صفات القائد.. والقيادة الجماعية
بقلم غسان سداوى

القيادة ، هي قدرة الفرد على التأثير، في مجموعة من الأفراد لجعلهم يرغبون في انجاز اهداف محددة معلومة لديهم .
وتعتمد القيادة على قدرة القائد في التعامل مع مجموعته سواء في الدولة أو في أي تجمع سياسي أو اجتماعي، بطريقة الإقناع والتفاعل
وليس بطريقة الإكراه واستخدام قوة المنصب لاجبار الآخرين للعمل معه . وهذا يعتمد على مهارة القائد وقدرته على التأثير في الناس بحيث يلتزمون معه لتحقيق اهدافهم ، وكذلك قدرته على التحفيز للوصول إلى اهداف المنظومة التي يقودها ، سواء كانت منظومة ادارية ام حزبية ام سياسية ام اقتصادية .
من اهم صفات القائد، ان يكون مصدر التفاعل بين العاملين وبين خطط المنظومة وتصوراتها المستقبلية ، ودوره في توحيد الجهود لتحقيق الاهداف ، ويعمل جاهداً على تذليل مشكلات العمل وتطوير الأفراد وتحفيزهم على العمل ، ويسعى إلى تقوية العلاقات الإنسانية داخل المنظومة ، وأن يتصرف كأب وأخ كبير مع الذين في معيته ، ويتحمل ويتقبل النقد البناء ، من اجل تقويم الاخطاء واكتشافها ، ويعمل على اتخاذ القرارات الدقيقة في المواقف العاجلة والخطيرة التي تواجه العمل . وان يمتلك الثقة بنفسه وان يكون قدوة لمرؤوسيه ، ويتحمل المسؤولية بشجاعة واقدام وسعة صدر في مواجهة المواقف الصعبة ، ويسعى إلى تحقيق العدالة في التعامل مع من في معيته والابتعاد عن الأنانية والتعصب للعشيرة والطائفة وغيرها من الممارسات الضارة في العمل ، وعلى القائد ان يؤمن بالقيادة الجماعية ، وان يبتعد عن التصرفات الفردية التي تقود إلى المركزية في اتخاذ القرارات لانها تقود إلى الانفراد وتبتعد شيئا فشيئا عن الديمقراطية وعن العمل الجماعي الأكثر انتاجاً .
وعلى القائد ان يكون مؤمناً بالرسالة التي يريد تأديتها ويؤمن بقدرته على القيادة ، ويتحلى بالشخصية القوية ليتمكن من مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة واقدام .
على القائد ان يتحلى بالطاقة والنشاط والحماس والحيوية والرغبة في العمل والمبادرة ، وان يكون حازماً ولديه ثقة بنفسه في اتخاذ القرارات المستعجلة ، ولديه الاستعداد الدائم للعمل ، وان يضحي برغباته الشخصية من اجل تحقيق المصلحة العامة لمنظومته والمجتمع ، وان يمتلك مهارات الاتصال والتخاطب وفصاحة اللسان وقوة التعبير ، وان يكون محبوباً ومقبولاً من لدن الذين يعملون بمعيته ، وان يكون متواضعاً ويفرض احترامه على الآخرين من خلال احترامه لهم وان يتجاوز ذاته ، ويعالج المشاكل والأمور بموضوعية تامة مستنداً على درجة وعيه وفهمه وإدراكه لمحيط عمله وحركة المجتمع . وان يكون له تاريخاً مشرفاً في خدمة مجتمعه ومنظومته التي ينتمي اليها ، وبعكسه سيكون في حرج شديد مع اعضاء منظومته وامام المجتمع ، ومن الأفضل له مغادرة المسؤولية ليتركها
لمن يصلح لها .
ومن اجل تجاوز القيادة الفردية ، رغم إيجابياتها وسلبياتها ، فالقيادة الجماعية تعتبر نموذجاً مثالياً لقيادة اي منظومة ، حزبية كانت ام ادارية ، و مهمتها الرئيسية تتمثل في توزيع الصلاحيات والمهام من الفرد إلى مجموعة من الأفراد تجمعهم ذات الاهداف .
القيادة معناها التحكم في المواقف ، أي التحكم في الناس بقرار له سلطة الإلزام على الآخرين ، وهذا يعني توفر عنصرين أساسيين
الاول القائد والثاني ان يكون القرار ملزم التنفيذ ، وقد يكون القائد هنا فرداً بعينه وقد يكون مجموعة من الأفراد متساوين في الحقوق والواجبات ، فالقرار القيادي قد يكون قراراً فردياً ام قراراً جماعياً صادر عن قيادة جماعية . وأكدت التجارب ان القرارات التاريخية المتعلقة بمصائر الامم والشعوب ينبغي ان تكون قرارات جماعية صادرة عن قيادات جماعية . حيث اثبتت التجارب ايضاً ان القرارات الصادرة من قيادة جماعية تكون نسبة الخطأ فيها اقل بكثير من الخطأ الذي يقع في حالة القيادة الفردية .
كما ان القيادة الجماعية لا تلغي أبداً دور الفرد بشكل مطلق ، بل على العكس تعمل على تشجيع المبادرات الفردية للاستئثار والانفراد منعاً من ظهور الدكتاتورية الفردية وطغيان الفكر الواحد في العمل السياسي
ان القيادة الجماعية تعني وجود عددمن الاشخاص في هيئة قيادية ، تمثل كائن اجتماعي ، له عدة اختصاصات وقادر على رؤية وتلمس جميع جوانب المشاكل والامور التي يدرسها وتتوفر لديه مساحة كبيرة من المعارف والاختصاصات وفسحة معرفية تفوق قدرة كل فرد على حدة .
كما ان وحدة الإرادة والانسجام النفسي والفكري بين هؤلاء الأفراد والعلاقات الحميمية التي تربطهم داخل هذا الكائن الاجتماعي سيشكل البيئة التي تجعله اكثر فاعلية وقدرة على التطور واتخاذ القرارات الصائبة والمدروسة والتي تحاكي الواقع المعاش . ان القيادة الجماعية توفر لكل فرد فيها إمكانية تطوير جميع مواهبه وقدراته وتصقلها ، وتفسح المجال لظهور القائد الفعلي لها ، والقيادة الجماعية تخفف الصراع الفردي من اجل المنصب وتقلل من احتمالات الخطأ في اتخاذ المواقف والقرارات
فالقيادة الإيجابية ، هي التي تعتمد إلى قيادة جماعية حقيقية ، بحيث تكون بعيدة كل البعد عن الطائفية والعشائرية والاثنية، على ان لا تكون مرجعيتها شخصاً أو عائلة أو عشيرة ، بل تكون مرجعيتها مصلحة المجتمع . كما ان القيادة الجماعية تمثل صمام أمان ضد تسرب القرارات الفردية وغير الموضوعية ، وهي تجعل من نفسها حماية للأفراد الذين منتمين اليها وتعمل على تطويرهم ومساعدتهم لتجاوز ذواتهم وتجاوز انتمائاتهم الطائفية والعشائرية، وتعمل جاهدة على صهرهم في بودقة العمل الجماعي المنتج والمبدع والخلاق من اجل بناء وتطوير المجتمع .
فالقيادة الجماعية هي الخيار الأمثل لمنظومة عملنا ، وهي تمثل السبيل الصحيح لحل جميع معوقات العمل المطلوبة في هذه المرحلة المعقدة ، وهي التي تذلل وتحد من الخلافات والاجتهادات والتدخلات الجانبية والمضرة لاي عمل ، فالقيادة الجماعية هي الحل الناجع لجميع المشكلات .
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.