قد تلهيينا الدنيا بزخرفها وتمضى بنا الايام …
وكل مايهمنا هو حب الشهرة والظهور والرياء…
وتكون كل اعمالنا لاغراض دنيوية ..نعلن عنها ونجمع الناس كى تشاهدنا ونحن نقدم معونة او معروف لاحد ..
او نتباهى ونفتخر بأعمالنا الصالحة حتى يشكرنا الناس
واذا قدمنا خدمة او معروفا لاحد نذكره كل يوم بها ..ممتمين عليه كاننا نعايره ،
وتتحول حياتنا الى كذبة كبيرة نفتقد فيها الى الاخلاص فى كل اعمالنا
بالاضافة الى أن الانسان بطبعه خطاء ،ولاعصمة الا للانبياء .وطالما لسنا أنبياء. فلاعصمة لنا .
ولكل منا ذنوب وأخطاء كثيره لكن الاهم والاخطر هى ذنوب السر التى لايعرفها احد. ولو راجع كل منا نفسه ..يجد انه ارتكب ويرتكب معاصى وذنوب كثيرة .ولم يطلع عليها احد ..لكن من فضل الله ورحمته بنا يسترها علينا .ولم يفضحنا بها امام خلقه …مما يستوجب منا الشكر ..
يظهر الانسان بفطرته الطاعات ويخفى السيئات
————————————–
الانسان بالفطرة يسعد ويفرح عندما يعمل عملا صالحا .ويعمل على نشره والتعريف به ويتكلم عنه بسعادة .. حتى فى يوم القيامة سنجد المؤمنون يتباهون باعمالهم يقول تعالى( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه)
لكن مشكلة المباهاه فى الدنيا الخوف من الرياء وعدم اخلاص العمل لله فلاتقبل وتحبط الاعمال .ولا تاخذ اجرها وثوابها.
وكما يفرح الانسان بالطاعات يخفى عن الناس افعاله السيئة ولذلك يقال (الاثم ما حاك فى صدرك وكرهت ان يطلع عليه الناس..)لذلك من طرق اللحاق بركب الأنقياء إخفاء الأعمال الصالحة!… وان يجعل الانسان لنفسه خبيئة من عمل صالح، لا يطلع عليها أحد من الناس، حتى أهله أو زوجه…
أهمية ان يكون لك خبيئة
———————————-
كل ذى عقل يدرك اهمية ان يكون له من الاعمال الصالحة بينه وبين ربه لايعلمها احد..وذلك للآتى :
اولا-.شكرا لله على نعمه الكثيره واجل النعم وافضلها بعد نعمة الايمان على الانسان هى نعمة الستر ….ولو كشف الله عنا ستره ..لن تقوم لنا قائمة ..ولن تكون لنا كرامه …
فاستمرار ستر الله عليك حتى وانت تعصيه .. هذا يعنى ان الله مازال يعطيك الفرصة بعد الفرصة حتى تعود اليه ..لانه لو حاسبك على ما تقترفه من ذنوب لن يفلتك .وتصبح الفضيحة على رؤس الاشهاد …ويقول النبى الكريم ..عن فضيلة الستر.( لو تكاشفتم ماتدافنتم ).
٢- المعادلة بين الاعمال السيئة والاعمال الحسنة.
———————–؛————
يقول الزبير بن العوام رضي الله عنه : “اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح، كما أن لكم خبيئة من العمل السيئ”. وكما أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وسبب للهلاك وسوء الخاتمة، فكذلك حسنات الخلوات هي أصل المنجيات وسبب لحسن الخاتمة، والنجاة يوم القيامة….
وسيدنا الزبير رضي الله عنه هنا ينبهنا على أمر نغفل عنه؛ وهو المعادلة بين الأفعال رجاء المغفرة؛ فلكل إنسان عمل سيئ يفعله في السر، فأولى له أن يكون له عمل صالح يفعله في السر أيضًا لعله أن يغفر له الآخر…..
انواع الخبيئة
——————-
احرص ان يكون لك خبيئة من العمل الصالح تميزك ..فكل منا له خصائص تميزة .
.فمن اعطاه الله المال تكون خبيئته التصدق ،ومن اعطاه الله المنصب والجاه تكون خبيئته بجبر الخواطر وقضاء حوائج الناس،
ومن اعطاه الله العلم تكون خبيئته فى نشر العلم وتعليمه .،وكصلاة الليل وصلاة الضحى ..وكشف كرب الناس واغاثة الملهوف وكثرة الصيام والذكر ..والسعى لقضاء حوائج الناس وكلما كانت منفعة العمل الخيرى متعدية للغير كلما كانت افضل ..فمثلا الصلاة لك..لكن الصدقة تفيدك وتنفع الغير ..ولذلك عند الموت يتمنى العبد ان يعود يقول رب ارجعون …لعلى اعمل صالحا فيما تركت ..ويقول فى موضع اخر لولا اخرتنى إلى اجل قريب فأصدق واكن من الصالحين ..فقدم الصدقة على باقى الاعمال الصالحة ..
واعمال الخير كثيرة ونعم الله اكثر ..فاختر لنفسك ما يلائمها ..شكرا للنعم وخبيئة تضاف لك فى سجل اعمالك يوم القيامة …
والاصل فى الخبيئة الاخلاص وعدم الرياء ..يروى ان سيدنا علي. زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما كان يطوف على مائة بيت من الفقراء والمساكين،و يعلق على ابوابهم اكياس من الدقيق والمساعدات العينية من الطعام ..وهم لا يعرفون، من الذي يقدم لهم هذه المساعدات…
الا بعد وفاته رضى الله عنه …عند غسله… وجدوا على ظهره آثارًا سوداء، فقالوا: هذا ظهر حمال، وما عرفناه قد اشتغل حمالًا، فلما انقطع الطعام بموته عن مائة بيت كان يأتيهم طعامهم بالليل من مجهول، علموا أن الذي كان يحمل لهم الطعام في كل ليلة لهم هو سيدنا علي بن الحسين رضي الله عنه..
وهل للخبيئة اصل من الشرع؟
————————————-
قال صلى الله عليه وسلم”من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل ”
اجعل بينك وبين الله خبيئة صالحه لايطّلع عليها غيره ، فربّما كانت هي المنجية فهي أعظم ماتتقرب بها إلى ربّك تدّخرها لنفسك في يوم أحوج ماتكون فيه ، فهي تجارة رابحة مع الله محاطةٌ بـالكتمان مُعطّره بالصدق”
نقول نعم ونحن مأمورون بها ..
وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم ..انه من بين السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لاظل الا ظله ..ذكر منهم: (ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه)، ذكــر الله بعيدًا عن عيـــون الناس فبكى من خشية الله، وذكر منهم (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)،هذا الرجل أخفى الصدقة عن بعض جسده، وهذا من شدة حرصه على إخفاء العمل حتى لا يطلع عليه أحد، فإذا كان قد أخفى الصدقة عن بعض جسده، فإخفاء العمل عن الناس من باب أولى.
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على الخبيئة من العمل فيقول: ((صلاة الرجل تطوعًا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسًا وعشرين)) لماذا؟ ما هو السبب؟
لأن الصلاة عندما تكون في السر وبعيدًا عن عيون الناس، تكون أخلص، وبعيدة عن الرياء والسمعة، وأرجى في القبول عند الله تعالى؛ لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (فصلوا – أيها الناس – في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة).
و يقول ربنا جل جلاله:( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) فالعبرة بحسن العمل لا بكثرته، وأعظم وصف في حسن العمل أن يكون خالصًا لوجه الله تعالى.
يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾
الخلاصة
اجعل بينك وبين الله خبيئة صالحَة، لا تُخبر بها أحداً ولايعلمها احد حتى اقرب الناس اليك ،
داوم عليها وإن كانت قليلة
وحتى لو كانت أعمال يسيرة ، يكفي فيها صدق النية ورُبّ عمل صغير عظّمته النيّة
وأعمال الخفاء ترفع صاحبها وتزيده ثباتًا أمام الفتن ، وكلما كانت أعمال العبد في الخفاء أكثر كان للثبات أقرب” ، وسترى عظيم أثرها في حياتك وبعد موتك وفي آخرتك.
فطُوبى لك لو اطَّلع الله على قلبك ووجد فيهِ سراً صالحاً بينهُ وبينك ”
فالعبادات الخفية والأعمال الصالحة السرية ، بها من كنوز الحسنات ما لا يعلمه إلا الله.
فهى تفتح لك ابواب الرزق ويستجيب الله لك بها الدعاء
و تكون سببًا في نجاتك من مصائب الدنيا، وخلاصًا من أهوال الآخرة. يقول سيدنا الحسن البصري رحمه الله: “استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، وإنكم لن تجدوا شيئا أذهب بسيئة قديمة من حسنة حديثة، وأنا أجد تصديق ذلك في كتاب الله: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾
واحرص – – على أن تعمل حسنة في المكان الذي ارتكبت فيه سيئة؛ لتقوم هذه الحسنة بمسح تلك السيئة، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
اللهم ارزقنا حسنات تذهب سيئاتنا، وتوبة تجلو أنوارها ظلمة الإساءة والعصيان، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..
بقلم .. ا.د / إبراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية السابق
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.