
في خطوة طال انتظارها، وافق مجلس النواب المصري اليوم على قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وهو التشريع الذي يُعد حجر الزاوية في منظومة العدالة الجنائية، إذ يمس صميم العلاقة بين المواطن والدولة، ويضبط آليات تطبيق العدالة بما يضمن الحريات ويحفظ كرامة الأفراد.
ما ميّز هذه اللحظة التشريعية التاريخية لم يكن فقط صدور القانون بعد عقود من الجمود، بل أيضًا المشاركة الواسعة والفعالة من مختلف المؤسسات القانونية والمجتمعية، وعلى رأسها نقابة المحامين المصرية، التي كان لها دور محوري ومشرّف في مناقشة القانون والدفاع عن حقوق الدفاع واستقلال المهنة.
النقيب عبد الحليم علام… صوت المحامين تحت القبة
لعب نقيب المحامين، الأستاذ عبد الحليم علام، نقيب محامي مصر، رئيس اتحاد المحامين العرب، دورًا جوهريًا خلال مراحل مناقشة القانون. فقد شارك بنفسه في جلسات الحوار والنقاش، ونقل وجهة نظر المحامين بشأن العديد من المواد، مؤكدًا على ضرورة احترام ضمانات الدفاع ومراعاة التوازن بين سلطات التحقيق وحقوق المتهمين.
وخلال كلمته في مجلس النواب – التي تابعتها شخصيًا ونشرتها على صفحتي – عبّر النقيب بوضوح عن رؤية النقابة، مشددًا على أن المحاماة ليست مهنة فقط، بل رسالة سامية تسهم في إرساء العدالة، وأن المحامي يجب أن يكون حاضرًا ومُمكنًا في كل مراحل التحقيق والمحاكمة.
كلمة النقيب لم تكن مجرد بروتوكول، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن معاناة المحامين ومطالبهم، وقد لاقت صدى لدى أعضاء المجلس، وأثمرت عن اعتماد عدد من التعديلات التي تمس مباشرة حقوق الدفاع، مثل إلزام النيابة العامة بعدم استجواب المتهم إلا بحضور محامٍ، وتعزيز الحماية القانونية للمحامي أثناء تأدية عمله، فضلًا عن إعادة النظر في مدد الحبس الاحتياطي وتنظيمها بما يحفظ التوازن.
نقابة المحامين… شريك أصيل في مسار العدالة
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن نقابة المحامين أثبتت – من خلال هذا الملف – أنها ليست فقط هيئة نقابية تدافع عن أعضائها، بل شريك فعلي في صياغة مستقبل العدالة في مصر. وقد جاء هذا القانون ليؤكد أن صوت المحامي، حين يُحترم، تكون العدالة أكثر عدلًا، ويكون القانون أكثر إنصافًا.
ورغم وجود بعض الأصوات التي طرحت ملاحظات أو تحفظات على عدد من مواد القانون، فإن من الموضوعية أن نعترف بأن القانون جاء في مجمله متوازنًا، ويضع مصر على الطريق الصحيح نحو تطوير العدالة وفق المعايير الدستورية والدولية، ويُحسب له أنه خرج بعد حوار شامل استوعب أغلب وجهات النظر.
نحو مرحلة جديدة من التطبيق والتقييم
إن صدور القانون هو الخطوة الأولى، أما التحدي الحقيقي فيكمن في تطبيقه العملي بكفاءة وعدالة، وهنا يأتي دور المحامين والقضاة وأعضاء النيابة وكل من يعمل في منظومة العدالة. كما يقع على عاتق نقابتنا مسؤولية متابعة هذا التطبيق، وتقديم الملاحظات والتوصيات التي تضمن أن تظل حقوق الدفاع مصانة، وأن تترجم النصوص إلى واقع فعلي ملموس.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أحيي الجهود الوطنية المخلصة التي أسهمت في خروج هذا القانون إلى النور، وعلى رأسها نقابة المحامين المصرية، ونقيبها عبد الحليم علام، الذين أثبتوا أن صوت المحامي لا يُهمّش، بل يُحترم ويُستمع إليه في أعظم ساحات التشريع.
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.