كُتاب

إسرائيل تهاجم وإيران تهذي ومصر تبني جيشًا لا ينتظر إذنًا ولا يخشى مواجهة

في الوقت الذي دوّت فيه الانفجارات داخل العمق الإيراني، إثر الضربات الإسرائيلية الدقيقة التي استهدفت مراكز القيادة والسيطرة ومواقع عسكرية حساسة، ظهر المشهد الإقليمي في أقصى درجات الوضوح: دولة تصرخ وتهدد منذ عقود، لكنها حين ضُربت صمتت، وبدلاً من الرد، اختبأت خلف التصريحات والعنتريات الجوفاء.

إيران، التي ظلت لعقود تمارس استعراض القوة عبر الإعلام والمنابر، بدت عاجزة أمام ضربة مباشرة ومهينة لهيبتها، دون أن تُطلق حتى طلقة واحدة. لم تعترض، لم ترد، لم تُصعّد. مجرد تهديدات تقليدية محفوظة، لا تصرف في ميزان القوة ولا تردع خصمًا.

وهنا تتجلى عبقرية الموقف المصري.

مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لم تنشغل بالصيحات، بل انكبت على بناء جيش حقيقي. جيش لا يُصطنع لأغراض دعائية، بل لإعداد وطن يملك أدوات الردع الكامل والاستقلال العسكري. فمنذ اليوم الأول، كان واضحًا أن عقيدة الدولة المصرية تعتمد على أن السلام لا يُصان إلا بالقوة، وأن الأمن القومي لا يمكن أن يكون رهينة لإرادة الغير أو مصادر تسليح مشروطة.

مصر اليوم تمتلك واحدًا من أقوى الجيوش في المنطقة، ليس بسبب العدد فقط، بل بسبب التنوع في مصادر التسليح، والجاهزية الفائقة، والبنية العسكرية القادرة على الرد والردع، دون الرجوع إلى أي عاصمة خارجية لطلب الإذن. لقد تحولت القوات المسلحة المصرية من جيش دفاعي مشروط الحركة، إلى قوة إقليمية مستقلة القرار، قادرة على حماية الوطن في كل سيناريو محتمل.

الرئيس السيسي حين قال: “أنا هسلّح الجيش”، لم يكن يغازل الشعور الوطني، بل كان يستبق لحظة كالتي نراها اليوم. لحظة يسقط فيها من كان يزعم القوة، وتبقى فقط الدول التي بنت على أسس صحيحة، وهيّأت مؤسساتها العسكرية بروح الجدية والقدرة وليس بروح الشعارات.

إيران، التي ملأت الشرق الأوسط ضجيجًا، فشلت في أول اختبار حقيقي. أما مصر، فحين تقع الأزمة، فإن الجميع يراجع حساباته ألف مرة قبل التفكير في الاقتراب من حدودها. جيشها اليوم جيش يردع، لا يُستدرج. جيش يملك القرار، لا ينتظر الضوء الأخضر من واشنطن أو غيرها.

من هنا، تبدو المقارنة كاشفة ومهينة لكل من راهن على الخطاب الفارغ دون إعداد. مصر لم تدخل حروبًا كلامية، لكنها كانت تعدّ رجالها في صمت، وتجهز لأمنها الاستراتيجي بلا ضجيج. ولذلك، فإن من ينظر اليوم إلى مشهد ضرب إيران، عليه أن يتأمل جيدًا في قوة مصر الهادئة، وعقيدتها العسكرية الجديدة، ويعلم أن من يصنع قراره بنفسه، لا يُملى عليه، ولا يخشى المواجهة.

حفظ الله مصر، وجيشها، وقيادتها، وشعبها.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

اترك تعليقاً

🔔

أهم الأخبار

error: Content is protected !!
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً
العربيةالعربيةFrançaisFrançais