نميرة نجم : دور الإتحاد الأفريقي في إستعادة تشاجوس علامة خالدة في تاريخ القانون الدولي

كتب ـ على أبو زيدان

0

هنأت السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولي و مديرة المرصد الإفريقي للهجرة برافيند كومار جوجناوث رئيس وزراء موريشيوس، وشعب موريشيوس على هذه النتيجة الرائعة بتوصل مع إتفاق الحكومةً البريطانيةً لانهاء استعمار وتسليم جزر تشاجوس لوطنها الأم موريشيوس .

واشارت السفيرة انها يسعدها أنها مثلت الاتحاد الأفريقي أمام محكمة العدل الدولية لدعم هذه الدعوة من أجل سلامة أراضي موريشيوس والوصول إلى أفريقيا التي نريدها .

كما هنئت السفير جاجديش كونجول المندوب الدائم  لموريشيوس لدى الامم المتحدة بنيويورك  عن التوصل لاتفاق بين حكومة موريشيوس وحكومة المملكة البريطانية بشأن تسليم  إنجلترا مجموعة جزر تشاجوس التي تحتلها في المحيط الهندي وتفصلها عن وطنها موريشيوس.

وصرحت نجم إنه هذا يأتي تتويجا لجهود حكومة موريشيوس بعد صراع بين الدولتين سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا ممتد لأكثر من نصف قرن وشهدته وقائعه أكبر محكمة قانون دولي في العالم وهي محكمة العدل الدولية بلاهاي.

وأضافت نجم، أنها سعيدة بصفة شخصية بالوصول في نهاية المطاف لإقرار قرار المحكمة باستعادة موريشيوس لجزرها من الاحتلال البريطاني؛ لأنها شاركت في معركة تحرير جزر تشاجوس عندما ترافعت بإسم الإتحاد الإفريقي لمؤازرة دولة موريشيوس في صراعها القانوني والسياسي ضد المملكة المتحدة والذي أسفر في النهاية عن صدور الرأي القانوني للمحكمة  بما له من ثقل قانوني وسياسي وأدبي بضرورة إنهاء الاستعمار البريطاني للجزر الموريشيوسية وتسليمها فورا لبلادها وعودة سكانها  المطردوين لها، والذي بالتأكيد كان للحكم دورا حسما وضاغطا في خلفية المفاوضات السياسية بين البلدين لصالح موريشيوس  ومهد الطريق لتسليم الجزر لوطنها الأم وعودة سيادتها علي إقليم من أرضيها المحتل لأنه  خلق واقعا جديدا  كان من المستحيل عمليا إنكاره أو تفاديه أوتجاهل بريطانيا لمضمون هذا الرأى القانوني وتحدي إرادة المجتمع الدولي.

 

وأكدت السفيرة أن أهمية حكم محكمة العدل الدولية الإستشاري في إعادة جزر تشاجوس لوطنها الأم أنه أسس قاعدة قانونية جديدة في فقه القانون الدولي المبني علي الأعراف الدولية والسوابق والأحكام القانونية الدولية  بأن المحتل لايستطيع فصل إقليم في أي دولة يحتلها عن وطنه الأم تحت أي مزاعم أومسميات أو دفوع.

وعن التحدي الذي قابلها أثناء ترافعها  أمام محكمة العدل الدولية في قضية تشاجوس، شددت السفيرة على أن التحدي الأساسي كان انك تواجه نفوذ تحالف دول عظمي ودول تابعة توظف وتجمع أكبر تكتل لعدد من خلاصة محاميين القانون الدولي في العالم للدفاع عن مصالحها واستمرار بقاء الأستعمار وإكسابه الشرعية الدولية.

وعقبت السفيرة “لاننسي أن الدول الإستعمارية هي من صنعت القانون الدولي نفسه وهو ما نحاول توظيفه في الرد عليها من صميم ذات القانون وقواعده بشكل يتناسب مع مصلحة الاتحاد الافريقي والدول التي يمثلها ؛ بل أنا شخصيا بجانب الخبرات الدبلوماسية والسياسية والتفاوضية التي أكتسابتها من خلال تشرفي بعملي في وزارة الخارجية المصرية، فإن دراستي للقانون التي بدأت في جامعة عين شمس قد أثقلتها بدراسة القانون الدولي من ماجستير ودكتوراه في دولة من واضعى أسس القانون الدولي وهى المملكة المتحدة ،مما يؤكد على ان التسلح بالعلم مع الخبرة الكافية يتيح الفرصة لتوظيف القانون بالشكل الأمثل لصالح الدعوى القانونية أمام أهم محكمة قانون دولي في العالم، فهذه ليست معركة سهلة أو هينة أو حادث عارض في لاهاي كما يتصورها البعض، فالخبراء والمتخصصون في القانون الدولي العام والسياسة الدولية يدركون تماما أن التنافس أمام محكمة العدل الدولية قوى للغاية بين أنداد و أضداد وكيانات كبري وبمثابة كأس العالم للقانون الدولي،ولذلك عندما تفوز تشعر بالفخر كإفريقي ومصري أنك كنت مشارك وفعال ولك دور أساسي في الوصول للادوات القانونية التي تؤدى لفتح الطريق لمكاسب سياسية واستراتيجية كللت باستعادة الجزر لموريشيوس ، لقد كانت أحداث في سجل الزمان والتاريخ  والقانون الدولي رائعة تشرفت أن أساهم وأكون طرفا فيها، خصوصا أن وقائع وماسجلته قضية تشاجوس في المحافل الدولية ودور الإتحاد الأفريقي أصبحا خالدا ومحفورا ومرجعا ورمزا و علامة بارزة في تاريخ تطور القانون الدولي.

والجدير بالذكر ان قضية تشاجوس أضافت رصيدا هائلا وسجلا من التأثير الفعلى للاتحاد الأفريقي بقدرته على الدفاع عن حقوق دول القارة السمراء، وأن المنظمة موجودة ومؤثرة بالفعل وتفرض رأيها  علي الآخرين بالأدوات المشتركةً للسياسية والقانون وتحمي مصالح دولها أمام أقارنها في العالم”.

ويعتبر حكم محكمة العدل في قضية تشاجوس أنه  أسس  ودشن وأضاف قواعد قانونية جديدة في فقه تاريخ القانون الدولي العام ، وسجل في موسوعات القانون الدولي العام والدوريات وكتب القانون الدولي للسياسيين والدبلوماسيين والمحامين والباحثين والمهتمين وطالبة ودراسي القانون الدولي العام في العالم .

وكانت جريدة  الجارديان البريطانية قد نشرت وعلقت  وقت صدور الحكم في ٢٥ فبراير ٢٠١٩  أن مرافعة السفيرة د. نميرة نجم التي إختتمت مدوالات المرافعات أمام المحكمة علي مدي ثلاثة أيام من التقاضي  كان له التأثير الأكبر والفاعل  في صدور حكم محكمةً العدل الدولية لصالح موريشيوس، وبعد هذه   المرافعة منعت  حكومة المملكة المتحدة  السفيرة د.نميرة نجم من دخول أراضيها ضمنيا، وماطلت في منحها أي  تأشيرة دخول دبلوماسية لبريطانيا لحضور مناسبات  لعدة اجتماعات  ومؤتمرات سياسية لسنوات قبل تغيير الحكومة البريطانية .

وقد أشاد قادة الدول الإفريقية في مؤتمر للقمة الإفريقية بأداء السفيرة نميرة نجم رفيع المستوي في الدفاع عن حقوق دول القارة الإفريقية أمام محكمة العدل الدولية، ومرة آخري في مؤتمر قمة آخر للقمة بأديس أبابا عقب صدور الحكم الاستشاري للمحكمة في صالح دولة موريشيوس.

و قال برافيند كومار جوجناوث رئيس وزراء موريشيوس “تتوجه موريشيوس بالشكر إلى الاتحاد الأفريقي وحكومة الهند ،وجميع الدول الصديقة التي دعمتنا في نضالنا من أجل استكمال عملية إنهاء الاستعمار.

وقد رحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسي فكي محمد بالاتفاق السياسي التاريخي بين موريشيوس والمملكة المتحدة والذي اتفقا فيه على أن موريشيوس لها السيادة على أرخبيل تشاغوس، بما في ذلك دييجو جارسيا.

واشار موسي ان هذا الاتفاق بعكس قوة القانون الدولي في جلب حقوق شعب موريشيوس. وفي هذا الصدد، أود أن أؤكد على دعم الاتحاد الأفريقي لحكومة موريشيوس في هذا الجهد، حيث كان الدعم الدؤوب من جانب الاتحاد الأفريقي لحكومة موريشيوس أساسيًا في هذه الجهود. لقد تابعت شخصيًا هذه العملية عن كثب مع فريقي القانوني أثناء وبعد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وأشيد بأن كلا الطرفين يحترمان التزاماتهما الدولية القائمة على سيادة القانون والعدالة.

وأكد موسي انه الاتحاد الأفريقي يدعم حل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية وأدعو كلا الطرفين إلى الإسراع في الانتهاء من الجوانب القانونية للاتفاقية من أجل السماح لموريشيوس بممارسة استقلالها الكامل على الجزر التي تمثل حرية الجزء الأخير من أفريقيا تحت الإدارة البريطانية.

وقد رحب الأمريكي الرئيس جو بايدن ، بالاتفاق الأخير ، وأعلن في بيان صادر عن البيت الأبيض “إنه دليل واضح على أنه من خلال الدبلوماسية والشراكة، يمكن للدول التغلب على التحديات التاريخية الطويلة الأمد للوصول إلى نتائج سلمية ومفيدة للطرفين”واضاف “إن المنشأة العسكرية في دييجو جارسيا تلعب “دورًا حيويًا في الأمن الوطني والإقليمي والعالمي”. وأضاف أن القاعدة تمكن الولايات المتحدة من “دعم العمليات التي تثبت التزامنا المشترك بالاستقرار الإقليمي، وتوفير استجابة سريعة للأزمات، ومواجهة بعض التهديدات الأمنية الأكثر تحديًا التي نواجهها”.

من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، إن النزاع على السيادة والمشكلات القانونية عرقلت التشغيل الآمن طويل الأمد لقاعدة “دييجو جارسيا” العسكرية، مشيرا إلى أن الاتفاق يؤمن عمل القاعدة الحيوية في المستقبل، ويعزز دور بلاده في حماية الأمن العالمي، وينهي أي احتمال لاستخدام المحيط الهندي كطريق للهجرة غير الشرعية إلى المملكة المتحدة، فضلا عن ضمان العلاقة طويلة الأمد مع موريشيوس الشريك الوثيق للكومنولث.

وكانت  بريطانيا المحتلة لموريشيوس قد فصلت مجموعة جزر تشاجوس عن دولة موريشيوس في ستينات القرن الماضي كمساومة لمنحها الاستقلال.

وجاء الاتفاق الأخير بين الحكومة البريطانية وحكومة موريشيوس بعد مارثوان طويل من الصراع السياسي والقضائي في  قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، ومحكمة العدل الدولية بلاهاي التي شهدت  معركة كبري ومبارزة قانونية دولية  في تجمع لأكبر  محامي دول في القانون الدولي عام في العالم في ساحة قاعة محكمة العدل الدولية بلاهاي حتي أصدرت المحكمة العدل الدولية بشبه إجماع الآراء ١٣ قاضي من أصل ١٥ قاضي بالمحكمة في الرأي الاستشاريا للمحكمة رقم ٢٩ في حياة المحكمة منذ تأسيسها عام ١٩٣٦، والذي صدر في صالح دولة مورشيوس واستعادة مجموعة جزر تشاجوس من الاحتلال البريطاني والذي جاءت أكثر من نصف مسودة مذكرة الحكم فيه مقتبسة من مذكرات الدفاع القانونية التي قدمتها السفيرة د. نميرة نجم المستشار القانوني  السابق لمنطمة الإتحاد الإفريقي ورئيسة وفد المحامين الذي شكلته للتضامن منظمة الإتحاد الإفريقي مع حكومة موريشيوس في صراعها لاستعادة جزرها المسلوبة.

وبدأت مشكلة جزر تشاجوس وهي مجموعة تضم أكثر من 60 جزيرة، قبل منح بريطانيا الاستقلال لموريشيوس عام 1968، عندما فصلتها بريطانيا بشكل غير قانوني لتكوين مستعمرة جديدة على أرخبيل تشاغوس أطلق عليها اسم إقليم المحيط الهندي البريطاني (BIOT).

‏‎وكانت المملكة المتحدة قد رفضت في البداية قرارت الجمعية العامة للأمم المتحدة والحكم الإستشاري لمحكمة العدل الدولية التي طالبتها بإعادة الجزر إلى موريشيوس، بحجة أن حكم محكمة العدل الدولية كان مجرد رأيا استشاري.

وقد قام السفير الموريشيوسي لدى الأمم المتحدة، جاجديش كونجول، برفع علم بلاده فوق جزيرة بيروس بانهوس المرجانية في حفل أقيم في فبراير 2022 في بداية المباحثات الثنائية التمهيدية و التفاوض علي هذا الاتفاقية التي شملت 13 جولة من المحادثات بدأت في عام 2022 بعد أن اعترفت محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوات موريشيوس للسيادة في عامي 2019 و2021 و تراجع الحكومة البريطانية عن موقفها وموافقتها المبدئية علي تسليم الجزر الي موريشيوس عام ٢٠٢٢.

ومع بدأ المباحثات الثنائية بين الحكومة بريطانيا و الموريشيوس منذ عامين عقب صدور حكم محكمة العدل الدولية قالت جريدة الجارديان البريطانية واسعة الانتشار  قد ذكرت في تقرير لها  أن  حكومة المملكة المتحدة قد وافقت على فتح مفاوضات مع موريشيوس بشأن التسليم المستقبلي لجزر تشاجوس، في انعكاس كبير للسياسة بعد سنوات من المقاومة والهزائم القانونية في المحاكم الدولية.

وأضافت أنه  الاتفاق المزمع سيسمح  بعودة السكان السابقين لأرخبيل تشاجوس الذين أجبرتهم الحكومة البريطانية على النزوح في السبعينيات، وأن المملكة المتحدة تنوي الحفاظ على سيطرتها على قاعدتها العسكرية الاستراتيجية في المحيط الهندي في دييجو جارسيا، والتي تؤجرها للولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية البريطاني السابق جيمس كليفرلي، في بيان وزاري مكتوب، إن الهدف هو التوصل إلى تسوية مع موريشيوس في أوائل العام المقبل .

ويأتي ذلك بعد محادثات بين رئيسة الوزراء آنذاك، ليز تروس، ومسؤولين من موريشيوس في نيويورك في أكتوبر ٢٠٢٢.

وعلقت الجريدة أن المملكة المتحدة البريطانية هزمت مرتين في المحاكم الدولية بشأن هذه القضية، ومع عزم الوزراء على الميل إلى المحيطين الهندي والهادئ، شعرت أن المقاومة البريطانية لتسليم السلطة تعيق قدرة المملكة المتحدة على بناء تحالفات في المنطقة، ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية  تلقت تأكيدات مرضية بشأن قاعدتها.

 

وكانت محكمة العدل الدولية قد اصدرت حكما إستشاريا في عام 2019 إن بريطانيا يجب أن تتخلى عن السيطرة على جزر تشاجوس لموريشيوس وقالت إنها أجبرت السكان بشكل غير قانوني على المغادرة في السبعينيات لإفساح المجال لقاعدة جوية أمريكية.

وكانت حكومة المملكة المتحدة قد أعلنت الخميس الماضي أنها ستسلم السيادة على جزر تشاجوس إلى موريشيوس، بعد أكثر من 50 عاما من السيطرة على هذا الإقليم ، ويشمل الاتفاق التاريخي، الذي جاء نتيجة سنوات من المفاوضات، جزيرة دييجو جارسيا المرجانية، التي تستخدمها الحكومة الأمريكية كقاعدة عسكرية لسفن البحرية وقاذفات القنابل بعيدة المدى ، وعلى الرغم من التخلي عن السيطرة على جزر تشاجوس، فإن القاعدة العسكرية الأمريكية ستستمر في العمل ، وفي بيان صحفي مشترك بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ونظيره الموريشيوسي، برافيند جوجناوث قالا “بعد عامين من المفاوضات، هذه لحظة تاريخية في علاقتنا ودليل على التزامنا الدائم بالحل السلمي للنزاعات واحترام سيادة القانون”.. وجاء في البيان: “إن بلدينا ملتزمان بضرورة ضمان التشغيل الآمن والفعال على المدى الطويل للقاعدة الحالية في دييجو جارسيا، والتي تلعب دورًا حيويًا في الأمن الإقليمي والعالمي”. ولا تزال المعاهدة النهائية التي ستوافق على النقل النهائي للسيطرة على الجزر في طور الإنجاز.

 

وعلى الرغم من أنه من الضروري وضع اللمسات النهائية على معاهدة دولية تخضع لتصديق برلمانيهما، والتي التزم البلدان بإبرامها في أسرع وقت ممكن، فإن الاتفاق الذي أعلنته المملكة المتحدة وموريشيوس له بالفعل أهمية تاريخية ، وتتجلى أهمية الاتفاقية بسبب وجود القاعدة في دييجو جارسيا، وكما جاء في البيان المشترك الصادر عن ستارمر وجوجنوث، و تلعب دورًا أساسيًا في الأمن الإقليمي والعالمي، ولكن أيضًا لأن المعاهدة “ستقوم أيضًا معالجة أخطاء الماضي وإظهار التزام كلا الطرفين بدعم رفاهية سكان تشاجوس، وهم السكان من أصول أفريقية وهندية وماليزية مختلطة كانوا يسكنون جزر تشاجوس. تشكلت هذه المجموعة السكانية عندما تم جلب العبيد من أفريقيا وجنوب شرق آسيا إلى هذه الجزر خلال الحقبة الاستعمارية للعمل في مزارع جوز الهند بين ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وقامت الحكومة البريطانية بترحيل ما يقرب من ألف من سكان شاجوس للسماح بإقامة القاعدة الأمريكية في دييجو جارسيا ولكن بفضل الوثيقة التي تم الإعلان عنها ، ستتمكن موريشيوس الآن من تقديم برنامج إعادة التوطين في جزر تشاجوس، باستثناء دييجو جارسيا الوحيد.

ولسنوات عديدة، ظلت المملكة المتحدة تحت ضغوط دبلوماسية، وخاصة من جانب الأمم المتحدة، بشأن مطالباتها بهذه الجزر، المعروفة باسم إقليم المحيط الهندي البريطاني. ومع ذلك، حكمت كل من المحكمة العدل الدولية وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح موريشيوس، في تصويت جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو 2019، صوتت 116 دولة عضو لصالح قرار ينص على ضرورة تخلي المملكة المتحدة عن جزر تشاجوس في غضون ستة أشهر. ولم يصوت ضد القرار سوى ستة أعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة. ووصفت الجمعية العامة للأمم المتحدة جزر تشاجوس بأنها “المستعمرة الأخيرة للمملكة المتحدة في أفريقيا”. وعلى الرغم من أن السلطات في لندن، وقت ترحيل التشاجوسيين، كانت قد تعهدت بالتنازل عن الجزر عندما لم تعد هناك حاجة إليها لأغراض استراتيجية، فقد أصرت حتى وقت قريب على أن موريشيوس ليس لها مطالبة مشروعة بالجزر ، و إن المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق المعلن عنه الأخير بدأت قبل سنوات من تولي كير ستارمر منصب رئيس الوزراء، ولكن توقيت هذا الاختراق يعكس الحاجة الملحة إلى تحويل دور المملكة المتحدة على الساحة الدولية.

ويمكن تلخيص الأهمية الاستراتيجية لجزر تشاجوس بالنسبة للمملكة المتحدة في نقطتين: الحاجة إلى مواجهة نفوذ الصين؛ والحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة ، وإن الاحتفاظ بالسيطرة على جزيرة دييجو جارسيا يسمح للمملكة المتحدة بإبراز قوة عسكرية كبيرة في المحيط الهندي وحماية ممرات الشحن الحيوية التي تربط أوروبا بآسيا والسيطرة عليها.

واتفاق تسليم أرخبيل الجزر يشمل أيضا جزيرة “دييجو جارسيا” التي تستضيف قاعدة عسكرية تستخدمها بريطانيا وأمريكا وتلعب دورا هاما في استقرار المنطقة وحفظ الأمن الدولي، مشيرة إلى أن الاتفاق ينص على أن تظل القاعدة تحت سلطة بريطانيا وأمريكا لمدة 99 سنة على الأقل.

وتقول الحكومة البريطانية إن الاتفاق يستهدف تصحيح أخطاء الماضي ويظهر الالتزام بتغليب مصلحة السكان الأصليين للجزيرة.

وتعهدت المملكة المتحدة في بيان الخميس الماضي ،بتقديم حزمة دعم مالي لموريشيوس لدعم اقتصادها ، وإنشاء صندوق ائتماني لدعم أحفاد 1500 من سكان جزر شاجوس الذين طردوا قسراً من الجزر بين ستينيات وسبعينيات القرن العشرين ، ويوجد الآن نحو 10 آلاف من سكان جزر شاغوس منتشرين في موريشيوس وسيشل والمملكة المتحدة. ويشكو كثيرون منهم من سوء المعاملة وانخفاض الرواتب في بلدانهم المضيفة.

‏‎وستتعاون موريشيوس والمملكة المتحدة في مشاريع في مجال حماية البيئة والأمن البحري والوقاية من الجريمة، بما في ذلك معالجة مشكلة الاتجار بالبشر والمخدرات التي تتزايد في موريشيوس.

وكانت الجزر التابعة لموريشيوس عندما كانت مستعمرة فرنسية، وتسلمت المملكة المتحدة السيطرة على موريشيوس والجزر التابعة لها عام 1845، وذلك قبل أن تحصل موريشيوس على استقلالها عام 1968 وتبدأ مطالباتها باستعادة السيطرة على الجزر ، بعد فصل بريطانيا الجزر عن موريشيوس، و طردت المملكة المتحدة ما بين 1500 و2000 من سكان الجزر حتى تتمكن من تأجير دييجو غارسيا، أكبر جزر تشاجوس، للولايات المتحدة للاستخدام العسكري الذي يديره الحليفان منذ ذلك الحين بشكل مشترك ، وقامت حكومتا المملكة المتحدة والولايات المتحدة بتهجير سكان تشاجوس بالقوة بين عامي 1967 و1973 ليس فقط في دييغو جارسيا، بل أيضًا في جزر بيروس بانوس وسالومون.

بعد ان أجرت المملكة المتحدة قاعدة دييجو جارسيا للولايات المتحدة لمدة خمسين عامًا منذ عام ١٩٦٦ ، وفي المقابل، قدمت الولايات المتحدة خصمًا قدره 14 مليون دولار على مبيعات أنظمة صواريخ بولاريس إلى المملكة المتحدة ، وكان نظام بولاريس يتألف من صواريخ باليستية تطلقها غواصات مسلحة نوويًا.

‏‎ومنذ ذلك الحين، أصبحت دييجو جارسيا مقراً لقاعدة عسكرية أميركية. ويعمل في القاعدة نحو 2500 موظف من الولايات المتحدة وموريشيوس ودول أخرى


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً