(مجتمع لا ينتج ما يأكل وما يلبس سيبقى أبد الدهر جائع حافي)
يشكل الإنتاج الزراعي المادة الأساسية للحياة البشرية , وبذلك يصبح إنتاج استراتيجي هام وأساسي, فبدونه لا يمكن للمجتمع البقاء والاستمرار في الحياة, فلا يمكن الحصول من الطبيعة مباشرة على كافة المنتجات الغذائية البشرية الحديثة, رغم أنها جميعها مصادر طبيعية زراعية في النهاية
ولكننا لن نجد قمح مثلاً يكفي لغذاء البشر, إلا إذا زرعنا هذا الكم الهائل من القمح, وغيره من المنتجات الأساسية الغذائية, لن نجدها في الطبيعة بهذا الكم الكافي للبشر دون إنتاجها وتوجيه هذه العملية وتنظيمها بشكل أو بآخر, وفي المجتمع ونظام الملكية الخاصة في الكثير من الأحيان تترك هذه القضية بلا تنظيم مما يؤدي إلى خسائر فادحة في المنتجات الزراعية, ونقص حاد في منتجات أخرى, مما يجعل السوق في أزمة مستدامة لا ضابط لها سوى الكساد أو النقص السلعي في السوق, وهذا من أكبر عيوب السوق الحرة الرأسمالية الربحية
وليس الاحتكارية طبعا, ففي ظل الاحتكارات الفوق قومية تنتهي المنافسة ويصبح الأكبر هو صاحب القرار وحسب , والبقية إتباع وذيول حسب الحجم .
فالمحاصيل الزراعية تشكل الأمن الغذائي الإستراتيجي لأي مجتمع , و(مجتمع لا ينتج ما يأكل وما يلبس سيبقى أبد الدهر جائع حافي)
من هنا تأتي الأهمية الأولى للقطاع الزراعي وأهميته الإستراتيجية للمجتمعات, حيث غذائها هو حياتها المباشرة واليومية التي لا تحتمل التأجيل أو الإنتظار , فهي حاجات أساسية لتواصل الحياة بعد الهواء والماء, والحفاظ على ديمومتها ضروري للبقاء ذاته, ولا يمكن الإستغناء عنه بأي حال وتحت أي ظرف كان, ولهذا نرى أن الكثير من السلع الأساسية عادتاً ما يتم دعمها حكومياً لضمان الحفاظ على أسعارها واستمرار وصولها لجميع المستهلكين بالأسعار المدعومة المناسبة لقدرتهم الشرائية.
كما أن هناك فوارق كبيرة بين هذا الإنتاج والأشكال الأخرى من المنتجات , وهي كما يلي
ا : السلع الزراعية تحتاج إلى وقت طويل لتتكون بطبيعتها وليس بتدخل بشري مباشر كما في حالة الصناعة وغيرها, هنا الإنسان له دور مختلف, فهو فقط يشرف وينظم الظروف ويهيئها بشكل معين لتتفاعل الدورة الطبيعية للبذور أو للنباتات المراد إنتاجها, فتتفاعل وتنمو وتسير دورة الطبيعة كما يجب ويرام لها أن تكون, وبذلك نحصل على المنتوج الزراعي, فليس بمقدوري أن أحصل على عنقود العنب في أي وقت أرغب ذلك, فلا يمكنني صناعته يدوياً, هذا صناعة وإنتاج طبيعي حي بالأساس, ولا بد أن يأخذ وقته ليكون جاهز للاستعمال الغذائي, وهذا من أبرز الفوارق بين هذا النوع من الإنتاج والمنتجات الأخرى.
ب : المنتج الزراعي يحتاج إلى رعاية وتعامل خاص في كل شيء كونه مواد حية ومعدة للاستهلاك الغذائي ولها صلاحية معينة للاستعمال تنتهي سريعاً, ولذلك يجب مراعاة وصولها للمستهلك قبل إنتهاء صلاحيتها الغذائية.
ج : يجب أن يراعى الجودة الصحية للمنتج الزراعي ودقة الإنتاج والمواد المستخدمة في كل شيء له علاقة بهذا الشأن, كونها مواد غذائية مباشرة ولها علاقة بحياة الناس وحصتهم العامة.
د :الخامات الأساسية للإنتاج الزراعي ليس من صنع الإنسان في النهاية بل هي مواد حية تنتجها الطبيعة يجمعها الإنسان في ظروف معينة لتنتج مواد جديدة جزء من الطبيعة, وإنتاجها يشكل استمرار لتفاعل الطبيعة ودورتها الطبيعية في الحياة.
ه : التبعية الشبه كاملة للقطاع الصناعي, من حيث أدوات وآلات والتصنيع الزراعي والأسمدة والعلاجات وغيرها من المواد, ومهما تصل الزراعة من تطور يبقى للصناعة الدور الحاسم في تطوير وصناعة آلات والحاجات الضرورية للإنتاج الزراعي.
وهناك الكثير من الفوارق بين هذين القطاعين ولكننا نأخذ الفوارق الأساسية والأبرز في سياقنا لضرورتها في الإنتاج النهائي ووضع العلاج لها في النهاية, فليس دورنا الكشف عن الأزمات , بل الهدف هو علاج هذه الأزمات و وضع الحلول المنطقية والممكنة.
أما بخصوص تكلفة الإنتاج الزراعي فلا يمكن مقارنته بالإنتاج الصناعي للأسباب السالفة الذكر أعلاه جميعها, ولا يمكن السماح ببقاء السوق الزراعية وخاصة الأساسية خاضعة لقضية العرض والطلب لكون هذا قد يعرض السكان إلى خطر المجاعة بسبب نقص المواد الغذائية المفاجئ, عدا عن الخسائر الفادحة الاقتصادية, مما يعرض الأمن القومي والغذائي للخطر
ولذلك نجد في الكثير من الدول المتطورة اتحادات مزارعين تدرس ما لديها من مساحات وحاجات السوق وتوزع الإنتاج الزراعي الأساسي, ولا تنتج أكثر من حاجة السوق من السلعة أو النوع المعني, طبعا هذا لا يشمل الفواكه والخضروات في الإنتاج الصغير المتبقي كجيوب صغيرة تنتج لوحدها إنتاج فردي بسيط.
بالمثابرة والكفاح تحقق الطموحات الإنسانية الكبرى اتلانتس الجديدة أرض الحكمة
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.