7 . الوجود والعدم
لغوياً العدم هو عكس الوجود تماما و لا يوجد أي معنى أخر , أما فلسفياً فهناك أكثر من معنى لهذا المفهوم , أنه يحمل دلالة على الأشياء حيناً , و على أن هذا المفهوم هو ليس لا شيء , بل أن العدم هو شيء ما , و هي استمرار للأفكار الأفلاطونية القديمة ليس إلا , أما في رؤية الشيفرة كونية فهي محايدة فقط مع الحقيقة.
أن العدم بحسب العلم المثبت شيء لا وجود واقعي له إطلاقا, فهو مجرد مصطلح لغوي للدلالة على لحظة الصفر
في حركة الكون أو على مساحة نسبية معينة فارغة أو خالية من شيء ما ولكن ليس من كل شيء , و بذلك يصبح لا عدم في الوجود فعلياً و هذا ليس سوى مصطلح للدلالة على معنى لعكس كلمة وجود و لكنه في الواقع و الوجود لا وجود له , أنه مجرد اصطلاح لغوي تعبيري نسبي و ذهني يمكن استخدامه في اللغة و التعبير المجازي أما في الواقع المادي فلا وجود لمثل هذا الحدث في الواقع و لهذا لا وجود له في الفلسفة كقانون أو سنة كونية أو شيء واقعي بل فقط نسبي .
ونذكره هنا فقط للتوضيح و ليس لوجوده الواقعي بل لوجوده ألاستعمالي اللغوي و الفكري , و في الطبيعة لا يمكن وجود الفراغ المطلق أبدا و قد أثبت علم الفيزياء و الكم و غيره من العلوم أن الفراغ في الطبيعة لا وجود له إطلاقا
و أن أي محاولة لأحداث فراغ ما في الطبيعة تحت أي ظرف قد باءة بالفشل , و هذا يثبت أن الفراغ لا وجود له
و بذلك نحصل على دليل قاطع أن العدم غير موجود و أن العدم ليس أكثر من اصطلاح يمكن استخدامه مجازياً
حتى الآن .
و أشرنا إلى أن الثبات النسبي في الحركة يطلق عليه البعض عدم , أي انعدام الحركة في الوقت الذي يكون هذا العدم هو عبارة عن صفر فلسفي مؤقت في الحركة الخارجية, ويقابله فعل دائم لا يتوقف في الحركة الداخلية لأي ظاهرة أو شيء كان .
أن الصفر هو نقطة الثبات النسبية بين بداية حركة و نهايتها أي العودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى
و هذين الصفريين يراوحان بين حركة عكسية متواصلة.
صفر1 ذهاب>>
0 1 2 3 4 5 6 7 8 9
وصفر2 إياب<<
9 8 7 6 5 4 3 2 1 0
يمثل هذا الشكل المبسط الحركة المعاكسة بين الصفريين فالواحد هو واحد متعاكس دوماً من جهة هو1 تقدم>>
ومن اَلجهة السفلي 2<<هو تراجع عكسي و بذلك يصبح مدار حركة الوجود النسبي بين صفريين و هذين الصفريين هما نقطة توازن ما, و سكون نسبي و ليس عدم و قد أثبت العلم منذ مطلع القرن العشرين أن الفراغ غير موجود , و هذا يعني أن لا عدم في الوجود و ليس تلك اللحظات أو الفترات الساكنة سوى مرحلة من مراحل الحركة و توازناتها
و قد أثبتنا مراراً أن الصفر المنطقي الكوني والفلسفي ليس عدماً و ليس لا شيء , وحتى في الرياضيات المجردة يحمل الصفر دلالات و إمكانيات مختلفة عن جميع الأرقام.
أولاً: لا يمكن لأي رقم ازدواجي أن يكون بدون الصفر الذي يحدد الأساس الثابت لهذا الرقم أولاً و نبدأ العد بعد للعشرة حتى العشرين و نبدأ من جديد و نعود إلى الصفر.
ثانياً: جميع الأرقام حين تضاف إلى أي رقم أخر لا تضيف إلا نفسها أي الواحد هو واحد و الاثنين هي كذلك
و أي رقم ما بعد الصفر لا يمكنه أن يضيف إلا نفسه.
أما الصفر فإضافته لأي رقم ستجعل الرقم يتضاعف عشرة مرات و بذلك نرى أن الصفر ليس صفراً بمعنى الفراغ الفعلي حتى في الرياضيات , إلا في حالة وجوده على اليسار من الرقم الأساسي , فهو لا يحتسب مباشرة و لكنه يحتسب نسبياً مكسور , فالصفر ليس صفراً في كافة الأحوال بل هو عشرة أرقام مكثفة في هذا الصفر الذي نعتقده ليس رقماً أو لا شيء , أنه فكرة تشكل المركز و المحرك للرياضيات كلها ومصدر الطاقة الوحيد المضاعف والمحدد والمنقص , أي أنه حتى في الاستعمال الرياضي الرقمي هو دلالة منطقية على حركة مركزية وطاقة محركة وفاعلة لكل الأرقام وأساس قاعدي لها.
أن الصفر الرياضي الرقمي هو أبو الأرقام المركبة جميعها , و الواقع يسير بنفس المسار فلا صفر في الوجود الفعلي و لا فراغ في الطبيعة و الكون , و لا يمكن اعتبار كل شيء نجهله فراغ أو عدم , أن العدم يكمن في معارفنا و عدم توفر المعلومات الكافية عن هذا الشيء أو ذاك , أما في حقيقة الوجود فلا وجود شيء اسمه العدم في الواقع المطلق للوجود .
و بذلك لا يمكننا ربط الوجود بنقيض له في الواقع مثل العدم كمفهوم فلسفي والوجود من المطلقيات الكونية الأساسية الأزلية.
و لذلك نستعمل مفهوم الصفر النسبي و السكون , أما العدم فلا وجود له على الإطلاق في الشيفرة الكونية ووجوده لن يضيف سوى الغموض وربما هناك غاية ما لوجود أصلا,ولكننا ومضطرين لذكره كونه دارج و به الكثير من الالتباس
والأخطاء الشائعة.
وبذلك لا يمكننا القول مثلاً أن الوجود و العدم على علاقة مثلاً , أو هناك أي تأثير متبادل بل نكتفي بنفي النفي
و بذلك تنفى جميع تابعياته و شروطه من الناحية المنطقية والفلسفية .
إن ما يهمنا من فهم الوجود فهماً عميقاً و واقعياً هو الحقيقة بعينها و ليس مجادلة الآخرين و التصارع الفكري للسباق
أو الفوز على احد , أن الفائز الوحيد في عرفنا هي الحقيقة والمنطق وحدهما وحسب .
أن الحقيقة هي الهدف الأسمى لجميع الفلسفات و الأفكار الناضجة و المتطورة.
حاول البعض إطلاق تسمية العدم على المادة المظلمة التي تشكل المساحة الحاضنة للأشياء في الكون و لكن كيف لهذا الظلام أن نسميه (عدم) أي بمعنى لا شيء و هو ظلام متكتل ويشغل حيز ما , ورغم انه لا يبدي أي تفاعل مع كل ما يصله من أشعة ولكنه شيء متكدس وهذا يدل على واقعه المادي الأصل والواضح , وعدم تفاعله يجعل الوسط المحيط بنا مظلم لولا مصادر الأشعة المتوفرة من المادة المشعة الموجودة في الكون , وهي لا تزيد عن 5% من مادة الكون والبقية نراه مظلم , وكما يتكدس النور ويتكدس الظلام وخما وجهين لظاهرة واحدة متفاعلة بين النور والظلام , أي أن العملية بكاملها في النهاية تفاعل مادي يمكن رصده بحواسنا المجردة البسيطة .
أن العدم الوحيد الذي يمكن تصديق أنه عدم هو الفراغ , والفراغ هو تطبيقاً عملياً للعدم و هذا لا يمكن تحقيقه عملياً حتى في أكبر مختبرات العالم , و قد أشرنا سابقاً إلى معادلة الفراغ الفيزيائية التي تثبت أن الفراغ غير ممكن الوجود حتى احتمالياً.
و أي محاولة لاصطناع فراغ زحكاني ما ستولد طاقة مذهلة, و بناء على ذلك تم ابتكار القنابل الفراغية حيث يعمل الانفجار على تفريغ نسبة من الهواء من المكان المعني فينهار البناء على الفور متداعياً تحت ثقل الضغط الجوي والهواء الخ…
على الفور بعد الانفجار بثواني , فالفراغ بحد بذاته هو مصدراً للطاقة و الطاقة و المادة هي شيء واحد من ناحية احتمالية و فرضية بدليل أن الإلكترون و الجسيمات الدقيقة جداً تعيش هذه الحالة من الوجود المزدوج .
و بإمكانها التحول السريع و المفاجئ من شكل المادة الجسيم إلى شكل الموجة و الطاقة و هذا معناه ازدواجية الوجود المادي بين الجسيم و والموجة , والمادة والطاقة , وحين يكون الإلكترون في حالة سكون فلن نستطيع العثور عليه
فهل هذا يعني أنه فراغ الآن و أنه غير موجود أو عدم ؟ وهل الطاقة الساكنة هي عدم أو غير موجودة حتى نحتك بها ونكتشف وجدها مباشرة ؟
أن مفهوم العدم لا ينسجم مع مفاهيم الواقع و تجاربه الحسية ولا المنطقية .
وغياب قدرتنا على فحص الأشياء وكشف الحقائق بسبب مستوى تطور معارف البشرية , لا يعني أن الأشياء غير موجودة و هذا الفراغ الذي يحاول البعض إيجاده ليس سوى وهم و فجوة في معارفنا عن الوجود.
و بما أن هذا المكان الذي لا ضوء فيه يعتبر عدم فهذا يعني أنه بالضرورة أن يكون خالياً تماما من أي شيء , و لكنه كما أشرنا سابقاً ظلام حالك و هذا الظلام قد أطلق عليه المادة المظلمة , كيف لمادة أن تكون فراغاً ؟ هذا أولاً , و ثانياأن الظلام يعني غياب أي ضوء و لكن الضوء ليس الشرط الوحيد لوجود الطاقة فالإلكترون قبل العثور عليه يكون مجرد احتمال في مساحة نحن نعتقد أنها فراغ و لكن هذا الفراغ الوهمي يحتوي على احتمالية وجودية لشيء ما
أين الفراغ الآن ؟
أن الفراغ يكمن في إمكانياتنا نحن على فهم واكتشاف الواقع وعلاقاته الضرورية.
و بذلك نرى أن الفراغ أو العدم لا وجود له , أنه مجرد احتمالية ذهنية غير ممكنة , و ذلك لكونها مؤقتة و لها علاقة بوعينا الذاتي و إمكانياتنا و ضرورات الفهم النسبية للأشياء وعلاقتها ب بعضها البعض , أو طريقة استعمالنا النسبة لهذا المفهوم , للدلالة على الخلو المكاني المرصود من شيء معين أو مادة معينة , ولكن ليس الفراغ من كل شيء بمعنى العدم .
يمكننا القول مثلا أن الغرفة فارغة من السكان, أو خالية , أو خالية من الرطوبة مثلا , وحين نذهب من المدينة
إلى الطبيعة نقول كنا في الخلاء , وكثيرا ما يستعمل هذا التعبير في الغلة ويعتبر صحيح ودلالي, ولكن على شيء واحد معروف وواضح المعنى والمضمون , وهو الخلاء من العمارة السكانية والقطن الإنساني , وبذلك يجوز القول خلاء .
أنه استعمال مفاهيمي دلالي على خلو نسبي , و بذلك نعتبرها إمكانية ذهنية مجازية ورمزية تسهل علينا التعاطي مع حركة الأشياء والواقع في تشكلها وتكونها وتطورها , بينما هي في الحقيقة لا وجود لها واقعياً على الإطلاق من الناحية المنطقية الكونية المطلقة.
أن (الشيفرة الكونية) ترى أن الفراغ الحقيقي إمكانية غير واقعية و لا وجود لها , ولا فراغ في الكون و أي مكان يمكن أن نشير إليه مهما كانت مواصفاته فهو في النهاية شيء , و أن الظلام ذاته الذي يشكل غالبية الوجود هو عبارة عن طاقة ساكنة تماما كما حال الجسيمات الأولية ( إلكترون و غيره) و هذا معناه أن هذا الشيء المظلم كما نراه أنما هو مساحة احتمالية شاسعة لوجود الطاقة الساكنة التي قد تتفاعل على اثر القيام بأي حركة في مكان وجودها.
أن مفهوم العدم و الفراغ مفهوماً وهمياً لا حقيقة له و لا وجود و ليس (الزحكان) الذي تحدثنا عنه سوى واقعاً موجوداً بين احتمالين . الوجود المادي الفعلي و الوجود الافتراضي والاحتمالي, و بذلك يصبح مفهوم العدم هو العدم
و العدم و الفراغ لا وجود لها سوياً , سوى نسبيا في الاستعمال الدلالي و لتفاعل الأشياء النسبي , و في وعينا المجرد الذي يسبب لنا وجود هذا الفراغ الوهمي أحيانا , ولكن كونيا لا وجود له كمفهوم شمولي كوني.
أن الوجود هو الشيء الشامل لكافة أشكال الواقع و العالم الموضوعي وهو بحد ذاته تناقض بين الإمكانية والواقع والاحتمالات الممكنة ونواميس الكون جميعها.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.