فتح باب التقديم للدورة التدريبية "تطوير مهارات الصحفيين من الأساسيات إلى التفوق" بمقاطعة كيبك بكندا من يوم 1 نوفمبر لمدة 30 يومًا حتى 1 ديسمبر ، لذا نحث الراغبين في التقديم على تجهيز المستندات اللازمة للتقديم، لمزيد من المعلومات بصفحة الانضمام الى البرنامج التدريبى.

فقط 1750$
إعلان

من وحي الأدباء وفكر العظماء ..  الغرباء لا يشربون القهوة

عصام التيجي يكتب :

0

من مجرياتِ القدر : كما يعيشُ الإنسان في حياتِه لحظاتٍ من القوة ، يعيشُ أيضاً لحظاتٍ من الوهنِ والانكسار ، يرى فيه ضَعفَه كمثلِ القشةِ التي قَصَمت ظَهرَ البعير ، والأصعبُ أن يكونَ ذلك الضعف ليس نتاجَ تقصيره أو قلةَ حيلته ، بل هو قمعٌ وظلمٌ وطغيانٌ وطمعٌ في مقدراتٍ كَتَبَها اللهُ له ، جَعَلتَه قوياً قادراً على العطاءِ والجهدِ والمثابرة لتحقيقِ أحلامِه والدفاعِ عنها ، ليصلَ إلى ما يصبو إليه ، ولكن يبدو أن الكعكةَ في يدِ اليتيمِ عجبه كما يقول المثلُ الشائع ، بالطبعِ هي ليست كعكهً ولا هو يتيمٌ ، بل نصيبٌ من الأنصبةِ التي وَزَعها اللهُ تعالى على عِبادِه ، فينظر إليه الغرباءُ وأصحابُ النفوسِ الضعيفةِ التي تستحلُ ما في أيدي غيرهم .

منذُ عقودٍ ممتدةٍ نعيشُ في مختلفِ أرجاءِ الوطنِ العربي لحظاتٍ من الانكسار  ، فمن سطوٌ على بلدانٍ عربية ، إلى احتلالٌ للبشرِ والحجر ، نرى من يدافع دون جدوى ، ونرى من يجد فيه مصلحتَه ، نشاهدُ الأشباحَ يسعَونَ في الأرضِ فساداً ، والغرباءَ هم أصحابُ النفوذِ والسلطة ، أما أصحابُ الأرضِ والعرضِ فقطعاً أصبحوا غرباءَ شوارعِهم وبيوتِهم ، يبحثون عن جيرانِهم فلم يجدوا منهم أحداً ” صديقاً أو مدافعاً ” .

” الغرباء لا يشربون القهوة ” عنوانٌ ليس غريباً على من له صلة بالمسرحِ وكُتَابِه ، استوحيته من عملٍ مسرحيٍ لِكاتبِنا الكبير محمود دياب ” رحمة الله عليه ” الذي كان مهموماً بقضايا أُمتِه العربية ، جَسَدَ من خلالِ روايتِه المسرحية التي حَمَلَت نفس العنوان الوضع الراهن في الأرضِ المحتلة ” فلسطين ” ، وكيف كان الغرباءُ لهم اليدُ الطولى فى سحبِ البساطِ من تحت أقدامِ أبناءِ أرضِ الأنبياءِ والرسل ، وتوزيع مقدراتها على رؤوسِ الأشهاد .

الغرباء هم من يزورونك ، ” لا ” بل يقتحمونك ، فليسوا ضيوفاً أو أصدقاءً جاءوا ليشربوا معك القهوة ، ولكن لغرضٍ آخر ، وهو ما يقع تحت بندِ الاغتصاب ، يريدون أن يسلبوكَ بيتك القديم الذي عشت فيه كما عاش فيه آباؤك وأجدادك ، يريدون أن يسرقوا ما هو ملكٌ لك من انتمائك لبلدك ، لوطنك ، لأصلك ، فالوطنُ لا يكون وطناً إلا بالانتماء وهو ما يريدون أن يسلبوه منك .

إذن هم في حكمِ الغزاة ، لابد وأن تقفَ بكلِ قوتك أمامهم وضدهم .

الحالةُ التي نحن فيها الآن متشابهة والعنوان جذوره متشعبة ، وأصبح صالحاً في كلِ زمانٍ ومكان ، فقهرُ الرجالِ انكسار ، وغلاءُ الأسعارِ غريبٌ يطرقُ البابَ بلا رحمةٍ ولا استئزان ، ومن يستحلون قوت الضعفاء هم غرباءُ الدينِ والوطن وليسوا أصدقاء ، وزائروا الليلِ الذين يقفزونَ على أحلامِ الموظفينَ البسطاء في مقارِ أعمالهم ” مصاصوا دماء ” ، يتغذون على جوهرِ حياتهم ، ينهبون أموالهم ويسبدلون مقاعدهم ومناصبهم ، بل هم الغرباء الحقيقيون أو الجماعة التي تريدُ تغييرَ هويتك واقتلاعك من جذورك لمصلحتهم ومصلحة من وراءهم ، ولكن لن يحيدونا عن حبِ الانتماء والدفاعِ عن الحقوقِ المسلوبةِ ومقاومةِ تجارِ الحياة .

لعلها كانت البداية .. ولم تكن النهاية .

فهم ليسوا أصدقاء بل غرباء ، والغرباء ” أبداً ” لن يشربوا القهوة .

 

 

 


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً