إعلان ثابت

خدمة مميزة يقدمها الاتحاد لأعضائه:
صمم موقعك باحترافية وابدأ رحلتك الرقمية اليوم

اضغط على الصورة للتفاصيل
إعلان

“أبو الغيط” فى الدورة العادية (715) على المستوى الوزاري: صراعات القوى العالمية الكبرى سوف تضع ضغوطاً علينا جميعًا

كتب: أيمن وصفى

0

ألقى “أحمد أبو الغيط” الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمته في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (715) بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، رحب فيها بالدكتور عبد الله بو حبيب وزير الخارجية والمغتربين للجمهورية اللبنانية ورئيس الدورة العادية 157 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، ورحب بالحضور، وقدم التهنئة للمجلس الوزاري، مُتمنياً لهم كل التوفيق والنجاح.. وتقدم بالشكر أيضًا للشيخ “د.أحمد ناصر المحمد الصباح” وزير الخارجية ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء بدولة الكويت، الذي قاد أعمال الدورة المنقضية بكل اقتدار، وتوجه بالتهنئة أيضًا ل”عبدي سعيد موسى” وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية الصومال الفيدرالية الذي يشارك أعمال المجلس لأول مرة.
وأوضح “أبو الغيط” بأن النظام العالمي يمر بمرحلة صعبة ودقيقة نشهد خلالها تحولات مفاجئة، وتطوراتٍ غير مألوفة… إنها مرحلة تُمثل جسراً بين ما عهدناه وألفناه من تفاعلات دولية وقواعد حاكمة لها، وبين ما لا نعرفه بعد من نظام عالمي يتبلور ويتشكل على وقع ما يجري من أحداث… ومن طبيعة هذه المراحل الانتقالية تصاعد منسوب انعدام اليقين، وتزايد قدر المجهول.. حيث الجميع يجرب، والكل يطرق أرضاً مجهولة المعالم، وبلا خريطة أو بوصلة هادية.
وقال: أحسب أن هذه المرحلة، بكل ما تنطوي عليه من مخاطر، تقتضي من الجميع ممارسة أعلى قدر من الحكمة، والتفكير الهادئ المتأني.. كما تقتضي أيضاً النظر إلى التكلفة الباهظة للصراعات والحروب، خاصة بين القوى الكبرى.. ليس فقط على الشعوب والدول التي تنخرط في هذه الصراعات الخطيرة، وإنما أيضاً على شعوب الدنيا بأسرها… ففي عالم معقد يقوم على الاعتماد المتبادل، يصعب أن تنأى دولة بنفسها عن تأثيرات حدث كبير مثل الحرب الجارية في أوكرانيا اليوم.
وأشار “أبو الغيط” بأن المبدأ الحاكم لمواقفنا وتحركنا الدبلوماسي حيال الحرب في أوكرانيا سيظل دائماً المصلحة الوطنية، والمصلحة العربية عموماً… إن صراعات القوى العالمية الكبرى سوف تضع ضغوطاً علينا جميعًا.. وسوف تُحمِّل بعض شعوبنا قدراً من المعاناة … وعلينا أن نكون مستعدين للدفاع عن مصالحنا واتخاذ المواقف التي تخدم أهدافنا.
وقال: لقد عانت منطقتنا من تدخلات أجنبية وإقليمية لعقود طويلة… وأفرزت هذه التدخلات، في المجمل، نتائج سلبية.. ونحن، في المنطقة العربية، ندرك جيداً أهمية النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول وتكاملها الإقليمي.. وطالما نادينا بأن يكون هذا المبدأ هو الحاكم لسياسات الدول وللعلاقات بينها … ولكنه، وللأسف، انتُهك مراتٍ على يد عدد من القوى الكبرى.. وفي منطقتنا، تنتهكه كل يوم قوى إقليمية متعطشة لفرض الهيمنة والتعدي على سيادة الدول.
وشدد “أبو الغيط” على أن السيادة والتكامل الإقليمي مبدأٌ ثابت من مبادئ القانون الدولي وركيزة جوهرية للنظام الدولي.. وقوة هذا المبدأ ورسوخه مستمدان من احترام الجميع -أكرر الجميع- له، وعدم تعديهم عليه.
وقال: إن اللجوء للعمل العسكري هو، في المحصلة النهائية، فشلٌ للدبلوماسية… فالدبلوماسية هي وسيلة عقلانية لحل الخلافات والتوصل إلى الحلول الوسط، تجنباً لأوضاعٍ يكون فيها الجميع خاسراً… واغتنم هذه المناسبة.. لأكرر مجدداً.. أننا نتمنى ونتطلع لمخرج دبلوماسي للحرب الجارية في أوكرانيا.. يوقف نزيف الصراع.. ويحقن دماء الأبرياء من كل الأطراف.. ويحفظ الحقوق، ويُلبي الشواغل التي يُمكن معالجتها بالحوار، وبمنطق الحلول الوسط.
وأوضح: إن بعض ما تطرحه الأزمة الأوكرانية علينا عاجلٌ وداهم، ويقتضي التفكير والعمل في الأجل المنظور… فالتبعات الاقتصادية للأزمة ليست بخافية علينا جميعاً.. وسوف تُعاني منطقتنا منها للأسف… وعلينا التفكير والعمل على إيجاد الوسائل والاستراتيجيات التي تجعل هذه المعاناة في حدها الأدنى…
وأشار هنا، على نحو خاص، إلى موضوع الأمن الغذائي العربي الذي سوف يتأثر سلباً بواقع الاضطراب في واردات الحبوب، وغيرها من المواد الغذائية، من الدولتين المنخرطتين في الصراع… وقد سبق، وأن تداول الاجتماع الوزاري التشاوري الذي عُقد في 30 يناير الماضي بالكويت، اقتراحاً كويتياً بدراسة ملف الأمن الغذائي من كافة جوانبه.. ودراسة إمكانيات وفرص التكامل الغذائي العربي من أجل تعزيز الأمن الغذائي لكافة دول المنطقة، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بملفاتٍ مختلفة من بينها الأمن المائي … وها هي الظروف الطارئة تدفعنا مُجدداً للعمل بكل جدية من أجل اقتحام هذا الملف بكل جرأة، وبنظرة علمية، وتوجه مستقبلي.
وأكد على أن الأزمة العالمية، متعددة الجوانب، التي نشأت عن الحرب في أوكرانيا لا ينبغي أن تكون سبباً في نسيان أو تناسي الأزمات العربية، التي ما زالت مشتعلة .. إن أزمات المنطقة العربية قد تشهد تعقيدات أشد بسبب العلاقات المتوترة بين القوى الكبرى.. غير أن ما يجري في العالم اليوم يتعين أن يُذكر الجميع بأن منطقتنا تشهد أيضاً صراعات أفرزت أزمات إنسانية مروعة… في سوريا، ما زال نصف السكان في حالة نزوحٍ أو لجوء.. واليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض بسبب استمرار الميلشيات الحوثية في مشروعها -المدان والمرفوض- للسيطرة على البلاد، وتهديد الجيران بالمسيرات والصواريخ الباليستية… هذه الأزمات لابد أن تُزعج ضمير العالم الذي انتفض لرؤية اللاجئين من أوكرانيا.. فالبشر هم البشر.. واللاجئون هم اللاجئون.. والمعاناة واحدة.. والتداعي العالمي لحل الأزمات والاستجابة لها لابد أن ينطلق من مفهوم إنساني، لا يُميز بين لاجئ وآخر.. ولا بين منطقة أزماتٍ وأخرى.
وقال: إن أزماتنا لا ينبغي أن تُنسى أو يجرى التغافل عنها وسط الوضع الدولي المتوتر.. وهذا واجبنا جميعاً في هذا المجلس.. إن الوضع في ليبيا يُثير قلقنا جميعاً … ولا أحد يُريد لهذا البلد أو لمؤسساته الدستورية أن تنقسم.. وإننا نناشد كافة الأطراف الليبية العمل فيما بينها على تجنب شبح الانقسام، أو اللجوء للعنف أو حتى التلويح به، وتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة عبر التحلي بروح المسئولية الوطنية والتخلي عن أي مغنمٍ شخصي أو حزبي أو مناطقي.. ومن أجل تحقيق التوافق في أسرع وقت على الظروف القانونية والسياسية والأمنية المناسبة لإجراء الاستحقاق الانتخابي، وفي فلسطين… يظل تعطيل المسار السلمي خطيئة كبيرة، سوف يدفع ثمنها الجميع، من استقرار هذه المنطقة وازدهارها في المستقبل.. إن الشعب الفلسطيني يُعاني استيطاناً تزداد شراسته.. ومداً يمينياً إسرائيلياً يعمل على خلق واقع يقوم، للأسف الشديد، على الفصل العنصري.. ولا أرى طريقة أخرى لوصف الواقع الذي يتشكل أمام أعيننا في فلسطين، يوماً بعد يوم، سوى هذا المصطلح الذي رفضته الإنسانية وظننا أنه صار من مخلفات التاريخ.. ويظل السبيل الوحيد لتفادي هذا السيناريو، الذي لن يكون في مصلحة أي طرف، هو البدء في مسار جاد للتسوية السلمية.. وعلى أساس المحددات المعروفة والتي أقرها العالم، وبما يُفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفى نهاية كلمته قال”أبو الغيط”: إن الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم تحملنا جميعاً على التشبث بمصالحنا والتمسك بقضايانا والحرص على المزيد من التنسيق في مواقفنا وسياساتنا.. وتظل هذه الجامعة، وتلك الرابطة العربية الأصيلة التي تجمعنا، هي الحصن في زمن الأزمة، والملجأ في وقت الشدة.

 

 

 

 


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً