الطلاق العاطفي هو تسمية إعلامية شاعت بين الناس ويعنى هجر الزوج زوجته، سواء في العلاقة العاطفية أو في المحادثة، وفقدان المودة والسكن النفسي بين الزوجين، وهو حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض رغم وجودهما في منزل واحـد، ويعيـشان فـي انعـزال عـاطفي ونتيجة لذلك تصاب الحياة الزوجية بينهما بالبرود وغياب الحب والرضا..مع بقاء الحالة الزوجية بين الزوجين شكلاً لا مضمونًا…
اماالطلاق الشرعي فهو حل قيد النكاح وذلك بظهور لفظ الطلاق، عكس الطلاق العاطفي الذي لا يصدر بخصوصه لفظ طلاق…
مع أن الأصل في العلاقة الزوجية بين الزوجين هو الدوام والاستمرار، والمودة والرحمة وتحمل كل منهما للآخر قدر المستطاع قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: ٢١].
وللاسف الطلاق العاطفي أصبح الظاهرة الأكثر شيوعا بين الأزواج والتى يعيش فيها الزوج والزوجة والابناء حياة اسرية تعيسة ..
وقد تؤدى الى الطلاق وخراب البيوت او الخيانة وانحراف السلوك والفشل للابناء..
وهذا ينتج عندما تغيب لغة الحوار بين الزوجين..فإذا حصل نزاع بين الزوجين، فعلى كل طرف أن يتغاضى ويغفر للآخر ما أمكن، ويعالج ألامر أو يتم السعي للصلح بينهما، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٥].
والطلاق العاطفي يؤدى إلى الطلاق الشرعي… ومشكلة الطلاق العاطفي من المشكلات التي ظهرت في الأسر الجديدة نتيجة للحياة المعاصرة ومتطلباتها…
والمظاهر والمؤشرات الدالة على الطلاق العاطفي بين الزوجين
هى الصمت وغياب الحوار والانسحاب من المعاشرة الزوجية.
وجمود العواطف وغياب البهجة والفرح والمودة والنفور من الطرف الآخر والشعور بالندم على الارتباط بالطرف الآخر والتفكير في الطلاق
ورمي المسؤوليات على الطرف الآخر والإهمال والأنانية واللامبالاة والبحث عن بدائل…
أسباب ظهور الطلاق العاطفي:
هناك اسباب متعددة منها :
أسباب متعلقة بالزوج: مثل ضعف صلته بالله، وإهماله وتجاهله طلبات زوجته، ومقارنتها بالأخريات، وعدم غض بصره، والسب، والإيذاء الجسدي،والتهديد بالطلاق أو الزواج، والعصبية، واختصار الواجبات الزوجية في النفقة..
أسباب متعلقة بالزوجة: ضعف صلتها بالله، وجهلها بحقوق زوجها عليها، وتقصيرها في التزيّن له، والاهتمام بالأبناء على حساب الزوج، وكثرة الشكوى، والبخل في المشاعر، والتعامل المستفز..
أسباب متعلقة بالزوجين معاً:
عدم تقديم التنازلات، وقلة التحاور، والسماح للأهل بالتدخل، والاسترسال في الحياة الشخصية دون اعتبار للطرف الآخر، واختلاف التنشئة والعادات والاهتمامات، ووجود مرض عقلي أو نفسي، وعدم التجديد، وتراكم الضغوط المهنية والنفسية، وعدم التغاضي عن الأخطاء، وقلة الصراحة.
اهمية الحوار بين الزوجين
نؤكد على اهمية الحوار بين الاسرة الواحدة وخاصة بين الزوجين.. لكن الاهم ان نتعلم ونفهم طريقة الحوار. وآدابه التى تؤدى الى نتائج ايجابية وحل الخلافات ..ورأب الصدع..
الغاية من الحوار ..
قبل ان نبدأ الحوار .. والمكاشفة والتعبير عما فى القلوب بصراحة وبشفافية يجب ان نحدد الغاية من الحوار فهى أهم من الحوار نفسه ..
فالحوار في صورته المثلى هو فرصة لتبادل الأفكار والآراء
بعيدا عن الخصومة والتعصّب.
الاستعراضات او تصيد العيوب والسقطات والشتائم والتحريض
والإفحام” والإحراج، والانتصار على الطرف الآخر وجعله بمثابة المكسور …امامك!.
ومن النصوص القرآنية الصريحة الداعية إلى التمسك بالحوار وسيلة للتواصل الى حلول مرضية هى قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل: ١٢٥].
هناك طريقتان فى الحوار هما:
الطريقة الاولى : تكون فيها لغة الحوار بين الزوجين أو أفراد الأسرة، تتجه نحو المشكلة والدوران حولها، وتتصف بالذهاب للماضي، ويكثر فيها اللوم، ومن المتسبب فيما وصلنا له ، وتكثر الاتهامات المتبادلة ، والعناد المتبادل ..
الطريقة الثانية
وهي اللغة المتجهة نحو الحل، وتتسم بالتفاؤل والتركيز نحو الحاضر والمستقبل، مع وضع الحلول، والنظر للمشكلة أنها مؤقتة، والاتجاه للمشكلة وليس صاحب المشكلة ، وهى لغة تتوافق مع الشرع والدين وتدل على عراقة الأصل وحسن الاخلاق
الخلافات واردة فى كل البيوت
لايوجد بيت او اسرة ليس فيها خلافات او مشاكل لكن بتختلف البيوت فى علاج مشاكلهم وخلافاتهم . فمنهم من يكبرها ومن يعالجها بهدوء
فقد دخل الرسولﷺ ذات يوم على زوجته السيدة (صفية بنت حيي) ـ رضي الله عنها ـ فوجدها تبكي، فقال لها ما يبكيك؟
قالت: حفصة بنت عمر رضى الله عنهما تقول: إني ابنة يهودي؛ فقال : قولي لها زوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى….
وهكذا نرى كيف يحل الخلاف بكلمات بسيطة وأسلوب طيب
وفى موقف أخر حدث خلاف بين النبي ﷺ وعائشة ـ رضي الله عنها فقال لها من ترضين بيني وبينك .. أترضين بعمر؟ قالت: لا أرضي عمر قط “عمر غليظ”. قال أترضين بأبيك بيني وبينك؟ قالت: نعم، فبعث رسول الله ﷺ رسولاً إلى أبي بكر فلما جاء قال الرسولﷺ
تتكلمين أم أتكلم؟ قالت: تكلم ولا تقل إلا حقاً، فرفع أبو بكر يده فلطم أنفها، فولت عائشة هاربة منه واحتمت بظهر النبي ﷺ
، حتى قال له رسول اللهﷺ : أقسمت عليك لما خرجت بأن لم ندعك لهذا.
فلما خرج قامت عائشة فقال لها الرسول ﷺ: ادني مني؛ فأبت؛ فتبسم وقال: لقد كنت من قبل شديدة اللزوق(اللصوق) بظهري – إيماءة إلى احتمائها بظهره خوفًا من ضرب أبيها لها -، ولما عاد أبو بكر ووجدهما يضحكان قال: أشركاني في سلامكما، كما أشركتماني في دربكما”. (رواه الحافظ الدمشقي) .
وهناك قواعد ..مهمة كى نصل بالحوار الى نتيجة ايجابية.
١-اول قاعدة .. ان تؤمن بالحوار فى حد ذاته بأنه وسيله لعلاج كل المشكلات. لان عكس رفض الحوار هو الصدام .. وزيادة المسافات بين الطرفين ..
٢- ان نعرف ونتقبل ان كل طرف بيختلف عن الاخر فى مفاهيمه وثقافته وطريقة التعبير عن رأيه
ويعتقد انه على صواب ..
٣- اختر لغة الحل ولا تختار لغة التصادم عندما تواجه مشكلة في حوارك مع شريكك أو أحد أفراد الأسرة، اختر لغة الحل على لغة المشكلة. وانظر إلى المشكلة على أنها تحدٍ مؤقت يمكن تجاوزه بالتعاون والتفكير الإيجابي. بدلاً من التركيز على من يلام، وركز على كيفية تحسين الوضع الحالي وكيفية البناء معًا نحو مستقبل أفضل
٤- الاحترام المتبادل والهدوء في الحوار بداية يمكن اى خلاف مهما كان بين الزوجين يتم حله طالما هناك تقدير واحترام متبادل بينهما بالحوار ..لكن لا يمكن لحوار أن يكون ذا فائدة في اذا فقد الاحترام وحل محله الاهانة
والتشنج .ولذلك قبل الحور هيأ البيئة المناسبة للحوار بأن تشعر الطرف الآخر بتقديرك واحترامك له وتزي التشنج ثم ابدأ الحوار. …
٥- علينا ان نعرف ان هناك خصوصية بين الزوجين..لايعرفها غيرهما واحترام فكر و عقل الزوج ومشاعر وعاطفة المرأة ينتج علاقة إيجابية بين الزوجين .
٤- التعامل بلباقة: يجب أن نركز على حسن الأسلوب
وجميل الكلمات في حوارنا مع الطرف الآخر.واحرص على أن تكون لغة الحوار بينك زوجتك وكذلك بينك وأبنائك او زملائك مليئة بالاحترام واللطف، حتى عند مناقشة الأمور الصعبة فهى ادعى لامتصاص الغضب .
٥- يجب أن تكون قدوة في الاحترام قبل ان تطلب من ألاخر ان يحترمك : كن نموذجًا يُحتذى به في كيفية التعامل باحترام مع الآخرين، سواء داخل الأسرة أو خارجها..
٦- امنح الثقة للطرف الاخر فى عقله وفى فكره وفى حرصه على استمرار الحياة الزوجية ولا تبدأ بالاتهامات الغير مبررة وايضا من المهم ان تمنح أبنائك فرصة اتخاذ قرارات صغيرة، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم بأنك تثق في قدراتهم.
٧- اشرك زوجتك وابنائك فى تحمل المسؤولية وساعدهم على فهم أهمية المسؤولية وأن تكون هناك عواقب لأفعالهم، ولكن بأسلوب إيجابي يدعم قبولهم للأمر ..
اللهم بارك لنا فى أزواجنا وذرياتنا وفى بيوتنا واحفظنا بحفظك. من شياطين ألانس والجن ياكريم وارزقنا السعادة والستر والأمن والسكينة… يارب العالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى أله وعلى رسل الله أجمعين
بقلم .. ا.د / إبراهيم درويش حسيني أستاذ المحاصيل الحلقية ووكيل كلية الزراعة السابق بجامعة المنوفية
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.