قال المولى عز وجل في سورة الصافات بدايةً من الآية ١٠٧
” بسم الله الرحمن الرحيم ”
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
” صدق الله العظيم ”
هكذا تتجلى قدرة الله سبحانه وتعالى علي سيدنا إبراهيم ” عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ” عندما أسلم لقضاء ربه وهم أن يذبح ابنه إسماعيل ” عليه السلام ” الذي رأه في المنام أنه يذبحه انقياداً لأمر الله عز وجل .
فرؤيا الأنبياء حق واجب النفاذ ورؤية خليل الله كانت بمثابة محنة تدك الجبال وتثقل الرجال ومن الأحداث الجسام .
ففدى الله ابنه إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم من الجنة أبيض الصوف ذي قرنين .
إذاً هي قمةُ التسليم لقضاء الله جلت قدرته التي تعد من ركائزِ الإسلام وثوابتِ الإيمان ودلائلِ الإحسان . فمن يرضى بأمر الله تعالى ويسلم له يَنَل خير الدنيا وثواب الآخرة وينعم بالرضا والاطمئنان ويستشعرالسكينة والأمان .
من هنا أصبحت الأضحية ” سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام ” سنٌةً واجبةً للمسلمين كافةً يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيق وسنٌةً واجبةً أيضا على القادرين من المسلمين .
ومن فضل الأضحية أنها من شعائر الله ، كما ورد في قوله تعالى
” وَمَنْ يُعَظٌمُ شَعَائِرَ اللهِ فَإنٌهَا مِنٌ تَقوَى القُلُوبِ ”
فالذبحُ للهِ تعالى والتقَرٌبَ إليه بالقٌرابينِ من أعظَمِ العباداتِ واجَلٌ الطاعاتِ
فكل قطرة دماء من الأضحية وبعددِ شعراتها يثيبُ اللهُ صاحبها بالحسنات والبركات والغفران من الذنوب في حياتهِ ، مدونةً في صحيفةِ أعماله التى تغلق بإذن الله تعالى بيضاء عند لقاء ربه .
ومن المقاصد العظيمة التي شُرعت من أجلها الأعياد في الإسلام ، تعميق التلاحم بين أفراد الأمة الواحدة ، وتوثيق الرابطة الإيمانية ، وترسيخ الأخوة الدينية بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، مصداقاً لقول المصطفى ” صلى الله عليه وسلم ”
” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ”
فالعيد في الإسلام لا يختص به بلد دون آخر ، ولا أناس في مكان ما دون غيرهم ، بل يشترك فيه المسلمون جميعهم في شتى بقاع الأرض طالما انتسبوا لهذا الدين ، وكانوا في عداد المؤمنين .
ولهذا شُرع في يوم العيد الخروج إلى المصلى ، وأن لا يترك أحداً من أهل البيت صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى ، ليلتقي الجميع ، مهللين مكبرين ذاكرين الله ، تحقيقاً لهذه الغاية .
ومن مقاصد العيد ، تغيير نمط الحياة المعتادة ، وكسر رتابتها الثابتة ، ذلك أن من طبيعة النفس البشرية حبها وتطلعها إلى تغيير ما اعتادته من أعمال ، فكان العيد مناسبة للتغيير ، وفرصة للترويح ، لتستريح بعد التعب ، وتفرح بعد الجد ، لتأخذ حظها من الاستجمام وما أباح الله ، فتعود أكثر عملاً ونشاطاً .
كما أن من مقاصد العيد الأساسية أيضا التذكير بحق الضعفاء والعاجزين ، ومواساة أهل الفاقة ” الفقراء ” والمحتاجين ، وإغناءَهم عن ذل السؤال في هذا اليوم ، حتى تشمل الفرحةُ كلَّ بيتٍ ، وتعمَّ كل أسرة ، ومن أجل ذلك شُرِعت الأضحية وصدقة الفطر .
والعيد فرصة لتتصافى النفوس ، وتتآلف القلوب ، وتتوطد الصلات والعلاقات ، وتدفن الضغائن والأحقاد ، فتوصل الأرحام بعد القطيعة ، ويجتمع الأحباب بعد طول غياب ، وتتصافح الأفئدة والقلوب قبل الأيدي .
“يوم النحر .. عيد الحجاج .. العيد الكبير”
مسميات أطلقت أيضا على عيد الأضحى المبارك كلها تحت مظلة الواجب والتسليم لما أمرنا به الله تعالي واختص به ديننا الحنيف .
فهنيئاً لمن أدركه واستشعر عظمته واقتدى بسنته وأدخل البهجة والفرح والسعادة على نفوس الضعفاءوالمحتاجين .
وهنيئاُ لمن يقضي أيامه المباركة في طاعة الله ورضاه .
وهنيئاً لحجاج بيت الله الحرام قضاء أيامه بين الطواف والسعي والوقوف على عرفات الله ورمي الجمرات وزيارة مسجد وقبر رسول الله في المدينة المنورة والصلاة في روضته الشريفة .
تقبل الله طوافهم وسعيهم وحجهم وكتبنا الله وكل من قال أمين من المقبولين العام القادم بإذن الله تعالى .
كل عام حضراتكم بخير
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وأعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات .
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.