اكتشفت سزا فرديلا في سن الثانية والعشرين أنها خضعت لعملية ختان حين كانت طفلة، وهي ممارسة مثيرة للجدل لا تزال موجودة لدى أفراد الأقلية الملايو في سنغافورة رغم التقدم الكبير في البلاد.
ففي هذه الدولة المدينة الحديثة والمنفتحة في جنوب شرق آسيا، تظل الأعراف الاجتماعية تقليدية، كما أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية المحظور في بلدان كثيرة، غير محظور قانونا.
في حين تنتشر هذه الممارسة على نطاق واسع في مجتمع الملايو، لا تدرك نساء كثيرات أنهن قد تعرضن للختان حتى سنوات المراهقة أو البلوغ.وتقول سزا “شعرت بالخيانة”، إذ إنها لم تعلم بأنها تعرضت لهذه العملية سوى عندما اعترضت على التوجه لإخضاع قريبة لها لعملية مشابهة.وتقول الشابة البالغة 26 عاما “لقد صُدمت للغاية وشعرت فعلا بأنني مغتصبة”.
وقد توجهت سزا بالسؤال لوالدتها في هذا الموضوع، “فقالت لي إنني تعرضت لعملية +اقتطاع+ لجزء من جسمي لأنها لا تريدني أن أصبح زانية، وبأن ذلك أكثر نظافة وجزء من التقاليد الدينية”.
وتتضمن العملية عادة إزالة جزء من البظر أو غطاء البظر.
وفيما هذه الممارسة أقل تطرفا مما يحصل في أماكن أخرى، يؤكد ناشطون محليون أنها تشكل انتهاكا لحقوق المرأة ويجب أن تتوقف.
وتقوم سزا ومجموعة نساء، معظمهن مسلمات، بحملات على إنستغرام كما يوزعن منشورات لمكافحة الأفكار المتداولة بشأن هذه الممارسات، وينظمن ورش عمل لدعم الفتيات اللواتي تعرضن لهذه العمليات.
موضوع محرّم
لكن يصعب مع ذلك الخوض في هذا الموضوع المحرّم اجتماعيا.
وتوضح هؤلاء الناشطات أن الإحراج الكبير لدى أفراد مجتمع الملايو في مناقشة مسائل الجنس الأنثوي على العلن يجعل هذه المعركة أكثر صعوبة.
وقد اتُهمت هؤلاء الفتيات بأنهن يخالفن القواعد الدينية، وبعضهن يخفي التزامه في هذه القضية عن أفراد العائلة لتجنب التوتر.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن مئتي مليون فتاة وامرأة خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. وتطاول هذه الحالات 31 دولة في مختلف أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، رغم صعوبة تحديد نطاق المشكلة بدقة.
ويعتقد البعض أن هذه الممارسة التقليدية مهمة لصحة الفتيات الصغيرات ولتطورهن الأخلاقي وبالتالي لا ينبغي التشكيك فيها.
كما يرى البعض أنها وسيلة لخفض الرغبة الجنسية لدى النساء ومنعهن من الخيانة.
مع ذلك، تعتبر منظمة الصحة العالمية أن هذه الممارسة تنطوي على أخطار صحية وتنتهك حقوق الفتيات كما تمثل “شكلا متطرفا من أشكال التمييز على أساس الجنس”.
ولا توجد إحصاءات عن هذه حجم هذه الممارسة في سنغافورة، لكنّ مسحا تجريبيا أجرته ناشطات لدى الفتيات المسلمات أظهر أن 75 % منهن معنيات بالموضوع.
وأعلن المجلس الإسلامي في سنغافورة، الذي يقدم المشورة الدينية في البلاد، رفضه عمليات تشويه الأعضاء التناسلية بعدما “ثبت طبيا أنها مضرة”، وفق ناطق باسمه.
“بلا أي معنى”
وتُرصد مع ذلك علامات قليلة على تراجع هذه الممارسة في سنغافورة رغم أنها ليست محظورة أو مدانة رسميا.
ويمثل مجتمع الملايو المسلم حوالى 10 % من سكان سنغافورة البالغ عددهم 5,7 ملايين شخص، معظمهم من أصل صيني.
ولا تنادي الناشطات بحظر هذه الممارسة خشية أن يستمر العمل بها في الخفاء، لكنهنّ يرغبن في أن تعلن السلطات بوضوح عن المحاذير الصحية المرتبطة بها، وأن يؤكد المجلس الإسلامي أن هذه العمليات ليست فرضا دينيا.
لكن من الصعب تغيير العادات القديمة
وبعدما تعرضت لعملية ختان في الصغر، ترفض الناشطة زوبي علي أن تكون ابنتاها ضحيتين لهذه الممارسة رغم الضغوط الاجتماعية.
لكن المرأة البالغة 59 عاما لم تستطع إقناع إخوتها وأخواتها بإعفاء بناتهم من هذا الأمر.وتقول “إنها ممارسة بلا أي معنى وتتعارض مع الطريقة التي يجب أن تتعلم بها بناتنا”.
إلى جانب آلام العملية، تأسف زوبي لأنها حُرمت إلى الأبد جزءا من جسمها. وتقول “لن أعرف أبدا ما هو الشعور بالكمال أو النقاء. لقد سرقوا هذا مني”.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.