الفن السابع… السينما

غادة إسماعيل

0

شكل اختراع السينما منعطفاً تاريخياً في عالم الفن، وأطلق عليها الفن السابع منذ ظهورها وانضمامها للفنون الستة وهي العمارة والموسيقى والرسم والنحت والشعر والرقص، فبعد المحاولات العديدة التي شهدها التاريخ لجمع الفنون الستة وتوحيدها في فن واحد، أصبح ذلك ممكناً مع ظهور السينما، خاصة مع تطور تقنيات الفيديو ومعها إمكانية الجمع بين رسوم وأشكال ملونة تتحرك مع موسيقى وشعر وحوار.
ولقد ظهر عبر التاريخ العديد والكثير من المحاولات لجمع وتوحيد عدد من الفنون في عمل فنيّ واحد وذلك لقوّة تأثيرها مجتمعة على حواس المتلقّي الذي يتواصل مع العمل الفنيّ بمختلف حواسه، ولكن القليل من هذه المحاولات توصّلت لجمع أغلب الفنون معاً، نذكر منها :
الطقوس الدينية في معابد الحضارات القديمة:
كانت تقام هذه الطقوس ضمن كرنفال ضخم ومهيب فكان المشاركون يرتدون أجمل الملابس المزركشة والملونة ويؤدون الرقصات التي تعبر عن الاحتفال بالآلهة ضمن جو مهيب وأغلبها حركات إيمائية وقد تترافق مع موسيقى إيقاعية، وتتلى فيه القصائد التي تليق بالاحتفالية.
المسرح الاغريقي:
كان يعتمد على الديكور للمكان من خلال النحت والزخارف والصور الملونة، وفي أزياء الممثلين وأقنعتهم والرسم على الوجوه، والموسيقى التي تعتمد على الإيقاع السريع بوجود آلات إيقاعية فتُقام الرقصات ذات الحركات السريعة وبعض منها إيمائية.
الطقوس الكنسية:
حيث تُقام ضمن الجو الكنسي سواء الشرقيّة أو الغربيّة منها لتصل أخيراً إلى الأوبرا.. وغيرها الكثير ..

وهذا ما يؤكده د.ثروت عكاشة قائلاً: ” أن الفنون كلها تنزع إلى التوحد معاً، وكثيراً وغالباً ما تتلاقى ليكمل أحدها الآخر… وقد تجسد هذا العمل أولاً في الدراما الإغريقية التي جمعت بين الشعر والغناء والموسيقى والرقص الايمائي أمام خلفية من المناظر التي رسمها الفنانون التشكيليون… وقد تلاقت الفنون جميعها في كل من نموذجي الأوبرا والباليه، غير أنها لم تصل إلى مرتبة التوازن والتكامل الرائعة… أما اليوم فالسينما تتصدر لتجمع بين هذه الفنون جميعاً محققة العمل الفني المنسق والشامل”.
كانت السينما في بدايتها فنٍاً مرئياً صامتاً يعرض صوراً متحركة لا تنبض بصوت، كأفلام “بولا نيجري” و”رودولف فالنتينو” “تشارلي تشابلن” في أيامه الأولى. حتى اكتشفت مادة “السالينيوم” التي تحول الموجات الصوتية إلى موجات ضوئية ثم تحول هذه إلى صوتية، بدأت السينما خطواتها الجبارة في تجميع الفنون المرئية و المسموعة، وأصبحت السينما وسيلة إلى بلوغ الكمال لجميع الفنون، حيث حطمت السينما حواجز الزمان والمكان حاملة أروع الأعمال الفنية بين ربوع العالم.. بعد ولادة السينما وتطوّرها لتصبح ناطقة ثم ملوّنة تحوّلت إلى بوتقة لجمع الفنون سواء في الأفلام التمثيلية أو في أفلام الرسوم المتحركة والدمى المتحرّكة، وقد ساهم تعاون الفنون في الأعمال السينمائيّة بتطوير الفنون التشكيلية، فتضافرت الفنون في العمل السينمائي مما أفسح المجال لظهور اتجاهات سينمائية مستقلة عن الفنون التشكيليّة، بل أصبحت رائدة لهذه الاتجاهات، وهكذا أصبحنا نرى فن التصوير وفن النحت يلجآن إلى السينما تحت شعار الفن السينمائي.
يقول د. عفيف البهنسي: ” إن الوحدة بين الفنون أساسيّة، بمعنى أن الفن سواء أكان شكلياً أو صوتياً فهو يصدر عن محاولة لخلق جمال جديد يُضاف إلى جمال الطبيعة ذات الجمال المركب من الشكل والحركة والصوت أيضاً. ولكن ظروف النمو والاختصاص باعدت بين عناصر هذه الوحدة مما دفع الفنانين إلى إعادة تجميع هذه العناصر في عمل فني مركب من فنون حركية وصوتية وشكلية وضوئية كالمسرح والسينما.
إن الفنان فيها يحاول أن يقوم معاً بدور المخرج والمصور والملحن والفنان المزخرف لكي يحقق وحدة متينة في بناء عمله الفني” .
فالسينما جاءت لتجمع كل الفنون وتكرس ضرورة الفن لتوثيق أغلب المراحل التاريخية والاجتماعية وحتى الفنية. حيث بالعودة إلى بعض الأفلام نستطيع معرفة حقبة معينة من التاريخ بجميع مراحله الفكرية والاجتماعية والثقافية وحتى العادات والتقاليد التي كانت تسود تلك المرحلة.


ـ المراجع:

سوريو، إيتيان، تقابل الفنون، ترجمة بدر الدين القاسم.
عكاشة، د. ثروت، موسوعة تاريخ الفن.
د.عفيف البهنسي، من الحداثة إلى ما بعد الحداثة في الفن.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً