القى معالي السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية كلمة الجامعة أمام مجلس الأمن الدولي حول قضية فلسطين وحرب غزة وطلب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة …
جاء فيها:
معالي السيد إيان بورغ
وزير خارجية جمهورية مالطا
السيدات والسادة
بعد انتظار لستة أشهر تحرك مجلس الأمن وأصدر قراره رقم 2728 القاضي بوقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية من جميع المعابر البرية. و لازال أبناء غزة الصامدون ينتظرون تنفيذ قراركم، و لا تزال قوة الاحتلال تعبث بإرادة مجلسكم وترفضها وتواصل حربها الغاشمة لتدمير البشر والحجر في غزة. فماذا ينوي المجلس أن يفعل؟
إن استمرار هذه الحرب يُفضي حتماً إلى توسيع رقعة الصراع، ودخول أطراف أخرى إلى ساحته، بصورة يصعب التحكم بتبعاتها. وهو أمر لطالما حذرنا منه منذ بداية الحرب.
إن الهدف المُلح المتمثل في وقف إطلاق النار في غزة، وإغاثة سكانها الذين يعيشون على حافة المجاعة، والبدء فوراً في إعادة النازحين إلى بلداتهم ومساكنهم.. لابد ألا يحرف النظر عن أن تجدد المواجهات وانفجار العنف في المستقبل يظل احتمالاً قائماً بقوة إذا لم يتم التوصل إلى آلية واضحة لتسوية القضية الفلسطينية يتم بموجبها تنفيذ حل الدولتين.
لقد جُربت مسارات ومساعي عديدة خلال العقود الثلاثة الماضية لإنجاز هذه التسوية، واصطدمت دائماً بعقبة كؤود تتمثل في إصرار إسرائيل على مواصلة احتلالها للاراضي الفلسطينية. وقد صار هذا الاحتلال يتخذ صوراً أشد وحشيةً وتطرفاً باستمرار، الى أن تحولت حكومته إلى حكومة مستوطنين ومتطرفين تعمل على حماية عربدة مجاميع المستعمرين في الضفة الغربية ضد السكان الفلسطينيين، بل وتُصرح علناً على كل المستويات القيادية فيها بأنه لن يكون هناك حل دولتين، وتسن القوانين لهذا الغرض، وتتحرك مع قوى دولية لاقناعها بتبني منطقها.
واليوم.. فإن المجتمع الدولي وإرادته الفاعلة ممثلةً في مجلسكم، مطالب
أكثر من أي وقت مضى بالتحرك؛ لأن البديل هو القبول بهذا الواقع المخزي والمشين، وباحتمال تجدد العنف والقتل وتوسيع رقعة الصراع كما رأينا منذ أيام.
لذا فإنني أتمنى على مجلسكم الموقر أن يرى الموقف على حقيقته: فالاحتلال الاسرائيلي لن يتخلى طوعاً عن الأرض والسيطرة. بل يزداد تطرفاً وعنصرية مع الوقت، إلى حد أنه لم يعد يخفي أهدافه بالحصول على الأرض كلها من النهر إلى البحر، وإقامة دولة أبارتايد تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، كل هذا من وراء صمت وبطء في اتخاذ القرار الدولي بوقف جرائم الابادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل ولاتزال في حربها غير الشرعية ضد المدنيين الفلسطينيين.
السيد الرئيس،،
كممثل لجامعة الدول العربية أوّدُ أن أبلغ مجلسكم الموقر بأنه من نافلة القول لدينا الإقرار بأن الشعب الفلسطيني قد أثبت أهليته الكاملة لإقامة دولته المستقلة، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ونعتبر أن فلسطين مستوفية تماما لمواصفات الدولة كما وردت في اتفاقية مونتفيديو لعام 1933، وبالتالي فإن الحديث عن تأجيل خروج هذا الأمر الى حيز النفاذ هو أمر مسيئ لتطلعات الاستقلال الفلسطينية وفيه استهانة بالحقوق المشروعة لشعب ذي حضارة عريقة لا يرغب سوى في الاستقلال والحرية بعد أن تمت التضحية به في لعبة الأمم منذ ما يزيد على ثمانية عقود ليصبح الشعب الوحيد في العالم حاليا الخاضع لأبشع صور الاحتلال العسكري المتغطرس.
ونذكر هنا بأن مجلسكم – وبعد إصدار الجمعية العامة لقرار تقسيم فلسطين تحت الانتداب الشهير رقم 181 – قد أوصى للجمعية العامة بمنح العضوية الكاملة لإسرائيل لدى الامم المتحدة في قراره رقم 69 بتاريخ 4 مارس 1949، فلماذا يحاول البعض الآن إعاقة تنفيذ الشق الثاني من قرار الجمعية العامة 181 والتعلل بأعذار واهية مع محاولة تكبيل يدي المجتمع الدولي في هذا الموضوع؟. إننا نعتبر أن على مجلسكم الموقر أن يتحمل مسؤوليته كاملة في هذا الصدد وألا يتسبب مرة أخرى في إحباط طموح مشروع لأبناء الشعب الفلسطيني بالاستقلال والانضمام إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية مثله مثل الكثير من الشعوب التي فازت بتلك العضوية وبالذات مؤخراً.
كما أن حصول فلسطين على العضوية الكاملة يجعل أي تفاوض محتمل لها مع قوة الاحتلال يتم على أرضية من الندية على المستوى القانوني، ويسلب من قوة الاحتلال قدرتها الخارقة على منع ظهور الدولة الى النور وتفعيلها دولياً. من هنا فإنّ الجامعة العربية توصي المجلس الموقر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وضمها الى عضوية المنظمة الدولية باعتبار ذلك سبيلاً الى السلام، وليس عقبة في طريقه كما يروج من يتبني منطق الاحتلال وروايته.
السيد الرئيس،،
هناك مساعي محمومة لنزع الشرعية عن وكالة الأونروا والتشكيك في حيادها ومهنية القائمين عليها لتجفيف منابع تمويلها ودفع الدول للإحجام عن المساهمة في موازنتها.. إننا نعارض هذا الأمر جملة وتفصيلا ونتطلع الى اليوم الذي لا يحتاج فيه الفلسطينيون الى خدمات الاونروا فقط عندما يحصلون على استقلالهم المنشود. خلافاً لذلك فإنّ هذه الوكالة المُنشأة بقرار أممي عام 1949، يجب أن تستمر في ممارسة عملها في إغاثة وإعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
السيد الرئيس،،
إن الجريمة المتواصلة في غزة تُمثل عدواناً على الجوهر الأخلاقي والقانوني للنظام الدولي. والسكوت على هذه الجريمة يضع شرعية هذا النظام ومصداقية هذا المجلس على المحك. نتمنى أن ينفذ المجلس قراره ؛ فقد صار ذلك ضرورة للحافظ على مصداقيته في أعين العرب وجميع الشعوب المناهضة للظلم والمساندة للحق المشروع للفلسطينيين في حياة حرة وكريمة بعيدا عن قبضة الاحتلال الدامية.
شكراً السيد الرئيس
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.