على المستوى الرياضي، لا حديث يعلو على الموقعة المرتقبة بين الأرجنتين وفرنسا الأحد، في نهائي كأس العالم 2022، ولكن على المستوى الاقتصادي خرجت عدة تقارير من فرنسا تؤكد وجود انتعاش نوعي على وقع الانتصارات الفرنسية في البطولة.
موقع “فرانس تي فو” كتب أن شعبية كرة القدم تؤدي بكل تأكيد إلى نجاح اقتصادي، وأن بطولة كأس العالم منحت دفعة حقيقية لزيادة المبيعات خاصة الملابس الرياضية لبعض المنتخبات في مقدمتها منتخب فرنسا.
الموقع الفرنسي ألمح إلى أنه بعد الفوز على المغرب في نصف النهائي، ارتفعت مبيعات قميص فرنسا بصورة كبيرة لدرجة أنه توجد مخاوف من نقص المخزون، حسب وصفه.
البُعد الاقتصادي لتأثير المونديال على فرنسا، ظهر جلياً يوم مباراة فرنسا والمغرب، إذ سجلت وزارة الكهرباء الفرنسية أعلى معدل استهلاك في البلاد في توقيت المباراة.
“فرانس تي في بلو” وصفت “التلفاز” بأنه العنصر “النجم” في كأس العالم، حيث شاهد أكثر من 17 مليون فرنسي يوم السبت الماضي المباراة على شاشات التليفزيون.
أما سلسلة محلات كارفور الفرنسية الشهيرة، فحصلت على زيادة في مبيعاتها في آخر مباراتين لفرنسا بلغت 17 بالمئة على المنتجات “سهلة الاستخدام” مثل رقائق البطاطس والبسكويت الفاتح للشهية.
تأثير اللاعبين على المجتمع
تأثير لاعبي “الديوك” على المجتمع الفرنسي واضحة للغاية، سواء في التجمعات في الشوارع والمقاهي والحدائق العامة لمشاهدة المباريات، أو الدخول على المواقع الرياضية لمتابعة أخبار المنتخب، لكن ما هو غير متوقع بحسب التقرير الفرنسي لـ “تي في بلو” هو ازدهار مبيعات لعبة الورق “UNO” بعد انتشار فيديوهات لنجوم المنتخب الفرنسي وهم يلعبون بها في معسكرهم في قطر.
الفرنسية فيلبين دافيد مراسلة قناة BFMTV الاقتصادية صرحت لـ” اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنها أعدت تقريرًا لقناتها حول هذا الموضوع تم بثه صباح الجمعة من خلال زيارتها للمتجر الرياضي Go Sport، فوجدت أنهم يبيعون يوميًا ما بين 100 إلى 150 قميصًا لاسيما قميصي كيليان مبابي وأنطوان غريزمان.
وحققت قميص المنتخب الفرنسي نسبة 70 بالمئة من مبيعات متجر GO SPOR في العاصمة باريس، حيث يُباع القميص بـ140 يورو (148 دولار)، يحصل المتجر على 40 يورو بينما تنال الشركة المصنعة 30 يورو ضرائب و6 يورو تصنيع و 4 يورو لعملية النقل عن كل قميص.
وأضافت المراسلة الفرنسية أنها قرأت أيضًا أن قمصان منتخب فرنسا في مونديال 2018 بيعت بشكل كبير خاصة بعد تتويج فرنسا باللقب، مشيرة إلى أن بعض المتاجر الرياضية قامت ببيع قميص فرنسا السابق في مونديال روسيا بكثرة.
وأعربت فيليبين أن الشعب الفرنسي متفاءل بالفوز على الأرجنتين في النهائي والاحتفاظ بلقب كأس العالم للمرة الثانية على التوالي.
هذا، وانخفضت مبيعات مجلة PANINI الإيطالية الشهيرة في فرنسا والتي تعتمد على تجميع كروت اللاعبين في المونديال ولصقها في المجلة الأشهر في العالم والتي تأسست عام 1961 وانطلقت فكرتها لأول مرة في مونديال عام 1970.
وفي تصريح لـ” اقتصاد سكاي نيوز عربية”، قالت الفرنسية لينا مارجاك الصحفية في قناة RMC SPORT الفرنسية، أنها تغطي الآن أخبار المنتخب الوطني في المونديال، لكنها تسمع من أصدقائها وتشاهد في القنوات الفرنسية حالة الإقبال الكبير من الجماهير على شراء قميص فرنسا، مُضيفة هذا الإقبال من شأنه بكل تأكيد خلق زيادة في المبيعات.
من السلع التي يتم الإقبال عليها في فرنسا خلال مباريات المنتخب الفرنسي الفشار الذي ارتفع بنسبة 14 بالمئة مقارنة بنفس الفترة عن العام الماضي، ثم مبيعات البيتزا بنسبة 13 بالمئة وذلك وفقاً لتقرير شركة “IRI” الأميركية المعنية بأبحاث السوق وتحليل البيانات.
ورغم ذلك يؤكد التقرير ذاته، أن المبيعات كانت ستنتعش أكثر لو أقيمت البطولة في الصيف وليس في الشتاء.
الانتصارات لن تنعش الاقتصاد
مقابل ما سبق، ظهر تقرير لشركة “Astères” الفرنسية، المتخصصة في إجراء دراسات قياسات الآثار الاقتصادية والاجتماعية، أشار إلى أنه بنهاية كأس العالم وحتى لو فازت فرنسا باللقب، فإن ذلك لن يغير كثيراً من الوضع الاقتصادي في البلاد، لكنه فقط يعطي الشعب الفرنسي مزيداً من المعنويات والطاقة الإيجابية لأن كرة القدم لها حدود.
وأوضح التقرير أن البطولة ستنتهي قبل أسبوع من أعياد الميلاد وميزانيات العائلات ضعيفة، وبالتالي لن تكون هناك زيادة في وتيرة المبيعات عقب المونديال، وهو نفس ما حدث عقب نهائيات كأس العالم 1998 و 2006 و2018، إذ لم يشهد الاقتصاد الفرنسي آنذاك تحولاً إيجابياً بعد انتصارات المنتخب الوطني.
تأثير سلبي لموعد النهائي
على الرغم من التأثير الإيجابي للمونديال والانتصارات الفرنسية على بعض المناحي الاقتصادية في البلاد، إلا أن موعد المباراة النهائية الموافق يوم الأحد يشكل أزمة كبيرة للتجار في مدينة نانت الذين لن يتمكنوا من افتتاح متاجرهم مبكراً، حيث تقام المباراة الساعة الرابعة مساء بتوقيت فرنسا، فيما أعرب أصحاب المحلات التي تفتح بشكل استثنائي قبل عطلة عيد الميلاد عن تخوفهم من عدم وجود كثير من العملاء، لكن مجلس مدينة نانت أكد في بيان له أنه لا تعديل في الجداول الزمنية الخاصة بالمتاجر في المدينة.
ويُشكل نزول العمال والموظفين للعمل يوم الأحد جدلاً كبيراً بين النقابات العمالية وأرباب العمل حسب “فرانس بلو”.
مشوار التضخم في فرنسا
هذا، وكانت الأسعار قد ارتفعت في فرنسا خلال العام الحالي إلى نسبة 6.2 في المئة وفقاً للمعهد الوطني للإحصاء والمعلومات في تقريره الصادر 15 ديسمبر 2022، وتوقع التقرير أن يتوقف معدل التضخم في بداية عام 2023 عند 7 بالمئة، مُضيفًا أنه بنهاية الخصم العام على الوقود والزيادة المبرمجة على أسعار الغاز والكهرباء في شهري يناير وفبراير القادمين عند 15 بالمئة ستستمر الأسعار في الارتفاع في بداية عام 2023.
المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، الذي يقوم بجمع وإنتاج وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع الفرنسي، لفت إلى أن تجميد أسعار الكهرباء أدى لزيادتها بنسبة 4 بالمئة للأفراد، كما أدى تجميد أسعار الغاز بشكل ملحوظ إلى احتواء ارتفاع الأسعار إلى 6.2 بالمئة، وتوقع المعهد انخفاض التضخم الكُلي مع بداية فصل الربيع المقبل.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.