حماس تواجه واحدة من أشد الأزمات في تاريخها تزامنا مع انهيار المال الإيراني

تقرير

تواجه حركة حماس واحدة من أشد الأزمات في تاريخها – ليس فقط على المستوى العسكري أو السياسي، بل في عمق بنيتها المالية. فمع انهيار قنوات التمويل الإيرانية، وتدمير شبكات الجباية، وتقييد الحركة المالية من الخارج، تجد الحركة نفسها في وضع اقتصادي خانق يدفعها للبحث عن موارد بديلة بأي وسيلة، حتى وإن كان الثمن هو المواطن الغزي البسيط.

ضربة قاصمة تعرضت لها الحركة تمثلت في استهداف وضرب قنوات الاتصال والتمويل بين قيادات حماس وممثلي الحرس الثوري الإيراني. خلال الأسابيع الأخيرة، تم تعطيل نشاط عدد من الشخصيات التي كانت تنقل الأموال من طهران إلى غزة، سواء عبر بيروت أو عبر وسطاء في تركيا والسودان. الأمر أدى إلى شبه توقف في تدفق الأموال التي اعتادت الحركة الاعتماد عليها لدفع رواتب عناصرها وتمويل أنشطتها العسكرية والإدارية.

أمام هذا التراجع الحاد في الموارد الخارجية، بدأت حماس بالاتجاه نحو مصادر بديلة – أبرزها السيطرة على المساعدات الإنسانية القادمة من الخارج لغزة. في الأسابيع الأخيرة، تزايدت التقارير حول قيام عناصر تابعة للحركة بالاستيلاء على شحنات المساعدات – من الغذاء والدواء وحتى الوقود وغاز الطهي. الشهادات من الميدان تؤكد أن جزءًا كبيرًا من هذه المساعدات لا يصل إلى المواطنين، بل يُعاد توزيعه على مقربين من الحركة، أو يُعرض للبيع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.

في حي الزيتون، أفاد شهود عيان أن شحنة مساعدات غذائية مكونة من طرود تحتوي على أرز وسكر وزيت وصلت للمنطقة، لكن معظمها لم يُوزع على المواطنين. يقول أحد السكان: “جاؤوا وأخذوا كل شيء، وقالوا إن الطرود مخصصة لحالات أمنية خاصة. عندما سألنا، قالوا لنا: لا تتدخلوا”.

وفي رفح، تقول شابة تبلغ من العمر 27 عامًا: “رأيت الشحنات تصل إلى المخزن، وبعد يوم اختفت تمامًا. فجأة بدأت تظهر نفس المنتجات في السوق بأسعار لا يمكن تحملها. الكل يعرف من يقف خلف ذلك”.

ومع تصاعد الأزمة، لجأت حماس أيضًا إلى إعادة فرض الجباية القسرية على السكان – رغم الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه معظم العائلات. تُفرض رسوم على المياه والكهرباء وحتى على لجان الأحياء، ويُهدَّد الممتنعون عن الدفع بقطع “الخدمة”. إحدى الأمهات في حي الصبرة قالت: “لم أعمل منذ أشهر. ابني مصاب. ومع ذلك، أتوا إلى منزلي وطالبوني برسوم. قالوا لي: ادفعي وإلا سنمنعك من الحصول على الغاز”.

ورغم هذه الانتهاكات، يخشى المواطنون التحدث علنًا. فحماس لا تتسامح مع النقد الداخلي. في بعض الحالات، أُبلغ عن اعتقال شبان حاولوا توثيق نهب المساعدات، ومصادرة هواتفهم. بعض النشطاء تلقوا تهديدات مباشرة أو زيارات ليلية من عناصر أمنية.

الصورة تتضح يومًا بعد يوم: حماس، التي كانت تعتمد على المال الإيراني، وجدت نفسها الآن تستهلك موارد سكان غزة الفقراء. بدلًا من تمثيل المقاومة، تتحول إلى منظومة تسلب وتنهب لتُبقي على نفسها قائمة. السطو على المساعدات ليس فقط انعكاسًا للأزمة – بل دليل على الإفلاس الأخلاقي.

وكلما طال أمد هذه الأزمة، زادت احتمالات الضغط الاقتصادي على الناس، فيتحول “المقاومون” إلى عبء على كاهل من يدّعون الدفاع عنهم. ويوم يتوقف الناس عن الخوف – سينهار هذا النظام من تلقاء نفسه.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

اترك تعليقاً

🔔
error: المحتوى محمي !!
العربيةالعربيةFrançaisFrançais