
يا جماعة، بيوتِنا فيها طاقة غريبة، تشتغل علينا مرّه إيجابيّة ومرّه سلبيّة، يعني كأنها تِقلب علينا فجأة بدون سبب! وكل شي فيها يأثّر: الإضاءة، الغرف، الأجهزة، وحتى إحنا، أهل البيت، كلنا نِتداخل مع بعض، وبس الله العالم وش يصير!
بس فيه شي غريب دوم يصير، وما أحد قدر يفهمه، ولا حتى العلماء، ولا حتى اللي يحلّلون الجن والطاقة والسحر. تدرون وش هو؟ الجوارب اللي تِضيع بعد الغسيل! يعني تغسلها زوج، وتطلّع وحدة، والثانية؟ طارت! راحت! كأنها فتحت باب واختفت!
فيه ناس قالوا يمكن فيه “كائنات طيفية” تعيش معانا، مو جن، بس ناس من بُعد ثاني، يشاركونا البيت، وياخذون من أغراضنا! يحبّون قاع الغسالة، وخصوصًا المجفف، لأنهم يحبون الدفا، طفيليات، ياخذون فردة جورب، ويخلّونك تدور الثانية لين تطفش وتشتري غيرهم.
ومهما حاولت تغسلهم مع بعض، وتقول: “ما أفصلهم هالمرّة”، تطلع لك وحدة برّا العلاقة، كأنها تبي الحرية!
وفيه دراسات ما انشهرت، بس يقولون هالطيفيين لهم قرايب ساكنين في الخزائن. أي والله! خصوصًا خزائن الملابس. تشتري لبس جديد، تحطّه في الدولاب، وبعد فترة تطلع تقول: “وش هالحجم؟ من لبس هالقميص؟” يا إنه صغر، يا إنك إنت اللي كبرت (وأغلبنا نعرف الحقيقة).
بس عاد، لا تثق أبدًا بالخزائن، ولا المستودع، لأنك دايم تحطّ فيه الأشياء اللي مالها لزمة، وتقول: “يمكن أحتاجه بعدين”، وهو ما راح يجي هالبعدين أبد! بس تخلّيه يتكدّس ويتغطى بالغبار، وتجي بعد سنين تطالع فيه وتقول: “وش كنت أفكر؟ ليه محتفظ بهالسخافة؟”
لكن تعالوا نشوف النملية… خزينة المطبخ هذي عاد شي ثاني. محد يقدر يتحدّاها. ليش؟ لأن فيها النظام المقدّس حق حرمة البيت. كل شي فيها محسوب، الصحون، القدور، المعالق، كلهم مرتبين بأسلوب مهو مفهوم إلا لها! وإن صار شي وانكسر؟ تبدأ الحرب! وتنهال اللعنات على الشغالة المسكينة، لأن هالصحن بالذات “من أيام الملك فهد”، وله تاريخ، وله كرامة، وله مقام.
ومن أغرب الظواهر، اللي للحين محد عرف لها، إنك تفتح الثلاجة تلقى فيها أشياء ما تنفهم. مثل نصف ليمونة! من متى؟ محد يدري! ولا وش هدفها؟ ما نعرف! بس هي هناك، في الرف، تشوفك وانت تفتح الباب وتقول: “أنا للحين موجودة!”
بعضهم يقول اللي اخترع الثلاجة فرعون زار جلجامش، وقاله: “إذا تبغى تحفظ أغراضك، حط نص ليمونة”. وصارت موضة! كل ثلاجة لازم فيها ليمونة يابسة، تطالعك بعيونها وتقول: “أنا آخر خط دفاع ضد اللصوص!”
عاد غيرها؟ نص بطيخة، نص بيبسي، نص علبة معجون، ونص تفاحة فيها عضة من ولدك ومعها آثار تقويمه! وكلهم يختفون مع الوقت، إلا الليمونة! تظل صامدة، كأنها تقول: “أنا اللي ما يذبل”.
ولا ننسى الريموت كنترول! يا لطيف وش هالكائن الشقي! دوم يضيع! تحلف إنك حطّيته على الطاولة، تلقاه في شنطة زوجتك، أو تحت الكنبة، أو في المطبخ! وياما فقدنا أعصابنا ندور عليه، وآخر شي؟ نطالع الجوال ونشغّل اللي نبي منه وخلاص.
هالثقوب، كلها موجودة حولنا، وتكبر مع الوقت، خصوصًا لما الواحد يتقاعد. فجأة، الوقت يصير كثير، وكل هالأشياء الصغيرة تصير لها قيمة، وتصير فجوة عمر، يحاول يسدّها بالكلام عن “أيام الشركة”، أو مشروع بيت العمر اللي بيبنيه عشان “يشغل نفسه”.
هالثقوب، ما لها حل غير “الترقيع”، ومراعاة النفس، وعدم الجدّية الزايدة، والحلم والصبر… لأننا في النهاية، كلنا نعيش وسط هالثقوب… ونضحك.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.