الذكاء في اختيار المعرفة في عصر المعلومات

في عصر التكنولوجيا والانفجار المعلوماتي، تتدفق البيانات والمعلومات بشكل هائل ومستمر عبر الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة. لم تعد المشكلة في الوصول إلى المعلومات، بل في كيفية اختيار الأنفع والأهم منها. وهذا ما أشار إليه ألفين توفلر في اقتباسه الملهم، حيث أوضح أن الذكاء الحقيقي لا يُقاس بكمية المعلومات التي يعرفها الشخص، وإنما بقدرته على تحديد ما يستحق أن يعرفه.

في بحر المعلومات اللامتناهي، لا يكون الأذكى من يعرف أكثر، بل من يعرف ما يستحق أن يعرف.— ألفين توفلر

الوفرة المعلوماتية: سلاح ذو حدين

وفرة المعلومات تعتبر ميزة كبيرة في زمننا الحالي، فهي تسهّل الوصول إلى المعرفة وتفتح آفاقاً جديدة للتعلم. ومع ذلك، قد تكون نقمة إذا لم تُحسن إدارتها، حيث يصبح الشخص غارقًا في سيل من المعلومات المتناقضة أو غير المفيدة، مما يشتت تركيزه ويضيّع وقته دون تحقيق فائدة حقيقية.

القدرة على التمييز: مهارة العصر الحديث

القدرة على التمييز بين ما هو مفيد وما هو غير ضروري أصبحت مهارة أساسية في العصر الرقمي. يمكن تشبيه هذه القدرة بشخص يمشي في مكتبة ضخمة؛ النجاح ليس في قراءة كل كتاب، بل في اختيار الكتب التي تتناسب مع أهدافه واهتماماته. هذا التمييز يحتاج إلى وعي عميق بالأهداف والمعرفة بمصادر المعلومات الموثوقة.

التعلم العميق مقابل التعلم السطحي

من السهل اليوم الحصول على معلومات سطحية من خلال تصفح سريع أو قراءة عناوين الأخبار، لكن التميز الحقيقي يكمن في القدرة على التعمق في مجالات محددة ومعرفتها بشكل شامل. فالمعرفة السطحية لا تكفي لاتخاذ قرارات حكيمة أو بناء فكر ناضج، بينما التعلم العميق يمنح الشخص القدرة على التحليل والنقد والإبداع.

كيف نحدد ما يستحق أن نعرفه؟

1. تحديد الأهداف الشخصية والمهنية: عند معرفة ما نريد تحقيقه، يصبح من السهل تحديد نوعية المعلومات التي نحتاج إليها.

2. التركيز على الجودة وليس الكمية: ليس المهم كمّ المعلومات، بل مدى دقتها ومصداقيتها.

3. تصفية المصادر: اختيار المصادر الموثوقة والمراجع المعتمدة يختصر الوقت ويضمن صحة المعلومة.

4. تجنب التشتيت الرقمي: تخصيص وقت محدد للبحث والاطلاع، والابتعاد عن التنقل العشوائي بين الموضوعات.

في عالم يعج بالمعلومات، الذكاء لا يكمن في جمع كل شيء، بل في اختيار ما يستحق معرفته. هذا هو التحدي الحقيقي في زمن التكنولوجيا المتقدمة؛ أن تعرف أين تضع تركيزك، وكيف تستثمر وقتك في اكتساب ما يفيد وينمي قدراتك، تمامًا كما أشار توفلر في كلماته البسيطة العميقة.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

اترك تعليقاً

🔔

أهم الأخبار

error: Content is protected !!
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً
العربيةالعربيةFrançaisFrançais