أثارت تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، بشأن تحمل الدول المطلة على البحر الأحمر مسؤولية لحمايته، تساؤلات بشأن موقف القاهرة من عملية “حارس الازدهار” الدولية، التي أعلنت الولايات المتحدة تدشينها قبل أيام وينصب تركيزها على التصدي للهجمات التي يشنها الحوثيون على سفن عابرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي استمرت هجمات الحوثيين على سفن الشحن التجارية في جنوب البحر الأحمر، والتي أدت إلى زيادة علاوة المخاطر، فضلًا عن اضطرار كثير من السفن لتغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح، بدلًا من قناة السويس، مما زاد من الوقت والتكاليف.
وتضررت قناة السويس جراء تصاعد الهجمات بالبحر الأحمر، إذ كشفت عن تغيير 55 سفينة مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، في الفترة بين 19 نوفمبر الماضي إلى 17 ديسمبر الجاري، وهو ما تتخوف معه القاهرة من تفاقم تداعيات تلك الأزمة وتأثر إيراداتها من حركة عبور السفن بالقناة.
وتحدث موقع “سكاي نيوز عربية” إلى 3 خبراء عسكريين ودبلوماسيين، عن موقف القاهرة من عملية “حارس الازدهار”، والتي لم تُعلق رسمياً على تدشينها، موضحين أن مصر تسعى لحل الأزمة من جذورها بالعمل على وقف الحرب في قطاع غزة، ما يدفع الحوثيون لخفض تصعيدهم، جنبًا إلى جنب مع التنسيق مع القوى الدولية في تأمين حركة الملاحة وضمان العبور الآمن للسفن التجارية.
ماذا قال وزير الخارجية المصري؟
علق وزير الخارجية المصري على تصاعد الهجمات في البحر الأحمر وتأثيرها على مصر والعالم أجمع، ومدى التعاون الدولي في هذا الإطار، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني، قائلًا:
نشترك في المبادئ الخاصة بحرية الملاحة وضرورة الحفاظ عليها بالبحر الأحمر، حيث تضطلع الدول المطلة على البحر الأحمر بمسؤولية بمسؤولية في إطار تأمينه.
نستمر في التعاون مع الكثير من شركائنا لتوفير الظروف الملائمة لحرية الملاحة في البحر الأحمر، وتيسير النفاذ إلى قناة السويس.
تحدثنا عن هذه المبادئ مع وزير الخارجية البريطاني، باعتبار أن المملكة المتحدة عضو في “تشكيل وحدة بحرية جديدة في هذا الإطار”.
مصر لها علاقات وتعاون مع شركائها في أطر أخرى، ونستمر في التنسيق والحديث عن أفضل الوسائل لتوفير حرية الملاحة ومنع أي تأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد.
وفي هذا الصدد، أوضح وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، أن هناك عدة دول اشتركت في قوة بحرية جديدة، وانضمت لندن إليها بإرسال سفن بحرية، مشددًا على أنه “من المهم تأمين البحر الأحمر، وهو أمر مهم لمصر وبريطانيا والعالم، وإلا ستتأثر سلاسل الإمداد وتتوقف البضائع ويحدث تضخم”، لكن المملكة المتحدة “لن تسمح بحدوث ذلك”.
وأضاف: “عملية الحفاظ على الممرات المائية أمر مهم ونأخذ هذه الأمور على محمل الجد، ولا نتعاون فقط في هذه العملية، ولكننا نوضح خطورة قيام إيران بمساعدة الجماعات التي تهاجم هذه السفن، ويتوجب منع ذلك”.
كيف تنظر القاهرة لـ”حارس الازدهار”؟
من جانبه، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، حسين هريدي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الدولة المُطلة على البحر الأحمر هي المسؤولة في المقام الأول بمهمة حماية حرية الملاحة من باب المندب وحتى قناة السويس، بيد أن العديد من التساؤلات عن إمكانيات وقدرات هذه الدول لفرض الأمن واستعادة السيطرة على البحر الأحمر، دفعت لوجود إرادة سياسية لتشكيل قوة بحرية تحت قيادة موحدة لتنفيذ ذلك.
وعن موقف القاهرة إزاء ذلك، أوضح هريدي أن مصر تبذل كل جهدها لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، باعتباره “أساس هذه المشكلة”، مضيفًا أن “المشكلة ليست في الحوثيين بحد ذاتهم، بل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لأن ما يحدث في البحر الأحمر أحد تداعياتها، خاصة أن مصر سبق أن حذرت من اتساع نطاق هذه الحرب على النحو الذي نراه حالياً”.
وشدد على أن القاهرة تبذل الكثير من الجهود لوقف إطلاق النار في غزة، والسماح بإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع المأزوم إنسانياً وصحياً.
وعلق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، على تشكيل عملية “حارس الازدهار”، بالقول إن “مصر لا تريد زيادة تعقيد تداعيات الحرب في غزة، والسؤال هنا؛ هل تشكيل هذه القوة يساهم في حل المشكلة أم يزيد تفاقهما، وهذا مصدر القلق لدى مصر”، وفي رأيه فإن “تلك العملية قد تؤدي لتعقيد أكبر في الأزمة وتصعيد الوضع”.
تحرك مهم
على الجانب الآخر، اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه مع التأكيد على تحمل الدول المطلة على البحر الأحمر لمسؤولية في حمايته، فإن الأمر لن يكون إقليمياً فحسب، بل مسؤولية عالمية، باعتبار أن البحر الأحمر وقناة السويس محور يُهم العالم كله.
وأوضح فرج أن مصر تتفق مع عملية “حارس الازدهار” لأن هذا دور دولي في تأمين مضيق باب المندب والملاحة في البحر الأحمر؛ لتجنب أي تداعيات جديدة على حركة التجارة العالمية.
وأشار إلى أن القاهرة شريك مهم في جهود دولية للتنسيق بشأن تأمين الملاحة في البحر الأحمر، منها قوة المهام المشتركة “153”، وهي وحدة عسكرية يتركز عملها على البحر الأحمر وخليج عدن، وتعد جزءاً من القوات البحرية المشتركة.
منتصف ديسمبر 2022، أعلنت مصر، تولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة، وحتى منتصف يونيو الماضي، حيث حددت حينها الهدف في “تحسين البيئة الأمنية بكافة المناطق والممرات البحرية وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية والتصدي لكافة أشكال وصور الجريمة المنظمة التي تؤثر بالسلب على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة”.
وأضاف الخبير العسكري المصري أن مصر تهتم بالحفاظ على قناة السويس باعتباره أهم ممر ملاحي لعبور احتياجات العالم المختلفة، مؤكدًا أنها ليست المرة الأولى أن تدشن الولايات المتحدة مثل هذه العمليات، إذ سبق تنفيذها بعد قيام بعض الصوماليين بعمليات قرصنة بحرية ضد السفن.
“رسالة ردع”
بدوره، اعتبر رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء نصر سالم، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن عملية “حارس الازدهار” تمثل “رسالة ردع” للعمل على خفض التصعيد بالبحر الأحمر.
بحسب وزارة الدفاع الأميركية، تضم عملية “حارس الازدهار” عدة دول تشمل: المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، للتصدي بشكل مشترك للتحديات الأمنية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف ضمان حرية الملاحة وتعزيز الأمن الإقليمي.
وقال سالم إن الولايات المتحدة شكلت هذه العملية عبر قوات غير متشاطئة في البحر الأحمر، لتحملها مسؤولية لحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، باعتبار أن ذلك مسؤولية مشتركة، لكن ذلك لا يُغني عن الدور المهم للدول المطلة على البحر الأحمر “ولن تستطيع واشنطن الاستغناء عن تعاون هذه الدول”.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.