حين نتحول من بشر إلى جلادين
سعدية طعمه

مشكلتنا الحقيقية في هذا المجتمع لم تعد في كثرة الأخطاء، بل في شراهة البعض لاصطيادها. هناك من ينتظر زلة غيره، لا ليصلِح، بل ليدين، لا لينصح، بل ليشهِر سيف الحكم، فيتحول فجأة من شاهدٍ إلى قاضى، ومن إنسان إلى جلاد.
لماذا كل هذا القسوة …؟
ماذا نفعل بأنفسنا حين ننسى أننا بشر ولسنا ملائكة …؟
متى أصبح الخطأ مبررا للشماتة، ومتى صار التشهير فضيلة ؟
أتعجب من أسلوب بعض الأشخاص الذين يتعاملون مع الآخرين وكأنهم بلا أخطاء، وكأنهم خُلقوا من طُهرٍ مطلق، لا يزلّون ولا يخطئون. ينسون ،أو يتناسون ، أن الإنسان خُلق ضعيفا، وأن الرحمة هي جوهر الإنسانية، وأن الستر أقرب إلى الله من الفضيحة، وأن الإصلاح أنبل من الإدانة.
إن القلوب حين تمتلئ بالحقد والغل والحسد والرياء، تصبح عمياء عن الحق، قاسية في الحكم، ظالمة في القول والفعل. ولهذا، فإننا أحوج ما نكون اليوم إلى دعاء صادق، لا يقال باللسان فقط، بل يترجم سلوكاً وأخلاقا .
أدعو الله عز وجل أن يزيل من قلوبنا الحقد والغل، وأن يطهر نفوسنا من الرياء، وأن ينجينا من ظلم الآخرين .
اتمنى أن يرضى رب العالمين عن عباده، وأن يشملنا جميعا برحمة واسعة، رحمة تلين القلوب، وتهذب الألسنة، وترد الإنسان إلى إنسانيته.
يا ابن آدم… إنها الدنيا، ممر لا مقر. افعل فيها ما يرضي ربك، لا ما يرضي نفسك أو يرضي من حولك على حساب الحق. تذكر دائما أن كلمة قد تجرح، وحكما قد يدمر، واتهاما قد يهدم عمرا كاملًا.
اتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله.
وقبل أن تنطق بالكلمة… راجع نفسك. فرب كلمة خرجت بلا تفكير، أعادت صاحبها إلى الله محملًا بذنوبٍ لم يكن يتخيّلها.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



