كُتاب

من ابقِ سرّ من أحسنت إليه إلى اتقِ شرّ من أحسنت إليه

السعودية : زكى الجوهر

في حياة الناس محطاتٌ يتقاطع فيها النُبل مع النكران، والكرم مع الجحود، والإحسان مع الغدر، فتتغير فيها القناعات وتتبدل فيها الأقوال.

كثيرون بدأوا حياتهم وهم يرددون في طمأنينة: “ابقِ سرّ من أحسنت إليه”، ثقةً بأن الخير يُرد بخير، وأن الوفاء طبعٌ لا يتغير. لكن تجارب الأيام، وعثرات العلاقات، خذلتهم حتى صاروا يقولونها بحذر: “اتقِ شرّ من أحسنتَ إليه.”

ليست المشكلة في الإحسان، بل في أن تُحسن لمن لا يعرف للجميل وزناً، ولا للإخلاص معنى. فكم من قلوبٍ نقيّة بَذلتْ دون حساب، ثم نُكِلت بها يد من كانت تمسكها بحنان. وكم من نوايا طيبة قوبلت بسوء ظن، وكم من كفٍّ امتدت بالعطاء، فكانت النتيجة طعنةً في الظهر لا في الصدر.

ليس من الحِكمة أن نكفّ عن فعل الخير، ولكن من الحكمة أن نزن القلوب قبل أن نغمرها بالعطاء. أن نعرف لمن نُعطي، لا لأننا نرجو المقابل، بل لأننا لا نحب أن يُساء إلينا بيد من أحسنا إليهم.

قال أحد الحكماء:

“لا تستكثرنّ خيرًا تصنعه، ولا تستعجلنّ جزاءه، فقد يكون الثواب في العمر لا في البشر.”

وربما يكون أعظم الثواب أن تبقى نقيًا رغم الأذى، كريمًا رغم الخذلان، وأن لا تسمح لتجاربك القاسية أن تُطفئ نور الخير فيك.

لكن يبقى الفرق بين المثلين فارقًا عميقًا بين من يرى الحياة بعين القلب، ومن صدمته التجارب حتى غلب عليه الحذر. فمنهم من يرى في الإحسان رسالة، ومنهم من بات يراه مخاطرة.

ولعل أجمل المواقف أن تظل تقول:

“أُحسن، وأُبقي السر، وأتوقع الخير، وأحذر الشر.. لكن دون أن أتوقف عن كوني إنسانًا.”


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

اترك تعليقاً

🔔

أهم الأخبار

error: Content is protected !!
دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً
العربيةالعربيةFrançaisFrançais