
رمضان شهر البركة والخير والرحمة، وهو أيضاً شهر الانتصارات قديماً وحديثاً، نعم،
في تاريخ أمتنا الاسلامية أيام فخر وعزة، بطولات وفتوحات كبيرة ، قدَّر الله لها أن تكون في رمضان، ، نذكر أشهرها وأعظمها من ذلك:غزوة بدر، وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة.وفتح مكة، كانت في العشرين من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة. ومعركة القادسية، كانت في رمضان سنة خمسة عشر للهجرة بقيادة سعد بن أبي وقاص.
وفتح بلاد الأندلس، كان في رمضان سنة 92 هـ بقيادة طارق بن زياد. ومعركة الزلاقة، وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً كانت في سنة 479هـ. ومعركة عين جالوت كانت في رمضان سنة 685 بقيادة السلطان قطز، والقائد العسكري بيبرس.وموقعة حطين، كانت في رمضان سنة 584 هـ بقيادة صلاح الدين.
ومنها يوم العاشر من رمضان، عام (1393هـ) الموافق السادس من أكتوبر (1973م)،
الذي يُعد أغلى وأعظم انتصارات العسكرية المصرية، في تاريخ مصر الحديث، يوم أن عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس؛ أكبر مانع مائي في التاريخ الحديث، وحطمت خط بارليف؛ ويمتد بطول قناة السويس في نحو (160) كيلو متر من بورسعيد شمالاً وحتى السويس جنوباً،ثانِ أكبر خط دفاعي، في العلم العسكري، بعد خط ماجينو، الذي بناه الفرنسيون على الحدود مع ألمانيا لمنع هتلر من غزو بلادهم. تم التخطيط لعملية العاشر من رمضان، خلال سنوات حرب الاستنزاف الستة؛
لقد خاض الجيش المصري البطل تلك المعركة وهو يعلم أنها معركة مصير، لأن هزيمة الجيش المصري فيها لو حدثت فإنه يعني سيادة إسرائيل على المنطقة كلها، وذلك لأن مصر كانت قد انكسرت قبلها بست سنوات انكساراً شديداً بهزيمة يونيو (1967م)، التي أتاحت للعدو الصهيوني أن يقدم نفسه للعالم كسيد وحيد، وأن جيشه هو الجيش الذي لا يُقهر، وظل بالفعل يعربد في أجواء مصر طوال سنوات ما عُرِفَ بحرب الاستنزاف.
واستعدت مصر للمعركة اولا عن طريق اعداد جيد للمقاتل المصرى..
فقد كان هو المفاجأة فى المعركة
فقد قال شارون الجندى المصرى فى حرب العاشر من رمضان السادس من اكتوبر اكبر تحدى لنا.
لقد كان الجندي المصري في حرب (1973م) هو نفسه في حرب (1967م) من حيث الشكل والمظهر، ولكنه يختلف من حيث الباطن والجوهر، فالإنسان يُقاد ويتغير من داخله لا من خارجه، ولا يقود الناس في بلادنا شيء مثل الإيمان بالله عز وجل، ولا يحركهم مثل الجهاد في سبيل الله، فإذا حركته بـ (لا إله إلا الله والله أكبر)، وقلت: يا ريح الجنة هبي، وذكَّرتَه بالله ورسوله، وسيرة الأبطال العظام:مثل خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وسعدبن وقاص وطارق بن زياد وصلاح الدين الايوبى وسيف الدين قطز وعمر المختار، فقد خاطبت قلبه ونفسه، وأوقدت جذوته، وحركت وبعثت عزيمته، وهنا لا يقف أمامه شيء، إنه يصنع البطولات، ويتخطى المستحيلات، لأنه باسم الله يتحرك، وعلى الله يتوكل، ومن الله يستمد عونه وانتصاره: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} (الطلاق:3)، {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} (آل عمران:126)، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (آل عمران:160).
ولقد رفعت رفعت الدولة المصرية فى تلك المرحلة انه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة واسترداد الحق ..واجبار اسرائيل على الاذعان …
يقول اللواء الدكتور سمير فرج
لقد قامت القوات المسلحة ببناء حائط الصواريخ، الذي منع القوات الإسرائيلية الجوية الإسرائيلية من التدخل في عمليات العبور، وخلال نفس الفترة تم التدريب على خطة الهجوم، التي وضعها الفريق سعد الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وأطلق عليها “التوجيه 41”.
عبرت قوات المشاة، المدعمة بالصواريخ المضادة للدبابات، من خلال 12 موجة بالقوارب المطاطية، بدءاً من الساعة الثانية ظهراً، بعد توجيه ضربة جوية، بعدد 220 طائرة، ضد الأهداف الإسرائيلية في عمق سيناء، أعقبها تمهيد نيراني بالمدفعية، وخلالها قامت الصاعقة البحرية بسد أنابيب النابلم، التي ثبتها العدو في نقاط خط بارليف، لتحويل مياه القناة لنار جهنم، إذا ما حاول المصريون عبورها. بعدها اقتحمت قوات المشاة خط بارليف، وتم رفع العلم المصري على نقاطه الحصينة، ومع غروب الشمس، اندفعت خمسة كباري مصرية لمياه القناة، ومع تمام تركيبها، عند منتصف الليل، وظهور القمر، اندفعت الدبابات والمدفعية المصرية لتعبر إلى الضفة الشرقية للقناة.
وفي سابقة أولى، في التاريخ العسكري، أن تنجح قوات مشاة، بدون الدبابات، من صد احتياطيات العدو المدرعة، نجحت قوات المشاة المصرية، خلال مدة العبور، في صد جميع احتياطات العدو الإسرائيلي، وأفشلت جميع محاولاتهم بالهجوم المضاد على قواتنا العابرة للقناة، ومع أول ضوء ليوم 11 رمضان، كانت القوات المسلحة المصرية قد أقامت رأس الكوبري على الضفة الشرقية للقناة، بعمق نحو 15 كيلو، وبقوة 200 ألف مقاتل مصري، واستعدت لصد الاحتياطات المدرعة الكبرى، وخلال هذه المدة تساقطت نقاط خط بارليف، الواحدة تلو الأخرى، أمام الضربات المصرية.
ورغم دوران القتال في أيام شهر مبارك الفضيل، إلا أن أي من قواتنا، جنود وضباط مصر ، لم يأبه بالإفطار إلا على شربة ماء، فقد كانت أولوية الجيش المصرى الوحيدة هي عودة أرض سيناء إلى الوطن الأم، وبفضل من الله لم ينجح العدو الإسرائيلي في زحزحة القوات المصرية، شرق القناة، ولو لمتر واحد، حتى تم وقف النار، تنفيذاً لقرار الأمم المتحدة،
وقد اعتبر المؤرخون المعاصرون حرب العاشر من رمضان اول انتصار عسكري للمسلمين والعرب في العصر الحديث على اليهود ـ إسرائيل ـ الذي شفى الله به صدور قوم مؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم
ليسطر الجيش المصري أعظم انتصاراته في العصر الحديث وليكون مثلا يحتذي به على مر العصور في تاريخ العسكرية المصرية.
لقد أنهت حرب العاشر من رمضان أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وكانت بداية الانكسار للعسكرية الإسرائيلية، ومن ثم سيظل هذا اليوم العظيم ـ العاشر من رمضان (1393هـ) السادس من أكتوبر (1973م) ـ مصدر مجد وفخر يحيط بقامة العسكرية المصرية على مر التاريخ، ويظل وساماً على صدر كل مسلم وعربي، كما نرجو أن يكون شفيعاً للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم لله تعالى، من أجل أن تعيش أمتنا تنعم بالعزة والكرامة، فطوبى للشهداء، قال الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} (آل عمران:169
كل عام ومصر فى امن وامان وسلم وسلام ..حفظ الله مصر قيادتا وجيشا وشعبا وحفظ الله الامة العربية والاسلامية
بقلم .. ا.د / إبراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل الحلقية ووكيل كلية الزراعة السابق بجامعة المنوفية
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.