أقصوصة همسات!
بقلم : سعد جمعة

استيقظت متأخرا.. التفتت القطط حولي في حنان، أعرف نبرة كل منها، لكنهم اجتمعوا هذه المرة على مواء واحد يستعطف الطعام. لقد نفد ما تبقى منذ الصباح. ألقيت نظرة عابرة على عقارب الساعة: وقت متدلٍّ قبيل المغرب بقليل.
قفزت من سريري، غسلت وجهي على عجل، وهرعت إلى الباب. ما إن فتحته حتى انطلقوا بجواري كالحرس الملكي. اعتادوا مرافقتي في الذهاب، وانتظاري عند ناصية الشارع في العودة. مضيت أبحث عن طعامهم، وهمي الوحيد: هل سأجد متجرا يبيع طعامهم مفتوحا في هذا الوقت؟
عدت محملا بالأكياس، لم أفكر في جوعي. “الجوع كافر” كما يقال، أما هم فيصبرون في صمت، يخبرونك بحاجتهم بلغة الإشارات والنظرات.
التقينا.. أحسست بفرحتهم تغمر المكان. سبقوني في صعود السلم، واحتشدوا حول القصعة. بينما كنت أتأملهم يلتهمون الطعام بسعادة، فجأة؛ وجدت – كبيرهم – يراقبني من بعيد. جلست فإذا به يهرع نحوي، يداعب ساقي وتدنو رأسه من وجهي. احتضنته طويلا، وأخذت أدلّله بتمشيط فروة رأسه، وتساءلت في سري:
لماذا لم يأكل معهم؟
– لأنه أتى ليشكرني، أو لأن جوعه العاطفي اشتد بعد أن اطمأن لوجود الطعام، أو ربما أراد أن يترك لهم الفرصة كي لا يزاحمهم؟
آه.. أيها القط الكريم! كم أنت وفيّ!
ليت البشر يتعلمون من الحيوانات الوفاء .. فبعضهم يبيع أحباءه في سوق المصالح، يتشبث بمعتقدات واهية ليحقق مآرب دنيئة!
.. وبينما أنا غارق في التأمل، لمحتها فجأة.. !
تلك العينان الجميلتان تتقدان باشمئزاز وتحدٍّ!
انقطع التيار الكهربائي فجأة.. فاختفت والصورة!
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.