الطلاق في السعودية خلال عقد : أرقام ترتفع وأسئلة اجتماعية تتجدد
بقلم: زكي الجوهر - السعودية

شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات العشر الماضية تطورًا لافتًا في معدلات الطلاق، حيث ارتفع عدد الحالات من نحو 40 ألف حالة في عام 2016 إلى ما يقدر بأكثر من 65 ألف حالة بحلول عام 2025. هذا الارتفاع المستمر ليس مجرد رقم، بل هو مرآة تعكس تحولات عميقة في المجتمع السعودي على المستويات القانونية، الثقافية، والاجتماعية.
من الوصمة إلى العلن
لطالما ارتبط الطلاق في الوعي الجمعي السعودي بنوع من الوصمة الاجتماعية، لكنه اليوم بات خيارًا مطروحًا للنقاش، بل ومتاحًا قانونيًا أكثر من أي وقت مضى، لا سيما بعد إصلاحات شملت تسهيل إجراءات التقاضي، وتمكين المرأة من التقدم بطلب الطلاق إلكترونيًا، وتوفير حماية قانونية أوسع لحقوقها.
المرأة على مفترق التمكين
لم يكن هذا التحول القانوني بمعزل عن التغيرات الأوسع ضمن رؤية السعودية 2030، حيث ازدادت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وارتفع مستوى تعليمها، ما انعكس مباشرة على قدرتها في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياتها الزوجية، بما في ذلك قرار الانفصال.
أرقام تتكلم
بحسب بيانات وزارة العدل والهيئة العامة للإحصاء، فإن الزيادة الكبرى في حالات الطلاق تركزت ما بين عامي 2018 و2022، حيث تراوحت الزيادات السنوية بين 8% و12%. كما أن المدن الكبرى كـالرياض وجدة ومكة كانت في صدارة عدد الحالات، بينما أظهرت البيانات أن أغلب حالات الطلاق حدثت خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، ما يشير إلى خلل في الاستعداد النفسي أو الاجتماعي للحياة الزوجية.
كورونا: عامل ضغط مفاجئ
شكلت جائحة كورونا ضغطًا إضافيًا على العلاقات الزوجية، حيث ساهم الحظر الصحي والظروف الاقتصادية الصعبة في كشف هشاشة بعض الروابط، وهو ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في طلبات الطلاق في عامي 2020 و2021.
ما وراء الرسم البياني
يشير الرسم البياني المرفق – المقدم باللغة العربية – إلى تصاعد منتظم في عدد حالات الطلاق، ويؤكد على أهمية البيانات البصرية في إيصال الحقائق للجمهور وصناع القرار. فالبيانات متى ما عُرضت بلغة الناس وأسلوبهم، باتت أقرب إلى الفهم، وأقوى في التأثير.
في مواجهة الواقع: ما الحل؟
لا يعني ارتفاع حالات الطلاق بالضرورة انهيار القيم الأسرية، بل ربما يعكس وعيًا أكبر لدى الأفراد بحقوقهم، وتحررًا من علاقات غير صحية. لكن ذلك لا يمنع من الحاجة إلى سياسات داعمة، تشمل التأهيل قبل الزواج، والاستشارات النفسية، وبرامج الدعم الاجتماعي للمطلقين وأطفالهم.
في النهاية، الطلاق ليس فقط نهاية علاقة، بل بداية نقاش أكبر حول ما الذي يعنيه الزواج في ظل مجتمع يتغير بسرعة. وبين ارتفاع الأرقام وتنوع الأسباب، تظل الأسرة السعودية بحاجة إلى مزيج من الفهم، والاحتواء، والواقعية.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.