أكدالدكتور محمد يونس عبدالحليم أستاذالاقتصاد
وعميد كلية التجارة بنين – جامعة الأزهر قائلا ؛ نظراً للتغيرات المناخية المختلفة وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فضلاً عن تأثيرها على صحة الإنسان والنبات والحيوان وعلى خصوبة التربة وعلى تلوث المياه والهواء وانبعاثات غازات الدفيئة وتصاعد وتزايد ظاهرة الاحتباس الحراري واتساع ثقب الأوزون وارتفاع درجات الحرارة مما أدت إلى ذوبان جبال من الجليد في القطب الشمالي ترتب عليه ارتفاع منسوب المياه في المعمورة وطمس وغرق العديد من المدن على الشواطئ الساحلية فضلا عن طمس دلتا مصر لذا فقد اتجه المجتمع الدولي إلى عقد العديد من المعاهدات وإبرام العديد من الاتفاقيات بغية التحد من التغيرات المناخية وكان لزاما على المجتمع الدولي أن تكون لديها رؤية مستقبلية للحد من هذه التغيرات والتوجه إلى استخدام الطاقة البديلة الجديدة والمتجددة والتي لا تضر بالبيئة بل مصاحبة للبيئة وتحافظ على تحقيق التوازن البيئي تعرف في الأدبيات الاقتصادية بالاقتصاد بالأخضر وتتمثل الطاقة البديلة الجديدة والمتجددة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المد والجزر وطاقة الحيوية والطاقة الهيدروجينية وأخيراً والطاقة النووية.
واوضح الدكتور محمد يونس عبدالحليم
أستاذ الاقتصاد عميد كلية التجارة بنين – جامعة الأزهر: انطلاقاً من ذلك فقد تم تقسيم البحث إلى عدة نقاط رئيسية أولاً: التوازن البيئي بين الخصائص الطبيعية وتدخل الإنسان.
ثانياً: الآثار المختلفة للتغيرات المناخية.
ثالثاً: طرق وآليات الوقاية من التدهور البيئي التشريعات البيئية ضوابط في تكامل المنظور الاقتصادي البيئي. والوعي البيئي ضرورة في البناء الذاتي لحماية البيئة.والوعي العام بضرورة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
رابعاً: دور التشريعات الإسلامية في حماية البيئة.
خامساً: أولاً: التوازن البيئي بين الخصائص الطبيعية وتدخل الإنسان
إن الله عز وجل دبر الكون بنظام محكم ودقيق، وأودع في الأرض ثروات متعددة وجعل لكل عنصر في هذا الكون دوراً وقدراً، واستخلف الإنسان في الأرض وسخر له كل ما وجد فيها، وأمره باستغلال مواردها الطبيعية لتلبية احتياجاته، ونهاه عن الإسراف وأمره بالاعتدال لما فيه تحقيق التوازن البيئي الذي يكفل الاستمرار لكل العناصر ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾[سورة الحجر: الآية 19]. هذا التوازن الذين يفترض أن يتحقق في علاقة الإنسان، بكل ما يتضمنه من فعاليات وأنشطة، بعناصر البيئة: الأرض والماء والهواء والكائنات الحية الأخرى. فالنبات كأحد الأنواع الحية على الأرض هو أصل الغذاء لكل من الإنسان والحيوان، وهو أحد المصادر الرئيسية في إعادة التوازن الطبيعي لمكونات الهواء الضروري للكائنات الحية وفي تنظيف الجو وتحسين البيئة. والحياة الحيوانية في نظام التنوع الحيوي تزيد التربة خصوبة بفضلاتها وبقايا أجسادها وتساعد في التلقيح وتوزيع النباتات من خلال حركاتها وهجرتها، وفي بعض الحيوانات غذاء للبعض الآخر ومنافع للإنسان. والحيوانات مقدرة لإحساسها ومداركها الواعية وسلوكها وعلاقاتها الاجتماعية، فهي أمم مماثلة لعالم الإنسان، إذ قال سبحانه وتعالى ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾[سورة الأنعام: الآية 38].
إن التنوع الحيوي الذي هو مجموع الكائنات الحية التي تعيش على كوكب الأرض، يجسد الحياة بأبعادها الواسعة، إذ أنه يمثل مورداً هاماً وضروري لحياة الإنسان والمخلوقات الأخرى وهو ما يطلق عليه اليوم باستمرارية موارد البيئة من أجل التنمية المستدامة. أن الله تعالى قد خلق من التضادات ما هو سر لديمومة الحياة في نظام محكم من التوازن، ليس بين الكائنات الحية فحسب وإنما أيضا بينها وبين عناصر الطبيعة في تفاعل وتبادل لاستمرارية الحياة إلى أن يأذن الله جلت قدرته، إذ قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[سورة القمر: الآية 49]. وهذا يتطلب المحافظة على هذا الاتساق في هذه الموارد وتنميتها لذاتها من ناحية ولأهميتها كموارد حية فريدة لا يستعاض عنها لمنفعة الإنسان وغيره من الخلق من ناحية أخرى. ولكن أنانية الإنسان وحب الذات قد انعكست في نتائجها السلبية على هذا التوازن والذي بدأ يعاني نفسه منها كرد فعل عن ممارسات لا تتوافق والنظام الطبيعي للكون.
فالإنسان هو أحد العوامل المهمة في النظام البيئي، فإذا تدخل في هذا التوازن الطبيعي دون وعي أو تفكير اختل هذا التوازن، وهو القادر أيضا على تغيير شكل البيئة الطبيعية التي يعيش فيها، هذه القدرة شهدت تطور نوعي وخاصة بعد الثورة الصناعية، إذ أن التطور العلمي للإنسان وتطوره الصناعي والحضاري قد سخره الإنسان لمصالحه الخاصة دون أن يتعامل مع الموارد الطبيعية بتعقل وحُسن تصرف حفاظاً على عناصر النظام البيئي، بل كثف جهوده وإمكاناته تلك في استثمار هذه الموارد بكثافة للحصول على أقصى منفعة وبأسرع فترة زمنية بما يؤدي إلى استغلال الموارد الموجودة أسوأ استغلال بفعل الزيادة في كثافة السكان، في النشاطات الصناعية والزراعية وفى استعمال المخصبات والمبيدات الحشرية، واستنزاف الموارد، كل ذلك أحدث خلل في التوازن الطبيعي، وامتدت آثاره على جميع الكائنات، ولا يقتصر هذا التأثير على الزمن الحاضر بل قد يمتد لينال الأجيال القادمة.
إن التلوث مشكلة بيئية ذات اهتمام خاص لأن آثارها الضارة شملت الإنسان نفسه وممتلكاته، وأخذت بالكثير من الأنظمة البيئية السادة. ويوصف التلوث بأنه الوريث الذي حل محل المجاعات والأوبئة وخاصة بعد الثورة الصناعية. فالإنسان في عصر ما قبل الثورة الصناعية لم يتعرض لمشكلة التلوث، لأن كل مخلفات نشاطه كانت مما تستطيع الدورات الطبيعية في الأنظمة البيئية أن تستوعبه وتحويه في مسلسل تحولاتها. ولكن تطور الحياة والتقدم التكنولوجي واستعمال المواد الكيماوية وحدوث الكوارث وغيرها، أدى إلى اختلال التوازن البيئي، الأمر الذي ينتج عنه الكثير من المشكلات البيئية ومنها التلوث بأشكاله المختلفة.
لقد أصبح تلوث الهواء والماء والتربة خطراً يهدد الحياة البشرية والكائنات الأخرى، لذلك وجب على الإنسان السعي الجاد في إصلاح هذا الاختلال في توازن عناصر النظام البيئي من خلال الإجراءات المسبقة في استغلال بيئته بشكل يوازن استمرار عمل النظم البيئية الطبيعية.
ثانياً: الآثار المختلفة للتغيرات المناخية
تحدث عملية التدهور البيئي الناتجة عن التغير المناخي آثارا سيئة بالتنمية الاقتصادية، فترتفع تكاليف الإنتاج الحقيقية بينما تنخفض إنتاجية الأرض والعمل، كما ينخفض الإنتاج والصادرات والدخل الضريبي. وسواء كانت الأدلة عبارة عن النقص المحلي للماء في الولايات المتحدة، أم نقص في أخشاب الوقود في الهند، أم نقص الغذاء في أفريقيا، فإن العلاقة بين الموارد المهدورة والتي ساء استغلالها وبين الضغوط الاقتصادية تبدو واضحة، حيث يعد تقييم تكلفة التدهور البيئي عاملاً هاماً في ربط البيئة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا بأخذ الاعتبارات البيئية ضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويأتي التدهور البيئي من تلوث الهواء والماء وتدهور الشواطئ والمناطق الساحلية والإدارة السيئة للصرف الصحي، وتدهور الموارد الطبيعية وتدهور التربة ورمي النفايات. وقد انبثقت فكرة حساب التدهور البيئي من تحليل المنفعة الخاصة والتكلفة العامة، وأدى تطبيق النظرية الاقتصادية على القضايا البيئية إلى اعتبار البيئة والموارد الطبيعية سلعاً لها قيمتها الاقتصادية سواء عند استهلاكها أو استنزافها. فالمنفعة تعني أثرا ايجابياً للبيئة (مثل الهواء النقي)، والتكلفة هي الأثر السلبي على البيئة (المبلغ الذي يدفع للحصول على الهواء النقي).
تصنف التأثيرات البيئية للتغيرات المناخية نتيجة الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية (الفحم والبترول) على أساس مدى هذه التأثيرات إقليميا وعالمياً، وعلى أساس فترة تأثيرها إلى تأثيرات قصيرة، ومتوسطة وطويلة الأجل، ومن بين التأثيرات طويلة الأجل تدمير البيئة وغطاء التربة وانقراض بعض الأجناس الحية. وتنتج غالبية التأثيرات البيئية من انطلاق العديد من المواد الكيميائية أو المشعة إلى البيئة عبر مسالك خاصة لتصل إلى سطح التربة فتؤثر على الإنسان والنبات والحيوان، ويمكن إيجاز أهم التأثيرات البيئة لمصادر الطاقة أثر تغير المناخ على الثروة الحيوانية:
يمكن للتغيرات المناخية أن تؤثر في الحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر. فموجات الحر على سبيل المثال تؤثر في الثروة الحيوانية بشكل مباشر، حيث أن الإجهاد الحراري يزيد من تعريض الحيوانات للإصابة بالأمراض والحد من الخصوبة والحد من إنتاجية الألبان.
كما أن موجات الحر الشديدة يمكن أن تهدد بجفاف المراعي أو حتى تقليل جودتها مما يؤثر على الإنتاجية، وقد وجدت بعض الدراسات أن جودة المراعي تتناقص بارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك فإن الماشية تكون بحاجة لتناول طعام أكثر للحصول على نفس الفوائد الغذائية.
وقد يؤثر تغير المناخ على التدفقات البيئية، والظروف الجوية، والمغذيات المطلوبة وكيمياء المحيط، ودرجات الحرارة في المحيط، وسقوط الأمطار، والرياح، والتيارات البحرية والعديد من العوامل التي تؤثر على مصائد الأسماك في العالم الأمر الذي له مخاطر كبيرة جداً، حيث أن نسبة كبيرة جداً من سكان المناطق الساحلية يعتمدون في غذائهم على الأسماك والمأكولات البحرية للعيش.
هناك عدد قليل جداً من الأبحاث التي تمت حول تقدير عواقب تغير المناخ بالنسبة إلى النظام الغذائي والمأكولات البحرية بشكل خاص بما في ذلك المراحل التي تمر بها، وهي الإنتاج الأولي أو الصيد، ثم التجهيز فالنقل فالتداول وصولاً إلى المائدة.
ومن المتوقع أن يكون هناك بعض المخاطر البيولوجية والكيميائية وخاصة العضوية، نتيجة لتغير المناخ نتيجة للسموم ومسببات الأمراض من الطحالب على كل من البشر والكائنات البحرية. ومع ذلك فإن الأنواع المختلفة تستجيب بشكل مختلف لتلك الملوثات. وتواجه سلطات الصحة العامة في كل الدول تحديات كثيرة ومتجددة لضمان سلامة الأغذية البحرية والمحافظة على ثقة المستهلكين في تناول المأكولات البحرية في ذلك المناخ المتغير.
وهناك ثلاثة عوامل يمكنها أن تؤثر على قابلية الكائن الحي للأمراض، وهي الكائن نفسه. والملوثات، والبيئة، وإذا تغيرت تلك العوامل فإن المرض نفسه يتغير أو قد يتطور. وقد يؤثر تغير المناخ بطرق مختلفة مثل: تفاقم وجود الملوثات البيولوجية في البيئة البحرية على سبيل المثال (السموم التي تنتجها الطحالب الضارة، وزيادة الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض).وتهدد الطحالب الضارة على وجه الخصوص كلا من البيئة البحرية وصحة البشر أنفسهم، وعلى الرغم من أن الانتشار الطحلبي بصفة عامة يُعد من الظواهر الطبيعية، فإنه قد تم ربطه في الفترة الأخيرة ببعض الأنشطة البشرية ولكن ما يؤثر عليه بشكل كبير وواضح في العقود الأخيرة هي التغيرات المناخية، فقد تم الربط بين المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة وكمية الطحالب المنتشرة. وتتراكم سموم تلك الطحالب في الأسماك والمحار، والتي تنقل إلى الكائنات الموجودة في أعلى السلسلة الغذائية، مثل: الطيور البحرية والثدييات بالإضافة إلى البشر. ومثال تلك السموم تهدد بشكل كبير جداً سلامة الأغذية البحرية وصحة الإنسان، بالإضافة إلى العواقب الاقتصادية الكبيرة.ومثل تلك السموم بلا مذاق أو رائحة كما أنها مستقرة الحرارة والحموضة. ولا تمنع طرق إعداد وطهي الطعام العادية التي نستخدمها من سريان هذا السم، ويمكن لتلك السموم أن تصيب الإنسان بعدة أمراض كما هو الحال في فقدان الذاكرة، والإصابة بالإسهال، والتهابات المعدة، وبعض المشكلات في الأعصاب وهو المرض الأكثر شيوعاً في مثل تلك السموم البحرية، كما أنها يمكن أن تنتقل إليه عن طريق اللمس من خلال الجروح وليس فقط الأكل.
وقد تم ربط تكاثر هذه الطحالب بظاهرة النينو في أكثر من حدث وذلك بسبب درجات حرارة المياه في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية، والتي تصبح دافئة بشكل مفاجئ. وبالإضافة إلى ذلك، فإن توقعات تغير المناخ تظهر أن شدة الأعاصير ستزيد أيضا في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية مما قد يسهم في زيادة موت المرجان، مما يتيح أماكن جديدة لتلك الطحالب لكي تنمو فيها.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.