إذا كانت السياسة تُخاض بالدهاء والعمل الاستباقي، وردود الأفعال المدروسة، وتوجيه التدافع ليصب في مصلحة اللاعب السياسي وما يمثله، فهي بهذا المعنى محاولة لتوظيف الأسباب لدفع الضرر وتحصيل المنفعة، ومما لا شك فيه أن الحرب هي الوجه الآخر للسياسة، وامتداداً لها، والحروب اليوم تُخاض في المعامل، والمختبرات والمصانع قبل الجبهات، وأصبح العلم المترجم لمُخترعات هو محور القوة العسكرية، وباتت قوة الدول تقاس بمرحلة تطورها العلمي والتجهيزي.
لقد تعرضت المنطقة لحروب ومعارك كثيرة، باتت تقارب عقداً من الزمن، ومهما كانت المعارك التي خسرناها في الماضي والتي نعيشها اليوم، يبقى التساؤل الأهم عن طبيعة المعارك القادمة، التي ستفرض نفسها علينا والتي باتت طلائعها تُطل برأسها …ولا تحتاج لكثير من الذكاء لمعرفة اتجاهها..!
فالمنطقة العربية تعرضت للتفريغ السياسي، ثم العسكري ثم النفسي، وبقيت الجولة القادمة وهي التفريغ الثقافي…! وهي جولة تحتاج لتفكير ملي وعلمي ورشيد، واستفادة من أخطاء الماضي وجمع للصفوف على القواسم المشتركة الدنيا فالجميع مستهدف في وعيه …!
إن المعارك من هذا النوع، تحتاج إلى جمع المعلومات وتنظيمها وتحديد أطرافها، وكذلك تحديد طبيعة الأجندة والمصطلحات والمسارات التي ستتخذها والإكراهات، وميزان القوة ونوعية العواطف التي ستستثار، والقدرة على التحكم الواعي في ردود الأفعال، وهذا يحتاج إلى سرعة الحركة والجاهزية العلمية، حتى يمكن تحقيق أكبر مصالح، وتقليل الخسائر وهذا يعني بالمحصلة دعوة العقول الوازنة في المراكز البحثية، والجامعات لتبادل الرأي والاستعداد فالقادم معارك ليست مستحيلة الكسب..!
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.