيار مستحيل.  وقالت لمنظمة العفو الدولية: “سيكون لهذا القانون الجديد عواقب مروعة على النساء والفتيات المسلمات: الإذلال، والوصم، والصدمة، والانسحاب من الرياضة، وانهيار الروابط الاجتماعية، وفقدان الثقة بالنفس، واختفاء الفرق النسائية، وتعريض الأندية للخطر”.

تنص المذكرة التفسيرية لمشروع القانون على أن شرط “الحياد” كما يفسره القانون الفرنسي يمتد إلى موظفي ومتطوعي الاتحادات الرياضية، كالمدربين والحكام، على سبيل المثال، وحتى “اللاعبين الرياضيين رفيعي المستوى”.

ووفقًا لتقرير مصاحب لمشروع القانون، جاء هذا التشريع مدفوعًا بـ “الهجمات المتزايدة على العلمانية” والحاجة إلى معالجة ما يرد من تصاعد “التطرف” و”الجماعتيّة” و”الانفصالية الإسلامية” في الرياضة الفرنسية. ويحاجج التقرير بأن حظر الملابس مثل الحجاب الرياضي من شأنه أن يمنع تشكيل “مجتمعات مضادة” معادية.

“من حقّ جميع النساء اختيار ملابسهن. يجب رفض مشروع القانون هذا”.

من خلال وضع ارتداء الحجاب ضمن طيف “الهجمات على العلمانية”، التي تتراوح النظرة إليها من “التساهل” إلى “الإرهاب”، فإن هذا التشريع، حال إقراره، سيؤجج العنصرية ويعزز البيئة العدائية المتنامية التي يواجهها المسلمون وأولئك الذين ينظر إليهم على أنهم مسلمون في فرنسا. وفي الواقع، يعجّ تصوير الحجاب على أنه تهديدًا أمنيًا أو رمزًا لقمع المرأة بقوالب نمطية سلبية وتمييزية تتأصل في النظرة الإقصائية للنساء المسلمات باعتبارهن ضمن “الآخر” بسبب دينهن.

واختتمت آنا بلوس حديثها بالقول: “إن مساواة ارتداء الحجاب بـ ’هجومٍ على العلمانية‘ ليست مثيرة للسخرية فحسب، بل خطيرة كذلك، ولن تؤدي إلا إلى خلق انقسام يزعم هذا القانون المقترح أنه يريد معالجته. من شأن هذا القانون، حال إقراره، أن يفاقم التمييز الديني والتمييز العرقي والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وهي أنواع من التمييز تتعرض له بالفعل النساء المسلمات في فرنسا بشكل صارخ”.

“من حقّ جميع النساء اختيار ملابسهن. ويعد حظر الحجاب الرياضي في فرنسا إجراءًا آخر يدعمه رهاب الإسلام ومحاولة أبوية للسيطرة على ما ترتديه النساء المسلمات. يجب رفض مشروع القانون هذا”.

خلفية

قدّم الاقتراح السيناتور ميشيل سافين إلى مجلس الشيوخ في 5 مارس/آذار 2024 بعد مناقشته في اللجنة الدائمة لشؤون الثقافة والتعليم والاتصالات والرياضة، مما كشف خلافات عميقة بين أعضاء مجلس الشيوخ حول مزايا مشروع القانون. ورفض المجلس محاولة سابقة لحظر غطاء الرأس الديني في جميع الألعاب الرياضية على المستوى الوطني في فبراير/شباط 2022.

https://www.senat.fr/rap/l23-667/l23-667_mono.html – المذكرة التوضيحية

https://www.senat.fr/leg/ppl23-668.html – نص مشروع القانون فقط


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

د. هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، إضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، وهو أيضًا رئيس تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المواقع الأخرى.يعد هاني خاطر صحفيًا ومؤلفًا ذو خبرة عميقة في مجال الصحافة والإعلام، متخصصًا في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات. يركز في عمله على تسليط الضوء على القضايا المحورية التي تؤثر على العالم العربي، ولا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية.على مدار مسيرته المهنية، نشر العديد من المقالات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في بعض الدول العربية، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالفساد الكبير. يتميز أسلوبه الكتابي بالجرأة والشفافية، حيث يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات.يؤمن هاني خاطر بدور الصحافة كأداة للتغيير، ويعتبرها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومحاربة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً