– أهم العناصر الرئيسية فى التحليل:
– أولاً: دور مبادرة الحزام والطريق فى دعم “نموذج القيادة العالمية المسئولة للصين” على المستوى الدولى فى مواجهة الأحادية والهيمنة ما بعد “كوفيد-١٩”
– ثانياً: مساهمات مبادرة الحرير الصحى لمساعدة البلدان على التعافى من (كوفيد-١٩) وتحسين نظام الحوكمة العالمى، والدور القيادى الجديد للصين الحديثة
– ثالثاً: الربط البينى بين دور مبادرة الحزام والطريق فى (تحديث العالم النامى وقيادة الصين لحوار دول الجنوب مع الشمال) عبر منصات ومؤسسات دولية متعددة الأطراف
– رابعاً: دور مبادرة الحزام والطريق فى نهضة الصين الحديثة، والدعوة لتقاسم “تجربة الحوكمة الصينية عالمياً” من أجل مستقبل مشترك للبشرية
يأتى الإحتفال هذا العام بالذكرى (٧٢) هذا العام لتأسيس جمهورية الصين الشعبية بشكل مختلف، وكذلك فإن عام ٢٠٢١ يمثل (الذكرى الخمسين) لإستعادة الصين لمقعدها القانونى الدائم فى الأمم المتحدة، كما تعد الصين عضواً مؤسساً فى الأمم المتحدة. وبتاريخ ٢٦ يونيو ١٩٤٥، كان الوفد الصينى هو أول من وقع على “الميثاق التأسيسى المنشأ للأمم المتحدة”، وكان ممثل الحزب الشيوعى الصينى حينئذ هو “دونغ بيوو”، كواحد من أبرز شخصيات هذا الوفد الصينى فى الأمم المتحدة.
وفور مجئ الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” إلى سدة الحكم فى البلاد، رفع “شعار الحلم الصينى”، ودعا الجميع للوقوف حول هذا الحلم، بمفهوم فريد إقترن به، ألا وهو “تجديد شباب الأمة الصينية”، وهنا نجد أن مفهوم (الحلم الصينى) الذى قدمه الرئيس “شى” وقيادات الحزب الشيوعى الصينى، قد فسره الرفيق “شى جين بينغ” عملياً فى خطاباته السياسية الراهنة، بتأكيده:
“أن الحلم الصينى هو رؤية طويلة للصين تقوم على التحليل الموضوعى كما أنه فكرة إستراتيجية وخطة تنمية طويلة الأمد يجب أن يلتف حولها جميع أبناء الشعب الصينى وقومياته لتحقيق نهضة الصين الحديثة”
وبناءً على هذا الحلم الذى بدأه الرفيق “شى” لتعزيز نهضة بلاده عالمياً، فقد لعبت الصين دوراً نشطاً فى إطار الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ذات الصلة، فقد كانت حاضرة بقوة، وقامت دوماً بعرض وجهات نظرها وسياساتها الرئيسية بشأن الوضع الدولى الراهن فى ساحة الأمم المتحدة والدعوة لإصلاح النظام الدولى وفق التعددية القطبية لكافة الأطراف الفاعلة فيه.
وفى الخطاب الأخير للرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر ٢٠٢١، فقد جعل الرئيس “شى” صوت الدبلوماسية الصينية عالياً حول العالم، من خلال منبر الأمم المتحدة فى الدعوة لنبذ الأحادية وإحترام الإنفتاح العالمى، وعدم الرجوع مرة أخرى لعقلية الحرب الباردة التى سادت خلال فترة الإتحاد السوفيتي السابق قبل تفككه. ولما يكن هذا هو الخطاب الأول للرئيس “شى جين بينغ”، فقد سبقه العديد من الخطابات فى كافة المناسبات والإجتماعات الدولية.
فمنذ عام ٢٠١٢ جاء أول خطاب للرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ”، فور توليه مقاليد السلطة فى الصين، ثم تلاه بعدد من الخطابات المهمة والمؤثرة فى قلب الأمم المتحدة ذاتها، وكافة المنصات والآليات الدولية الأخرى المتعددة الأطراف التابعة لها، وعمل الرفيق “شى” مع قيادات الحزب الشيوعى الصينى فى (طرح سلسلة من الأفكار والمبادرات والإقتراحات الجديدة ذات الخصائص الصينية)، والتى إستطاعت أن تلبى كافة التوقعات الدولية وقيم العدالة بطرح مبادرات تنموية فعالة تسهم فى تنمية البشرية جمعاء، وعلى رأسها “مبادرة الحزام والطريق”، مع الوضع فى الإعتبار بأن الدبلوماسية الصينية قد نجحت فى الحصول على إعتراف الأمم المتحدة رسمياً بمبادرتها للحزام والطريق، وتم تدوين ذلك فى قوانين ومؤسسات الأمم المتحدة للعمل تحت المبادرة بالشراكة بين المجتمع الدولى والصين.
وهذه المبادرة الصينية الدولية للحزام والطريق تعتبر بمثابة (إرشادات إستراتيجية مهمة لتعزيز التعددية على المستوى الدولى وطرق ممارستها وكيفية تطويرها بما يناسب خصائص وقيم وثقافات كل دولة على حدة)، من خلال ما إنبثق عنها من دعوات حول (نظام الحوكمة العالمى والدعوة لحكومة عالمية ذات خصائص حضارية ومطالبتها بعقد حوار للتقارب بين كافة الحضارات والثقافات، مع التعريف بأهم القيم الصينية والثقافية الآسيوية)، فضلاً عن العديد من المعايير والإرشادات الدولية الهامة، والتى طرحتها الصين عالمياً.
وبمناسبة (ذكرى الإحتفال بتأسيس جمهورية الصين الشعبية)، ووفقاً لرؤيتى كخبيرة فى الشأن السياسى الصينى بالأساس، ففى إعتقادى بأن إفراد مساحة للتحدث حول أهمية (مبادرة الحزام والطريق الصينية”، بإعتبارها وجه الصين الحديثة لتغيير العالم)، من خلال دعوتها للتضامن والعدالة والتعددية، وفق نظام متعدد الأطراف. وهنا نجد أن أهم الخطوط العريضة التى أضافتها مبادرة الحزام والطريق الصينية للبشرية، هى:
– أولاً: دور مبادرة الحزام والطريق فى دعم “نموذج القيادة العالمية المسئولة للصين” على المستوى الدولى فى مواجهة الأحادية والهيمنة ما بعد “كوفيد-١٩”
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام ١٩٤٩، وحتى مجئ الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” عام ٢٠١٢، نجحت الصين وعلى مدار السنوات الثانية والسبعين الماضية فى لعب دور شامل فى الشؤون المتعددة الأطراف للأمم المتحدة، بل وكافة المحافل الدولية ذات الصلة، كما أظهرت الصين مسؤوليتها كدولة رئيسية على المسرح العالمى، وخاصةً بعد جائحة كورونا، وتصرف الصين “كدولة قائدة مسئولة” على المسرح العالمى وإلتزامها بمواصلة التعاون والتضامن مع جميع بلدان العالم عبر مبادرتها للحزام والطريق، من خلال:
١) الدعوة الصينية عبر “مبادرة الحزام والطريق الصينية” لدعم قيم التشاور والبناء المشترك بين الصين ومختلف دول العالم كله، فى إطار من (التعددية القطبية) التى يطرحها دوماً الرئيس الصينى “شى جين بينغ” فى خطاباته السياسية الراهنة. حيث أن الدول أو القوى الكبرى الرافضة للتعددية الدولية، كالولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تعمدها للإنعزال عن البلدان الأخرى خاصةً فى عهد الرئيس السابق “ترامب”، لا يفضى إلى الإنتعاش السريع والتنمية الصحية للإقتصاد العالمى بعد تفشى (كوفيد-١٩).
٢) وهنا، تحاول بعض القوى الكبرى الحفاظ على الهيمنة، أو إستخدام القواعد الدولية لقمع البلدان الأخرى، أو السعى إلى (توحيد الحلفاء لإعادة تشكيل نظام حوكمة غير محايد، واللجوء إلى ما يعرف ب “التعددية الانتقائية”). وتشكل هذه الأفعال كلها عقبات فى الحوكمة الإقتصادية العالمية التى تنادى بها الصين وقيادات الحزب الشيوعى الصينى، وهى لا تساعد على إنتعاش الإقتصاد العالمى بعد جائحة كورونا.
٣) فقد كان من نتائج إنتشار (كوفيد-١٩) هو (تسريع تحول الإقتصاد إلى الرقمنة). ويستمر التحول الرقمى للإقتصاد فى أداء دور مهم فى مكافحة الوباء، والحفاظ على الأنشطة الإقتصادية خلال الوباء والإنتعاش الإقتصادى بعد الوباء.
٤) ولابد من الإشادة بدور الصين دولياً فى إطار دعوة وخطة الرئيس الصينى “شى جين بينغ” للعمل فى إطار التشاور والبناء المشترك والتعاون الدولى بين الصين ودول العالم، وهنا يمكن إعتبار أداء الصين المتميز فى السيطرة على (كوفيد-١٩)، وتعزيز (تحول الإقتصاد الرقمى بمساعدة التقنيات الجديدة) مرجعاً مهماً يمكن أن تستفيد منها البلدان فى جميع أنحاء العالم لمواجهة التغيرات العالمية بالتعلم من التجربة الصينية الرائدة فى هذا الإطار.
٥) إتضح فى الوقت الحالى، بأن الشركات من جميع أنحاء العالم بحاجة ماسة إلى التكيف مع أشكال الأعمال الجديدة والقواعد الجديدة والبيئة التنافسية الجديدة بعد جائحة كورونا، وهنا لابد أن نتعلم من تجربة الصين فى هذا الإتجاه، بفتح أسواقها أمام العالم، والحرص على عمل تسهيلات لإجتذاب المستثمرين، وإقامة شراكات دولية ومعارض ذات ثقل دولى، ومساعدة الدول النامية فى هذا الإطار.
٦) فمع نضج التكنولوجيا الرقمية والإزدهار المتزايد للإقتصاد الرقمى، تظهر مزايا الأشكال الإقتصادية الجديدة بشكل مستمر، والتى ستشكل صورة جديدة للإقتصاد العالمى بعد (كوفيد-١٩) فى إطار من البناء المشترك بين الجميع.
٧) وعلى الجانب الآخر، تظهر الحاجة الماسة لدعوة الصين للتعاون والبناء المشترك فى إطار من التعددية الدولية، من خلال إزدياد الحاجة فى الفترة الراهنة إلى (حماية البيئة والمياه من التغيرات المناخية العالمية، والنمو منخفض الكربون والأخضر والمستدام). مع حرص الصين على مشاركة العالم كله تجربتها لحماية الإنسان والطبيعة كمجتمع مشترك يتطلب التعاون والتنسيق البناء والمستمر، ويعتبر التعامل مع موضوع التغيرات المناخية شغلاً شاغلاً للمجتمع الدولى الإنسانى فى إطار (المصير المشترك للبشرية)، وهى المنطلقات التى تقوم عليها البناء المشترك للتعاون الصينى مع العالم فى مبادرة الحزام والطريق الصينية، بالنظر لأن نموذج التنمية الإقتصادية السابق عجز عن تلبية الإحتياجات الملحة للمجتمع الدولى فى مواجهة خطر التغيرات المناخية فى المستقبل.
٨) وهنا نجد دعوة الصين المجتمع الدولى للعمل سوياً فى إطار التنسيق والبناء المشترك من أجل (تعديل نموذج التنمية الإقتصادية والإهتمام بحوكمة تغير المناخ).
٩) كذلك دعوة الصين من خلال مبادرتها للحزام والطريق للبناء المشترك (لإستكشاف قوى إنتاجية جديدة وتطويرها)، والبحث عن قوة دافعة جديدة للنمو منخفض الكربون والأخضر والمستدام.
١٠) وتعتبر مبادرة الحزام والطريق وعداً عصرياً وطريقاً للفوز المشترك وتعهداً صينياً للعالم كله للبناء والتنسيق المشترك بين المجتمع الدولى والصين فى إطار (المصير المشترك للبشرية) وهى دعوة الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” فى جميع خطاباته السياسية.
١١) ومن هنا، فإن المبادرة الصينية للحزام والطريق تعد إنطلاق مهم للبلدان على طول طريق الحزام الصينى لخلق فرص جديدة فى العالم بعد (كوفيد-١٩).
١٢) وهنا يأتى دور الصين (ببناء شراكات صحية أوثق، وترابط أوثق وشراكات أوثق من أجل التنمية الخضراء، وشراكات أوثق من أجل الإنفتاح والشمول، وتقديم مساهمات إيجابية فى إطار الرخاء المشترك للبشرية)، والحفاظ على التعددية الدولية بعيداً عن الأحادية والهيمنة على العالم.
ومن هنا، نفهم أن الصين قد إستطاعت قيادة العالم بشكل مسئول، خاصةً بعد تفشى “كوفيد-١٩”، وقامت بواجباتها المنوطة بها، ونجد خطاب الرئيس “شى جين بينغ”، والذى جاء، بعنوان:
“دع شعلة التعددية تضىء طريق البشرية إلى الأمام”
والذى ألقاه فى “منتدى دافوس الإقتصادى العالمى”، فقد جاءت دعوة الرفيق “شى” صريحة فى إتجاه (تعزيز وتطوير التعددية الدولية) وفق أسس عادلة مرضية للجميع.
– ثانياً: مساهمات مبادرة الحرير الصحى لمساعدة البلدان على التعافى من (كوفيد-١٩) وتحسين نظام الحوكمة العالمى، والدور القيادى الجديد للصين الحديثة
رفع الرئيس الصينى “شى جين بينغ” شعار دعا فيه كافة أبناء الشعب الصينى للإلتفاف حوله، أطلق عليه “الحلم الصينى”، ومن هنا بدأت قيادات الحزب الشيوعى الصينى بالتعاون مع كافة الأحزاب المناظرة فى الدول الأخرى بالإعداد وتوضيح ماهية هذا الحلم الصينى عملياً، بما قدمته الصين عبر طرح مبادراتها من أجل (التعاون بين دول الجنوب – الجنوب، والتعاون بين الشمال – الجنوب)، وجاءت جائحة كورونا لتثبيت دور مبادرة الحزام والطريق الصينية فى تحويل آلية العمل النظرى للحزب الشيوعى الصينى وقياداته لواقع عملى حقيقى، إستطاع من خلاله وضع نظرياته الخاصة بطريقة منظمة، للمساهمة فى خدمة البشرية والتضامن مع كافة الدول حول العالم، بما فيها تقديم مساهمات صحية دولية لمنظمة الأمم المتحدة، والدول الكبرى والغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها، وهو ما إتضح من خلال:
١) نجحت الصين فى تقديم العون لكافة دول العالم بعد تفشى الجائحة، بما قدمته من مساهمات دولية عبر “مبادرة تعاون الحزام والطريق”، والتى مكنت الصين من مساعدة العديد من بلدان العالم فى إطار (طريق الحرير الصحى)، للتعاون فى مجال إنتاج اللقاحات والمساعدات الطبية والكمامات وغيرها، فما خلفه (كوفيد-١٩) من آثار سلبية فى الصحة والإقتصاد وغيرها من القطاعات، لعبت الصين دوراً كبيراً فى إعلاء مفهوم “مجتمع المصير المشترك للبشرية” وضرورة التكاتف والمساندة بين مختلف الدول فى مواجهة الأزمات.
٢) بدأ دور الصين يتعمق منذ الإعلان عن جائحة كورونا المستجد وتداعياته، ومساهمة الصين بحصة مالية كبيرة ومساعدات ضخمة إلى (منظمة الصحة العالمية) خاصةً بعد إنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منها نتيجة للإتهامات الأمريكية بلا دليل عن مسئولية الصين عن جائحة كورونا، بل وقامت الصين بتزويد (منظمة الصحة العالمية) بكافة المعلومات عن الفيروس، بما يجسد فكرة “عالم واحد” و “مجتمع المصير المشترك للبشرية” وهى الشعارات المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق الصينية، والتى يؤكد عليها الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” فى جميع لقاءاته وخطاباته الدولية.
٣) عملت الصين فى إطار مبادرة الحزام والطريق على مواجهة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا عالمياً، فمن خلال (إجتماعات مجموعة قمة العشرين وكافة القمم الإفتراضية التى شاركت بها الصين)، تعهدت القيادة السياسية الصينية للرئيس “شى جين بينغ” على مساعدة الصين لمختلف دول العالم كله، وبالأخص الدول الفقيرة والنامية على مواجهة تداعيات تأثير كورونا على إقتصاديات دول العالم فى الداخل والخارج.
٤) عملت الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق على (تحسين نظام الحوكمة العالمية والحفاظ على النظام الدولى)، فمثلاً كان هناك تعاون وثيق بين الصين والدول العربية، وعلى رأسها مصر فى تبادل المعرفة والخبرات فى مواجهة (كوفيد-١٩)، وذلك فى إطار مبادرة الحزام والطريق، وما أرسته من نموذج يحتذى به، من خلال “طريق الحرير الصحى”.
٥) وجاء إلتزام الصين بمساعدة ودعم كافة الدول الأفريقية للتعافى إقتصادياً من آثار الجائحة، وهنا جاءت (قمة بكين لمنتدى التعاون الصينى -الأفريقى) و (القمة الصينية – الأفريقية الإستثنائية)، بعنوان: (التضامن ضد فيروس كورونا الجديد “كوفيد-١٩” فى بكين)، وذلك تأكيداً على دور الصين فى السعى دائماً من أجل (المصير المشترك للبشرية) والحياة فى عالم واحد نتشارك فيه بأمن وإستقرار وسلام.
٦) واصلت الصين مساعدة البلدان الإفريقية عبر إرسال فرق الخبراء، وتوفير وتيسير شراء المستلزمات الطبية من الصين. كما بدأت الصين فى مساعدة الدول الأفريقية للبدء فى (بناء المركز الأفريقى للسيطرة على الأمراض والوقاية منها)، وعملت الصين مع البلدان الأفريقية فى (التنفيذ الكامل لمبادرة الرعاية الصحية) لجميع الدول الأفريقية.
٧) كما أكد الرئيس (شى جين بينغ) فى كلمته أمام القادة الأفارقة على أهمية منح أولوية أكبر للتعاون فى (مجالات الصحة العامة وإعادة فتح الإقتصاد، وتحسين الأوضاع المعيشية للشعوب الأفريقية)، وذلك في إطار مبادرة الحزام والطريق.
٨) كانت جائحة كورونا محركاً رئيسياً للتحول الإقتصادى العالمى، فقد قدمت لبكين فرصة مثالية أيضاً لتغيير (معايير مبادرة الحزام والطريق وإعادة التوجيه نحو جهود ذات صلة أكبر) مثل الخدمات الرقمية والصحية.
٩) أحيت الصين ما يعرف ب “طريق الحرير الصحى”، والذى تقوم فكرته على دعم الصين لجهود الصحة العامة العالمية بقيادة صينية، فعلى الرغم من أن (مبادرة الحزام الصحى) ليست جديدة، حيث تم تقديمها من قبل الصين لأول مرة فى عام ٢٠١٧، عندما وقع الرئيس “شى جين بينغ” إتفاقية مع (منظمة الصحة العالمية)، وجعلت الصين من نفسها ملزمة بجعل الصحة محور تركيز رئيسى لمبادرة الحزام والطريق، خاصةً بعد إنتشار (كوفيد-١٩) حول العالم.
١٠) تبرعت الشركات الصينية بمعدات الحماية الشخصية لجميع أنحاء العالم فى إطار مبادرة الحزام والطريق، مما دعم دور الصين عالمياً.
١١) وتشمل جوانب طريق الحرير الصحى الصيتى تزويد الصين للدول بالإمدادات والإستشارات الطبية، فضلاً عن (المساعدات الصينية المالية لمنظمة الصحة العالمية)، وذلك حتى تتمكن من مساعدة الدول النامية فى إقامة (أنظمة صحة عامة أكثر قوة).
١٢) ساهمت الصين عالمياً فى إحياء ما يسمى بـ “طريق الحرير الرقمى”، وإعادة إحياء لجهود الصين عالمياً لتصبح هى (المورد الرائد لتقنية شبكات الجيل الخامس فى العالم).
١٣) والأهم هنا، هو تقديم (شركات التكنولوجيا الصينية) للعديد من الخدمات الطبية التى ترتكز على (تكنولوجيا الجيل الخامس)، وساعدت الصين فى (بناء شبكات الجيل الخامس فى الداخل والخارج لربط العاملين فى مجال الرعاية الصحية والمرضى بالمتخصصين فى مجال الطب).
١٤) وبعد أول إجتماع للمجلسين التشريعيين فى الصين بعد جائحة كورونا فى مايو ٢٠٢٠، وافق (مجلس نواب الشعب الصينى) على خطة إنفاق مدتها ست سنوات مع جعل شبكات الجيل الخامس أساس لها.
١٥) وقامت شركة “هواوى”، عملاق الإتصالات الصينية، بوضع (خط ألياف ضوئية) بطول ستة آلاف كيلومتر عبر المحيط الأطلسى، بين (للبرازيل والكاميرون)، بينما ساعد إنتشار منصات الدفع الرقمية مثل “وى شات باى” و “أليباى” فى تعزيز إنتشار اليوان على المستوى الدولى، والتحول للعملية الرقمية لليوان الصينى تسهيلاً للتعاملات المالية الرقمية ما بعد (كوفيد-١٩).
١٦) كذلك حظى ما يسمى بـ “طريق الحرير الأخضر” بإهتمام من قبل الصين، فقد مهدت الجائحة للصين الفرصة لإلغاء بعض المشاريع الضارة بالبيئة والغير القابلة للتطبيق، والتراجع عن عدد من المشاريع التى لا تتمتع بشعبية، مثل: السدود، محطات الفحم الملوثة للبيئة، وغيرها من المشروعات غير الصديقة للبيئة.
١٧) ونجد هنا أن النتيجة النهائية ملحوظة، فكما يتضح تظل مبادرة الحزام والطريق لها أهمية بالغة، وتتمتع بتماسك وإتجاه حول العالم بعد (كوفيد-١٩). خاصةً مع المرونة الشديدة للمبادرة الصينية للحزام والطريق بوضع (خطة منسقة ومتعددة الأوجه لمواجهة الشكل المتغير للمبادرة والطريق)، بمعنى الإنخراط الصينى فى مساعدة مختلف دول العالم صحياً ورقمياً ووضع بدائل أخرى لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
ومن خلال ما قدمته الصين من مساهمات إيجابية العالم، ومبادرات صحية تنموية قادت بها المجتمع الدولى، وظهرت من خلاله كدولة مسئولة فيه تسعى للإصلاح والإنفتاح، وقيادة الحوار بين دول (الجنوب – الجنوب، وبين الشمال- الجنوب)، قد نجحت من خلالها الصين فى تعزيز ثقة الشعب والمجتمع الدولى بأسره فى “النموذج الصينى الناجح”، مما أدى إلى “تقوية سلطة الحزب الشيوعى الحاكم” فى الصين عبر ما قدمه للعالم من مساهمات فى إطار مبادرة الحزام والطريق.
– ثالثاً: الربط البينى بين دور مبادرة الحزام والطريق فى (تحديث العالم النامى وقيادة الصين لحوار دول الجنوب مع الشمال) عبر منصات ومؤسسات دولية متعددة الأطراف
نجحت الصين من خلال مبادرتها للحزام والطريق فى وضع أسسس لنظام عالمى جديد تقوده الصين تنموياً، وإرساء علاقات شراكة وتعاون بين الصين والعالم النامى بالخصوص، وفى هذا الإطار، فإن “فيتشيان بياخونغ”، وهو نائب رئيس (غرفة التجارية الصينية التايلاندية)، قد أكد:
“أن سبب نجاح الحزب الشيوعى الصينى فى قيادة العالم خاصةً الدول النامية هو قدرته على وضع العديد من النظريات من أجل الإصلاح والإنفتاح على العالم”
كما أكد الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” فى كافة خطاباته السياسية الأخيرة، بأن سر النجاح الصينى يكمن فى:
“قدرة الحزب الشيوعى الحاكم بإستمرار على التفوق على نجاحاته السابقة، لأنه قادر على إستخدام نظريات وأفكار وإستراتيجيات جديدة كأسلحة أيديولوجية قوية لتعزيز الإتحاد والثقة حوله من العالم، وقدرته على قيادة الشعب الصينى من مختلف القوميات، مع دفع تعهداته للجميع فى الداخل والخارج والمضى قدماً فى مشاريعهم بنشاط”
ومن هنا نجحت الصين فى النهوض دولياً عبر مبادرتها للحزام والطريق بالدعوة للتعاون المالى، وإنشاء (مؤسسات دولية بمعايير جديدة طرحت من خلالها آليات للتعاون بين دول الجنوب مع الشمال)، بحيث تراعى فيها بالأساس إحتياجات الدول النامية ودول الجنوب، وذلك عبر إستراتيجية صينية ممتدة، تقوم على:
١) فيما يتعلق بالتعاون المالى، عملت الصين مع شركائها للربط البينى بين مبادرة الحزام والطريق الصينية وكافة (المؤسسات المالية العالمية الكبرى) لضمان التدفق المتنوع والقوى لتمويل المشروعات الرئيسية المتعلقة بالمبادرة.
٢) بعد تأسيس (البنك الآسيوى للإستثمار فى البنية التحتية)، كأحد المنصات الرئيسية متعددة الأطراف لبناء الحزام والطريق، حاز على ثقة وتقدير على المستوى العالمى بشكل متزايد، وإرتفع عدد أعضاؤه ومشاريعه فى البنية التحتية، ووافق على إعطاء قروض مليارات الدولارات والمساهمة فى عدة مشروعات عالمية فى العديد من دول العالم فى أفريقيا، الدول العربية، والآسيوية، والتى من بينها: (أندونيسيا، باكستان، طاجيكستان، أذربيجان، عمان، تركيا، مصر).
٣) تحاول الصين عبر مبادرة الحزام والطريق المساعدة فى وضع (مسار جديد نحو تجارة عالمية أكثر إزدهاراً وإقتصاد عالمى أكثر إنفتاحاً وعولمة إقتصادية أكثر شمولاً).
٤) أظهر تقرير حديث للبنك الدولى أن الإستثمارات المرتبطة ببرنامج (مبادرة الحزام والطريق) يمكن أن يساعد فى إنتشال أكثر من ٩ مليون شخص من الفقر المدقع و ٣٤ مليون آخرين من الفقر المعتدل فى مجموعة متنوعة من الدول.
٥) كما خلقت (مناطق التعاون الـ ٨٢ التى أقامتها الصين بالإشتراك مع ٢٤ دولة أخرى فى إطار مبادرة الحزام والطريق)، أكثر من مليارى دولار من (العائدات الضريبية)، والأهم أنها قد ساهمت فى إيجاد أكثر من (٣٠٠ ألف وظيفة) للدول التى تمر منها مبادرة الحزام والطريق الصينية.
٦) وأحرزت (تنمية البنية التحتية) أيضاً تقدماً ملحوظاً فى إطار مبادرة الحزام والطريق، فعلى سبيل المثال، نجحت الصين فى دولة اليونان، والتى تشترك فى إدارة البنية التحتية بها شركة (كوسكو الصينية للشحن)، فقد شهد (ميناء بيرايوس اليونانى) زيادة فى (سعة تداول الحاويات بمعدل خمسة أضعاف) بعد دخول الميناء اليونانى فى شراكة مع الشركات الصينية فى إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية، وبفضل تعاون الصين مع (ميناء بيرايوس اليونانى)، نجح الميناء اليونانى حالياً فى أن يحتل المرتبة الـ ٣٦ بين أفضل ١٠٠ ميناء على مستوى العالم على قائمة (لويدز)، وهى قائمة تشكل معيار رئيسى للحكم على جودة التنمية والصناعة حول العالم.
٧) ونجحت الصين عبر مبادرة الحزام والطريق فى أن تقدم نجاحاً ملحوظاً قد إنجاز (مشروعات إرتباطية أخرى للصين)، مثل: التعاون الصينى الدولى فى مجالات: السكك الحديد، الطرق، النقل الجوى، الطاقة، الإتصالات السلكية واللاسلكية.
٨) قدمت مشروعات مبادرة الحزام والطريق الصينية فرصاً تجارية للشركات الصينية ولكافة الشركات الأخرى حول العالم، للشراكة والتعاون فى تنفيذ مشروعات عديدة، فعلى سبيل المثال: نجحت الصين عبر مبادرة الحزام والطريق فى (بناء محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح)، والتى تسمى “ممر الرياح”، مثل (ممر الرياح فى مقاطعة السند بباكستان)، وغيرها فى العديد مع دول العالم.
٩) توفر مبادرة الحزام والطريق الصينية (منصة لتعزيز الروابط بين الصين وكافة الدول بشكل أوثق)، فتهدف المبادرة الصينية إلى تعزيز التعاون فى (خمسة مجالات رئيسية)، هى: (تنسيق السياسات، البنية التحتية، التجارة، التمويل، التبادلات الشعبية)، وغيرها.
١٠) ويعد (تنسيق السياسات) فى إطار مبادرة الحزام والطريق هو مفتاح التعاون المرن بين الصين والعالم، بعدم محاولة بكين أبداً فرض المبادرة على آخرين أو فرض أى سياسة وخطط معينة، ولكن الصين تولى إهتماماً وثيقاً بمواءمة مبادرة الحزام والطريق مع (إستراتيجيات التنمية لشركائها فى الحزام والطريق) بما يخدم مصالح الجميع.
١١) وحتى الآن، وقعت معظم دول الحزام والطريق إتفاقيات سياسية مع مشاركين آخرين فى المبادرة بشأن (القواعد والمعايير، السياسات الضريبية، وحماية الملكية الفكرية، فض المنازعات، تنمية البنية التحتية) وغيرها.
١٢) ونجد تأكيد الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” خلال كلمته فى (إفتتاح منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولى) عام ٢٠١٧، بأن: “الصين على إستعداد لتبادل ممارسات التنمية مع دول أخرى، لكن الصين ليست لديها أى نية للتدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى ولا تسعى بكين لتصدير نظامها الإجتماعى ونموذج التنمية الخاص بها، ولا لفرض إرادة الصين على الآخرين، كما أن الصين عبر مبادرتها للحزام والطريق، لن تلجأ إلى مناورات الجغرافيا السياسية التى عفا عليها الزمن”. وأنا أعتبر أن تلك الرسائل للرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” بمثابة (رسائل سياسية صينية لوضع قواعد عالمية فى إطار مبادرة الحزام والطريق).
١٣) والأهم هنا، نجد أنه فى إطار تعاون الحزام والطريق، أيدت الصين ومارست مبدأ “التشاور الشامل والتنمية المشتركة والمنافع المتبادلة”، ساعية إلى تحقيق تنمية ذاتية مع توفير الفرص والخبرات ورأس المال فى الوقت نفسه لشركائها فى مبادرة الحزام والطريق إلى جانب مختلف بلدان العالم.
١٤) وكشهادة على إرتباط المبادرة الصينية وأهميتها للعالم، فقد أدرجت مؤسسات دولية ومنصات تعاون رئيسية رؤية مبادرة الحزام والطريق الصينية ضمن رؤيتها الشاملة المتفق عليها، بما فى ذلك: (الأمم المتحدة، مجموعة العشرين، منتدى التعاون الإقتصادى لمنطقة آسيا-الباسيفيك، منظمة شانغهاي للتعاون)، ومن هنا، نجحت مبادرة الحزام والطريق الصينية فى توفير منصة لتعزيز الروابط بين مختلف بلدان العالم الداخلة فى إطار المبادرة الصينية.
ويمكننا من خلال هذا التحليل لأهم الأدوار التنموية للصين ومبادرتها للحزام والطريق، فهم آلية وخطط النجاح الصينى، بوضع إستراتيجية طويلة تعرف ب (التكيف مع التنمية الإقتصادية العالمية)، مع تبنى الصين لأنماط تنموية وإقتصادية حديثة، تقود من خلاله مشاريع إقتصادية عالمية عبر مبادرة الحزام والطريق، وتعدل سرعة ونمط تنميتها بدلاً من السعى لتحقيق معدل نمو أعلى، وهذا هو سر الجاذبية للنموذج التنموى الصينى ومبادرة الحزام والطريق كإنطلاقة للصين الحديثة وللحلم الصينى الكبير بقيادة العالم.
– رابعاً: دور مبادرة الحزام والطريق فى نهضة الصين الحديثة، والدعوة لتقاسم “تجربة الحوكمة الصينية عالمياً” من أجل مستقبل مشترك للبشرية
هناك تأكيد شديد الوضوح من الرئيس الصينى “شى جين بينغ” فى مختلف خطاباته السياسية بأن (نهضة وتحديث الصين هو روح العصر الحديث) بالنسبة للصين. ووفق هذا السياق جاء خطاب الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” فى الأول من شهر يوليو الماضى خلال الإحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعى الصينى، مؤكداً فيه:
“أن نهضة بلده عسكرياً وإقتصادياً هو أمر “لا رجعة فيها”
وكان أكثر ما أستوقفنى خلال خطاب الرفيق “شى جين بينغ”، هو تحدثه كاملاً لمدة ساعة، وكرر فيها عدة مرات عن أهمية (الربط بين دور الحزب الشيوعى الصينى فى نهضة وتاريخ الصين الحديث)، وأكد فيها الرئيس “شى” صراحةً:
“لقد كان الحزب الشيوعى الصينى أساسياً فى نمو البلاد، وإن محاولات فصله عن الشعب”ستفشل”
ومن هنا يتضح لنا بتحليل مضمون وسياق تصريحات وخطابات الرئيس “شى جين بينغ”، بأن كافة مبادرات الصين التنموية الحديثة قد خطط لها إستراتيجياً قيادات الحزب الشيوعى، والتأكيد على مرونة الحزب فى التعاطى والتعامل مع كافة المتغيرات الدولية، ونبذ الفكر الأحادى والهيمنة، والدعوة للتعاون وتبادل المنافع بين الجميع، وذلك من خلال:
١) التأكيد على دفاع الصين وحزبها الشيوعى الحاكم عن (المشاورات الموسعة بين الأطراف الدولية المتعددة على قدم المساواة)، قد أدى لتطور مبادرة الحزام والطريق من مجرد إقتراح صينى إلى (توافق عالمى).
٢) لذلك يأتى الحرص الصينى على دعم دور الآليات متعددة الأطراف، لتعزيز تلك (المشاورات الموسعة متعددة الأطراف)، حيث تشترك الصين بشكل فعال فى التنسيق والتعاون بشكل جوهرى بشأن مبادرة الحزام والطريق مع الدول المشاركة الأخرى، وتستخدم بصورة كاملة آليات التعاون التعددية القائمة، مثل: (مجموعة الـ ٢٠، منظمة شنغهاى للتعاون، إجتماع آسيا- أوروبا، منتدى التعاون بين الصين وأفريقيا، منتدى التعاون بين الصين والدول العربية، منتدى التعاون والتنمية الإقتصادية بين الصين ودول جزر المحيط الهادىء)، وغيرها.
٣) تحاول الصين من خلال مبادرتها للحزام والطريق التعاون مع مختلف المؤسسات الدولية فى إطار (التعاون متعدد الأطراف)، وهذا ما أكد عليه الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ”، خاصةً فى كلمته فى (إفتتاح الإجتماع السنوى لمنتدى بوآو الآسيوى لعام ٢٠٢١)، حيث إقترحت الصين مواصلة بناء الحزام والطريق بجودة عالية، وتنفيذ مبادئ التشاور والتشارك والتنافع وتعزيز المفهوم المنفتح والأخضر والنزيه والسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عالية المعايير التى تعود بالنفع على مختلف الشعوب حول العالم.
٤) تحاول الصين عبر مبادرة الحزام والطريق إرساء (تعاون دولى متعدد الأطراف مع كافة المؤسسات الدولية)، وذلك تحت عنوان: “تعزيز التعاون الدولى، التشارك فى بناء الحزام والطريق، تحقيق التنمية القائمة على الكسب المشترك”. وأهم كلمتين مفتاحيتين فى إطار الحزام والطريق الصينى، هما: (التعاون، والكسب المشترك للبشرية). بمعنى أن الجانب الصينى يتمسك بمبادئ (التشاور والتشارك والتنافع) عبر طرحه لمبادرة “الحزام والطريق”، وذلك بقصد تحقيق التنمية المشتركة والإزدهار المشترك للدول الواقعة على طول الخط من خلال تعزيز الترابط والتعاون بينها.
٥) ويسعى الرئيس الصينى الرفيق “شى جين بينغ” عبر مبادرة الحزام والطريق لربط وتشبيك المبادرة الصينية الهامة حول التشارك فى بناء “الحزام والطريق” مع مختلف المؤسسات والدول، والذى يغطى كافة المعاملات والشراكات الدولية، ويأخذ أشكال عدة، مثل: (الحزام الإقتصادى لطريق الحرير)، والذى يغطى قارتى آسيا وأوروبا و (طريق الحرير البحرى فى القرن الحادى والعشرين)، والذى يعبر المحيط الهندى وصولاً إلى شرقى أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
٦) وتعتبر هذه المبادرة الصينية بمثابة أكبر إنجاز عام قدمته الصين للمجتمع الدولى حتى الآن، وهى مبادرة للتعاون الدولى تحظى بترحيب واسع من العديد من المؤسسات الدولية والبلدان المختلفة حول العالم، وتهدف مبادرة الصين إلى (تعزيز التعاون الدولى، تحقيق التبادلات، تكامل المزايا بين مختلف الدول، تقليص فجوة التنمية بين مختلف المناطق عن طريق تناسق السياسات، ترابط البنية التحتية، تواصل الأعمال، تداول الأموال وتفاهم الشعوب)، وذلك سعياً فى النهاية إلى (تسريع وتيرة عملية التكامل الإقليمى بين الدول الواقعة على طول الحزام والطريق)، والدفع بتحقيق التنمية والإزدهار المشترك لهذه الدول وحتى لمناطق أخرى وخدمة للسلام والاستقرار الإقليميين. وهو ما يفرض نمط (التعاون الدولى متعدد الأطراف بين الصين والعالم).
٧) وتأتى أهمية (تعزيز التبادلات والتعاون الدولى متعدد الأطراف فى إطار الحزام والطريق) نظراً لعضوية ومشاركة أكثر من ١٠٠ دولة أو منظمة دولية ودعمهم وتجاوبهم الإيجابى للمبادرة الصينية، ومن ضمنها أكثر من ٤٠ دولة ومنظمة دولية وقعت على إتفاقيات التعاون مع الصين. وبلغ حجم إستثمارات الشركات الصينية فى الدول الواقعة على طول الخط أكثر من ٥٠ مليار دولار، وتمت ترجمة عدد كبير من المشاريع المهمة على أرض الواقع، وهو الأمر الذى ساهم فى (تحريك التنمية الإقتصادية فى مختلف الدول وخلق عدد هائل من فرص العمل).
٨) وهو نفس المنحى الذى أكده الرئيس الصينى الرفيق ” فى كلمات خطاباته، بتأكيده على أن “فكرة مبادرة الحزام والطريق نبعت من الصين، ولكن فوائدها تعم العالم كله، فقد فتحت هذه المبادرة آفاقا جديدة للتعاون بين الصين وكافة بلدان العالم”. وهذا ما يستلزم تعاون الصين مع كافة المؤسسات الدولية لجنى ثمار وفوائد التعاون متعدد الأطراف بين الصين والعالم.
٩) وهذا ما حذرت منه الصين مؤخراً لقادة (مجموعة السبع الكبرى)، برفض القيادات السياسية الصينية فى الحزب الشيوعى الصينى للهيمنة والأحادية ورفض البعض للتعاون متعدد الأطراف، بالتأكيد على: “أن الأيام التى تقرر فيها مجموعة صغيرة من الدول مصير العالم قد ولت منذ زمن بعيد”. وهو نفس المنحى الذى ذهب إليه المتحدث بإسم السفارة الصينية فى لندن، بتأكيده على أنه: “لقد ولت الأيام التى كانت مجموعة صغيرة من الدول تملى فيها القرارات العالمية”.
١٠) مع تأكيد المتحدث بإسم السفارة الصينية فى لندن، بأنه: “نعتقد دائماً أن الدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، فقيرة أم غنية، متساوية، وأنه ينبغى التعامل مع الشؤون العالمية من خلال التشاور بين جميع البلدان”. وتأتى هذه التصريحات في الوقت الذى تحاول فيه (دول مجموعة السبع تقديم موقف موحد بشأن الصين).
١١) إن مبادرة الحزام والطريق تعد مشروعاً عالمياً وتحول الصين إلى “نصير للتعاون الإقتصادى والتجارة والعولمة” مع كافة المؤسسات والدول.
١٢) وتهدف المبادرة الصينية إلى تعزيز الترابط الدولى والنمو العالمى والتنمية وزيادة التفاهم والإحترام والثقة المتبادلة والعلاقات الودية بين الشعوب والدول، مما يشير إلى (حقبة جديدة فى التعاون متعدد الأطراف).
١٣) تعكس المبادرة رؤية الصين لتعزيز التعددية من خلال (بناء الجسور بين القارات والدول والمواطنين).
١٤) والمثال الأوضح على أهمية التعاون متعدد الأطراف بين الصين والعالم فى إطار الحزام والطريق، هو (الأزمة الصحية الحالية لإنتشار جائحة كورونا)، والتى أكدت لنا أهمية (الترابط والإعتماد المتبادل) بين بلدان العالم، وهو ما يعزز وجهة نظر الصين بتفعيل (التعددية الفعالة)، ليس فقط من أجل التعافى من هذه الوضع الطارئ بعد (كوفيد-١٩)، ولكن أيضاً من أجل التغيير إلى الأفضل. ولذلك، فإن الحاجة إلى دعم التعددية أصبحت أكثر أهمية وإلحاحاً عن أى وقت مضى.
١٥) وأيضاً فنجد مثال على أهمية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين أوروبا وآسيا والصين، على أساس (الإلتزام المشترك بقواعد السوق والمعايير والأعراف الدولية)، ستصب فى مصلحة كافة الأطراف الدولية، وستعزز العلاقات الإقتصادية والتجارية والإستثمارية بين الصين وقارات العالم.
١٦) ومن هنا تسعى الصين لدعم التعاون متعدد الأطراف عبر “تقاسم تجربة الحوكمة الصينية من أجل مستقبل مشترك للبشرية”، ودعم الصين أيضاً للعديد من العلماء والسياسيين ورجال الأعمال، بالإضافة إلى صناع السياسات والقرارات من مختلف دول العالم فى إطار التشاور والتشارك والتنافع متعدد الأطراف الدولية.
وبناءً على ما سبق، فإن الإحتفال هذا العام بذكرى تأسيس جمهورية الصين الشعبية الحديثة، يحمل فى طياته ملامح نجاحات وتحديات عديدة قد خاضتها الصين عالمياً، وشهدت الصين منذ ذلك الوقت تحولات كبرى فى مسيرتها التنموية والإقتصادية، وصولاً لتحقيق “الحلم الصينى الأكبر للبشرية”، بتبنى وإطلاق “مبادرة الحزام والطريق الصينية”، وظهور الصين كدولة نموذج يحتذى به، وبالأخص فى المجتمعات والدول النامية مع دعوتها لنظام متعدد الأطراف، والذى تماشى فى الوقت الحالى فى الصين بإعداد جيل كامل من الشباب الصينى لتلك المهمة الطويلة والشاقة، بتذكيره بتاريخ ونضال الصين حتى نجاحها دولياً.
وهو ما ترجمته قيادات الحزب الشيوعى عملياً عبر التمهيد له بالدعوة إلى (الإهتمام بعنصر الشباب وتجديد شباب الأمة الصينية)، وأقامت قيادات الحزب الشيوعى الصينى فى قلب “ساحة تيان آن مين” بوسط العاصمة، وتحديداً فى “ملعب بيردز نست” فى بكين عرضا فنياً يروى فيه تاريخ الصين، بعنوان “الرحلة العظيمة”.
كما طلب من كافة صالات السينما فى الصين عرض أفلام دعائية معروفة بـ “الأفلام الحمراء”، لمدة مرتين فى الأسبوع، وذلك بدءاً من شهر أبريل الماضى ٢٠٢١، بهدف أساسى ألا وهو “التذكير بنجاح ونهضة الصين وقدرتها على المضى قدماً فى مشاريعها التنموية والإقتصادية الدولية رغم كل ما يقابلها من تحديات وصعوبات لعرقلة نموها ولتعطيل مصالحها”.
ومن هنا، بدأت خلال (ذكرى الإحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعى الحاكم) حملة كبيرة الهدف منها “إلتفاف الشعب الصينى حول قياداته وحزبه”، مع بث كافة وسائل الإعلام لحملة دعائية كبيرة عن تاريخ الصين ونهضتها الحديثة بنسخة إعتمدها الحزب الشيوعى، مع طرح أغنية جديدة لاقت نجاحاً رائجاً فى الصين، بعنوان: “مئة فى المئة”، للإشادة بإنجازات الصين داخلياً وحول العالم، والتأكيد على أهم السياسات والإنجازات الصينية وأهم التحديات التى واجهتها، مع الدعوة لتضامن وإتحاد أبناء الشعب الصينى حول القيادة السياسية والحزب الشيوعى حتى تستكمل الصين مسيرتها دولياً بالنهوض بحلم كافة أبناء الشعب الصينى، وهو ما أكدته معانى خطاب الرئيس “شى جين بينغ”، مؤكداً بأن الحل هو:
“التعاون متعدد الأطراف ونبذ الأنانية والعمل سوياً فى عالم حر متعدد لتبادل المنافع والأرباح، مع ما يجمعنا سوياً من مصير مشترك واحد للبشرية وللإنسانية جمعاء.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.