أيام الحج الفاضلة فرصة للتفكير الهادئ .. وجني الحسنات

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

ما أجمل أن نستثمر هذه الأيام الفاضلة.. الذى فيها حجاج بيت الله الحرام متجهين الى صعيد عرفات .. يناجون رب الأرض والسموات بخير الدعاء الذى قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم خير ماقلت والأنبياء من قبلى( لا اله إلا الله وحده لاشريك له …له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير )..فهذا الدعاء يعنى الخضوع وتسليم الأمر لله .. فهو الملك قبل أن يكون هناك ملك .. وهو الملك بعد أن يفنى كل ملك .. وهو الذى يملك الأرض ومن عليها ولم يحكم فى ملكه أحدا إلا بأمر الملك ..

وهذه الأجواء الإيمانية والنفحات الربانية فرصة لمن يتعرض لها فى إصلاح النفس .. ومعالجة عيوب الذات .. والتخلق بخلق السماحة…

والابتعاد عن العصبية وإعادة التفكير بشكل هادئ ومتزن فى كل الأمور التى تدور من حولنا والتى أدت بنا إلى التشاحن والتخاصم والفرقة وقطيعة الأرحام وتباعد الأصدقاء

ونعمل على رأب الصدع وإصلاح ذات البين .. ونتخلص من الأنا .. ونتواضع لله جاعلين مظهر جموع الحجاج على صعيد عرفات. أمام اعيننا .فالحجاج تخلصوا من كل لباس يؤدى الى التفاخر وابتعدوا عن التنابز. ولبسوا الاكفان باختيارهم .. كاشفى الرؤس خاضعى الأعناق .. يلبون بلسان واحد وبشعار واحد لبيك اللهم لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبيك ..

ويتوسلون ويرجون رب الأرض والسماء أن يمنحهم العفو والصفح والقبول … وأن يكون حجهم مبرورا وذنبهم مغفورا ..

وشعار الحج دائما فلارفث ولا فسوق ولاجدال.. فهل نستطيع ان نتخلص من هذه الصفات القبيحة فى حياتنا .. ونفتح صفحة جديدة من السماحة مع أنفسنا أولا ثم مع ذوى ارحامنا ومن يتعامل معنا من المجتمع ..

ونعيد التفكير فى أحوالنا بشكل إيجابي وليس بشكل سلبى .. تفكير يصلح ماكان .. ويعيد اللحمة المجتمعية بدافع من المحبة والرضا والإيمان … ونبتعد عن العصبية والفظاظة التى تؤدى بنا إلى المهالك …

فكل فرد منّا معرض لمواجهة الشدائد والأحداث الصادمة في حياته، والمرونة في التعامل معها هي طوق النجاة الذي يعود به إلى بر الأمان… والتى يطلق عليها المرونة النفسية

فأحيانًا يريد الشخص حل مشكلة .ولكن بطريقة خاطئة .

فيجلب لنفسه ألمًا أكثر من الألم الذي كانت تسببه له المشكلة ..

والسبب في ذلك أنه يندفع لحل المشكلة بمشاعره وعصبيته وليس بتفكيره ..يندفع بمشاعر الألم والغضب من المشكلة ، فيفقد توازنه الذاتي ويعالج الاخطاء بأخطاء اكبر منها فيقع في ألم أكبر .وتتعقد الامور ..وتنقطع الصلات التى كانت يمكن ان تعود بكلمة طيبة ..

ولذلك ما أجمل ان تمنحنا هذه الأيام الفاضلة من شهر ذى الحجة وحلول عيد الأضحى المبارك التوازن النفسى والصفاء الذهنى .

والبعد عن الجدال .. الذى يؤدى الى الكبر .. ونعود الى التفكير الهادئ والمتزن والكلام الطيب الذي يقودنا نحو الحلول الأفضل لعلاج كل المشاكل المجتمعية والأمراض التى نعيش فيها . كما قال الفيلسوف، “التفكير الهادئ هو مفتاح الحكمة.” فلنحرص على أن نجعل التفكير العاقل هو رائدنا في مواجهة التحديات.

سمات الشخصية الهادئة

—————————–

لايمكن ان يكون تفكير الانسان هادئا الا اذا كان شخصا هادئا تقيا نقيا قريبا من ربه متسق مع نفسه راضى بماقسمه الله له .فيلهمه الله الرشد …يتعالى عن توافه الامور ..وعنده قناعة ان كل الامور تافهة فهو يبتعد عن المشاكل قدر الامكان ويبتعد عن القيل والقال

.متسامح مع نفسه ومع من حوله ..يراعى ربه فى كل تعاملاته . فلا يجلد ذاته ولايلوم نفسه، ولديه مهارة الإصغاء. اى الاستماع ….فالبعض لايسمع الا نفسه ..ولايعطيك الفرصة ان تقول وجهة نظرك حتى لو طلبت منه ذلك ..فسوف يقاطعك مع اول جملة ..ولايعطى نفسه الفرصة ان يسمع حتى يفهم…لان مفتاح الحل هو السماع ..فمثل هذه الشخصية الناس تنفر منها ومعقدة للاوضاع جالبة للمشاكل. ،و لا يقضي وقته فى الثرثرة التى لاطائل من ورائها .

وعليه ان يعود نفسه على كظم الغيظ والبعد عن الغضب فيمسك زمام نفسه فلا يتعصب ولا ينفعل بسرعة .. فالانسان العصبى الذى لايستطيع تحمل الضغوطات ويعتبر نفسه فوق الجميع .فلايهمه احد ..ولايراعى مشاعر الغير. ويتكلم بكلام لايمكن علاجة

والشخص الهادئ ودودا الناس تشعر بالراحة معه يُفكر في الكلام قبل أن ينطق به، ويختار كلماته بحذر حتّى لا يجرح أحداً، ولا يُسبّب الإهانة لأحد ..والشّخص الهادئ له شخصية ودودة للغاية الناس يرغبون بمصادقته، ويقتربون منه ويشاورونه فى أمورهم الخاصة،ولايخافون منه ولايشعرون معه بالرهبه ويكون له القدرة على تهدئة الآخرين من حوله، وتخليصهم من التّوتر، وحل المشكلات وتجاوز الازمات

ويسعى للحلول الوسطيّة دائماً، فالأمور لديه ليست باللون الأبيض، أو اللون الأسود، بل لديه مرونة ولا يُبالغ بردة فعله على الأحداث، إذ لا يجعل من الغلطات الصّغيرة مصائباً كبيرة.. وهذه الايام ايام ذكر وتسبيح وتحميد ..ونحن نستقبل يوم التروية

وافضل الدعاء فيها ..

يا مَن لا تُرد سائلًا دعاك أبداً ، أجبني واروِ عطشَ قلبًا للإجابة راجيًا مُنتظراً ، يا خيرَ مَن سُئل ويا أكرمَ من أجابَ وأعطى يا الله.. اللَّهُم في ‎يوم التروية أرْوِ أعيُنَنا بفرح الحياة وغيث السعادة ، واْجعل لنا من خيرك أوفر الحظ والنصيب.

وخير الدعاء دعاء يوم عرفه وكان من دعاء النبي ﷺ: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.

 

بقلم .. ا.د / إبراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading