يجتمع رؤساء خمس دول في آسيا الوسطى، من جهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، يوم الجمعة 6 آب – أغسطس 2021 في تركمانستان في قمة تهيمن عليها المخاوف من تقدم حركة طالبان والفوضى في أفغانستان المجاورة.
وتُعقد القمة في بلدة أفازا الساحلية على شواطئ بحر قزوين، فيما يحاول متمردو طالبان السيطرة على عدد من المدن الرئيسية المحاصرة.
واستولت الحركة في الأشهر الثلاثة الماضية بسرعة قياسية على مناطق ريفية شاسعة ومراكز حدودية رئيسية، في إطار هجوم أطلقته مستغلة بدء انسحاب القوات الأميركية المتوقع انتهاؤه بحلول نهاية الشهر الحالي.
وتشكل القمة التي تجمع رؤساء تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان، مثالاً نادراً عن الدبلوماسية المشتركة بين الدول الخمس، بمعزل عن أي إشراف من قوى أجنبية كروسيا أو الصين أو الولايات المتحدة.
وتُعقد فيما تجري روسيا، التي ترى آسيا الوسطى جزءاً من دائرة نفوذها وتُعدّ أبرز موردي الأسلحة اليها، مناورات عسكرية مشتركة مع طاجيكستان وأوزبكستان على الحدود الأفغانية. وتحتفظ روسيا بقواعد عسكرية في طاجيكستان وقرغيزستان، الأكثر فقراً في آسيا الوسطى.
وقال الرئيس التركماني قربان قولي بردي محمّدوف إن الوضع في أفغانستان هو “القضية التي تشغلنا جميعاً”، وفق تصريحات بثّها التلفزيون أثناء استقباله نظيره الطاجيكي إمام علي رحمن.
وأوضح أنّ متمردي طالبان باتوا يسيطرون حالياً على غالبية الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان، أي ما يعادل حوالى 1300 كلم، مبدياً أسفه لكون “عدد من المنظمات الإرهابية تعمل بنشاط من أجل تعزيز مواقعها في تلك المناطق”.
ودعا الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف إلى وقف كامل لإطلاق النار والتوصل الى “تسوية تفاوضية مقبولة من الطرفين” بين الحكومة الأفغانية وطالبان.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً عند الساعة 14,00 ت غ الجمعة لمناقشة الوضع في افغانستان، بناء على طلب من الحكومة في كابول.
نفوذ روسي
شاركت كل من أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان في العقد الأول من الألفية الثالثة في التحالف ضد تنظيم القاعدة وطالبان، عبر استضافة القواعد العسكرية الغربية على أراضيها في إطار العمليات التي انطلقت إثر هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وتعرّضت أوزبكستان وطاجيكستان تحديداً في الماضي لتفجيرات وهجمات نُسبت الى حلفاء للإسلاميين الأفغان.
لكن بعد عشرين عاماً تغيرت الأمور. ومع الانسحاب الأميركي، أجرى قادة طالبان اتصالات رسمية مع كل من تركمانستان وأوزبكستان. كما يخوضون محادثات مع روسيا والصين، القوتين الإقليميتين الأبرز.
أما طاجيسكتان، التي مزّقتها حرب أهلية مع الإسلاميين في التسعينات، فهي من بين الدول القليلة المجاورة لأفغانستان والتي لم تستقبل وفداً من طالبان.
في تموز/يوليو، أشرف الرئيس إمام علي رحمن على مناورة قتالية مفاجئة هدفت الى محاكاة جهوزية جيشه على وقع تدهور الوضع في أفغانستان.
ورغم تأكيدات طالبان أنها لن تهدّد أمن الدول المجاورة في آسيا الوسطى، إلا أن خبراء يعتبرون أن وضعاً أمنياً متدهوراً في أفغانستان يشكّل تهديداً في ذاته للمنطقة برمّتها.
وقال الباحث في الجامعة الأميركية في بيتسبرغ جين بريك مورتزاشفيلي لوكالة فرانس برس “طالما أن القتال مستمر، فسيكون من الصعب ضمان أمن مشاريع البنية التحتية” في المنطقة.
ومن بين المشاريع على وجه الخصوص خط أنابيب الغاز المعروف باسم تابي، الذي ينبغي أن يربط تركمانستان بالهند عبر أفغانستان وباكستان.
وتزامناً مع مناورات عسكرية مشتركة تجريها روسيا مع طاجيكستان وأوزبكستان على الحدود الأفغانية، قال رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف الخميس إن “التهديد الرئيسي لمنطقة آسيا الوسطى اليوم يأتي من الجانب الأفغاني”.
وشدد خلال لقاء مع نظيره الأوزبكي شوكرت خالموخاميدوف بعد وصوله إلى أوزبكستان على أن “الانسحاب السريع للقوات الأجنبية من أفغانستان تسبب في تدهور سريع للوضع… وتصعيد للنشاطات الإرهابية”.
ولروسيا سوابق في افغانستان عبر الحرب التي شنّها الاتحاد السوفياتي سابقاً (1979-1989) ضد المجاهدين الذين انضوى جزء منهم في صفوف طالبان.
ويرى الباحث السياسي القرغيزي إيميل دوراييف أنه إذا كانت دول آسيا الوسطى مستعدة لتلقي مساعدة أجنبية، إلا أنّ العلاقات المتدهورة بين روسيا والصين والولايات المتحدة تعقد الوضع المتفجر أساساً في أفغانستان.
ويقول “بالنسبة الى آسيا الوسطى، سيكون مؤسفاً للغاية أن تعالج القوى العظمى هذه المشكلة بوصفها مواجهة جيوسياسية جديدة بينها”.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.