إحذر من أمور تحسبها هينة لكنها عند الله عظيمة

أ.د / إبراهيم درويش يكتب:

0

عندما تتأمل قوله تعالى: {وتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ} نجد ان هذه الاية تلفت الانتباه إلى طريقة تقديرنا للامور. ..فماأكثر الأمور التي نحسبونها هينة ..وهي عند الله عظيمة !!اى لانعطى لها قدرها ..او ان حساباتنا لها خاطئة ،

فقد يحتقرُ الناسُ شيئا وهو عند الله عظيم، وقد يُعظّمون أمرا لا يحبّه الله ولا يرضاه…وطالما كانت الحسابات خاطئة والتقدير. غير سليم ..فستكون الاقوال والافعال غير سليمة …والنتائج ستكون محبطه وكارثية..

وسنضرب امثلة توضح ذلك

١– إياك والاستهانة بالشرك بالله ..

فهذا هو الجرم الاكبر..يقول تعالى

( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)..

فلاتستهين بالشرك بالله الحى الذى لايموت الذى خلق فسوى وقدر فهدى ..وتجعل له ندا وشريكا وولدا يقول تعالى فى سورة تعدل ثلث القرآن ( قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ، ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ، لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ، وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ) فمن يستهين بالشرك بالله وهو غير مكترث بجرم مايقول او يصنع يقول تعالى (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا , لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أن دعو للرحمن ولدا ) [مريم: ٩٠] وهذه الاية تدلنا على ان السماوات والأرض والجبال تغار على التوحيد…

٢- إياك والاستهانة باعراض الناس ..

لاتستهين بالخوض فى اعراض الناس فلقد اصبح من الامور التى نستسهل الخوض فيها.فى كل مجالسنا هى الخوض فى اعراض الناس .وأصبح من السهل جداً اطلاق التهم وتلفيق الحكايات ورمي الناس والتشهير بهم دون ادنى دليل .

وقد يظن البعض ان ذلك امر هين لكنه احد الامور التى تدخل صاحبها فى النار يقول تعالى

(‏إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) يلاحظ ان هذه الاية نزلت فى حادثة الافك والتى اتهمت فيها ام المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها….ثم كانت براءتها من الله .. وعاتب ووبخ من خاض فى عرضها

فجاءت الاية تشير الى أنه كان هناك غياب للوعى والعقل ..فجعل فى الاية الالسنة آلة لتلقي الاخبار مع أن آلة تلقي الأخبار تكون عن طريق الاستماع بالاذن ..حتى يمر الخبر على العقل ويستوعبه ويحكم عليه .صادق ام كاذب .

ولذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم ( حسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع )، ويقول تعالى( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) .وفي الحديث آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان .

و يقول تعالى عن المجرمين من اهل النار ( ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين ). فإياك والخوض فى اعراض الناس ..واجعل بينك وبين أعراض الناس جداراً من نار.

٣-إياك والاستهانة بالظلم والتنمر وكسر القلوب والمشاعر .

فالانسان الغير سوى بطبعة لايستهين او لايظلم او يعتدى او يتنمر او يستخف إلا بمن هو أضعف منه …والذى لا يستطيع ان يرد عن نفسه الظلم والغشم والاستخفاف… وينطبق ذلك على الايتام والمساكين والفقراء والمرضى والمستخدمين الذين هم تحت رئاسته والمرأة الاسيرة فى بيته..

اما اذا علم ان الذى امامه قوى وسيقتص منه احترم نفسه ..

ولقد ورد الكثير من ايات الله والاحاديث النبوية التى تحذر من الظلم وتنبه بان الظلم ظلمات يوم القيامة .. فلا تظلم احد لايقدر عليك .. ولا تستهين بـمشاعر أحد

ولاتستهين بصرخة احدهم في وجهك ب (حسبنا الله ونعم الوكيل ) ! فانها عبارة ان قيلت في موضعها الصحيح فإنهاكفيلة بان تجردك من كل نعم الله عليك!! لانها تنقل القضية من الارض الى رب السماء والله تكفل بنصره ويقول الرسول ﷺ : واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب…

٤-إياك والاستهانة بسوء ظنك بالله يفقدك الثقة فى نفسك وبمن حولك وفى اقرب الناس اليك من حولك فتتحول حياتك إلى جحيم ..تأمل قوله تعالى: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}فاجعل ظنك بالله جميل وكن موقنا بأن ظنك لن يخيب.

٥- لاتستهين بأصحاب الأخلاق العالية والصفات الطيبة

التى جبلت على التسامح لان كل شيء له حد. فقد يصبر كثيرا ويتجاوز عن اخطائك مرات ليس ضعفا منه او تغفيلا ولكن يكون خرصا على استمرار الاواصر خاصة اذاكانت العلاقات متشابكة واملا فى الاصلاح بان تعود على رشدك ..او إبراء للذمة ..

واعتقد من يقابل الطيبة بالاساءة والجميل بالجحود والنكران ..

ليس له مكان فى القلوب ويكون القرار بالاستبعاد فيه راحة للنفس والبال ..ولذلك قيل احذر من الذي يسامح بلا حدود…لأنه إن رحلَ لن يعود,فمن يتجاهل أخطاءك ليس مغفلاًهو فقط لا يريدُ خسارتكولكن سيأتي يومٌ لا يستطيع فيه. حتى سماع أعذاركفلا تجرح أحداً ثم تعاتبه على ردة فعله. ،،

فقلوبُ الأوفياء التي تحبُّ حين تُخذَل لن تعودَ كما كانت أبداً

فلا تتمـادَ في أخطائك فكل شيء له حدّ في هذه الدنيا.

٦- لا تستهين أبداً بالكلمة الطيبة، التى تقدمها او تقولها لأشخاص يهمك أمرهم او إلى أشخاص لا يأبه أحد بهم أو لهم. تجبر بها خاطرهم ، فانت لا تعلم كم تؤثر هذه الكلمات الطيبة في النفس، ويزداد تأثيرها الجميل للقلوب المجروحة فيغدو بلسماً ملطفاً لأرواحهم.

فالكلمة الطيبة تاثيرها في النفس اقوى من العطاء المادي لحديث الرسولﷺ (لن تسعوا الناس باموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق)…. والانسان ممكن ينسى اي شي الا المواقف الطيبة لاتنسى مدى الحياة..ولذلك قيل أن ا‎لكلمة الطيبة تغير امور وتعالج صدور فلا تستهن باى كلمةٍ طيبة…او بمعاملة حسنة…لشخصٍ مكسورٍ لجأ إليك وقت كسرته و إستمعتَ إليه…وكففتَ دمعه… ورمّمت صدعه ببضع كلمات…

فلن ينسى الله لكَ ذلك أبدا

‏”ويَحسبون كَسر الرُوح هيناً وَهو عِند الله عظيم.”..

بقلم .. ا.د / ابراهيم درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading